عم مجدى، رجل سبعينى، يعانى من مرض الروماتيزم ويقيم بمحافظة القاهرة، ويوميًا يذهب إلى الصيدليات المجاورة له لا يجد العقار، وهذا ما دفعه إلى إبلاغ أقاربه فى المحافظات المجاورة حتى يبحثون له عن عقار البنسلين وحتى ولو حقنة واحدة. لم يكن عم مجدى، الوحيد الذى يبحث عن عقار البنسلين بل أن هناك أيضًا محمد الروينى الذى يقيم فى منطقة إمبابة بالجيزة، والذى أكد أيضًا أنه يبحث عن البنسلين طويل المفعول منذ عدة أيام ولم يجده وبعد إحضاره صورة البطاقة وروشتة الطبيب المعالج له وفقًا لتعليمات وزارة الصحة بالمستشفيات إلا أنه فى النهاية لم يجد البنسلين واضطر لإبلاغ أحد الصيادلة ليبحث له أى عبوات من العقار حتى يستطيع مقاومة مضاعفات المرض. أما أم أحمد البالغة من العمر 50 عامًا وتقيم بمحافظة الدقهلية قالت إنها بحثت كثيرًا عن البنسلين طويل المفعول ولم تجده، وهذا ما دفعها للبحث عن مثائله. على الرغم من وعود الحكومة بحل الأزمة إلا أنه مازال مسلسل نقص الدواء مستمرًا، والذى كان آخره اختفاء حقن البنسلين ممتد المفعول، وهو من الأدوية الضرورية للوقاية من الحمى الروماتيزمية للأطفال المصابين بالتهاب اللوزتين المزمن وتصاعدت الأزمة خلال الأسابيع الماضية، واختفى من السوق والصيدليات أيضًا وظهرت سوق سوداء وصل فيها سعر أمبول البنسلين من 9 جنيهات إلى 100و200 جنيه فى السوق السوداء ونشطت خلال الأزمة مافيا السوق السوداء من المهربين وممن خزنوا كميات من البنسلين ليطرحوه فى السوق السوداء فى ظل غياب الرقابة والمواجهة الحاسمة. المحتكرون الكارثة التى تفجرها «الصباح»، أن الأمر لم يتوقف على نقص البنسلين بل شمل النقص فى البدائل الدوائية له أيضًا هكذا بدأ «محمد. ع»، صيدلى يعمل فى إحدى الصيدليات التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، حيث أكد أن أزمة البنسلين مفتعلة لتنشيط السوق السوداء، مفيدًا بأن المشكلة تكمن فى الشركات المسئولة عن توزيع الأدوية فالشركات تنتج الدواء وتسلمه للشركات الموزعة ولا يوجد علاقة مباشرة بين الشركات المنتجة والصيدليات، ويزداد الأمر تعقيدًا بعد استلام الشركات الموزعة الكمية المخصصة لها من الدواء، وبالتالى يتم التحكم فى رتم التوزيع لكل صيدلية ترغب فى الحصول على الدواء مقابل ارتفاع سعره من 9 جنيهات إلى 80 و100جنيه الأمر لم يقتصر على هذا فقط بل قام مالك الصيدلية بتخزين كميات كبيرة من البنسلين لفترة تجاوزت ال3 أشهر حتى وصل سعره إلى150جنيهًا ومن هنا يستطيع التحكم فى سعر الدواء كلما زاد طلب المرضى عليه. الإدارة المركزية من جانبه يكشف الدكتور محمد عز العرب، استشارى أمراض الكبد، ل«الصباح»، أن تكرار أزمات الأدوية مستمرة منذ فترة وبين الحين والآخر تفتعل أزمة، ويفترض أن هناك آليات من قبل الإدارة المركزية للصيدلة وتوقع حدوث أزمات فى نواقص الأدوية قبل وقوعها، لكن هناك قصور كبير فى هذه الآلية مما نتج عنه حدوث نواقص عملية فى سوق الأدوية تعدى 80 صنفًا دوائيًا، وليس 12 صنفًا دوائيًا كما أعلن وزير الصحة. يوضح عز العرب، أنه من الغريب أن وزارة الصحة كانت على علم بهذه المشاكل منذ ثلاثة أشهر، وتم تغيير رئيس مجلس إدارة هذه الشركة، وهو «مدحت. ش»، والذى كون شركة أخرى باسم زوجته وأعطى لها استيراد بنسلين طويل المفعول، لافتًا إلى أن هناك لجنة سافرت من قبل القابضة للصين، وتم توضيح أن هناك مشاكل إدارية ومالية مع شركة أكديما المستوردة وتكنوفارم التى أخذت حق الاستيراد بعدها، ما أدى إلى تخوف المورد الصينى من تصدير أى شحنات من البنسلين، وعندما تدخلت الدولة تم الاتفاق مع المورد الصينى على توريد كمية 2 مليون حقنة بنسلين طويل المفعول خلال شهرين، وهو ما يجرى حاليًا استيراده، وهناك كمية من المنتظر أن تصل دخولها البلاد خلال أيام ما سيؤدى إلى انفراجة كبيرة فى الأزمة، حيث إن استهلاك المرضى الشهرى من البنسلين طويل المفعول 500 ألف جرعة شهريًا. وتوقع انفراج الأزمة خلال شهرين. أسباب نقص الأزمة أما الدكتور على عبدالله مدير مركز الدراسات الدوائية ومكافحة الإدمان قال ل«الصباح»: إن أزمة نقص البنسلين قد أعادتنا إلى المربع صفر وينسف فكرة الأرقام بالنسبة لنواقص الدواء، بمعنى إذا كان الوزير يتفاخر بأن نواقص الدواء 9 فقط فإن دواء واحد مثل البنسلين إدانة واضحة للوزارة ودليل على غياب الرؤية والسياسة الدوائية. وفى سياق متصل انتقد الدكتور مجدى مرشد، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، احتكار شركات الأدوية لتصنيع البنسلين وسوء التوزيع مع عدم وجود رقابة حكومية على الشركات، لافتًا إلى أنه بعد الانتهاء من أزمة البنسلين سندخل فى أزمة جديدة والصيادلة أنفسهم يعلمون ذلك ولن يتم حل مشكلة نقص الدواء فى مصر إلا بإنشاء هيئة دواء مصرية أسوة بباقى الدول.