توقفنا فى مقال سابق عند بدايات التفكير فى غزو الفضاء، ودور الألمان فى ذلك، أيضًا أشرنا إلى إسهامات الصين على استحياء فى هذا المجال فيما يخص تصنيع الصواريخ، ثم تحول الأمر إلى تنافس وسباق بين كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية بين كل » الحرب الباردة « والاتحاد السوفيتى، واندلاع ما يسمى من الدولتين العظميين. كان الأساس فى التنافس بين الدولتين أمريكا والاتحاد السوفيتى هو التجسس والدعاية، أضف إلى ذلك مجال تكنولوجيا الفضاء والأقمار الصناعية، لما لها من أهمية في التجسس على الدول الأخرى خلال الحرب الباردة، ولا يخفى على ذوى التخصص فى العلوم العسكرية وعلوم الفضاء، أن سباق التسلح بين الدولتين كان له الفضل فى تطور تكنولوجيا الفضاء، بخلاف أن أى إنجاز فضائى جديد كان يستخدم فى الدعاية والترويج لمهارة الدولة علميًا وعسكريًا. .فإذا كان بإمكان الصاروخ أن يحمل الإنسان إلى الفضاء، فإنه بإمكانه كذلك أن يحمل قنبلة ذرية إلى دولة العدو، ومن ثم، فإن كل إنجاز جديد فى تكنولوجيا الفضاء والصواريخ، كان يطبق فى التو واللحظة على الصواريخ العابرة للقارات، ومن ثم تخرج الدعاية التى تروج للإنجاز الجديد فى مجال الفضاء، ليفهم الطرف المعنى أنه أصبح فى مرمى نيران العدو مهما بعدت المسافات. ،» الصواريخ الباليستية « عُرفت الصواريخ العابرة للقارات باسم وهى صواريخ يصل مداها إلى أكثر من 3 آلاف و 500 ميل، وحسب مداها يكون نوعها، فمنها طويلة المدى، متوسطة المدى، وقصيرة المدى. الهدف الأساسى من تصميم هذه الصواريخ هو حمل الأسلحة النووية إلى موضع الهدف، وتمتلك هذه الصواريخ كل من: روسيا، الولاياتالمتحدة، الصين، الهند، وكوريا الشمالية. ورغم تشكيك بعض الدول فى امتلاك كوريا الجنوبية هذه النوعية من الصواريخ، فإنها فى جميع الأحوال ستصل إلى امتلاكها يومًا ما، طالما أنها مستمرة فى إجراء التجارب. وفى الوقت الذى تسعى فيه دول عديدة إلى امتلاك هذه التكنولوجيا الخاصة بهذه النوعية من الصواريخ التى لها محركان، أحدهما يعمل عند انطلاقه من الأرض، والثانى عند الهبوط نحو الهدف من أجل إحداث مزيد من التدمير والتخريب فإن الولاياتالمتحدةوروسيا وقعتا فى عام 1991 اتفاقية تنص على تقليل نسبة الصواريخ العابرة للقارات لدى كل منهما. ومن ثم، كان نتاج السباق المحتد فى التسلح بين الدولتين العظميين، هو حدوث تقدم تكنولوجى كبير فى مجال الفضاء، ومعنى تطور تكنولوجيا الفضاء لدى دولة منهما، فإن القدرة العسكرية والتسليحية أيضًا تتقدم باطراد، وصار لهذا السباق وجهان، وجه سلمى وهو تكنولوجيا الفضاء، والثانى هو الاستخدام العسكرى. لكن، يبقى الرابع من أكتوبر 1957 ، هو التأريخ الحقيقى لسباق غزو الفضاء بين، عندما أطلق الاتحاد السوفيتى القمر الصناعى ليدور حول الأرض فى مدار ثابت، هذا القمر كان هو ،» سبوتنك 1 « الأول من نوعه، وقد سبب ذعرا وقلقا كبيرًا للولايات المتحدة، وأحدث حراكا داخل الدولة الأمريكية، نتج عنه صدور تشريعات وظهور وكالة الفضاء ناسا إلى النور. » ويرنر فون براون « ومثلما كان فى الولاياتالمتحدة العالم الألمانى الأصل، كان فى الاتحاد السوفيتى نظيره، وهو العالم،»7-R« وهو المهندس صاحب تصميم الصاروخ ،» سيرجى كوريف «الذى أطلق القمر الصناعى الأول إلى الفضاء، وفى مرحلة تالية، صمم صاروخًا يمكنه إرسال رواد الفضاء من بنى دولته إلى » كورليف «القمر، وبهذا عرفت روسيا الطريق إلى الفضاء بشكل متسارع، بعد إطلاقها قمرًا صناعيًا للاتصالات، ثم إرسال كلب حى إلى الفضاء. كل ما سبق، أثار جنون الولاياتالمتحدة ومخاوفها فى آن واحد، لتنفق نحو مليار دولار فى سبيل بناء مدرسة جديدة تختص بعلوم الفضاء، وكذلك من أجل توفير القروض للطلبة لإكمال تعليمهم العالى، وسد الثغرات الموجودة فى التعليم المهنى، لتوفير القوة البشرية التى تحتاجها فى مجال الدفاع، وهكذا، حتى عرفت هذه فى عصرنا الحالى. » أزمة سبوتنك « الفورة والرغبة الشديدة باسم وكان نتاج هذه الاستفاقة الأمريكية، إطاق القمر الصناعى 1- ، بعد أربعة أشهر Explorer أو » المستكشف 1 « الأمريكى الأول من إطاق سبوتنك 1، أى فى عام 1958 ، وقد سبق هذا الإطلاق محاولات عديدة فاشلة، سببت حرجا كبيرًا للولايات المتحدة فى هذا السباق، التى كانت تحاول أن تقف على أرضية واحدة من الاتحاد السوفيتى فى هذا السباق. فى بادئ الأمر، اقتصر استخدام الأقمار الصناعية على الأغراض العلمية، فالقمر الصناعى سبوتنك 1 اختص بإعداد تقارير عن كثافة الأيونات فى طبقة الأيونوسفير من الغلاف الجوى، بينما سجل القمر الصناعى الأمريكى المستكشف 1 البيانات التى" فان آلن". أسهمت فى اكتشاف حزامى إشعاع ونواصل رحلة السباق بين الأمريكيين والسوفيين فى مقال آخر.