تخصيص 77.8 مليار جنيه ل«المكافآت».. و54 مليارًا للصحة.. و35 مليارًا ل«التعليم» «المالية» تخفض نفقات الجهات الحكومية على الورق فقط... وتدرج مشروعات «المياه والصرف» فى موازنة «الصحة» 5 لجان قدموا تقارير موافقتهم على الموازنة قبل المهلة المقررة لإرضاء «دعم مصر» نواب «25-30»: الجميع يعلم أن الحكومة تكذب.. ورغم ذلك سيتم تمرير الموازنة غير الدستورية أزمة طاحنة اشتعلت بين البرلمان والحكومة، خلال الأيام الماضية، مع قرب انتهاء المهلة الممنوحة لرؤساء اللجان النوعية فى مجلس النواب، لتقديم تقاريرهم إلى لجنة الخطة والموازنة برئاسة النائب حسين عيسى، حول الموازنة الجديدة للدولة، حيث شن النواب هجومًا حادًا على وزارة المالية، بعدما طالبت الحكومة بخفض مخصصات التعليم والصحة والنقل والتموين والثقافة فى الموازنة، وهو الطلب الذى رفضه عدد كبير من الأعضاء جملة وتفصيلًا. ووسط اعتراضات النواب، يحشد ائتلاف «دعم مصر» برئاسة النائب محمد السويدى، نوابه من أجل تمرير الموازنة، حيث كشفت مصادر برلمانية ل«الصباح»، أن حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة ونائب رئيس الائتلاف، قام بتشكيل لجنة داخل «دعم مصر» لعرض الموازنة الجديدة على نواب الائتلاف، إذ تضم اللجنة خبراء اقتصاد لشرح تفاصيل الموازنة لنواب الائتلاف، حتى يكونوا جاهزين لمعركة تمريرها، قبيل انتهاء دور الانعقاد الثانى للبرلمان قبل 30 يونيو الجارى. وأكدت المصادر أن هناك جدلًا أثاره أعضاء اللجان النوعية تحت القبة، بعدما قدموا تقارير للدكتور على عبد العال رئيس المجلس، يطالبون فيها بحضور وزير المالية لمناقشة الموازنة فى اللجان المختلفة، لعرض متطلبات كل قطاع، خاصة بعدما أثير خفض الحكومة لمخصصات بعض القطاعات، ومنها التعليم والصحة والتموين والنقل والثقافة، واصفين الموازنة ب«الفقيرة»، خاصة أن المالية ضغطت على كل الجهات، من أجل تقليل النفقات، وفى المقابل لا توجد أى استثمارات جديدة تم إدراجها بالموازنة. فيما كشفت مصادر داخل لجنة الصحة بالبرلمان، عن أزمة اشتعلت داخل اللجنة خلال مناقشة الموازنة، وخاصة مخصصات الصحة، حيث وصف النائب أيمن أبوالعلا وكيل اللجنة تلك المخصصات ب«التهريج»، مؤكدًا أن الرعاية الصحية تحتاج إلى أموال كثيرة، وليس ما تم تخصيصه فى الموازنة. وأضافت المصادر أن الحكومة تتحايل على النسب الدستورية للإنفاق على الصحة والتعليم، حيث نص الدستور فى مواده رقم 18 و19 و21 و23، على تخصيص 10 فى المائة من الناتج القومى للبلاد على الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى، بواقع 3 فى المائة للصحة و4 فى المائة للتعليم قبل الجامعى، و2فى المائة للتعليم الجامعى، إضافة إلى 1فى المائة للبحث العلمى. وأوضحت أن الحكومة قررت تخصيص 105 مليارات جنيه لقطاع الصحة على الورق فقط، ينفق منهم فعليًا على القطاع 54 مليارًا، حيث تضمنت موازنة الصحة تخصيص 25 مليار جنيه كفوائد للديون، بجانب اعتمادات الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، بالإضافة إلى ضم ميزانيات المستشفيات الجامعية والمستشفيات التابعة للجيش والشرطة ضمن موازنة القطاع الصحة. ولفتت إلى أن التلاعب الحكومى تضمن أيضًا احتساب النسبة من الناتج المحلى الإجمالى للعام المالى الحالى المقدر ب3.2 تريليون جنيه، وليس من الناتج المحلى المتوقع للعام المالى المقبل بواقع 4 تريليونات و106 مليارات، وهو ما دفع أعضاء لجنة الصحة إلى طرح 5 شروط من أجل الموافقة على الموازنة، أولها حساب نسبة ال3فى المائة التى ألزم الدستور بإنفاقها على الصحة من الناتج المحلى المتوقع للموازنة الجديدة، بالإضافة إلى زيادة مخصصات العلاج على نفقة الدولة فى مشروع الموازنة من 4.2 مليار إلى 8 مليارات جنيه. وأضافت المصادر أن باقى الشروط تمثلت فى تخصيص بند بموازنة قطاع الصحة للإنفاق على البنية التحتية لمستشفيات التأمين الصحى، إضافة إلى زيادة المبالغ المخصصة للمستشفيات الجامعية، وفصل اعتمادات الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى عن موازنة القطاع، وضمها لموازنة قطاع الإسكان، فضلًا عن عدم تحميل موازنة الصحة لفوائد الدين العام، بواقع 7فى المائة. ووصلت الأزمة إلى لجنة التعليم، حيث أعلن الأعضاء عن تقديم استقالات جماعية من اللجنة، اعتراضًا على مخصصات التعليم، فيما أكد النائب جمال شيحة رئيس اللجنة، رفضها للموازنة التى حددتها وزارة المالية للإنفاق على التعليم قبل الجامعى والجامعى والبحث العلمى، موضحًا أن الاستحقاق الدستورى للتعليم يجب أن يستوفى بشكل حقيقى وليس دفترى. وتابع «شيحة» قائلًا: «لو تم حساب النسبة على إجمالى الناتج القومى بواقع 3،5 تريليون جنيه، فإن المستحق للتعليم العالى 3فى المائة أى 68 مليار جنيه، بينما المبلغ المخصص فى الموازنة يبلغ 35 مليار جنيه، أما البحث العلمى فتبلغ مخصصاته 1فى المائة، بواقع 34 مليار جنيه، ولكن المخصص فى الموازنة 3 مليارات فقط، أى أقل من واحد على عشرة بالمائة، لذلك لم يتحقق الاستحقاق الدستورى، ولهذا قررت اللجنة رفض الموازنة حتى يتم استيفاء النسب الدستورية، خاصة أن الحكومة تتعهد بأشياء لا توفى بها، حتى أصبح ما تقوله شيئًا، وما يكتب فى دفاترها شيئًا آخر». وعن أسرار الموازنة، أكد مصدر برلمانى أن نسبة العجز وصلت إلى 370 مليار جنيه، فيما بلغت قيمة فوائد الديون 380 مليارًا، مما دفع الحكومة للجوء إلى ذات الحيلة التى نفذتها فى الموازنة الحالية، من خلال تقليل مخصصات الصحة والتعليم، لافتًا إلى أن بند المكافآت فى الموازنة الجديدة بلغ 77 مليارًا و826 مليون جنيه، بنسبة 32.5فى المائة من إجمالى الأجور التى تقدر ب 239.6 مليار جنيه. وفجر المصدر مفاجأة من العيار الثقيل، كاشفًا أن هناك لجانًا بعينها قدمت تقارير إلى لجنة الخطة بموافقتها على الموازنة، رغم عدم المهلة المخصصة لها للاطلاع عليها، مما دفع بعض النواب إلى وصف ما حدث بأنه «تقديم لفروض الولاء» بناء على تعليمات قيادات ائتلاف «دعم مصر»، ومن بين تلك اللجان، اللجنة الاقتصادية برئاسة النائب عمرو غلاب، ولجنة الدفاع والأمن القومى برئاسة اللواء كمال عامر، واللجنة التشريعية برئاسة المستشار بهاء أبو شقة. وأشار المصدر إلى أن لجنة الثقافة والإعلام والآثار، برئاسة النائب أسامة هيكل، طلبت زيادة مخصصات قطاعات الآثار والثقافة، بعد أن تم تقليصها فى الموازنة الجديدة من 5 ملايين إلى 2 مليون جنيه فقط، كما طالبت لجنة الزراعة والرى بزيادة موازنة وزارتى الزراعة والرى ومركز البحوث الزراعية بهدف تحسين الخدمات المقدمة للفلاح. أما النائب أحمد طنطاوى عضو ائتلاف 25-30، فشن هجومًا حادًا على الحكومة، وحسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة، مؤكدًا أن الحكومة تتحايل على النسب الدستورية بالموازنة، وأن تقاريرها تحتوى على كذب، متابعًا: «نحن كنواب نعلم أن جميع مخصصات الحكومة فى الموزانة غير دستورية، إلا أنه سيتم تمريرها والموافقة عليها، حيث اعتاد مجلس النواب على المخالفات الدستورية واللائحية فى تمرير أى شىء».