صرح دكتور محمد إبراهيم، وزير الدولة لشئون الآثار، إنه ناقش أمس السبت مع أحمد عبد الله محافظ بورسعيد إمكانية إعادة وضع تمثال الفرنسي (فرديناند ديليسبس) على قاعدته الأصلية في مدخل قناة السويس، والذي كان قد أسقطه أهالي بور سعيد خلال مقاومتهم العدوان الثلاثي عام 1956، باعتباره رمزا استعماريا، حيث كان (ديليسبس) مقربا من الخديوي سعيد الذي حكم مصر بين عامي 1854 و1863، وتمكن من الحصول على فرمان عقد امتياز حفر القناة ومدة الامتياز 99 عاما. وأقيم التمثال عام 1899، ثم تم إسقاطه عن قاعدته عام 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر، ومنذ ذلك الوقت وقاعدته شاغرة. وفي تصريحه شدد إبراهيم إن عودة التمثال لن تتم إلا في حال موافقة أهالي بورسعيدي على ذلك، وإلا سيتم وضعه بالعرض المكشوف بمتحف بورسعيد، الذي سيبدأ العمل به الشهر القادم، ويتكلف إنشاؤه 101 مليون جنيه مصري (نحو 17 مليون دولار). وفي سياق متصل، أكد الكثيرون من أهالي بور سعيد والعديد من مثقفيها على رفضهم إعادة التمثال إلى قاعدته. وبهذه المناسبة أصدر ائتلاف مثقفي بورسعيد في بيان لهم إن إعادة التمثال الذي أسقطه الوطنيون في أعقاب اندحار العدوان الثلاثي.. نوع من السخرية مهددين بإسقاطه مرة أخرى إذا أصرت السلطات على إعادته. وقد جاء في البيان الذي صاغه الأديب البورسعيدي قاسم مسعد عليوة عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر: إن ديليسبس ارتكب أخطاء في حق المصريين، وإن كان وضع التمثال قبل أكثر من 100 عام إذا كانت واقعة تاريخية كما يقول الداعون إلى إعادته، فإن تدميره أيضا واقعة تاريخية.. أن هناك اقتراحات لتماثيل بديلة فوق هذه القاعدة منها تمثال الفلاح المصري الذي حفر القناة في ظروف قاسية أو تمثال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي أعاد القناة المصرية إلى المصريين بتأميمها عام 1956، أو وضع تمثال للجندي المصري الذي دافع ببسالة عن مصرية القناة، أو حتى لمحطمي التمثال من جماهير الشعب في بورسعيد، أو ترك القاعدة خالية كأثر باق من فترة كفاح المصريين ضد الاستعمار. وأشار "عليوة" في بيانه إلى أن: هناك حلا لتمثال ديليسبس بوضعه في متحف بورسعيد، أو بالمتحف الحربي مع ذكر لظروف إقامته وظروف تحطيمه، ومن قاموا بالتحطيم ومراحل التحطيم وأدواته، مع التأكيد على أن ديليسبس لا ينتمي إلى فرنسا الثقافية، وإنما ينتمي إلى فرنسا الاستعمارية. وفي ذات السياق حذرت جماعة (نحن هنا) الأدبية من خطورة تنصيب تمثال ديلسبس فوق القاعدة الكائنة عند المدخل الشمالي لقناة السويس وهددوا بنسفه، وأصدروا بيانا بذلك جاء فيه: فى الوقت الذي ترحب فيه حركة (نحن هنا) الأدبية ببعض مما جاء بتصريحات الدكتور محمد إبراهيم، وزير الدولة لشئون الآثار، عند زيارته لمحافظة بورسعيد يوم السبت 25 أغسطس، لاسيما فيما يتعلق ببدء عمليات إنشاء متحف بورسعيد القومي منتصف سبتمبر القادم، واستغلال فنارها القديم كأثر، وتأهيله ليصبح مزاراً سياحيا، وترى فيهما استجابة رسمية، تأخرت كثيراً، لمطالب شعبية لطالما نودي بها قبل ثورة 25 يناير وبعدها.. ومع تقديرها للاعتدال الذي اتسم به تصريحه عن المناقشة التي دارت بينه وبين المحافظ، حول إمكانية إعادة تنصيب تمثال (دليسيبس) عند مدخل القناة، فإنها تنبه إلى خطورة تنصيب التمثال فوق القاعدة الكائنة عند المدخل الشمالي لقناة السويس، ومعاداة هذا الاتجاه للأماني الوطنية ومناقضته لمبادئ ثورة 25 يناير التي ما قامت إلا لاسترداد كرامة مصر والمصريين. وما من مبرر مادي أو غير مادي يمكن أن يُقبل نظير إهدار كرامة الوطن وتبديد تاريخه النضالي. وتحذر الحركة من استمرار محاولات تزييف الإرادة الوطنية، بالضغط والإغواء والاستفتاءات الزائفة التي كُشفت مراميها أكثر من مرة. وتذكر بالبدائل المتعددة التي طرحت لشغل هذه القاعدة الأثر، ومن بينها الإبقاء عليها بوضعها الحالي باعتبارها الأثر المادي الوحيد الباقي بالمحافظة الذي يدل على المقاومة المصرية للعدوان الغاشم فى العام 1956م. كما تُذكِّر الحركة بما أعلنته من قبل عناصر معروفة بوطنيتها، عن عزمها نسف التمثال حال إعادة تنصيبه فوق القاعدة، وقد جرت فى النهر مياه كثيرة وتغيرت وجوه، لكن تظل الروح الوطنية الغيورة على كرامة الوطن باقية ومتأججة. وتوضح الحركة أن هذه القضية هي قضية الوطن المصري بأكمله، وليست قضية فئة تقدم مصالحها الخاصة على مصلحة الوطن، وما من مبرر مادي أو غير مادي يمكن أن يُقبل نظير إهدار كرامة الوطن وتبديد تاريخه النضالي، لذا فإن الحركة تتبنى ما طرحه من قبل مثقفو بورسعيد، ووطنيوها بضرورة وضع تمثال (ديليسبس) بأحد متحفي المدينة: الحربي أو القومي، الذي لا يبعد عن موقع القاعدة إلا بأشبار معدودة، حال إعادة إنشائه.. وهو الخيار الثاني الذي اشتمل عليه تصريح الوزير، وبشرط إيضاح أنه قد أسقط من فوق قاعدته بأيدي المقاومة الشعبية المصرية ببورسعيد عقب عدوان 1956م الغاشم.