العفو الدولية ل«الصباح»: الجنود يستخدمون قاذفات الصواريخ لهدم المنازل على من فيها ما تم كشفه من انتهاكات هو القليل وما يحدث فى «راخين» من بشاعات لا يمكن تصديقه منذ أسبوع مضى وبالتحديد فى الإثنين الموافق 19 ديسمبر 2016 واجهت أونغ سان سو تشى، وزيرة خارجية ميانمار/بورما، والحائزة على جائزة نوبل للسلام، انتقادات قوية فى اجتماع وزراء خارجية جنوب شرق آسيا، حول ما يتعرض له مسلمو «الروهينجا» من اضطهاد من قبل الجيش البورمى طوال الشهرين الماضيين. واتهم مراقبون ومنظمات حقوقية دولية، منها منظمة العفو الدولية، الجيش البورمى بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى حق الأقلية البورمية المسلمة، وهو ما اضطر 27 ألف شخص للهرب إلى بنجلاديش، فيم تصف تقارير أن هناك نحو 130 ألف شخص محرومون من المساعدات الإنسانية الأساسية، وهو ما جعل وزير خارجية ماليزيا يطالب بإجراء تحقيقات مستقلة حول الوضع معيدًا للذاكرة ما حدث العام الماضى عندما راح الآلاف ضحية الجوع، بعدما حاولوا الهرب من الجحيم فى بلادهم. ماليزيا أكدت أن على ميانمار معالجة الأسباب الجذرية لهذه المأساة، فيما صرح رئيس الوزراء الماليزى فى وقت سابق هذا الشهر؛ أن العالم لا يمكن أن يجلس ليشاهد الإبادة الجماعية التى تجرى فى ميانمار، الأمر الذى قابلته نايبيداو، عاصمة جمهورية اتحاد ميانمار، باستدعاء السفير الماليزى للاعتراض على هذه التصريحات كما منعت الماليزيين من السفر إلى أراضيها. رافيندى دجامين، الحقوقى الإندونيسى، ومسئول جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ بمنظمة العفو الدولية، وصف فى تصريحات خاصة ل«الصباح» ما يحدث فى ميانمار بأن «الجيش هناك يستهدف بشكل غير إنسانى المدنيين من أبناء الروهينجا، الأقلية العرقية المسلمة، فيما يمكن وصفه بأنه عنف منهجى، وأن ما يتعرض له نحو 800 ألف روهينجى فى ولاية راخين غربى ميانمار هو بمثابة جريمة ضد الإنسانية، وأن الشهادات التى جمعت طيلة الشهرين الماضيين، واستند إليها تقرير منظمة العفو الدولية بالإضافة إلى الصور والفيديوهات وتحليل صور الأقمار الصناعية أن هناك قتلًا عشوائيًا، وأن الجنود يستخدمون قاذفات الصواريخ لهدم المنازل على من فيها، كما أن هناك أدلة وشهادات عيان على حدوث جرائم اغتصاب». رافيندى أكد ل«الصباح» أن الروهينجا هم «أكثر من يتعرضون للاضطهاد فى العالم» مضيفًا أن «ميانمار التى تخضع بالكامل لسيطرة الحكم العسكرى رغم ادعاءات بإصلاحات شكلية وإجراء انتخابات مزورة قد جردت الأقلية الروهينجية المسلمة من جنسيتهم منذ 1982، ومنعتهم من أملاكهم وأراضيهم وإجراءات أخرى جعلت من أبناء الروهينجا أكثر من يتعرض لمعاناة ونبذ وإذلال بين كل شعوب الأرض». وردًا على سؤال حول هل تعداد أبناء الروهينجا أجاب بأنه «الأمر ليس يقينيًا فما يتعرضون له من قتل وإبادة وما يضطرون له من هرب ولجوء هربًا من الجحيم الذى يعانونه تجعل أى تعداد تقديرى» إلا أنه أكد أن «الأكثر دقة أن هناك نحو 800 ألف فى راخين، بينما هناك نحو 650 ألف لاجئ يتعرض أغلبهم لانتهاكات أيضا فى مخيماتهم فمثلًا فى 2009 أنقذت السلطات الإندونيسية عددًا من اللاجئين الروهينجيين على متن زورق جرفته الأمواج من عرض البحر لتظهر أدلة عن بشاعة ما تعرض له عدد من الروهينجيين الذين حاولوا اللجوء فى فبراير 2009 إلى تايلاند، ولكن الجيش التايلاندى ألقى القبض عليهم، وبعد التعدى عليهم بالضرب والتعذيب قُطرَت زوارقهم الخمسة إلى عرض البحر لتغرق أربعة منها بمن عليها، أما فى بنجلاديش فإن الحكومة هناك تعمل على إعادة الهاربين من الجحيم إلى الجحيم بل وتسلمهم بنفسها إلى السلطات البورمية لتلقى عن كاهلها مهمة تحمل عبء مأساتهم الإنسانية رغم أن الجهود الدولية والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين منذ 2005 تبذل جهودًا قوية ومساعدات جادة إلا أن الحكومة البنجلاديشية تعرقل تلك الجهود وتعوق المساعدات». وفى تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية فى 19 ديسمبر 2016 بعنوان «نحن فى لحظة الانهيار WE ARE AT BREAKING POINT» حصلت «الصباح» على نسخة منه انتهى التقرير إلى أن قوات الأمن والجيش فى ميانمار هى المسئولة عن عمليات القتل غير القانونية وعمليات اغتصاب جماعية وإحراق لمنازل وقرى بأكملها فى حملة العنف المستمرة ضد الروهينجا، والتى ترقى إلى تصنيف «جرائم ضد الإنسانية». التقرير تم بناء على مقابلات مكثفة مع أبناء الروهينجا فى كل من ميانمار ولاجئين فى بنجلاديش، وكذلك تحليل لصور الأقمار الصناعية وصور فوتوغرافية وأفلام فيديو، ويوثق التقرير كيف تم القبض تعسفيًا على عشرات الأشخاص خلال الحملة الأمنية الشرسة لقوات الجيش فى ولاية راخين طيلة الشهرين الماضيين. مسئول جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ بمنظمة العفو الدولية رافيندى دجامين استطرد قائلًا «ما تم كشفه من خلال التقرير هو غيض من فيض لحكايات مروعة عن انتهاكات مستمرة وعنف ممنهج واستخدام للقوة العسكرية بشكل غير مبرر، ولا يمكن تصديقه ضد أطفال ونساء ورجال وأسر بل وقرى بأكملها». وأضاف رافيندى ل«الصباح» أن «الجيش هو المسئول الوحيد والمباشر عن هذه الجرائم والانتهاكات، أما «سان سو تشى» فلم ترق إلى حد المسئولية السياسية والأخلاقية حتى لإدانة ما يحدث فى ولاية راخين». استقصاءات منظمة العفو الدولية للوصول لحقيقة ما يحدث فى راخين منذ 10 أكتوبر الماضى كشفت كيف أن جنودًا دخلوا قرى الروهينجا، الذين يتعرضون لانتهاكات كارثية بالفعل منذ 1978 على يد الجيش البورمى، وأطلقوا النار بشكل عشوائى ليقتلوا أطفالًا ونساء ورجالًا، ورصدت المنظمة جريمة حين سحب الجنود سكانًا خارج منازلهم وقتلوهم بالرصاص بشكل جماعى دون تمييز، ولم تتمكن المنظمة من تحديد العدد الحقيقى للقتلى سواء فى تلك الحادثة أو حوادث أخرى كثيرة مشابهة. وفى حادث آخر يوم 12 نوفمبر قامت طائرتان مروحيتان «هليكوبتر» بإطلاق النار بشكل عشوائى على القرويين المذعورين، وهو ما أسفر عن مقتل عدد كبير لم تستطع المنظمة تحديده، ثم عادت القوات العسكرية فى اليوم التالى، وأضرمت النار فى مئات المنازل فى تلك المنطقة. منظمة العفو التقت عددًا من النساء الذين استطاعوا الهرب بعد تعرضهم لاغتصاب جماعى من قبل الجنود، وهى الشهادات التى أكدها عمال الإغاثة الدولية فى مخيمات اللاجئين فى بنجلاديش من خلال الحالات العديدة لضحايا الاغتصاب الذين استطاعوا الفرار عبر الحدود، ويخضعون للعلاج جراء ما تعرضوا له من بشاعة. إحدى الضحايا واسمها فاطمة وتبلغ من العمر 32 عامًا، واستطاعت الهرب إلى بنجلاديش قالت إن الجيش حين دخل قريتها قام 3 فى زى عسكرى بجرها ثم تنابوا اغتصابها حتى فقدت الوعى، ولم تفق حتى صباح اليوم التالى». لم يكتف عسكريو ميانمار بكل هذا بل إن هناك المئات الحالات لشيوخ وكبار من الروهينجا تعرضوا للاعتقال والاحتجاز التعسفى دون توجيه تهم، وبسبب ما يتعرضون له من تعذيب فإن العفو الدولية رصدت بشكل قاطع 6 أشخاص لقوا حتفهم جراء ما تعرضوا له من تعذيب أثناء احتجازهم بل إن هناك حالات تعرضت لتعذيب بشع أودى بحياة عدد منهم فور اعتقالهم فى منازلهم وأمام ذويهم. كما انتهت منظمة العفو الدولية فى تقريرها إلى التأكد من أن الجيش أحرق أكثر من 1200 منزل منها قرى أحرقت بكاملها، وهناك حالات استخدم الجنود فيها قذائف «آر بى جى» لتدمير المنازل.