على طريقة التخلص من النمل بتجميعه حول العسل، تنصب الشركة القابضة لكهرباء مصر فخًا لأصحاب الضمائر اليقظة، بتعميمها منشورًا يحث الموظفين على الإبلاغ عن أى وقائع فساد يرصدونها، ومن ثم وبدلًا من التحقيق فيما يقدمونه من مستندات، تعاقبهم بخصومات وجزاءات من شأنها ردع كل من تسول له نفسه الشكوى من الفساد داخل القطاع الحكومى، وهو ما رصدته «الصباح» بالتفاصيل على مدار شهرين مضيا. ففى سبتمبر الماضى، أصدرت الشركة القابضة لكهرباء مصر منشورًا تحت اسم «سياسات الإبلاغ عن الممارسات غير المشروعة وحماية المبلغ»، ووزعته على الشركات ال16 التابعة لها، وحصلت «الصباح» على صورة منه، وجاء فيه أن الهدف من إصداره هو توفير وسيلة اتصال آمنة للعاملين كى يمكنهم التبليغ عن وقائع الفساد أو المخالفات أو الأخطاء التى ترتكب داخل الشركة القابضة والشركات التابعة لها، وأيضًا حماية العامل عند إبلاغه عن أى من المخالفات، حتى لا يتم مجازاته أو اضطهاده، عقابًا له على كشف الفساد أو إظهار المخالفات، وأن المنشور الغرض الأساسى منه هو تشجيع العاملين لإبلاغ المسئولين فى حين توافر عنصر الثقة بينهم، ووجود مستندات تثبت وجود مخالفات بالفعل. المنشور عرض الخطوات التى يجب اتباعها من قبل العاملين لتقديم شكوى أو الإبلاغ عن فساد أو مخالفات، وأيضًا وسائل الاتصال المتاحة لذلك، لكن مصادر مطلعة داخل وزارة الكهرباء كشفت ل«الصباح» أن هذا المنشور مجرد فخ لاصطياد المعارضين داخل الوزارة والشركات، وما لديهم من مستندات تثبت وقائع الفساد والمخالفات، ومن ثم التخلص من الذين يكشفون فساد قيادات القطاع. وبحسب المصادر، فإنه فى الفترة الأخيرة نشر عدد من العاملين داخل عدة شركات كهرباء وقائع فساد موثقة بمستندات ومخالفات مالية وإدارية لبعض القيادات داخل الوزارة والشركات، ما اضطر المسئولين بالشركة القابضة إلى اللجوء لهذه الحيلة لتصفية المعارضين، وأيضًا تخويف باقى العاملين من تقديم أى شكاوى أو نشر أى وقائع فساد. من جانبها، رصدت «الصباح» 3 وقائع لاضطهاد قيادات وزارة الكهرباء للعاملين الذين يتقدمون بشكاوى وينشرون وقائع الفساد والمخالفات التى تحدث داخل شركاتهم، وأولى تلك الوقائع بطلها هانى كامل، الموظف بشركة كهرباء جنوبالقاهرة، الذى عوقب بخصم يومين من راتبه، بحجة خروجه على مقتضى اللياقة، واقتحامه مكتب مدير عام شبكات القلعة دون استئذان، والتحدث معه بطريقة غير لائقة، ووافق رئيس قطاعات شبكات توزيع القاهرة على مجازاته. ولم يمر أسبوع حتى وقع عليه المهندس حسام عفيفى، رئيس الشركة، جزاء بالحرمان من العلاوة، بحجة نشر شكاوى تسىء إلى العمل والعاملين وإلى قيادات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعى. الواقعة الثانية كشف عنها القرار التنفيذى الذى أصدرته شركة جنوب الدلتا لتوزيع الكهرباء برقم 1125 بتاريخ 10 سبتمبر، بمجازاة خالد خاطر، فنى أول بشبكات كهرباء المنوفية، بخصم يوم من راتبه، بحجة أنه لم يسلك المسلك اللائق وأنه أساء استخدام الحق فى الشكوى بأن خرج عن إطارها القانونى وأورد بها ادِّعاءات وأوصاف تسىء للمسئولين ونظام العمل، على نحو يهدد الكرامة بالإهدار وأعمالهم بالتشهير والإساءة. أما ثالث هذه الوقائع، فحدثت عندما أصدر رئيس شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء السابق، القرار رقم 332 الذى يتضمن مجازاة كل من محمد مصطفى بخصم 5 أيام من راتبه، وزوجته المحاسبة رحاب فوزى بخصم 3 أيام من راتبها، بادِّعاء قيام الأول بنشر مستندات خاصة بجهة عمله دون ترخيص من السلطة المختصة.