عرض عسكرى ب50 سيارة دفع رباعى تحمل علم «داعش» فى شوارع المدينة الجمعة الماضى مسلحو «مجلس شورى شباب الإسلام يجوبون «درنة» حاملين الرشاشات ومنصات القذائف الصاروخية فى خطوة خطيرة، تعد مؤشرًا على ما تتعرض له مصر من جهة ليبيا، فوّض تنظيم «داعش» الإرهابى أبو حبيب السعودى فى منصب «والى» مدينة درنة الليبية الواقعة شرق بنى غازى، بعد اختفاء يوسف بن طاهر، وهى القريبة من الحدود المصرية، والتى تعنى سيطرة «داعش» عليها أن مصر باتت مهددة فى أمنها القومى. وكانت «الصباح» انفردت فى عددها الصادر فى منتصف سبتمبر الماضى، بأن «داعش» نقل 300 من عناصره إلى ليبيا بقيادة مهدى حراكى، وبالتنسيق مع كل من محمد المهدى، وناصر عمران، وهما قياديان ليبيان فى كتائب «فجر ليبيا»، وإن هذه المجموعات وصلت إلى «درنة» فى الشمال الشرقى للبلاد، ما يشكل مصدر خطورة على الحدود المصرية، خاصة بعد تأكيد مصادر ليبية أن عناصر التنظيم التى عادت من سوريا إلى ليبيا قد انضمت إلى ما يسمى ب«مجلس شورى شباب الإسلام» مطلع الشهر الجارى. ويضم «مجلس شورى شباب الإسلام» حسب تأكيد الناشطين الليبيين نحو 10 آلاف عنصر منهم ما يقرب من 500 عنصر عائدون من سوريا الشهر الماضى، وهو يعد أحد فصائل تنظيم «القاعدة» فى ليبيا، الذى كان يتزعمه يوسف بن طاهر، والذى قبض عليه أثناء زيارته لمدينة بنى غازى مؤخرًا من جهة غير معلومة حتى الآن، ويخضع هذا «المجلس» لتنظيم «أنصار الشريعة» الذى يقوده محمد الزهاوى، فضلا عن «كتيبة البتار» التى تعد أحد أركان التنظيم. وكشفت المصادر من الداخل الليبى رفضت ذكر اسمها نظرًا لخطورة الأوضاع هناك، عن أن أبو حبيب السعودى والذى دخل إلى ليبيا منتصف سبتمبر الماضى عن طريق تركيا مع المجموعة التى جاءت من سوريا هو حلقة الوصل بين هذه التنظيمات المسلحة، وهو مبعوث أبو بكر البغدادى إلى ليبيا لإعلان درنة «إمارة إسلامية» تابعة لتنظيم «داعش». وأكدت المصادر أن «السعودى» كان يتردد على ليبيا فى فترات سابقة، وكان يستقبله عبد الحكيم بلحاج، إلا أنه لم يكن كثير الظهور فى التجمعات العامة، وقد أسس «السعودى» ما يسمى «الحرس البلدى» الذى يقوم بدور الشرطة فى المدينة، فضلا عن العروض العسكرية التى قدمتها تلك العناصر بسيارات الدفع الرباعى والتى بلغت نحو 50 سيارة فى شوارع المدينة يوم الجمعة الماضى، حاملة علم «داعش»، وهى الخطوة التى تعد بمثابة إعلان رسمى من قبل هذه الميليشيات بمبايعة أبو بكر البغدادى «خليفة» مزعومًا للمسلمين، علمًا بأن التنظيم كان له العديد من عناصره داخل ليبيا خلال الفترات الماضية. العرض العسكرى الذى قدمه شباب «مجلس شورى الإسلام» لم يكن الأول نوعه فى المدينة، حيث قامت تلك المجموعات بعرض عسكرى آخر فى أبريل الماضى فى شوارع «درنة» مرتدين زيًا عسكريًا وحاملين أسلحة آلية ومنصات إطلاق قذائف صاروخية، وزعموا أنهم سيشكلون قوات الأمن الجديدة فى المدينة ل«تطبيق الشريعة الإسلامية». وفى شهر مايو الماضى بدأ أعضاء التنظيم فى تنظيم دوريات أمنية فى الشوارع، كما قاموا بتطبيق الحسبة والحدود، وفى شهر يونيو أصدروا بيانًا أعلنوا فيه تأييدهم تنظيم «داعش» وزعيمه «البغدادى». وقال الناطق الرسمى باسم الهيئة العامة لرئاسة أركان الجيش الليبى، العقيد أحمد أبو زيد المسمارى، فى تصريح صحفى له الأسبوع الماضى: إن العرض العسكرى الذى نفذته الميليشيات المتطرفة فى مدينة درنة التى تعتبر المعقل الرئيسى للجماعات الإرهابية فى شرق البلاد، عرض مستفز للجيش الوطنى الليبى ولليبيين وأيضًا للمجتمع الدولى، وأن المسلحين يبحثون بذلك العرض عن مأوى لهم خاصة فيما يتعلق بعملية التمويل. وكان تنظيم «القاعدة» أقام إمارة إسلامية فى «درنة» بقيادة عبد الكريم الحصادى، وهو معتقل سابق فى سجن «جوانتانامو» التابع للجيش الأمريكى فى كوبا، وبمعونة مساعد «الحصادى» المقيم فى مدينة البيضاء ويدعى خير الله برعاصى. من جانبه، قال أحد المؤرخين والباحثين السياسيين فى ليبيا، رفض الكشف عن اسمه: إن الوضع فى درنة يشكل خطورة كبيرة خاصة وأن هذه المدينة تضم نحو 200 ألف من السكان أغلبيتهم يرفضون التيارات المتطرفة وهم ينتمون لعدة قبائل أبرزها «العبيدات» و«البراعصة». وأضاف المصدر أن سيطرة ما يسمى ب«مجلس شورى شباب الإسلام» على المدينة يعود إلى طبيعتها الجغرافية الوعرة، حيث إنها تقع فى وسط الجبال شمال شرق ليبيا ما يجعلها مقصدًا لكل الميليشيات المتطرفة، موضحًا أن العناصر التى تسيطر على المدينة معظمهم من جنسيات مختلفة، من أفغانستانوالعراق، ومنهم بعض المتطرفين الذين خرجوا فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى إلى سوريا ثم عادوا عن طريق تركيا إلى ليبيا. وأكد المصدر أن التمويل التركى القطرى- السودانى هو الذى يقف وراء قوة تلك التنظيمات؛ حيث إن تعدادها لم يكن بالكثير فى بداية الأمر لكنها نجحت فى ضم العديد من الأنصار، موضحًا أن العتاد وقوة الأسلحة والسيارات التى يمتلكونها تفرض قوة كبيرة لا يستطيع المدنيين مقاومتها بأى حال من الأحوال. وأوضحت مصادر من «درنة» نفسها أن التشكيل الموجود فى المدينة يضم العديد من الجنسيات، ومنهم مصريون وتوانسة ويمنيون، مشيرًا إلى أن جميع التيارات التكفيرية الموجودة فى المدينة تنهج نهجًا واحدًا قريبًا من نهج «داعش» وهو ما يشكل الخطورة الأكبر على البلاد خلال المرحلة المقبلة. وذكرت المصادر أن التنظيم أنشأ «مكاتب الاستتابة» بدلا من المجالس المحلية، وعليه يتوجب أن يذهب كل مواطن إلى المكتب ليعلن توبته ويسجل بياناته، كما أنشأ محكمة شرعية يترأسها عنصر يلقب ب«أبو أيمن السعودى». من جهته، أوضح «الجهادى» المنشق صبرة القاسمى، أن درنة أصبحت تضم نحو 10 آلاف مقاتل من مختلف الجنسيات، وأنهم أعلنوا فعليًا مبايعتهم لتنظيم «داعش» الإرهابى، مؤكدا أن هذه العناصر أصبحت تشكل خطورة كبيرة على الحدود المصرية، نظرًا لوجود مصريين فى صفوف التنظيم، وأنهم يسعون لعبور الحدود بأى وسيلة. وخلال الفترة الماضية نُشرت عدة تقارير إعلامية مفادها أن تركيا متورطة فى دعم تنظيم «داعش»، وكشف فيديو جديد بثه التنظيم الأسبوع الماضى عن وجود شراكة أمريكية فى تدريب هذه العناصر فى العراق، حيث أظهر الفيديو عناصر التنظيم أثناء التدريب على القتال واستخدام الأسلحة الأمريكية. وبلغت مدة الفيديو 6 دقائق وظهر فيه نحو 150 «جهاديًا» فى مخيم بشمال العراق، يضم خياما أمريكية الصنع وأسلحة كلاشينكوف AK-47s وآر بى جى RPG وأسلحة رشاشة بى كاى PK، كانوا قد استولوا عليها من الجيش العراقى عام 2012. ويقول اللواء طلعت مسلم الخبير العسكرى: إن وجود ما يسمى بتنظيم «داعش» فى ليبيا، أصبح يشكل خطرًا كبيرًا على الحدود المصرية، خاصة أن مدينة «درنة» تعد منطقة مأوى لهذه العناصر نظرًا لطبيعتها الجبلية، والتى تشكل خطورة فى عمليات المواجهة وتمكن عناصر التنظيم من الاختباء وسط الزراعات والمساحات الجبلية، كما أنها تتميز بمصادر الثروة الكبيرة، حيث يوجد بها العديد من آبار البترول، وهو ما يعنى توافر مصدر لتمويل هذه العناصر. ويضيف مسلم أن وجود عناصر إرهابية جديدة بجانب العناصر الموجودة حاليا فى ليبيا، يجعل المشكلة تتفاقم وتزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، وبالتالى يجب التوصل إلى معلومات دقيقة عن عددهم وأماكن تواجدهم واتخاذ الإجراءات اللازمة بمعرفة مصر بالتعاون مع السلطات الليبية للقضاء عليهم قضاء مبرمًا. ويؤكد مسلم ضرورة القضاء على التنظيم «الداعشى» لسببين، الأول هو منع التدخل الأمريكى فى ليبيا، والذى يهدف إلى إقامة قاعدة أمريكية هناك، ما يشكل خطورة كبيرة على مصر والقارة الإفريقية والمنطقة بأكملها، والسبب الثانى هو منع التوغل «الداعشى» فى دول الجوار. وفى سياق متصل، يقول اللواء حسام سويلم: إن هذه المجموعات تنتمى إلى جماعة الإخوان و«أنصار بيت المقدس» وبعض العناصر المتطرفة من ليبيا، مشيرا إلى أن عددهم لا يتجاوز 1500 وأن تسليحهم «محدود».
ويوضح سويلم أن هذه العناصر يمكن القضاء عليها بسهولة، معللا ذلك بهروبهم أثناء توجيه إحدى الطائرات التابعة للواء خليفة حفتر ضربات جوية لهم، وهو الأمر الذى كشف عن قلة تسليحهم الثقيل، ما يجعل دحرهم مسألة وقت، حيث ستتمكن ليبيا عاجلا أو آجلا من القضاء على هؤلاء المتطرفين.