استدعى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وزراء حكومته ممن كانوا خارج لندن في زيارات بالداخل والخارج، لحضور تصويت يجرى اليوم الأربعاء على قراراته الخاصة بزيادة مساهمة بريطانيا في الموازنة المقترحة للاتحاد الأوربي، وسط مخاوف انضمام أعضاء من حزبي المحافظين والعمال لرفض زيادة إنفاق بريطانيا بالموازنة. ويواجه كاميرون مطالبات من عدد من نواب المقاعد الخلفية من حزبه لتخفيض النسبة التي توفرها بريطانيا لموازنة الاتحاد الأوربي، وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وكان كاميرون قد أعلن، عقب لقائه الأسبوع الماضي برئيس المجلس الأوربي هيرمان فان رومبوي، أن بلاده لا تعارض زيادة الموازنة السنوية بنسبة مساوية لمعدلات التضخم، وهو ما ينظر إليه بعض نواب حزبه ونواب المعارضة وعلى رأسها حزب العمال بأنه قرار يجب تغييره لصالح خفض الإنفاق ليستعيد الاقتصاد البريطاني نشاطه. وقال عدد من المسؤلين البريطانيين إن خفض الإنفاق في موازنة الاتحاد الأوربي أمر غير معروض للبحث، ولكن نواب المقاعد الخلفية من حزب المحافظين يطالبون كاميرون بالضغط للوصول إلى نتائج أفضل لصالح الاقتصاد البريطاني. وأشار عدد من المعارضين لقرار كاميرون من نواب حزبه في البرلمان، بأن 38 منهم مستعدون للتصويت ضد قراره بزيادة مساهمة بريطانيا في موازنة الاتحاد الأوربي، مضيفين أن هناك 15 من مؤيديهم لم يعلنوا ذلك بعد على الملأ.
وسيشكل تصويت اليوم منافسة بين مؤيدي ومعارضي الحكومة حول موازنة الاتحاد الأوربي، حيث قال عدد من وزراء الحكومة أن هذا التصويت ستأتي نتيجته بشكل متقارب جدا. وبهذا الصدد.. حثت صحيفة (الجارديان) البريطانية - في عددها الصادر اليوم الأربعاء - حزبي العمال والمحافظين البريطانيين على ضرورة التعاون لتجنب الوقوع في مخاطر الموازنة بين الأولويات المحلية والخارجية. وأشارت الصحيفة إلى أن قانون الموازنة بين الأولويات المحلية في بريطانيا والأولويات الأوروبية دائما ما يكون محفوفا بالمخاطر، ولكن أي خطأ قد يرتكبه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من شأنه أن يكلف بريطانيا الكثير في الوقت الراهن. ورأت الصحيفة البريطانية - في سياق مقالها الافتتاحي بموقعها الإلكتروني – أن التوترات المتصاعدة بين مقتضيات السياسة المحلية والمصالح الأوروبية واسعة النطاق، إنما تعد بمثابة خطر محدق لا تأمنه أية دولة من الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن أنه يهدد بتفكك الاتحاد الأوروبي. وأوضحت أن معظم دول الاتحاد الأوروبي تسعى لإدارة التوازن بين المصالح الداخلية والخارجية، وبالرغم من أزمة منطقة اليورو إلا أنهم مستمرون في ذلك لأنهم أفضل حالا في اتحاد أوروبي أكثر فعالية من آخر ليس فعالا، ومع ذلك فبعض الدول تدير هذا التوازن على نحو خاطيء، وهو ما قد تقع فيه السياسة البريطانية. وأكدت الصحيفة أنه يتعين أن يكون نقاش الميزانية للاتحاد الأوروبي للسبع سنوات القادمة من الناحية النظرية نقاشا بناء حول حجم أموال الاتحاد التي يحتاجها والتي يمكن أن يتحملها، وكذلك أفضل السبل لإنفاقها.
وبينت أن موقف الحكومة البريطانية بشأن ميزانية الاتحاد الأوروبي ليس فوق مستوى النقد، فكاميرون يرغب في زيادة ميزانية الاتحاد الأوروبي فقط تمشيا مع التضخم، وليس من خلال 5\% التي اقترحتها المفوضية الأوروبية، معتبرة أن ذلك بمثابة أعظم الاحتياجات لبلدان شرق وجنوب أوروبا لاسيما أن كاميرون لا يحتمل الخوض في أي تحديات في الوقت الحالي. ونوهت الصحيفة إلى أن موقف كاميرون يتمثل في الاعتراف بثلاثة محاور متمثلة في أهمية استمرار الاتحاد الأوروبي، الحدود العملية لزيادة ميزانيته في الأوقات الاقتصادية الراكدة، والحاجة إلى التفاوض بشكل بناء من أجل التوصل إلى اتفاق. وخلصت صحيفة الجارديان - ختاما - بتأكيدها على أن التعاون بين حزبي العمال والمحافظين البريطانيين من شأنه أن يجنب بريطانيا الوقوع في مخاطر هي في غنى عنها في الوقت الحالي.