طالب ثانوي يذبح زميله بسبب خلاف علي ثلاثة جنيهات.. طالب يعتدي علي زميله بكاتر داخل المدرسة.. حالة اعتداء جنسي علي طالب.. اتهام مدرس باغتصاب طالب.. عائلة تعتدي بالمطاوي علي المدرسين داخل المدرسة.. هذه عناوين قليلة لأخبار قرأناها الأسبوع الماضي.. حتي أصبحت مشاهد البلطجة والإجرام شيئا عاديا داخل المدارس. وطبقا لتقرير المؤسسة المصرية لأوضاع الطفولة فإن حوادث العنف وصلت نسبتها بالمدارس الحكومية إلي67,18%, ويرجع ذلك إلي كثرة الملتحقين بالتعليم الحكومي. ووصلت نسبة حوادث الإيذاء البدني بين الحوادث داخل المدارس إلي51,91% ويتصدر المدرس قائمة مرتكبي العنف بنسبة45.80%, يليه الطالب بنسبة28,24%. 14 ضحية في شهر واحد وكشف تقرير آخر أعده المركز المصري لحقوق الإنسان عن تزايد حالات العنف خلال الشهر الأول من العام الدراسي الحالي,2010 2011, ووصل عدد ضحاياه المتوفين إلي14 ضحية, وهناك6 حالات انتحار, و13 حالة طعن بالمطواة, و33 حالة عنف من المدرسين والمديرين ضد التلاميذ, و15 حالة عنف من أولياء الأمور ضد المدرسين والمديرين والنظار, و7 حالات تعد من الطلاب علي مدرسيهم, و5 حالات عنف من أولياء أمور ضد زملاء أبنائهم, و7 حالات عنف وقتل طلاب ضد زملائهم. وتضمنت حالات الانتحار ثلاث بنات, وثلاثة أولاد في4 محافظات. وتنوعت وسائل الانتحار ما بين تناول سم الفئران, أو الشنق, أو القفز من مبني مرتفع. وجاءت الأسباب ما بين رفض للذهاب إلي المدرسة, أو عدم استيعاب المناهج, أو عنف المدرسين, أو انفصال الآباء. السلاح الأبيض كان شعارا لحوادث الطلاب في الشهر الأول من العام الدراسي, حيث ظهرت13 حالة فردية وجماعية استخدم فيها الطلاب المطواة أو الكاتر أو السكين في عنف موجه ضد زملائهم أو مدرسيهم, وتنوعت أسباب هذا العنف بين منع من التدخين, أو السرقة, أو الاختلاف علي لعب الكرة, أو التشاجر داخل الفصل, أو المشاجرة من أجل نصف جنيه, أو التعدي علي مدرس انتقاما منه. وتم تسجيل32 حالة لحالات الاعتداء والعنف الموجه من المدرسين ضد التلاميذ أو ضد المدرسين من زملائهم أو ضد مديريهم, وتنوعت أساليب العنف بين طرد وتهديد بسبب المصروفات, والاعتداء بالضرب المبرح, وكسر الذراع, وفقء العين, وإجبار التلاميذ علي نظافة المدارس وجمع القمامة, وإجبار التلاميذ علي الدروس الخصوصية, والعقاب بالفلكة, والاعتداء الجنسي, والاعتداء بسبب الضوضاء, والاعتداء بسبب عدم أداء الواجب, والضرب بعصا المقشة, والتعدي بالضرب حتي فقد الوعي, والتوبيخ, والعنف اللفظي. أولياء الأمور شركاء في الجريمة في حين جاءت حالات العنف الموجهة ضد المدرسين والمديرين والنظار من قبل أولياء الأمور15 حالة, ما بين تعد بالضرب بالأيدي أو الشبشب, أو تكسير المكتب, أو التعدي بالعنف, أو السب اللفظي والإهانة أمام التلاميذ داخل المدارس, أو اقتحام المدرسة للانتقام بسب ضرب تلميذ أو إشاعة بموت ابن أو ابنة, أو منع دخول المدرسة, أو معاكسة فتيات من قبل الأبناء. أما العنف الموجه من الطلاب ضد مدرسيهم, فجاءت7 حالات(3 إعدادي, و4 ثانوي) كلهم من البنين, وتنوع العنف بين إلقاء زجاجة مولوتوف علي مدرس للانتقام منه, أو الاعتداء بالمطواة, أو سب الدين والاعتداء بالأيدي, أو الصفع لمدرس, أو ضرب الوكيل والمدرس والفراش في نفس المدرسة, ووصل الأمر إلي الشروع في قتل المدرس. أما النوع الجديد من العنف فجاء من قبل أولياء أمور ضد تلاميذ زملاء أبنائهم في نفس الفصل أو المدرسة, وتم تسجيل5 حالات, ما بين تعدي ربة منزل علي طفل لضربه ابنها, أو قتل طالب بحجر, أو تعدي ولي أمر علي تلميذين بالشوم لمعاقبتهما علي ضرب ابنه, أو قيام ضابط بالتهديد بالحبس لعدم الاحتكاك بابنته. وجاء العنف الموجه من قبل التلاميذ ضد زملائهم في المدرسة في7 حالات, ما بين القتل بسبب أولوية الجلوس علي الكمبيوتر, والمشاجرة بين قريتين, وقيام التلاميذ بمنع الدخول إلي المدرسة, وقذف طالب لزميله من الشباك, وتلميذ يقذف زميلته بالكرسي. أما الجرائم المتنوعة التي ارتكبت في العام الدراسي أثناء العملية التعليمية فجاءت11 حالة, تنوعت ما بين تجارة المخدرات, وتعاطيها في المدرسة, وأعمال البلطجة حول المدارس, والتحرش بالفتيات, والمعاكسة, وتبادل الضرب بين المدرس ومدير المدرسة, والابتزاز. المشاجرة تبدأ بمزاح وبسؤال الطلاب أكدوا أن كل المشاجرات تبدأ بمزاح فيقول الطالب محمد موسي طالب بالصف الثاني الثانوي: إن أغلب المشاجرات بين الطلبة تبدأ بالمزاح ثم تتحول إلي مشاجرة, وتكثر هذه الحالات داخل المدارس الحكومية, وقام ذات مرة أحد المدرسين أثناء طابور المدرسة بطرح أحد زملائي أرضا, ودهس رقبته بحذائه بحجة أن شعره طويل. وقال حسن علي طالب بالإعدادي: إن المشاجرات كثيرا ما تحدث في فناء المدرسة وفي الحصص الفارغة, ذات مرة كاد يموت أحد زملائي بسبب صراعه مع آخر للجلوس علي الكمبيوتر. وتقول فاتن كمال ولية أمر طفلين, إن غياب الرقابة داخل المدرسة هو السبب الرئيسي في حدوث المشاجرات, ويجب أن يتواجد المشرفون في الأماكن المغلقة مثل البدروم ودورات المياه. موضحة قلقها الكبير علي أطفالها طوال فترة تواجدهم بالمدرسة. وعبرت امتثال حسن عضو مجلس المحلي بمحافظة القاهرة عن استيائها مما يحدث بإحدي المدارس الفنية الصناعية بمدينة نصر, وقالت إن الخطورة تكمن في تجاورها مع المدارس التجريبية, مما جعل الطلاب يحقدون علي بعضهم البعض, بالإضافة إلي وجود مدرسين غير مؤهلين ولا معدين إعدادا تربويا سليما بكليات التربية, فيتعمدون إذلال التلاميذ, مما أدي إلي تزايد شكوي أولياء الأمور يوميا. وأكدت أنه منذ يومين تعرض أحد التلاميذ لضربة من أحد زملائه كادت تقتله بنفس المدرسة. لا للضرب الدكتورة مي شهاب أستاذة التربية بالمركز القومي للبحوث تري أن العنف المدرسي يعد جزءا أساسيا من سمات العنف المنتشرة بكل المجتمعات واجتاحت العالم بأكمله, وذلك بسبب غياب دور الأسرة, وعدم استغلال طاقة الشباب في الأنشطة الرياضية داخل المدارس, ومراكز الشباب والنوادي, التي يجب الاهتمام بها لتفريغ طاقة الشباب, وأن تكون بمبالغ رمزية حتي تكون في متناول جميع الأسر, مع الاهتمام بالخطاب الديني والتربية الدينية. كما يجب الاهتمام بالنشاط المدرسي مثل الصحافة وجمعيات الشعر وأضافت أن المعلم فقد احترامه بقبوله تقديم دروس خصوصية وتحصيل الأموال من أولياء الأمور, مما أدي إلي غياب الاحترام بين المعلم والأسرة. وأكدت أن المناداة بمبدأ عودة الضرب للمدارس لا يخلق شخصية سوية قائلة: هناك أكثر من طريقة للعقاب كالنظرة مثلا, ويجب أن يهتم القائمون علي العملية التعليمية بتعيين مشرفين وأخصائيين اجتماعيين لمتابعة التلاميذ بشكل مستمر. أما الدكتور ناصر علي الخبير التربوي فيري أن ارتفاع وتيرة العنف في المدارس يأتي نتيجة لانتشار السلبية من جانب المعلمين وأولياء الأمور, واختلاف شكل العلاقة بين التلميذ والمدرس عن الفترة الماضية, حيث أصبحت بلا حدود أو رقابة. بالإضافة إلي ارتفاع كثافة الفصول بالمدارس, مع تناول الإعلام لكافة مظاهر العنف مما جعله ظاهرة تسيطر علي المجتمع بأكمله ولا تقتصر علي فئة أو جهة بعينها. العنف الصامت ولفت الدكتور علي إلي أن أخطر أنواع العنف ما يسمي بالعنف الصامت, والمقصود به تجاهل المدرس للطالب, وعدم توجيه أي اهتمام له. موضحا أنه لا توجد أي جهة مختصة بتقديم إحصائيات رسمية عن العنف داخل المدارس في مصر, وهذا يؤدي إلي الصعوبة في إجراء بحوث حقيقية عن الظاهرة. نقطة أخري يشير إليها الدكتور أحمد العروسي, الخبير التربوي, وهي أن المجتمع يعاني من حالة احتقان أدت إلي انتشار ظاهرة العنف, بسبب الضغوط التي يعاني منها أولياء الأمور نتيجة مطالب الحياة اليومية. وانعكست هذه الموجة علي المدرسة باعتبارها جزءا من المجتمع ككل. بالإضافة إلي ما يعانيه الشباب من كبت نتيجة انعدام الثقة في أنفسهم, فضلا عن عدم متابعة للتلاميذ بشكل مستمر, مع عدم الاهتمام بمادة الدين وعدم تخصيص مادة لحقوق الإنسان. وأصبح الهدف الرئيسي للطلبة المثابرة علي الدرجات فقط ولا يوجد أي اهتمام بالمادة العلمية, وأصبح المدرس شخصا غير مرغوب فيه. ويضيف العروسي أن الطلاب في سن المراهقة يجب احتواؤهم بالحوار والنقاش معهم في المنزل والمدرسة, وما يقدمه التليفزيون والقنوات الفضائية من مشاهد العري والإثارة الجنسية وغيرها تكون نتيجتها أن الأطفال يمارسون أفعالا فاضحة داخل المدرسة. ويؤكد أن غياب الرقابة المدرسية ووجود أماكن مهجورة كالبدروم بعيدة عن أعين الرقابة يمثل كارثة. رغبة في التقليد ويؤيده في الرأي الدكتور يسري عفيفي, الخبير التربوي, الذي أكد أن المدرسة تحولت إلي بؤر للعنف وانتشار الجريمة وقتل أحلام الشباب الذين تحولوا إلي مجرمين. ولكنه يري أن كثرة التعرض لأفلام العنف والجريمة تؤدي إلي تولد العنف لدي الأطفال تدريجيا دون أن يشعروا, رغبة في التقليد. ويضيف أن تحول أخبار التعليم إلي صفحة الحوادث يدل علي كثرة أشكال العنف التي يتعرض لها الطلاب, وبعض المعلمين والعاملين بالمدارس, بما يمكن اعتباره ظاهرة وينذر بكارثة تربوية تعليمية, وتعكس أن المجتمع كله أصبح يعاني من العنف والبلطجة والتفكك الأسري, التي تصل تداعياتها إلي المؤسسة التعليمية. فيما يري الدكتور سيد صبحي أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس أن الطفل العنيف يكون نتيجة خلل في العلاقة الأسرية بين الأب والأم لذلك يجب متابعة سلوك الأبناء, وعلي المدرس مراعاة الفروق الفردية داخل الفصل وإزالة أي فروق تمنع لغة الحوار بينهما. الإيمان بالعملية التعليمية ويري أن الغريب في الأمر هو تصرفات المدرسين مثل التلفظ بالألفاظ النابية, وتوجيه عنف مقصود للطلاب مما يؤثر علي سلوكهم, بدلا من غرس قيم المودة والتسامح وفنون الاتصال واحترام الآخرين التي يجب أن يعمل المدرس علي غرسها. وقال إن علي الإعلام أن يلعب دورا في محاربة الظاهرة, وأن يكون المدرس نموذجا يحتذي به, بالإضافة إلي الإيمان بالعملية التعليمية والتربوية المبنية علي التفاعل الدائم والمتبادل بين الطلاب ومدرسيهم, وتفعيل دور الآباء للمشاركة في العملية التعليمية. وشدد علي أهمية مكاتب الخدمة الاجتماعية المدرسية الموجودة علي مستوي الإدارات التعليمية والتي تضم أخصائيين اجتماعيين وأطباء نفسيين ومهمتهم الأساسية هي التعامل مع المشكلات الأكثر تعقيدا داخل المدرسة, ويجب التعرف علي هذه الحالات والمشكلات من خلال مندوبين يقومون بالمرور علي المدارس والقيام بحل هذه المشكلات, وهذه المكاتب لها هيكل وظيفي معتمد لدي وزارة التربية والتعليم ومن المفترض أن تمارس دورها تجاه جميع المدارس, ولكن من الواضح تلاشي دورها تماما وضعف إمكاناتها بحيث لا تتمكن من تغطية المدارس جميعها والمفترض أن يكون دورها أعمق من دور الأخصائي النفسي والاجتماعي. تحقيق: سارة طعيمة