السلطة التنفيذية تسيطر على باقى السلطات وتحرم الأجهزة الرقابية من استقلاليتها تقارير الأجهزة الرقابية لا تُفعَّل.. ولابد من إلغاء كلمتى «سرى» و«سرى للغاية» من عليها أكد عاصم عبدالمعطى رئيس المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد، ووكيل أول أسبق بالجهاز المركزى للمحاسبات، أن عدم التوازن بين السلطات الثلاثة وهيمنة السلطة التنفيذية على باقى السلطات، هما السبب الرئيسى وراء تزايد مؤشرات الفساد فى مصر، خاصة فى ظل غياب للتشريعات الرادعة للمفسدين، موضحًا فى حوار ل«الصباح»، أن خطوات مكافحة الفساد التى ينادى بها الرئيس، لا تتناسب مع النمو لدى المفسدين. بداية.. ما هى أسباب ارتفاع معدلات الفساد فى مصر؟ - الحقيقة أن الأساس فى مكافحة الفساد هو وجود توازن بين السلطات، يترتب عليه رقابة متبادلة من السلطات الثلاث على بعضها البعض، لكن فى مصر هناك هيمنة وسيطرة من السلطة التنفيذية على باقى السلطات، مما تسبب فى محدودية الرقابة، وكذلك وجود إضعاف متعمد من السلطة التنفيذية للأجهزة الرقابية، نتيجة حرمان هذه الأجهزة من الاستقلالية فى عملها، بصور وأشكال مختلفة، وبالتالى فإن تقاريرها لا تفعل. إذا هناك محاولات للسيطرة على الأجهزة الرقابية من قِبل السلطة التنفيذية؟ - بالفعل.. وأحد أهم مظاهر ذلك عدم استقلالية رؤساء الأجهزة الرقابية، وولاؤهم إلى السلطة التى قامت بتعيينه، وفى جميع الأحوال تكون السلطة التنفيذية، ما يتطلب توجهًا حقيقيًا من الحكومة المصرية والدولة نحو إيجاد توازن بين السلطات، لتحقيق الهدف الأسمى وهو تفعيل الرقابة. .. وماذا عن التشريعات المنظمة لعمليات مكافحة الفساد؟ - التشريعات الموجودة لمكافحة الفساد، بعد ثورتين، هى فى الحقيقة مقننة للفساد، فمنذ ما يقارب 6 سنوات من ثورة يناير، لا نرى حتى الآن فاسدا تم تجريمه بموجب هذه التشريعات، فهناك ثغرات يستند إليها هؤلاء الفسدة، ولم تستطع الدولة الحصول على حقها المسلوب، بالإضافة إلى عدم جدية الحكومة فى إصدار قوانين يترتب عليها الحد من الفساد، وأهمها قانون حماية الشهود والمبلغين، ما تربت عليه التنكيل بكل من يبلغ ويشهد على الفساد، بالإضافة إلى قانون حرية تداول المعلومات الذى يتيح للجميع التعرف على مدركات الفساد والتقارير الرقابية والتشريعات وغيرها. من الجانب الآخر.. هل هناك تأثير للفساد على سمعة مصر فى الخارج وعلى الاقتصاد المصرى؟ - إن الفساد يقتطع من الموازنة العامة للدولة بشكل يزيد على المستويات المتعارف عليها لدى الدول الأخرى، فهناك توغل للمفسدين فى جميع قطاعات الدولة، وعدم وجود جدية من الحكومات لمواجهة هذا الفساد، والاكتفاء بالمكافحة الشفوية والشو الإعلامى، دون الأخذ بالمعايير الدولية مما ترتب عليه تأخر مصر فى مدركات الفساد، وبالتالى فذلك يؤثر على سمعة مصر، ويترتب عليه هروب المستثمرين الجادين وعدم دخولهم السوق المصرية، وأيضًا هروب رأس المال المحلى للخارج، لاعتبارهم أن تكلفة الفساد تفوق معظم بنود تكاليف الجدوى الاقتصادية لهذه المشروعات المتعلقة بالمستثمرين. وماذا عن توجهات الرئيس لمواجهة الفساد بالدولة؟ - نرى الآن أن الرئيس دائمًا منذ توليه منصب الرئاسة ينادى بمكافحة الفساد، مدركًا خطورته على الاقتصاد والسياسة والتنمية فى مصر، وتلاحظ الآونة الأخيرة وضعه فى مقام الإرهاب الواجب الاهتمام بهما معًا، إلا أن الخطوات الجادة للمسئولين فى هذا المضمار خطوات بطيئة لا تتناسب مع النمو لدى المفسدين الذين يملكون من الوسائل والخبرات والتكنولوجيا ما يفوق المكافحة البدائية للسلطات فى هذا المجال، وهو ما أظهره فساد عمليات توريد القمح هذا العام، وعدم معاقبة المفسدين. لكن ما الحل فى مواجهة تزايد مؤشرات الفساد فى مصر؟ - لابد فى البداية من تفعيل مواد الدستور المصرى باستقلالية حقيقية للأجهزة الرقابية فى مصر، تشمل أسلوب تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية وتفعيل تقاريرها، وإلغاء كلمتى «سرى»، و«سرى للغاية»، من أعلى تقارير هذه الأجهزة، وزيادة وعى المواطن بأن ما يؤخذ من دخله بموجب الفساد كان من الواجب تخصيصه لزيادة الإنفاق على التعليم والصحة، وتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين.