" لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأْتِي مِثْلَهُ ..عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عظِيمُ" صدق المتوكل الليثي فأي عار لحق بنا ونحن نرفض مساوئ الأخلاق ثم نأتي بها، و نكره الخطأ ثم نقع به، نرفض أن يهين الكبير الصغير أو يتعدى الصغير على الكبير، ولكنا نجد مجتمعنا يعُج بالنماذج الغير مشرفة .. الآلاف من حالات التعدي والضرب بين الطالب والمدرس تصل إلى حد التعذيب ، المدرسة التي كانت تحمل أسمى معانى الحب والترابط والتفاهم بين طلابها ومدرسيها أصبحت مكانا لتبادل السباب والضرب، فعلي سبيل المثال قيام إحدى المشرفات بحضانة حي الصفا قسم شرطة الخارجة بالوادي الجديد بتعذيب وتعدى على طفلة لم تتجاوز العامين بالصفع واحتجازها داخل دورة مياه بعد نهاية اليوم الدراسي ، وأخرى تعتدي على تلميذ بمدرسة العبور الابتدائية بمطروح بالضرب بالعصا على رأسه بسبب تشاجره مع زملائه ، أما مدرسة الأورمان الخاصة بالفيوم شهدت حالة تعدى مدرس على طالب وتسبب له في قطع الرباط الصليبي للتلميذ نتيجة الضرب المبرح، ومثال جديد وحالة من الذعر والخوف على معلمي وطلاب مدرسة الثورة الإعدادية بإدارة العامرية التعليمية بالإسكندرية، بعد اقتحام ولي أمر طالب بالصف الإعدادي المدرسة ورفع سلاحه الميري في وجه المعلمين، وتهديدهم بأنه أمين شرطة وسيحاسب كل من اعتدى على ابنه أو ضايقه وبعد التحقيق معه تم إثبات انتحاله صفة أمين شرطة واستخدامه السلاح في تهديد المدرسين. وبسؤال جميع الأطراف المعنية حول ما وصل إليه حال المدارس و العلاقة بين الطالب والمدرس مع قرب بداية العام الدراسي الجديد وجيل يربي. أكدت دكتور زينب حسن، استاذ أصول التربية كلية البنات جامعة عين شمس، أن ما نعيشه الآن هو حالة من الإنفلات الأمنى فى جميع نواحى الحياة والذي بدأ يتحسن مؤخرا، ولكن حالة الإنفلات التى تشهدها المدراس هى حالة ليست بجديدة وليست وليدة الثورة وما تبعها ، فبعد أن كانت المدرسة بمثابة المحراب والمدرس فى منزلة الأب والمدرسة كالآم فى علاقة أقل ما توصف بأنها علاقة ممتازة من الدرجة الأولى أصبحت الآن العلاقة متردية للغاية. وأضافت زينب إننى اشير إلى الدروس الخصوصية كأحد الأسباب التي أدت إلى وصول هذه العلاقة إلى ما هي عليه الآن ، لأن المدرس كان في الفترات السابقة يدخل إلى الفصل وهو مهتم ومستعد لتوصيل المعلومة ويطلب واجبات ويتابعها بحرص شديد أما الآن فهو مهتم بالدرس الخصوصي الذى يعطيه ومن يأخذ معه فقط .. للدرجة التى وصل فيها المدرس بأن يكره الطلاب على الدخول معه فى الدروس أو المجموعات الخاصة بل الأمر يصل للتهديد كالرسوب فى أعمال السنة مثلاً ، وهذا من شأنه آثر بالطبع على علاقة المدرس بالطالب والعكس . وتتابع استاذة أصول التربية قولها إذا كان الأهل لهم دور فى تربية ابنائهم فإن المدرسة على عاتقها الجانب الأكبر ، فهذا دورها التى أنشأت لأجله فى الأساس ليس التعليم فقط بل التربية والتعليم ، فإذا كان هناك تدنى فى مستوى الطالب أو الطالبة فهذا يرجع فى الأصل إلى المدرس وأسلوبه ، فلا يمكن أن أتخيل ان طالب فى مرحلة التعليم الأساسى لم يتعدى سن السادسة من عمره ويكون مخطئ ومجرم بالفطرة .. بالعكس فهو عجينة لينة سهلة يستطيع المعلم تشكليها بالشكل الذى يرضى الجميع ويبث فيه القيم والأخلاق وتعليمه الخطأ من الصواب. "المدرس يتقى الله فى عمله ويعلم أنه قدوة فى كل اقواله وافعاله، وانه مسئول امام الله عن الأجيال التى يخرجها للمجتمع وعن القيم التى يغرسها فيهم" هكذا قالت دكتور زينب مضيفة أن الإعلام ايضاً له تأثير على الأطفال والشباب، فيجب أن تكون هناك رسالة هادفة ومضمون بناء خاصة فى المرحلة التى نمر بها .. فليس من المقبول ابداً ما يقدم الآن .. وأخيراً تطبيق القانون هو ما يجب أن يحكم الجميع ، فأنا مع اى قانون حازم وفورى واى عقوبة تأخذ ضد اى مخالف سواء طالب او مدرس . ومن جانبها أكدت استاذة فاتن، معلمة فى مدرسة أحمد لطفى للبنين أن "الطالب وتربيته هو من يتحكم فى العلاقة بين المدرس والطالب"، فهناك بعض الطلاب يأتون إلى المدرسة للشجار مع زملائهم على أهون الأسباب وقد لا يكون للمدرسة دخل بها ولكن يأتى للمدرسة لتصفية حسابه.. وفى بعض الأوقات يأتي الأهل ويقتحمون المدرسة بالأسلحة البيضاء فى تعدى صارخ على هيبة المدرسة والمدرسين ولا ينفض الشباك إلا بتدخل الشرطة ، وهناك طلاب لا يأتوا إلى المدرسة "بيزوغ طول السنة " بل ولا يأتى للإمتحان فى اليوم المحدد ثم نجد ولى الأمر يهاجم بكل الشتائم والتهزيق والسباب مطالبأ بشطب الغياب ودخول الطالب الأمتحان ، وهناك العديد من الأمثلة التى نراها ونحاول تفاديها . وأضافت فاتن أن الحل لعودة الأخلاق فى المدارس والعلاقة الطيبة بين الطالب والمدرس هو أن يطبق القانون وان تكون هناك مراقبة بصفة دورية من المسئولين إلى جانب مراقبة المنزل فهى أحد العوامل الأساسية فى إلتزام الطالب فى الحضور خاصة فى الوقت الذى أصبح الهروب من المدارس أمر طبيبعى والجلوس على المقاهى والكافيهات ودخول الإنترنت أمر أساسى .. ايضاً حضور أولياء الأمور إلى مجالس أولياء الأمور التى تعقدها المدرسة لمعرفة ماوصل إليه كلاً من المدرسة والطالب ، والتلفزيون وما يقدمه فالألفاظ التى يسمعها الشاب يرددها مع زملائه وبالتالى يتأثر أخلاقياً بما يقدم . أما صلاح محمد استاذ اللغة العربية فى مدرسة ثانوية للبنات يقول الأمور تبدو أفضل فى العلاقة بين المدرس والطالب عن مدراس البنين فلا يوجد حالات تعدى صارخة، وإن كانت هذه العلاقة لا تقارن بالماضى فالآن هناك من يتعدى من الجانبين سواء مدرس أو مدرسة أو الطالبة . ليس بالضرب المبرح خصوصاً اننا مدرسة ثانوى ولكن يكون باللفظ فى الأغلب وهذا لم يكن موجود قديماً حيث كان من الصعب تطاول المدرس على الطالب أو الطالب للمدرس. وأضاف ان العلاقة فى هذه المرحلة يجب أن تكون علاقة صحوبية وسياسة لأن عندما تكون الطالبة بلغت سن معين فأمر طبيبعى أن تتمرد على القيود وعلى العقاب وعلى الطاعة العمياء، لكن إذا كان هناك مجال للحوار بين المدرسة والطالبة والمسايسة وطول البال فأعتقد أن الأمور ستتجه نحو الأفضل . وبسؤال أولياء الأمور عن أحوال المدارس وما يحدث فيها ومعاملة المدرسين للطلاب ، يقول محمد خيرى ولى أمر ابنائى فى مدرسة حكومية وبصراحة لا يوجد أى إهتمام من المدرسة لأنهم بيهتموا بالطلاب المشتركين فى مجاميع المدرسة وأنا مثلاً مقدرش أشترك لهم كلهم فى مجموعات فى كل المواد . "بيقولوا العيب فى البيت ، امال احنا بنوديهم مدارس ليه مش عشان يطلعوا احسن منا" هكذا قال الأب ملقياً اللوم على المدرسة التى لم تعد تهتم لا بتعليم ولا بالأخلاق على حد قوله . وعلي جانب آخر قالت أم محمد إحدي أولياء الأمور "ابنى فى المدرسة لكن انا بعتمد على المجموعة ، لا فى حد بيهتم ولا حد عايز يعلم فى المدرسة ، لكن بنتى طلعت من المدرسة لأنها كرهت التعليم من اللى بتشوفه ومش بنتى بس فى بنات كتير جداً زيها أحسن لهم يتجوزوا ويقعدوا فى البيت بدل ما يتبهدلوا فى المدارس". وعندما سُألت هل توجهتى وقدمتى شكوى إلى مدير المدرسة أو الأدارة قبل أن تتخذى قرار فصل البنت من المدرسة كانت الإجابة.."حاولت أكثر من مرة أكلم مدير المدرسة ردعليا وقال لو مش عجبك خديها وامشى اصلها مدرسة حكومية بنتى مش هتفرق معاهم ". واكملت حديثها "انا هعلم الولد عشان يدخل ثانوى ويبقى معاه شهادة ويشتغل ويعرف يجوز ويصرف على بيته إنما البنت مش مهم إنها تتعلم ". في حين قالت ح . خ ربة منزل وولية أمر أن التعليم والمدارس فى مصر تحتاج إهتمام أكثر من ذلك وأن يراعى كل شخص الله فى عمله ، هذا بجانب تطبيق القانون فليس من الطبيعى ان نترك من يخطأ فينتشر الخطأ بين الجميع ويسير امر طبيعى ... فلا بد من وجود رقابة من الإدارات ومتابعة دورية ومعاقبة المقصرين ، وايضاً يجب أن يأخذ المدرسين دورات تأهيله إلى جانب حصيلته المعرفية فى كيفية معاملة الطالب وإحتواءه . وأضافت اعترف ان فى مدرسة ابنتى لا يوجد ضرب او تعدى جسدى إنما هناك ما يسمى إيذاء نفسي يحدث لكلاً من المدرس والطالب ، وإذا طبق القانون لن يتعدى المدرس على الطالب ولا الطالب يتعدى على المدرس خوفاً من العقاب ، واتمنى ان تلغى الدروس الخصوصية فى كل المراحل وأن تجرم حتى يعود البيت المصرى كسابق عهده وأن تعود هيبة المدرس ويعود إحترام الطلاب لأنفسهم وغيرهم ولذلك اطلب من الرئيس السيسي النظر الي المنظومة التعليمية وان يضعهم امام عينيه لان الامة تبني بأبنائها. وحول آراء الطلاب فتقول مى محمد طالبة فى المراحلة الإعدادية ليس الجميع سواء هناك بعض المدرسين إحترامهم وهما ايضاً كذلك ولكن الأكثر أننا نحترم المدرسين من طرف واحد وهم لا يبادلونا نفس الإحترام يعاملونا كأطفال وعلينا السمع والطاعة وإذا اعترضنا على طريقة شرح أو كم واجبات يكون هناك استقصاد وتهزيق ، وعادة بيصيبنا الخوف من التعبير عن آرائنا للخوف من العقاب او الفصل ، فى مرة رأيت مديرة المدرسة تضرب زميلتنا ضرباً مبرحاً ولكننا لم نستطع فعل أى شئ على الرغم من إنها اخطئت خطأ عادى وهو التأخير عن موعد الحصة ، لذلك لكى نحترم مدرس ونسمع كلامه يجب أن يكون من المدرس اولاً بأن يشعرنا اننا مثل اولاده وأنه لا يريد لأحد ان يهين ابناءه او يضربهم ولا مانع من العقاب ولكن العقاب الغير مبالغ فيه فقط لكى نشعر أننا اخطأنا لكن الطريقة الوحشية فى التعامل تولد العند ولا تولد الإحترام ابداً . ويؤكد على هذا الكلام محمد أحمد الطالب فى المرحلة الإعدادية بقوله "لو المدرس بيحترمنا وبيعاملنا كويس استحالة منحترموش ، إنما لو المدرس داخل يهزق ويشتم ومش فارق معه طبيبعى مش هنتجاوب معاه ، و فى المدرسة بيكون فى تركيز على المجاميع والدروس فقط ، إنما شرح فى الفصل وأنشطة ومسابقات لا يوجد أى إهتمام فطبيبعى إن كتير منا يذهب إلى المدرسة لمجرد الحضور "، ويضيف محمد، أوقات كثيرة نعاقب فى الفصل جميعاً إذا أخطأ واحد منا والتبرير من المدرس يكون بالعبارة المشهورة "الحسنة تخص والسيئة تعم" وإذا اعترض أحدنا يكون عقابه الطرد من الحصة او التهزيق والشتيمة ، ولو بندور على الإحترام فى المدارس فالعيب فى المدرسة والمدرسين مش فينا" . أما هبة محمود طالبة فى المرحلة الثانوية بمدرسة حلمية الزيتون فتقول علاقتى بالمدرسين الحمد لله جيدة وبها إحترام متبادل، لان طريقة تعامل المدرس او المدرسة وتصرفاتهم معي تجعلنى احترامهم ، خصوصاً عندما يحاول المدرس إستيعابنا وعدم محاولة إستغلالنا مادياً بإننا ناخذ درس مثلاً ويحاول انه يفيدنا ويحببنا فى المادة بيزيد إحترامى جداً له وينعكس بالطبع فى طريقة تعاملى معه . وتضيف هبة فى بعض الأحيان عدم الإحترام بين الطالب والمدرس يكون نتيجة اما تربية الطالب أو تعامل المدرس يعنى ممكن طالب يكون محترم و المدرس تعامله سىْ جداً و العكس صحيح ،وعن نفسي أرى الكثير من حالات التطاول سواء من المدرس على طالب مثلاً يزعقله جامد لدرجة الإحراج او الاستقصاد فى الحصص وتعمد تغليط الطالب والسخرية منه امام الفصل بالكامل ، لكن صراحة فى ابتدائى كان هناك ضرب اما فى اعدادى وثانوى يكون التهزيق أكثر ،أو من الطالب للمدرس بأن يقف امام المدرس ويسبه او يكتب له ورقة سيبه فيها ويسخر منه وهكذا . وتكمل هبة، الحل قبل بداية العام الدراسي يجب أن يفهم المدرس طبيعة المرحلة التى يمر بها الطلبة ، ويعلم جيدا المدرس و المدرسة انه لا يكتفى بشرح الدرس لكن يحاول يكون مرح و طيب ويفهمنا و يشعر الطلبة أنهم "معدوش صغيرين" .... يحترموا عقولنا و يساعدوا على تنميتها و معرفة ميولنا علمية أو أدبية و عدم التفريق بيننا ان يكون ابن مدرس او ابن صاحب المدرسة .، وايضاً ان تكون هناك أنشطة إجتماعية يشتركون فيها معاً .\