يعتقد الكثيرون أن القوات المسلحة المصرية وقاداتها يمثلون رقما ضعيفا فى خزينة الدولة الخاوية، لكن العكس هو الصحيح بعد صار دولة داخل الدولة ويكوش علي ثلث اقتصاد البلد من خلال عشرات المشروعات الاستثمارية. فى تصريحات سابقة لأحد أعضاء المجلس العسكري وهو اللواء محمد نصر وزير مالية المشير السابق والفريق اول عبد الفتاح السيسى الوزير الحالى اشارا الى انهما أن الجيش لا يحصل من ميزانية الدولة إلا على 4.2%، وهى أقل من نصف موازنة وزارة مثل التربية والتعليم، رغم ضخامة مصروفات القوات المسلحة ولذلك قرروا الاكتفاء الذاتى من صناعات غذائية وملابس للجنود وغيرها من الاحتياجات التى كانت ستزيد العبء على الدولة، فى الوقت نفسه أن الجيش ملتزم بدفع الضرائب بحسب وزير المالية. وأضاف "نصر" فى تصريحاته أن القوات المسلحة ستقاتل من أجل مشروعاتها الاقتصادية التى بذلت فيها جهوداً كبيرة، ولن تتركها لأى شخص أو جهة لأنها «عرق الجيش»، ولن تترك اقتصادها للدولة حتى لا "يخرب"، بحسب وصف نصر الذي اعتبر أن من يقترب من مشروعات الجيش يقترب من الأمن القومى. وكشف نصر حينها عن تقديم المجلس العسكرى 12 ملياراً و200 مليون جنيه لعدد من الوزارات من ميزانيته الخاصة، منها مليار للبنك المركزى، و350 مليوناً لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، و150 مليوناً لوزارة الكهرباء. وفى تقرير لاذاعة البى بى سى البريطانية، أشار إلى أن الجيش المصري انتهى مؤخراً من بناء مدينة رياضية متكاملة في منطقة القاهرةالجديدة بشرق العاصمة المصرية، وإنها تحولت إلى منتجع فاره باكتمال بناء فندق وتصميم طرق للتنقل بداخلها شبيهة بالطرق السريعة ذات الخمس مسارات، وفي الطريق المؤدي إلى هذا المجمع تم بناء جسر علوي ونفق للتغلب على أي تكدس مروري محتمل قد يعطل وصول رواد المنتجع في ضاحية القاهرةالجديدة التي يقطنها الأثرياء وأصحاب النفوذ وكذلك أعضاء من المجلس العسكري الحاكم حيث يمتلك هؤلاء جميعا منازل فاخرة، ويقع في قلب هذا المنتجع استاد يسمى "الثلاثين من يونيو" والشائع على نطاق واسع في مصر، هو أن الجميع يقول إن الجيش يقوم بهذه المشاريع لصالح البلاد. لفت تقرير الاذاعة البريطانية، ان العسكريين لا يحظون بشعبية في ميدان التحرير ، ولكن شعبيتهم في المجتمع بشكل عام لا تزال مرتفعة، وقد يرجع ذلك جزئيا بحسب التقرير، إلى مشاريع البنية التحتية التي قاموا بها، ولكن يرجع الأمر في الغالب إلى عشرات السنين من الدعاية الرسمية له وتابع التقرير : " لكن لا أحد يعرف كيف يؤخذ قرار على سبيل المثال بتحويل ثكنة عسكرية إلى مشروع استثماري ضخم، أو كم تكلف بنائه، أو من الذي سيحصد الأرباح ". قال التقرير، أن كل ذلك يصنف ضمن الأمور السرية، والمعلومات التي يصر كبار المسؤولين في مصر على إخفائها عن الرأي العام في ظل أي حكومة مقبلة وهذا هو حال العديد من المشاريع التي يبنيها ويديرها الجيش من خلال امبراطورية ضخمة للأعمال التجارية التي تتضمن تصنيع السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية والمياه المعدنية، ومواد البناء، والتعدين، واستصلاح الأراضي، وحتى الأنشطة السياحية لافتا التقرير إلي ملاحظة فى غاية الاهمية وهي ان غالبية المحافظين في مصر من ضباط الجيش المتقاعدين، كما يقوم بتشغيل العديد من المؤسسات المدنية والمؤسسات الكبيرة في القطاع العام بالدولة لواءات بالجيش أحيلوا إلى التقاعد ويرأس ضباط متقاعدون أهم ثلاث قطاعات تنموية في الدولة وهي الزراعة والتوسع الحضري والسياحة ويحصل هؤلاء إضافة إلى معاشاتهم من القوات المسلحة، على رواتب مجزية وامتيازات أخرى كثيرة مرتبطة بوظائفهم المدنية. خبيرة اقتصادية زارت مؤخرا مجمعا صناعيا عسكريا ينتج بضائع استهلاكية للمدنيين ، قالت : "شعرنا لدى وصولنا كما لو أننا قد غادرنا قاهرة القرن الواحد والعشرين بما فيه من مظاهر الازدحام في جميع الأسواق التجارية والعولمة إلى قاهرة عصر عبد الناصر في منتصف القرن الماضي". وهنا يقول الخبير الاقتصادى أحمد سيد النجار رئيس الوحدة الاقتصادية فى مركز الأهرام معلقا على اقتصاد الجيش "إن أية محاولة للانفتاح الاقتصادي، أو القيام بعمليات خصخصة لامبراطورية الاقتصاد التي يديرها الجيش ستواجه مقاومة شرسة ليس فقط من جانب قادة الجيش، ولكن أيضا من الحلفاء الأقوياء داخل الأجهزة البيروقراطية للدولة وكذلك الأشخاص الذين يستفيدون جيدا من الوضع الراهن والذين يكونون بطبيعتهم معادون للتغيير والحقيقة، يضيف النجار، أن حصة الجيش من الإنفاق العام منخفضة، وكانت في الموازنة العامة2012/2011, نحو25.5 مليار جنيه, أي نحو5.2% من إجمالي الإنفاق العام وحوالي1.6% من الناتج المحلي الإجمالي, ومع زيادة الإنفاق في عهد حكومة د. الجنزوري, دون زيادة في مخصصات الجيش تراجعت النسبة إلي المستوي الذي أشار إليه مساعد وزير الدفاع للشئون المالية. ووفقا للبنك الدولي فإن متوسط الإنفاق العسكري في العالم يبلغ نحو2.6% من الناتج العالمي وبذلك فإن الإنفاق العسكري في مصر يعتبر بين الأقل عالميا ويحتاج لرفعه للضعف ، وقال البنك الدولي أن دولة قائدة في إقليمها مثل مصر ينبغي أن تحقق التوازن الاستراتيجي علي الأقل مع الكيان الصهيوني المعادي ، بعيدا عن المعونة الأمريكية المشبوهة التي تهدف لاختراق الأمن القومي المصري . وفى تقرير لمراسلة صحيفة "لوموند" الفرنسية في القاهرة: "كلير تالون" تساءلت: هو ما العلاقة بين قارورة زيت وجهاز تلفزيون وكيس إسمنت وزوج أحذية وقنينة ماء وآلة غسيل و"بوتوغاز"، في مصر؟ الأرجح بحسب " كلير" أن يكون الجيش المصري هو الذي ينتج كل السلع المذكورة، وهو من يقوم بتوزيعها! وتابعت كلير ، إن الجيش المصري يقف على رأس اقتصاد موازٍ غير شفاف لا يُعرف حجمه بدقة، سوى أن الخبراء يقدّرونه بربع الاقتصاد الوطني. وكان التقرير قد نشر فى يناير الماضى عقب سنة من تاريخ اندلاع الثورة، ف وهو ما يعني أن النشاطات الاقتصادية للجيش كانت لا تزال ضمن "المحرمات" التي تسمم مرحلة الانتقال نحو الديمقراطية، وهي بين أسباب تردّد الجيش في التخلي عن السلطة التي يمارسها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصورة مؤقتة منذ سقوط حسني مبارك. في السياق يركز الجنرالات، بصورة خاصة، على حرمان البرلمان المقبل من حق مراقبة ميزانية الجيش، التي يذهب قسم كبير منهم لنشاطات غير عسكرية وتؤمن تلك النشاطات دخول هائلة يستفيد منها "العسكريون " بعيداً عن أية رقابة برلمانية. وواقع الامر بحسب تقرير" كلير "أن هذه المنطقة المحظورة، التي لم يتمكن أحد من المساس بها خلال نصف قرن، هي التي جعلت جنرالات الجيش المصري يتبؤون موقعاً مركزياً في الفساد النظام فعلاوة على الأعداد الكبيرة للموظفين الخاملين في الإدارة العامة المتضخّمة، فإن العسكريين المصريين ينتشرون بكثرة في كل الهيئات الإدارية والاقتصادية واللافت أنه إذا طلبت موعداً مع مدير "نادي رياضي"، أو مع مدير مسبح عمومي، أو معمل دواجن، أو مصنع سكر، أو مع محافظ " من 29 محافظة في البلاد" فإنك ستجد نفسك أمام ضابط عجوز لا يتوقّف عن الحديث عن بطولاته ضد إسرائيل. واضاف التقرير ان الملحمة الاقتصادية للجيش المصري بدأت في العام 1979، غداة توقيع اتفاقات السلام مع الدولة العبرية ولجزعها من فكرة أن السلام سيؤدي إلى خفض ميزانيات الجيش، ومن العواقب السياسية التي يمكن أن تنجم عن دخول ألوف الضباط المسرّحين إلى سوق العمل، فقد عمدت القيادة العسكرية إلى تحويل قسم كبير من المرافق الصناعية التابعة لها لإنتاج سلع استهلاكية. وتحت إشراف هيئة تم إنشاؤها لهذا الغرض، وهي "هيئة المشروعات القومية"، قامت وزارة الدفاع بتأسيس سلسلة من الشركات التجارية يتولى إدارتها عسكريون وتتمتع بوضعية استثنائية: فهذه الشركات لا تدفع ضريبة، ولا تخضع لقانون الشركات ولا تتعرّض لأدى مساءلة حكومية. وقالت " كلير " إن معظم هذه السلع ذات النوعية الرديئة تُباع بصورة إلزامية للمجندين العاملين في قواعد عسكرية يتعذّر عليهم فيها الحصول على سلع منافسة ولكن قسماً منها يجد طريقه إلى السوق، بفضل رشاوى يتم دفعها للموزعين. وتابع التقرير: أنه في مطلع سنوات الثمانينات، أسّست هيئة المشروعات القومية سلسلة من مصانع الألبان، وانخرطت في مشروعات تربية الدواجن ومزارع الأسماك. وكان الهدف الرسمي لهذه النشاطات هو دفع الجيش للمشاركة في التنمية القومية وتأمين الاكتفاء الذاتي للقوات المسلحة. أما في الواقع، فإن الذين كانوا يعملون في المشروعات الزراعية هم مجندون شبان بائسون يقومون بجمع البيض أو توزيع الحبوب على آلات تفقيس الدواجن بدلاً من الخضوع لتدريب عسكري فيما يستفيد العسكريون بحسي تقرير " كلير "من علاقاتهم السياسية للحصول على عقود مجزية وهم يستغلون اليد العاملة المجانية التي يمثلها المجنّدون في مصانع لا تخضع لحقوق إنشاء نقابات أو حتى لقانون العمل وهذا ما يجعل شركاتهم مزدهرة. ويؤمن الجيش 18 بالمائة من إنتاج البلاد الغذائي وتصل الأرباح إلى مليارات الدولارات أكد التقرير أن هذه الدخول شكلت نعمة في سنوات التسعينيات، حينما أدى الحظر المفروض على العراق إلى حرمان الجيش من عائدات صادراته العسكرية للعراق أولاً ثم لبلدان الخليج التي صارت تشتري معداتها من الولاياتالمتحدة بصورة متزايدة لكنَ الجنرالات والضباط المتوسّطي الرتب لم يستفيدوا في أية حقبة كما استفادوا في عهد حسني مبارك، بفضل سياسة "الخصخصة" التي طبّقها نظامه. وبين العام 2004 والعام 2011، حصل العسكريون على المراكز الإدارية في الشركات الإستراتيجية التي تم تخصيصها (المرافئ، وورش إنشاء السفن، والطيران، والبناء). في الوقت نفسه، بحسب تقرير " كلير " عمد العسكريون إلى التلاعب بالقانون الذي يسمح لهم بوضع اليد على الأراضي من أجل الدفاع عن الوطن، فعمدوا إلى تأسيس مشروعات عقارية وسياحية على الشواطئ، عبر بيع أراضيهم لمقاولين كانوا يكفلون لهم حصتهم من الأرباح في المشروعات السياحية الكبرى علي الجانب الاخر، يتنعّم كبار الضباط الذين يستفيدون من مزايا عينية كثيرة في شققهم الفخمة التي تقع ضمن "مجمّعات" مخصصة لهم. مثل "مدينة نصر" في القاهرة، حيث تتوفّر لهم خدمات بأسعار مدعومة "حضانات للأطفال، ومدارس، وتعاونيات بأسعار مخفّضة " . ولكن الوضع ليس مغريا بالقدر نفسه بالنسبة للضباط الآخرين، حيث تكشف إحدى برقيات "ويكيليكس" التي حرّرها السفير الأميركي في القاهرة، في سبتمبر 2008، "هبوط القدرات التكتيكية والعملياتية للجيش المصري"، كما تتضمن شهادة لجنرال متقاعد يؤكد فيها أن رواتب العسكريين انخفضت إلى ما دون رواتب القطاع الخاص. يذكر ان " العسكرين " يسيطرون على معظم الوزارت فى انحاء الدولة وعلى بعض القطاعات المهمة وهو مايعنى ان يطلق عليهم مجازا " دولة الجيش"، التى بحسب تأكيدات من لجنة وضع الدستور ان وضع الجيش فى الدستور القادم سيظل كما هو عليه .