*«الزراعة».. تملك 15 فدانًا من "الإصلاح الزراعى" بنصف مليون جنيه والهيئة ترد: شكلنا لجنة لبحث 4 ملفات لعدد من المسئولين *«الكهرباء».. 15 ألف جنيه لإدخال عداد كهرباء فى مبنى مخالف والوزارة ترد: نضرب بيدٍ من حديد على المخالفين *«الإسكان».. ترخيص بناء 10 أدوار بالمخالفة ب 3 آلاف جنيه والوزارة ترد: غير مسئولين عن تراخيص الأبنية المخالفة *«الصحة».. قرار العلاج على نفقة الدولة ب 1000 جنيه فى عيادة طبيب والوزارة ترد: سنطبق خاصية «التيلى ميدسين»دون الانتقال من المناطق النائية يعانى المصريون دائمًا من الروتين الذى أصاب مؤسسات الدولة بالسكتة الإدارية، التى تدفع ضعاف النفوس من موظفى الدولة بتعذيب المواطنين فى طوابير الطلبات الحكومية خاصة فى الأجهزة الخدمية المتعلقة بحياة المصريين اليومية، إلا وأنه بحسب المقولة المصرية الشهيرة (كل حاجة ولها سكة) تتم الصعوبات بدفع رشاوى لتسهيل الأمور والخدمات التى من المفترض أن موظفيها يتلقون رواتبهم من ضرائب وأموال الغلابة.فى هذا التحقيق تكشف «الصباح» حجم الفساد والرشاوى التى وصلت لها المؤسسات الحكومية والأجهزة التنفيذية، من خلال مغامرات موثقة بالصوت والصورة لمحررى الجريدة داخل مرافق الكهرباء والزراعة والصحة والمحليات والوظائف، والحصول على كل التسهيلات بدفع أموال للموظفين المعروفين بتلقيهم رشاوى لتسهيل كل أمر باطل، لتضع أمام الحكومة السؤال الصعب، أين أنتم من مكافحة الفساد ومكافحة الرشاوى؟. وما ذنب المواطن الذى يموت فى طوابير مصالحكم الرسمية لأنه شريف ولا يدفع تلك الرشاوى.فهل واجهت يومًا صعوبة لإنهاء إجراءات أوراق رسمية، أو اكتشفت وجود فساد فى مسابقات تابعة للدولة، أو تحايلت على القانون لإنهاء إجراءات قطعة أرض وتمليكها، وإدخال عداد الكهرباء بمبنى مخالف، أو بناء «برج» بالمخالفة للقانون؟، ربما لم تفعل ذلك سابقًا، ولكنها حقائق موجودة على أرض الواقع. 50 ألف جنيه لتملك فدان من الإصلاح الزراعى أرض تبلغ مساحتها 15 فدانًا تخضع لملكية الهيئة العامة الإصلاح الزراعى، التابعة لوزارة الزراعة، بعد شرائها بثمن زهيد من قبل عدد من الفلاحين والمزارعين، بسعر يصل إلى 50 ألف جنيه للفدان، تقع بإحدى قرى محافظة سوهاج، بدائرة الدويرات. فى محاولة لتملكها، وإنهاء ملكيتها لهيئة الإصلاح الزراعى، كان لابد من دفع مبالغ عالية جدًا، للهيئة بصورة رسمية، للحصول على العقود، ولكن كان هناك طريقًا آخر للحصول على عقد ملكية هذه الأراضى، بتكلفة أقل، ولكن بطريق ملتوٍ، وهو رشوة أحد موظفى هيئة الإصلاح للحصول على عقد الملكية. البداية كانت بالاتصال بوسيط، ذى علاقة وطيدة به، حتى تكون هناك ثقة بين الطرفين، والتأكد من مصداقية «محرر الجريدة» بالنسبة لموظف «الهيئة»، الذى يتولى منصبًا إداريًا يمكن وصفه بالمهم والحساس، وهو فى إدارة الملكية والحيازة، هذا «الوسيط» نجح فى إيصالى بالموظف، ليتم تحديد موعد للتعرف على الموضوع كاملًا، والاتفاق على المبلغ الذى يأخذه الموظف لتخليص هذه «المهمة» الشاقة. تم تحديد المكان والزمان، المكان كان ب«قهوة المرتشين» بالدقى على الجانب المقابل لوزارة الزراعة، والزمان كان بعد صلاة العشاء، وكانت شروطه عدم إحضار أى وسيلة إلكترونية سواء هاتفا أو «كمبيوتر محمول»، حتى قلمًا، تحسبًا منه لتوريطه والتسجيل له، وعقب لقائه قام بالتأكد من عدم امتلاكى أى وسيلة للتسجيل، أو التصوير. فى الميعاد الأول، اعتذر الموظف على لقاء «محرر الجريدة»، وتجاهل الوقت المحدد، مبررًا ذلك تعرضه لظروف خاصة، منعته عن الحضور، وتم تحديد موعد آخر للقاء، وبالاتصال ب«الوسيط» برر لى ذلك برغبة هذا الموظف فى التأكد من صدق النوايا وعدم التلاعب به، وبالفعل تم تحديد موعد آخر للقاء. عقب اللقاء، الذى تم فى مكان وزمان مختلفين، من «قهوة المرتشين» ل«شارع جامعة القاهرة»، فى وضح النهار، سردت له القصة كاملة، وسعر الأرض بعد التمليك وقبلها، وكان الاتفاق على تجهيز نصف مليون جنيه، بعد التفاوض على تقاضى مبلغ 50 ألفًا لكل فدان، أى 750 ألفًا على قيمة الأرض كاملة، والتسليم يكون بعد الانتهاء من تحويل ملكية الأراضى من الهيئة لى، وحضر «الوسيط» اللقاء، وطلب 100 ألف جنيه، لتوسطه فى «تخليص» الموضوع، وخاصة أن الأرض ستكون قيمتها عالية جدًا عقب تقنين أوضاعها، والحصول على عقد ملكيتها. فى اليوم التالى، اتصل الوسيط بمحرر الجريدة، وطلب منه الأوراق الخاصة بالأرض وموقعها، وكل المعلومات التى امتلكها حول هذه الأرض، للبدء فى العمل، وقال لى «الراجل قال لى إن الموضوع دا هياخد وقت كبير، يعنى مش بين يوم وليلة علشان يكون عنده خلفية»، أجابه محرر الجريدة «أنا خلاص صرفت نظر عن الموضوع علشان المبلغ كبير، وشركائى رفضوا توفير المبلغ، بذلك انتهى الموضوع، ولم أطلب الوسيط أو الموظف بعدها. واجه محرر الجريدة، هيئة الإصلاح الزراعى، بتلك الواقعة وقبول موظفين رشاوى لتسهيل الأمور، فقال رضوان الهنداوى، رئيس هيئة الإصلاح الزراعى، إنه تم تشكيل لجنة بناءً على طلب وزير الزراعة الدكتور صلاح هلال، لمتابعة وبحث 4 ملفات لعدد من الموظفين والمسئولين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى وهيئة التعمير، وخاصة بعد القبض على رئيس الإدارة المركزية لحماية الأراضى لتلقيه رشوة مقابل توسطه للاعتداء على أراضٍ زراعية، مؤكدًا على أن هناك مجموعة من الشروط التى يتم من خلالها تقنين وضع اليد أو تحويلها من هيئة الإصلاح للمواطنين، وأن هيئتى الإصلاح والتعمير تحتويان على مكتبين للجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية، وتم القبض على أكثر من 32 موظفًا بالهيئتين المذكورتين خلال العامين 2014 و2015 متلبسين بتلقى رشاوى لتسهيل التعدى على الأراضى. 15 ألف جنيه لإدخال عداد كهرباء فى مبنى مخالف بحذر شديد قررت محررة «الصباح» أن تدخل لأحد العاملين داخل شركة الكهرباء، بعد أن وصفه لها معظم المتعاملين معه من سكان مناطق المعادى وحلوان بأنه «حلال العقد»، فهو معروف ومتمرس فى إدخال العدادات المخالفة بمقابل مادى لسكان مثل هذه المناطق والمناطق المجاورة، إلا أننا فى بادئ الأمر لم نصدق حقيقة ما يفعله هذا الموظف، فهو له طابع خاص وبعض السمات المميزة له، أهمها أنه لا يستقبل العملاء فى مكان عمله، بل يفضل أن يذهب هو لهم حيث يسكنون. «ن. س» موظف بسيط بإحدى شركات الكهرباء داخل القاهرة الكبرى، بالفعل تقابلنا وتجاذبنا أطراف الحديث بعد أن أحضره لى أحد سكان المنطقة على اعتبار أن لدى مشكلة فى العقار الذى أسكن فيه فلا يوجد به عداد رسمى للكهرباء، وأبحث عن أى طريقة من شأنها أن تسهل أو تُعجل دخول الكهرباء إلى العقار، وفى منتصف الحديث تقدم بعرض من الطراز الأول، حيث عرض علىّ دفع مبلغ 15 ألف جنيه، من أجل دخول عداد رسمى بعد أن أوضحت له أن العقار موجود ضمن مجموعة أبراج على الكورنيش بين المعادى وحلوان. فظهرت على وجهه ملامح تفيد بأنه يعرف كل شىء، واختلفت حروفه قليلًا ثم قال: «يا مدام كل العمارات والأبراج اللى بتطلع لازم تدفع تسهيلات علشان يدخلها المرافق بتاعتها، خصوصًا الأبراج والفيلات والأماكن المعروف عن أصحابها أنهم مقتدرون للدفع، ثم أضاف أن سبب عدم دخول الكهرباء الرسمية إلى الآن هو عدم دفع هذه التسهيلات من البداية، وأضاف أن المبلغ المطلوب لن يأخذه هو بمفرده بل سيتم دفع نسبة كبيرة منه لعدة أفراد حتى يتمكن من السيطرة على الأمر لحين دخول الكهرباء بشكل فعلى. بالبحث وجدت «الصباح» أن هناك العديد من الحالات ليس فقط فى هذه المنطقة أو من هذا الرجل بعينه، فهناك «ص. ع» القاطن بمنطقة بولاق الدكرور، والذى أوضح أنه هو ومعظم أهل منطقته من أهل الحى والأحياء المجاورة، يجدون معاناة كبيرة فى إدخال الكهرباء للعقارات على الرغم من أن معظمها مرخص وغير مخالف، إلا أن الإجراءات قد تكون مقحفة بعض الشىء، فسلموا أمرهم لله وقدموا على عدادات الممارسة التى يدفع المواطن عنها مبلغ 600 جنيه كل 3 أشهر تقريبًا وأثناء تقديمهم على تلك العدادات وقع فى أيديهم بمحض الصدفة رجل من داخل إحدى شركات الكهرباء وعدهم أن يتدخل لإنهاء مشكلات عقاراتهم مقابل 10 آلاف جنيه من كل شقة، وعلى الرغم من ارتفاع المبلغ بعض الشىء بالنسبة لسكان المنطقة إلا أن معظمهم وافق وينتظرون موافقة الباقى أهالى العقارات. واجهت محررة الجريدة ما حدث معها من قبل الموظف المرتشى بمصدر مسئول بوزارة الكهرباء، وكان الرد «أن الوزارة تضرب بيدٍ من حديد على يد جميع من يخالف ضميره ويخون مهنته، وتتخذ قرارات حاسمة بشأن هؤلاء الموظفين حيال معرفتها بأى منهما على الفور، كما أنها تطلب من المواطنين ألا ينساقوا وراء هذه الطرق الملتوية حتى لا يقعوا هم أيضًا تحت طائلة القانون». 3 آلاف جنيه لترخيص بناء 10 أدوار مخالفة للقانون مجمع المصالح الحكومية برئاسة حى الجيزة، هو المكان المسئول عن استخراج تراخيص بناء بمحافظة الجيزة، محررة «الصباح» حرصت على الحصول على ترخيص كمواطنة ميسورة الحال لبناء 10 أدوار بمنطقة الجيزة، حتى وصلت للموظف المسئول «ع. ف» المسئول عن إصدار التراخيص والذى تسبقه سمعته قبل كل شىء ومعروفًا عنه بطلب الرشاوى لتسهيل التراخيص، يطلقون عليه الرجل الخدوم الذى لا يرد طلبًا لأحد ولكن بمقابل.، يقف أمامه طابور من المواطنين الذين يريدون الحصول على تراخيص بناء بمنطقة الجيزة، حيث وقفت محررة الجريدة فى طابور السيدات، وكلما جاء رجل أو سيدة تبدو عليهم ملامح الثراء كان يقوم موظف التراخيص بالاستئذان لمدة خمس دقائق، وحينها قالت إحدى السيدات التى كانت منتظرة فى الطابور منذ ساعة تقريبًا «زبائن العربيات وليس الطابور». وعندما جاءت دور محررة «الصباح» عقب مرور ما يقرب من ساعة، طلبت من الموظف الحصول على ترخيص بناء 10 أدوار فاستفسر عن موقع أرض العقار الذى سيتم فيه البناء، وأجابته بأنه قائم بمنطقة الطوابق فى حى فيصل التابع لمحافظة الجيزة فحينها طلب منها أن يطلع على أوراق ملكية الأرض، وطلبت أن يخرج معها إلى الخارج وبالفعل لم يتردد لحظة فى رفض الطلب، وطلب خروج محررة «الصباح» أولًا ثم عقب مرور ما يقرب من خمس دقائق خرج موظف التراخيص خلفها وحينها تحدثت معه أنها تريد تراخيص لبناء 10 أدوار، ومن المفترض أن العقار لا يتعدى 5 طوابق فقط وفقًا للقانون، ولكن حينها ألمحت المحررة أنها جاءت له من طرف صديق قديم قام قبل ذلك بتخليص تراخيص بناء أدوار مخالفة، وعندما تأكد الموظف من هوية الشخص، ابتسم قائلًا «طب ليه وقفتى فى الطابور ده الباشا على راسنا ولو عايزة تراخيص بأكثر من 10 أدوار عنيا»، وطلب تجهيز مبلغ 3 آلاف جنيه نظير إعطائها ترخيص بناء ال10 أدوار المخالفة بدون حتى أن يرى أوراق ملكية الأرض أو ما يدل على أن محررة «الصباح» سوف تقوم بالبناء على أرض غير مخصصة للدولة أو ما شبه ذلك، وأكد لها أنه لا داعى أن تأتى مرة أخرى إلى الحى حتى لا تلفت الأنظار على الرغم من أن كل من يأتون إليه لإنهاء أوراق تراخيص البناء يعلمون أنه يعطى تراخيص بناء مدفوعة بالرشوى. محررة الجريدة واجهت وزارة الاسكان والتعمير بما تم، وعلقت وفاء بكرى المستشارة الإعلامية لوزير الإسكان والتعمير الدكتور مصطفى مدبولى، أن إعطاء تراخيص بناء مخالفة ليست لها علاقة بوزارة الإسكان، وأن ذلك من اختصاص التنمية المحلية وليس بوزارة الإسكان، وليس لهم أى دور بهذا الأمر ولا حتى دور الرقابة فمن يصدر تراخيص بناء مخالف تراقب عليه التنمية المحلية. 1000 جنيه للعلاج على نفقة الدولة فى معهد القلب يكفل القانون والدستور للمواطن المصرى حق العلاج على نفقة الدولة مهما كانت حجم العملية أو الخدمة التى يحتاجها المريض، وذلك بناء على عدة إجراءات يتم اتباعها فى أى مستشفى عام، وعلى الرغم من ذلك إلا أن الروتين الحكومى، وتعنت بعض الأطباء والمسئولين فى المستشفيات الحكومية يعوقون هذا القانون، خاصة بعد أن قام محرر الجريدة بزيارة معهد القلب القومى بإمبابة، وهو الوحيد فى مصر الذى يعالج مرضى القلب ويقوم بإجراء عمليات القلب المفتوح، لنتعرف على بعض الإجراءات التى يتم اتخاذها لعمل عملية جراحية على نفقة الدولة، والذى جاء الرد عليه بأنه يحتاج للجنة ثلاثية حكومية، لكن بعض المرضى الذى التقى بهم المحرر أمام المعهد القومى للقلب بإمبابة الذين يترددون على المعهد يوميًا من أجل السماح لهم بالحصول على تقرير العلاج على نفقة الدولة، ويفترشون الأرض أمام المعهد من عناء السفر يوميًا، ووصل الأمر إلى أن جاء أحد أقارب المرضى بسيارة ربع نقل وقام بفرشها والنوم فيها أمام المعهد. « أبو أحمد»، رجل أربعينى، زوج مريضة يتم علاجها بنفقة الدولة، والذى يجلس على رصيف المعهد نصح محرر الجريدة بالذهاب إلى طبيب قلب مشهور فى المنصورة يدعى «ه. ش»، وهو يعمل استشارى بالمعهد القومى للكبد بإمبابة، ولديه عيادة خاصة فى المنصورة، قيمة تذكرة الكشف فى عيادته 150 جنيهًا، وعليه المتابعة عنده لمدة 6 شهور، ليقوم بتسهيل إجراءات قرار العلاج على نفقة الدولة، منوهًا بأنه قد فعل ذلك بعد إصابة زوجته منذ عام بمرض فى القلب وهو «الشريان التاجى»، وتردد على المعهد أكثر من مرة، وكل مرة يؤكد له الأطباء أن يقوم بإجراء إشاعات والكشف من جديد ثم يقولون له «تعالى بعد شهر» واصفًا تلك الرحلات للمعهد بالمرهقة جدًا، خاصة أنه يصطحب زوجته من محافظة الدقهلية، إلا أن الطبيب «ه. ش» قام بإنهاء تقرير العلاج على نفقة الدولة الخاصة بزوجته، وأقنع زملاءه فى المعهد بأن يتم الموافقة على قرار العلاج لزوجته المريضة، وبعد ذلك أجرت زوجته العملية، وهو الآن فى المعهد لمتابعة حالتها بعد العملية، مشيرًا إلى أن هذا الطبيب وفر علينا صعابًا كثيرة، حيث إن هناك المئات من المواطنين يأتون إلى هنا يوميًا من أجل الكشف على أقاربهم المرضى لموافقة الأطباء على التصريح لهم بقرار على نفقة الدولة وإجراء العمليات، الخاصة بهم، مشيرًا «لو أننا لم نعرفه لانتظرنا هنا لمدة سنة من أجل إجراء العملية».