هذا رأى ربرت سبرينجبورج فى مقابلة بتاريخ 1 ديسمبر 2011 فى الأنجلو فون المصرى الأسبوعى بالاندبندنت ، الباحث حذر أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة من أن الاحصائيات تتزايد بشكل قوى فى إظهار التشكيك فى الجيش، وفى اليوم التالى صادروا كل نسخ الجرائد. أما فيما يخص باقى الضباط، فإن الوظيفة فى الجيش لم تعد بالنسبة لهم جذابة، هناك وثيقة دبلوماسية كشفت بواسطة «ويكيليكس» ومحررة بواسطة السفارة الأمريكية بالقاهرة فى سبتمبر 2008 تذكر بكل وضوح «تضاءل القدرات التكتيكية والعملياتية للجيش المصرى» وتستشهد على وجه العموم أن التراجع الذى يؤكد أن رواتب العسكريين أصبح أقل من هؤلاء الذين يعملون فى القطاع الخاص. وبحسب الباحث الأمريكى «ربرت سبرينجبورج دارس» متخصص فى الجيش المصرى فإن الجنون الاقتصادى للعسكريين قد حول الجيش بشكل كبير عن أهدافه الدفاعية وهذا سوف يفقده الكثير من قدراته الحربية.. ويحولهم إلى موظفين فى المصانع الحربية بدلا من أن يكونوا مهيئين للتعامل مع الأسلحة، ومن ثم عدم قدرتهم على الاستفادة من المعدات الحديثة، مثل 16-F والدبابات M1 A1 والتى جاءت من أمريكا.. هذه المعدات الحديثة موضوعه فى المخازن بشكل سيئ.. الأخطر هنا هو ميول الرتب العليا إلى الاسترخاء فى شقق فاخرة ومركبات مخصصة لهم، مثل هؤلاء الذين يعيشون فى مدينة نصر بالقاهرة حيث إنهم يستفيدون من خدمات مدعمة (دور حضانة، مدارس وتعاونيات بأسعار مخفضة). وبشكل مواز فإن العسكريين استفادوا من القانون الذى يسمح لهم بمصادرة الأراضى للدفاع عن الوطن ضاربين المشاريع العقارية والسياحية على السواحل، وبائعين أراضيهم إلى مستثمرين فى مقابل ضمانهم لحصص فى المشاريع السياحية الكبيرة. لكن تحت رئاسة حسنى مبارك فإن اللواءات والضباط أصحاب الرتب المتوسطة ربحوا بغزارة من سياسة الخصخصة التى عمل عليها النظام بين 2004 و2011 حازوا وظائف قيادية فى مشاريع استراتيجية جديدة مخصخصة (البنية التحتية المتعلقة بالموانى وبناء السفن والمطارات والإنشاءات). العسكريون يطلقون جزءاً من أعمالهم السرية العسكرية كى يحوزوا عقوداً مميزة، وهم يستغلون العمالة المجانية التى تكون من الجنود فى المصانع، التى لاتخضع لحقوق نقابية ولا لحقوق العمل، وفى هذا النظام فإن أعمالهم تزدهر، القوات المسلحة تضمن 18٪ من المنتج الغذائى القومى، والارباح تعد بمليارات الدولارات خاصة فى عام 1990 فهذه الأرباح غير المتوقعة من الحظر المفروض على العراق، سيحرم القوات المسلحة من صادراتها من السلاح إلى العراق ثم إلى دول الخليج التى تحولت أكثر فأكثر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. فى بداية 1980 قامت منظمة (NSPO) بإنشاء مجمع لمنتجات الألبان وتربية الدواجن والمزارع رسميا، كان إشراك القوات المسلحة فى تطوير الاقتصاد القومى وتأمين الاكتفاء الذاتى للجيش. ومنذ عام 1960 كان عبدالناصر قد دفع باللواءات على رأس كبرى مشاريع الدولة، ليؤمن بذلك مستقبلهم الاقتصادى فى وقت التحول الليبرالى الذى ازداد فى عصر الرئيس أنور السادات، الذى فرض موجة من الخصخصة مع اقتحام العسكريين لإنتاج السلع الاستهلاكية (غسالات، ملابس، أدوية، مجاهر، تكييفات، أبواب) ويتم بيع جزء كبير من هذه المنتجات رديئة الصنع فى معارض يعمل بها المجندون، ويتم بيع جزء كبير من هذه المنتجات رديئة الصنع فى معارض يعمل بها المجندون، حيث لايباع فيها ماركات تجارية أخرى غيرها، لكن تجد جزءاً من هذه المنتجات فى الأسواق المدنية الملحمة الاقتصادية للقوات المسلحة المصرية بدأت فى 1979 عشية توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، خائفة من أن السلام يتتبعه تخفيض مزانية القوات المسلحة، والشعور بالقلق إزاء العواقب السياسية التى يمكن أن يصل إليها آلاف الضباط العاطلين فى سوق العمل، والقيادة العسكرية أعادت إنتاج أدوات الحرب إلى انتاج سلمى تحت رعاية مؤسسة مخصصة لهذا الغرض منظمة المشاريع القومية (NSPO) ولقد أنشأت وزارة الدفاع سلسلة من المشاريع التجارية والتى تخول إدراتها إلى عسكريين، والتى تتمتع بحالة خاصة، حيث لايقومون بدفع الضرائب ولاتخضع لقوانين تشريع الشركات ولاحتى الرقابة الحكومية. اقتصاد الجيش مجال خصب لم يقترب منه أحد منذ أكثر من نصف قرن وهو ما أعطى لقياداته دوراً مركزياً فى ظل فساد النظام السابق.. قياداته التى ستجد منها أعداداً ضخمة جدا فى عدد كبير من المؤسسات الإدارية والاقتصادية المصرية، فعندما نمعن النظر فى تاريخ أى مدير ناد رياضى، أو مدير عام لحمام سباحة، وغيرها من مديرى أغلب مزارع الدواجن، أو أغلب مديرى مصانع السكر أو محافظون التسعة وعشرين محافظة ستجدهم من العسكر. يعرف كثيرون أن للجيش اقتصاده القوى.. يعرفون أن الاقتراب منه خطر وأن محاولة فرض رقابة عليه من المستحيلات.. لقد اقترب «كلير تالون» مراسل صحيفة «لوموند» الفرنسية بالقاهرة من اقتصاد الجيش وكتب تقريرا ننشره دون تدخل.. جاء فى التقرير أن قيادات الجيش العليا تريد حظر الحق فى التفتيش أو مراجعة الإدارة، مستأثرين بجزء من الأنشطة المربحة وهى كثيرة.. ستجدها تدخل كل حياة المصريين من زيت الزيتون، وأجهزة التليفزيون والأسمنت والخلاطات والمياة المعدنية والأحذية والبوتاجازات والغسالات وغيرها مما تمتلئ بها الأسواق المصرية.. فإن اقتصاد الجيش يمثل أكثر من ربع الاقتصاد القومى.. لقد مر عام على الثورة والأنشطة الاقتصادية للعسكريين تبقى محظورة وهى التى تفسد التحول الديمقراطى ومما يفسر ذلك ترددها فى التنازل عن سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، القائم بأعمال رئيس البلاد منذ سقوط حسنى مبارك، وفى خضم الاهتمامات العامة كانت لديهم نية بمنع نواب المجلس فى المستقبل من الكشف عن ميزانية إدارة القوات المسلحة، الذى جزء كبير منها مكرس لأنشطة غير عسكرية وبذلك يكونوا مزودين بدخل كبير دون أى تحكم برلماني. السنة الخامسة - العدد 341 – الاثنين – 13/02/2012