وسط إدانات عربية وإسلامية للعنف ضد المسلمين تجاهل دولي لمحنة مسلمي ميانمار ورئيسها يرفض الاعتراف بهم دعا مقرر الأممالمتحدة الخاص بميانمار توماس أوجيا كوينتانا، إلي إجراء تحقيق في الانتهاكات التي ترتكب ضد مسلمي ميانمار، وخاصة مع ورود تقارير حقوقية عن عمليات حرق واغتصاب وإعدام وتعذيب يبلغ عدد مسلمي الروهينجا في راخين نحو 800 ألف نسمة من إجمالي عدد المسلمين الذي يتراوح عددهم في ميانمار ما بين خمسة وثمانية ملايين نسمة لا تزال محنة مسلمي ميانمار (بورما سابقاً) مستمرة منذ شهر مايو الماضي وسط صمت دولي عن أعمال العنف وعن الانتهاكات التي ترتكب في حق المسلمين هناك الذين يعرفون باسم الروهينجا، وهي أقلية عرقية وطائفية تتركز في شمال إقليم راخين ولا تعترف بها السلطات. وعلي الرغم من ارتفاع عدد القتلي من الروهينجا، فقد دعا رئيس ميانمار، ثين سين، إلي إيوائهم في مخيمات لاجئين، وقال "إن الحل الوحيد لأفراد هذه العرقية يقضي بتجميعهم في مخيمات للاجئين أو طردهم من البلد. ليس ممكناً قبول الروهينجا الذين دخلوا بطريقة غير قانونية وهم ليسوا من إثنيتنا". دعوة أممية للتحقيق ومؤخراً دعا مقرر الأممالمتحدة الخاص بميانمار توماس أوجيا كوينتانا، إلي إجراء تحقيق في الانتهاكات التي ترتكب ضد مسلمي ميانمار، وخاصة مع ورود تقارير حقوقية عن عمليات حرق واغتصاب واعدام وتعذيب تقوم بها قوات الأمن، وهو ما يعد عنفا ممنهجا ومنظما من الدولة ضد هذه الأقلية. كما دعا إلي إعادة النظر في قانون المواطنين لعام 1982 الذي يحظر منح الجنسية لأبناء أقلية الروهينجا مما يعرض أبناءها إلي عمليات تمييز ضدهم مستمرة. وتصف السلطات في ميانمار المسلمين هناك بأنهم مستوطنون قدموا من بنجلاديش ولا يتمتعمون بحقوق المواطنة. ويحرمهم قانون عام 1982 من شراء وملكية العقارات، ومن حق التصويت، ومن الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، ومن تقلد الوظائف في الجيش أو في الهيئات الحكومية، هذا بالإضافة إلي حرمانهم من ممارسة أي نشاط سياسي. ويتعرض الروهينجا أيضاً للعديد من القيود علي حرية التنقل والسفر. وفي عام 1988، قامت السلطات بإنشاء ما يسمي "القري النموذجية" في شمالي راخين، كنوع من الاستيطان البوذي في المناطق التي يتركز فيها المسلمون بكثافة. وكانت منظمة العفو الدولية قد اتهمت السلطات في ميانمار وجماعات بوذية بممارسة أعمال تطهير عرقي تشمل القتل والاغتصاب والتعذيب. كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي أعمال العنف في ميانمار التي تتضمن انتهاكات لحقوق الإنسان وحرق المنازل والمساجد والتهجير القسري. كما أشارت المنظمة إلي قيام قوات الأمن في ميانمار بمنع عمال الإغاثة من مساعدة الروهينجا في راخين، وقال براد آدمز، مدير قسم آسيا في المنظمة، "فشلت قوات الأمن في بورما في حماية الراخين (البوذيين) والروهينجا من بعضهم البعض ثم أطلقت حملة عنف واعتقالات جماعية ضد الروهينجا". كما أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، أن مسلمي الروهينجا يتعرضون لعملية تطهير عرقي علي يد قوات الأمن، كما يتعرضون للتمييز بسبب قانون الجنسية الصادر عام 1982 الذي يجردهم من حقوقهم كمواطنين، وقال إن علي حكومة ميانمار الالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. تاريخ من الاضطهاد ويبلغ عدد مسلمي الروهينجا في راخين نحو 800 ألف نسمة من إجمالي عدد المسلمين الذي يتراوح عددهم في ميانمار ما بين خمسة وثمانية ملايين نسمة، ويتعرضون منذ عقود لعمليات اضطهاد. وتاريخياً، أقام مسلمو الروهينجا مملكة بين عامي 1430 و1748 وأسس الملك سليمان شاه هذه المملكة الإسلامية عام 1430 وعقب الاحتلال البريطاني لميانمار عام 1824 وضمها لحكومة الهند البريطانية، بدأت مظاهر الاضطهاد ضد الروهينجا، وقام الاستعمار البريطاني بتحريض البوذيين ضدهم مما تسبب في أكبر مذبحة شهدتها هذه الأقلية عام 1942 والتي راح ضحيتها مائة ألف مسلم. غير أن المحنة الحالية التي يمر بها مسلمو الروهينجا قد بدأت منذ مايو الماضي بعد اتهام ثلاثة رجال من الروهينجا باغتصاب وقتل امرأة بوذية، وتم القبض عليهم والحكم عليهم بالإعدام. وتسبب ذلك الحادث في اشتعال موجة جديدة من الغضب ضدهم تم تصعيدها بشكل سريع. وتسببت أعمال العنف ضد المسلمين في تهجير عشرات الآلاف من منازلهم وهروب نحو 230 ألف شخص عبر الحدود إلي بنجلاديش حيث يعيش نحو 30 ألف شخص في مخيمين تابعين لمفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين بينما يعيش الآخرون خارج المخيمات. ردود أفعال وجاءت معظم ردود الأفعال الغاضبة ضد اضطهاد الروهينجا من الدول العربية والإسلامية في الوقت الذي اكتفي فيه الغرب بإدانة أعمال العنف عبر وسائل الإعلام بينما بقيت المؤسسات الرسمية صامتة. وهذا الصمت إن كان يدل علي شيء فهو يدل علي تناقض المواقف الدولية وهي التي لا تصدر إلا إزاء المناطق التي تكون لها بها مصالح سواء تريد الحفاظ عليها أو تخشي تهديدها. واكتفي الكونجرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب بتمديد الحظر المفروض علي كل صادرات ميانمار إلي الولاياتالمتحدة لمدة عام آخر في سياق زيادة الضغوط علي حكومة يانجون لتحقيق مزيد من الإصلاحات الديمقراطية. من ناحيتها، قامت وزارة الخارجية المصرية السبت الماضي باستدعاء سفير دولة ميانمار لدي القاهرة علي خلفية تعرّض المسلمين في بلاده لاعتداءات وأعمال عنف. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية عمرو رشدي، إنه تم تسليم السفير رسالة عاجلة من وزير الخارجية محمد كامل عمرو إلي نظيره في ميانمار تطالب بالوقف الفوري لأعمال العنف. وقام عدد من المتظاهرين المصريين بالتجمع أمام مبني سفارة ميانمار بالقاهرة وإنزال العلم من فوق السفارة وإحراقه. وفي إندونيسيا، هدد رجل الدين الإسلامي المعتقل، أبو بكر باعشير، بشن حرب ضد ميانمار في حال استمرار العنف ضد المسلمين هناك. وقال الزعيم الروحي للأصولية الإندونيسية عبر أحد مواقع الإنترنت موجهاً كلامه لرئيس دولة ميانمار الجنرال ثين سين"سمعنا بصراخ المسلمين في بلادكم جراء ما يتعرضون له من أفعالكم الشريرة، فقد أخرجتموهم من ديارهم تقتلونهم. فإذا تجاهلتم هذه النداءات فوالله ربي لتشهدن سقوط بلدكم المغرور المتغطرس في أيدي جنودنا المجاهدين". وفي العاصمة الماليزية كوالا لامبور، تمت استضافة الاجتماع الاستشاري الإنساني لمناقشة أزمة الروهينجا بمشاركة جمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتية والهيئة الخيرية الاسلامية العالمية بدولة الكويت بالإضافة إلي نحو 28 منظمة إنسانية غير حكومية من جميع انحاء العالم الإسلامي. وقال مدير إدارة شئون المتبرعين في جمعية الإصلاح الاجتماعي "هذا الاجتماع يأتي لتوحيد جهود المنظمات الإنسانية التي تقوم بجمع المساعدات الإنسانية وتوصيلها للمحتاجين في المناطق التي تضررت جراء أعمال العنف التي وقعت في ميانمار". صمت دولي استنكر زعيم مسلمي إقليم أركان، محمد يونس، الصمت الدولي إزاء ما يحدث في ميانمار، وطالب بضرورة إرسال مراقبين دوليين محايدين إلي ميانمار للتحقق من أعداد القتلي والمفقودين من أبناء مسلمي أركان، وقال "رغم إغلاق بنجلادش حدودها إلا أن أكثر من 20 ألف مسلماً لجئوا إليها في الفترة الأخيرة هربا ًمن أعمال العنف التي يتعرضون إليها ليرتفع عدد اللاجئين بنيجلادش إلي 500 ألف شخص". كما قال الشيخ عبدالله المعروف، وهو أحد زعماء المسلمين في ميانمار، "نحن نتعرض لإبادة وسط صمت دولي، والحكومة غير جادة في إيقاف العنف". وانتقدت صحيفة ديلي تيليجراف البريطانية الناشطة البورمية المعارضة أونج سان سوكي، وهي التي حصلت قبل ذلك علي جائزة نوبل للسلام، بسبب صمتها علي الجرائم الوحشية التي يتعرض لها المسلمون في بلادها. وقالت الصحيفة "إن النشطاء الذين ساندوها في السابق خلال فترة سجنها وعزلتها يتهمونها حالياً بالتزام الصمت حيال أكثر قضايا حقوق الإنسان إلحاحاً في ميانمار اليوم وهي التعامل مع مسلمي الروهينجا الذين وصفتهم الأممالمتحدة بأنهم ينتمون إلي واحدة من أكثر الأقليات تعرضاً للاضطهاد في العالم". وكانت أونج سان سوكي قد تحاشت التعليق علي الأحداث طيلة الشهرين الماضيين.