يبدو أن الإدانات التى تطلقها الدول والجهات الإسلامية المختلفة لم تعد تقدم أو تؤخر، فمازالت محنة مسلمى ميانمار- بورما سابقا- مستمرة حيث تواصل السلطات هناك ممارسة ما وصفته منظمة العفو الدولية بالتطهير العرقى ضد أقلية الروهينجا المسلمة فى ولاية راخين غرب البلاد. واعترفت المنظمة فى تقرير نشر الأسبوع الماضى، بعد صمت طويل من جانبها، بأن المسلمين فى ولاية راخين- أراكان سابقا- يتعرضون لانتهاكات خطيرة، تشمل القتل والاغتصاب والتنكيل وتدمير الممتلكات وهجمات واحتجازات عشوائية، على يد قوات الأمن البورمية والأغلبية البوذية وتحت سمع وبصر السلطات التى لا تعترف بمواطنة الروهينجا المسلمين وتقول إنهم مستوطنون استقدمهم المستعمرون الإنجليز من بنجلاديش المجاورة للعمل فى الزراعة. وبالرغم من نفى المتحدث الحكومى باسم ولاية راخين «وين مييانج» اتهامات العفو الدولية، إلا أن ما يؤكدها هو تصريح رئيس ميانمار ثين سين خلال لقائه مع المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أنتونيو جوتيريس بأن «الحل الوحيد المتاح لأفراد الروهينجا يقضى بتجميعهم فى مخيمات للاجئين أو طردهم من البلاد» حيث قال إنه «ليس ممكنا قبول الروهينجا الذين دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية وليسوا من أثنيتنا»، وهو ما يخالف الحقائق التاريخية التى تظهر ان الروهينجا كانوا موجودين خلال القرون الماضية على أرض ميانمار قبل مجىء البريطانيين . وتتراوح أعداد المسلمين فى تلك الدولة الواقعة جنوب شرق آسيا والمعروفين باسم الروهينجا ما بين 5-8 ملايين نسمة أى أنهم يشكلون نحو 15% من سكان البلاد البالغ عددهم أكثر من 50 مليون نسمة، ويتركز وجودهم فى شمال إقليم راخين وتعتبرهم الأممالمتحدة إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد فى العالم. وتعود الاعتداءات الحالية على مسلمى بورما إلى أواخر مايو الماضى بعد اتهامهم بالوقوف وراء حادثة اغتصاب وقتل امرأة بوذية حيث اعتقلت الشرطة ثلاثة منهم وتبع ذلك موجة عنف ضدهم أسفرت حتى الآن عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 90 ألف آخرين، إضافة إلى حرق آلاف المنازل والمساجد، وفرار مئات الآلاف منهم إلى بنجلاديش. ولكن عمليات العنف والتطهير ضد مسلمى بورما ليست وليدة اليوم فقد بدأت هذه الممارسات ضدهم منذ الاحتلال البوذى لإقليمهم واستمرت فى عهد الاستعمار البريطانى وبعد أن نالت ميانمار استقلالها عن بريطانيا فى عام 1948، تعرض الروهينجا لأبشع أنواع القمع والذى بلغ مداه بموجب قانون الجنسية الصادر عام 1982 والذى ينص على تجريد الروهينجا ظلما من حقوقهم فى المواطنة. ويبقى السؤال: إلى متى ستظل مأساة المسلمين فى ميانمار، وإذا كانت الدول الغربية ظلت لسنوات طويلة تفرض عقوبات اقتصادية على ذلك البلد الآسيوى لسجله السيئ فى مجال الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان ولم تقبل بتخفيفها إلا مؤخرا بعد شروع ميانمار فى تنفيذ بعض الإصلاحات الديمقراطية، ألم يكن من الأحرى لها الآن تشديد العقوبات بسبب ما يحدث هناك من انتهاكات صارخة فى حق المسلمين أم أن هذا الأمر لا يتعلق بحقوق الإنسان؟!