عمرو دياب حبس نفسه فى برج عالٍ وصنع جدار من العزلة بينه وبين نجوم الشباب تهكم من قبل على منافسة تامر وحماقى له قائلًا: قالوا كده على إيمان البحر درويش بعد هدوء العواصف تظهر الرؤية أوضح.. وخلال الأيام القليلة الماضية ضربت ساحة الغناء المصرية عاصفة من النوع الضبابى المحمل بالأتربة فراح الجميع يضرب بعضه بعضا فى أزمة حسمت بعد اشتعالها بساعات قليلة، تلك العاصفة التى أحدثتها المثيرة للجدل شيرين عبدالوهاب التى لم تفتح فمها يومًا بتصريحات تجاه زملائها إلا وكانت مثار أحاديث واتهامات وتساؤلات الجميع، فهى فنانة لا تمتلك فن إدارة الحديث أو القدرة على صون لسانها تجاه الآخر، وهى لا تلام على ذلك بالمناسبة، فالأمر عائد إلى مهارة خاصة أو قدرات يمتلكها البعض ويفتقدها البعض الآخر.. خرجت شيرين عن وعيها عندما «لسنت» على عمرو دياب متهكمة عليه قائلة إنه «كبر وعجز» فى اتهام واضح إلى عدم تأثيره فى ساحة الغناء المصرية، وهو اتهام لو تعلمون خطير، فعمرو دياب لا يحتاج لشهادة شيرين بالتأكيد فى تقييمه كأحد أهم نجوم الغناء الذين مروا يومًا على مصر ولا ينكر عليه أحد تربعه بلا منافس على عرش النجومية المصرية لأكثر من ثلاثين عامًا قضاها محتلًا الرقم واحد فى ساحة المنافسة بين أقرانه.. وبعد دقائق من تسريب الفيديو المسيئ لعمرو دياب من حفل زفاف الممثل عمرو يوسف وكندة علوش اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى هجومًا على شيرين عبدالوهاب ولم يدخر «الديابية» جهدًا فى النيل منها ومن تاريخها وحاضرها، وتبرع البعض بنشر مجموعة من الفيديوهات والصور لشيرين قبل الشهرة وبعدها بقليل، وهى تظهر فى أفراح شعبية تغنى وسط دخان الشيشة كحال معظم تلك الأفراح، وفى الوقت ذاته خرج جمهور شيرين عبدالوهاب ومحبيها فى حملة أخرى للدفاع عنها ضد ما أطلقوا عليه «تخاريف محبى الهضبة»، راح كل طرف يكيل للآخر الاتهامات مفندًا أسباب دفاعه عن نجمه المفضل فى وجه طوفان الآخر، وصل الأمر إلى تبادل السباب بين البعض، وما هى إلا ساعات قليلة لتخرج شيرين مقررة إنهاء الأزمة والعاصفة باعتذار مسجل تؤكد فيه احترامها للجميع وعدم نيتها إيذاء أى شخص، وأنها تكن الاحترام للجميع، ولا يمكن أن تنتقص من قدر أحد أيا كان لأنها حسب تعبيرها ترى نفسها أقل الناس على الإطلاق.. وبالفعل هدأت العاصفة ودافع محبوها عنها مؤكدين أنها صاحبة موقف محترم باعتذارها، فالاعتذار من شيم الكبار، كما جاء الاعتذار ليشفى غليل محبى عمرو دياب الذين شعروا أن نجمهم أكبر من الإهانة على يد أى شخص وأنهم قادرون على إعادة حقه كاملًا دون أن يتدخل هو فى الأزمة لا من قريب ولا من بعيد. ربما انتهت العاصفة عند هذا الحد إلا أن ما حدث بسبب تصريح عفوى لمطربة شهيرة فى حفل خاص فتح الأبواب من جديد على فكرة علاقة الأجيال بعضها بعضا، شيرين لها ما لها وعليها ما عليها وأخطأت بالتأكيد عندما وضعت نفسها فى مكان ومكانة ومساحة لا يفضلها الملايين من محبى الفنان الكبير، إلا أن هذا لا ينفى أو يؤثر إيجابًا فى طريقة تعامل عمرو دياب مع الجميع خاصة النجوم الذين يتنافسون معه، نعم المنافسة موجودة وكل مطرب جديد يخرج صوته إلى الجمهور يحصل على نصيب من جمهور كل المطربين الموجودين، فى النهاية نحن مجتمع ثابت، ومستمعو الأغنية لا يزيدون على 50 مليون شخص على أقصى تقدير، وهى الفئة العمرية من 15 إلى 30 عامًا، والذين يفهمون أدوات وموسيقى الجيل الحالى، فبالتالى أى مطرب جديد قادر على زعزعة قواعد المطربين الموجودين، أتذكر حين سئل عمرو دياب فى العام 2005 فى حفل تجديد تعاقده مع شركة روتانا فى فندق الفورسيزونز على لسان صحفى خليجى: ما رأيك فيما يتردد فى مصر أن تامر حسنى ومحمد حماقى ينافسانك ؟ رد دياب ضاحكا «كانوا بيقولوا كده برضه على إيمان البحر درويش» فى إشارة منه إلى أنه الأبقى من الجميع.. ثم عاد لتلطيف الأجواء قائلًا: إحنا بلد ولاده دايما عندنا أصوات جديدة، حماقى أنا بحبه وكان حاضر معايا الشغل فى ألبوم «تملى معاك» عند طارق مدكور، وتامر كمان كويس».. تدارك عمرو دياب إجابته سريعًا كى لا يلومه البعض على نظرته للمطربين الشباب وقتها الذين أصبحوا اليوم منافسين وبقوة على ساحة الغناء المصرية والعربية وربما العالمية أيضًا.. لم يفطن عمرو دياب إلى ضرورة احتضانه لكل المطربين الشباب الذين يأتون من بعده فهذا واجبه لا يمن به على أحد، التاريخ يقول ذلك عبدالوهاب احتضن عبدالحليم حافظ، وكل جيل بيسلم جيل وفقًا لقواعد السوق التى يتناساها عمرو دياب، كان من الأولى بالهضبة أن يكون مظلة خاصة لكل المطربين الشباب يقدم لهم الدعم ويفتح له جلساته ومكتبه للتعلم منه، ليس من بين المطربين الشباب أحد يكره عمرو دياب، وبالمناسبة تامر حسنى نفسه ومحمد حماقى يحبان عمرو دياب ويقدرانه، ولم يكن الفنان الكبير ليلاقى أى مشقة فى احتضان هؤلاء النجوم الشباب، لأن ذلك لم يكن لينتقص من قدره شيئًا، وإنما كان ليزيد محبته وقيمته فى قلب نجوم الجيل الجديد الذين هم فى الأصل من محبيه وجمهوره.. للأسف تسبب عمرو دياب فى تلك الفجوة طوال السنوات الماضية، وها هو يدفع ثمن استقراره فى برجه العالى بعيدًا عن الجميع باتهامه بالعجز لا لكبر سنه أو تخطيه حاجز الخمسين فى حياته، وإنما العجز الناتج عن العزلة التى فرضها على نفسه بعيدًا عن أجيال ظلت طوال حياتها تسمعه وتسمع عنه ولا تراه.. فلا ملامة على شيرين ولا غيرها إن طالت عمرو دياب بإحساس تعيشه مع بقية أبناء جيلها وإن كان قاسيًا عليه.. ولا ملامة أيضا على عمرو دياب لأنه لم يفكر يومًا بهذا المنطق.