تسجيل منسوب للأسقف يدعو المسيحيين للتصويت ل"فى حب مصر "يفتح باب الهجوم على الكنيسة أسقف طنطا مدافعًا: لم أوجه أحدًا لانتخاب مرشح معين.. والكنيسة دائمًا على الحياد نائب بالبرلمان:دعاية مضادة تستهدف الفتنة بين الأقباط ومؤسساتهم الدينية هانى رمسيس: العلمانيون هم الأولى بالتوعية السياسية.. وينبغى إقصاء رجال الدين عن السياسة رغم إعلان الكنيسة أكثر من مرة على لسان قائدها، البابا تواضروس الثانى، بأنها تقف على مسافة واحدة من كل الأحزاب والمرشحين فى الانتخابات البرلمانية، وأنها لا توجه أبنائها لصالح اتجاه معين دون سواه، إلا أننا نجد بعض القيادات الدينية المسيحية، التى تتغاضى عن ذلك بدعمها لتيارات دون أخرى، فيتم استقبال مرشحين بعينهم فى الكنائس، مما يضع علامات استفهام كثيرة على الدور السياسى للكنيسة. وقبيل المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية المقرر لها النصف الثانى من نوفمبر تداول العديد من نشطاء الأقباط على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك تسجيلًا صوتيًا للأنبا بولا أسقف طنطا - موضحين أنه تسريب - يوضح توجيه نيافته للحاضرين للتصويت إلى قائمة «فى حب مصر»، ومرشحى حزب «المصريين الأحرار». جاء التسجيل الصوتى الذى نشره الناشط القبطى رامى كامل، رئيس مؤسسة ماسبيرو لحقوق الإنسان، على حسابه الخاص بموقع فيس بوك جزءًا من محاضرة للأنبا بولا فى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة. ويوضح التسجيل توجيهًا صريحًا من الأنبا بولا لخدام وكهنة الكنيسة الحاضرين للندوة لدعم قائمة فى حب مصر داعيًا إلى اتفاق الكنائس التى تجمعها منطقة معينة على مرشحى الفردى لتوحيد الأصوات وتجنب الإعادة وتفتيت الأصوات على حد قوله. وعن دعم الأنبا بولا للقائمة فقد جاء تعقيبًا على مداخلة لأحد الحضور، بشأن القوائم التى تتضمن أقباطًا، ورفض الشباب القبطى لبعض الشخصيات المرشحين على قائمة «فى حب مصر»، قال الأنبا بولا، إن قائمة «فى حب مصر» هى التى تواصلت مع الكنيسة منذ أول يوم، «قلت لهم بلاش فلان يخش فى القائمة، لكنهم أصروا عليه، دون ذكر أسماء»، مضيفًا : «لا نريد أن يؤثر الانترنت سلبيًا على الشباب ويزرع بداخلهم الإحباطات نحو المشاركة فى الانتخابات، وأن على الكنيسة أن توجه من لا يعرف أن يختار، ويكون الاختيار جماعيًا»، شارحًا بعض الأساليب التى تتبعها الكنيسة فى توعية شعبها سواء باستمارات لتعريفهم طريقة الانتخاب أو شرح أهمية الانتخابات والمرشحين الموجودين وغيرها. وأشار بولا إلى ضرورة النظر إلى القوانين فى البرلمان المقبل والتعديلات الدستورية، قائلًا : «لو لينا جزء، أطمن إن مفيش واحد سلفى يقول حاجة، ولازم نشتغل على كده، وبلاش نرجع للسلبية بتاعة الماضى». وقال إن الدستور الحالى غير مسبوق ومميز للأقباط، مشيرًا إلى تغير المناخ لصالح الأقباط فى السنوات الخمس الأخيرة، بقوله: «المناخ اللى قبل كده كان بيحاول يسيب الحبل لأسباب معينة، وكان متعاطفًا معنا ظاهريًا، وعمليًا لا يعطينا حاجة، أما المناخ الحالى فيؤكد فاعلية وسيطرة الدستور، فيوم ما الكنيسة اتفقت على مشروع قانون انتخاب البطريرك، وأرسل للرئاسة، على طول صدر». بينما رفض إدانة بعض الشخصيات المرشحة على قائمة «فى حب مصر»، باعتبار أن دورهم كان سياسيًا فى مذبحة «ماسبيرو»، ولم يتورطوا فى الدماء. وعن ضم القوائم لشخصيات من الحزب الوطنى المنحل قال : «أى نظام فى أى مرحلة من المراحل بيدور على أفضل ناس فى المجتمع ويضمهم ليه، الشخص ده إيه ذنبه أنه طلع لقى الحزب الوطنى صاحب الشهرة والصيت؟.. فكيف أصب الويلات على شخص انتمى لحزب معين بسبب اجتهاده؟!». وأضاف: «نحن نشجب من نشعر فى ذاته تعصبًا ضد الأقباط». وأردف بولا : «اللى مش عارف يسأل والكنيسة دائمًا جاهزة بالردود»، مضيفًا أن من يتاجر الآن بلجنة المواطنة متسلط، فتلك اللجنة كان لها دور فى مرحلة معينة، ولكن تم حلها الآن. من جانبه، قال رامى كامل، رئيس مؤسسة شباب ماسبيرو، إن التسجيل دليل دامغ على تدخل الكنيسة فى السياسة، خاصة أن تلك الندوة تمت فى 29 أكتوبر، أى فى فترة الصمت الانتخابى للجولة الثانية من الانتخابات، متعجبًا من يقولون أن رأى الأنبا بولا شخصى ولا يمثل الكنيسة بقوله: «قائمة فى حب مصر حصلت على أصوات الأقباط فى كل الدوائر بالمرحلة الأولى، فكيف يكون للكل نفس التوجه دون حشد من قياداتهم الدينية؟ لذلك فعلى الأقل لو لم يكن هناك حشد لاختلفت النسب فى الدوائر، وبرز تباين توجهات الشعب». وأضاف أن رجال الدين يخدعون الشعب بقولهم أنهم يقفون على الحياد فى حين أنهم يوجهون لصالح أشخاص بعينهم. على الجانب الآخر، أكد المحامى هانى رمسيس صحة ما جاء من تصريحات بالتسجيل المتداول، مستنكرًا إدخال الأنبا بولا لنفسه فى هذه المهاترات السياسية، معتبرًا ذلك نوعًا من إقحام الكنيسة فى الشأن السياسى. وأضاف: «كان من الأفضل أن يهتم نيافته بشعب ايبارشيته ومسئولياته الضخمة نحو إيبارشية كبيرة مثل طنطا»، مؤكدًا أنه لا غضاضة فى أن ينظم الأسقف مثل تلك الندوات التثقيفية داخل إيبارشيته تحت بند توعية الرعية، ولكن ليس كما يفعل الأنبا بولا، ويلف على الإيبارشيات الأخرى معتبرًا هذا «أمر غير منطقى». واعتبر رمسيس مثل تلك التصرفات من جانب رجال الدين ليس خطأ دينيًا بقدر ما هو خطأ ثقافى واجتماعى توارثناه عبر سنوات. وطالب رجال الدين بالوقوف على الحياد مع كافة التيارات وأن يقيم الكل يالإيجابيات والسلبيات، ولا يقوم بالتوجيه لناحية معينة، مؤكدًا ضرورة أن يخرج الشعب من مرحلة الاتكال والتوجيه إلى الاختيار والتفكير. وقال رمسيس إنه يجب إقصاء رجال الدين عن السياسة، وأنه إذا وجب توعية الناس فعلى العلمانيين والشباب فى الكنيسة القيام بذلك، وإلا يتم ذلك على منبر الكنيسة. وقال مجدى ملك، عضو مجلس النواب الحالى الفائز على قائمة «فى حب مصر» بالمرحلة الأولى، إن نشر مثل هذا التسجيل فى الوقت الحالى ليس إلا دعاية مضادة للوقيعة بين الشعب ومؤسساته الدينية، نافيًا تدخل الكنيسة بأى شكل من الأشكال فى الانتخابات، سواء فى اختيار المرشحين للقوائم أو دعوة الشعب لاختيار قائمة «فى حب مصر». وحاولت «الصباح» التواصل مع القس بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الأرثوذكسية، للتعليق على التسجيل المنسوب ل«الأنبا بولا» لكنه لم يجب. أما الأنبا بولا نفسه فنفى صدور تلك التصريحات عنه، قائلًا إن كل الندوات والمؤتمرات التى أقامها خلال الفترة الماضية كانت تتضمن التوعية بأهمية مشاركة الأقباط فى الانتخابات والابتعاد عن السلبية والحديث عن مكاسب الأقباط من الدستور وأهمية البرلمان المقبل، نافيًا بشدة ما تداول عن توجيهه للشعب القبطى للتصويت لشخص أو قائمة بعينها. وقال: «حينما يسألنى أحد عن مرشح معين أقول له شوف أفعاله وقيم مبادئه بنفسك واختار الأصلح، وموضوع أنى بأوجه ده غير منطقى وخال من الصحة، وليس لى مساحة لقول ذلك، فالكنيسة دائمًا تؤكد أنها على الحياد مع الكل».