-العاطلون والعاقرات والعوانس أبرز الزبائن.. وتسعيرة الزيارة 50 جنيهًا ! -يزعمون أنهم قادرون على رؤية الشياطين وفك الأعمال..ودجال سمالوط تخصص كشف أماكن المخطوفين ! -حركة الأصابع والأذرع أثناء جلوسك مع الدجالين معناها أن الشيطان بداخلك -المحرر أوحى ل «المنجم » أنه يعانى من أزمة نفسية فرد قائ لً: «اصمت سيحدثك الرب الآن عن الصالح ! جاء فى الحديث الشريف «كذب المنجمون ولو صدقوا»، وفى سفر الأحبار بالإنجيل «لا تلتفتوا إلى مستحضرى الأرواح ولا تقصدوا العرافين، فتتنجسوا بهم». وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك من يمارسون هذه الأعمال مستغلين جهل البسطاء، وهو ما دفع مراسل «الصباح» بالمنيا لخوض مغامرة صحفية ليكشف كذب وخداع هؤلاء الدجالين. بدأت المغامرة التى استغرقت 20 يومًا بالتقرب إلى أشخاص ليتوسطوا لى لدى العرافين، وأقنعتهم أننى فى أزمة نفسية واجتماعية ملخصها أننى أعمل تاجر أخشاب وتعرضت لأزمة مالية كبيرة، فكانت الإجابة أن الحل فى أحد الأشخاص الذى وهبه الله «موهبة التنبؤ» وهو يقيم فى مركز «بنى مزار». وفى اليوم التالى توجهنا إلى لقاء المنجم فى منزله على أطراف مدينة «بنى مزار»، وفتح لنا الباب شاب فى الأربعين من عمرة قصير نحيف خفيف الشعر، ويرتدى نظارة طبية ويبتسم فى وجه كل من يقابله، جلسنا فى الصالون وبدأ صاحبى حديثه معه لمعرفة آخر المستجدات، ثم قال له: إن صديقى (أنا) لديه مشكلة ويحتاج إلى الوصول إلى الحل الصحيح. وبدأ «العراف» يوجه الحديث لى، فحكيت له المشكلة كما ادعيت، وأفهمته أننى أعزب وأرغب فى الزواج من فتاة بعينها، وأثناء حديثى معه كان يدقق فى بعض الكلمات ويجعلنى أحكى خلفيات كثيرة لتجارتى، وكيف بدأت؟ وكيف تسير؟ وما مخاطرها وفوائدها؟، ثم قال لى «اصمت سيحدثك الرب الآن عن الصالح»! وخفف ضوء الغرفة لجعلها مظلمة قليلا، ووقف أمامى وطلب منى وضع يدى اليمنى ملاصقة ليده اليسرى، وكانت يده الأخرى فوق رأسى، وقال: «إنه إذا تحرك ذراعى وأصابعى فإن الشيطان يكون بداخلى، وإذا لم تتحرك فلا يوجد شياطين». ثم بدأ يتحدث بكلمات غير مفهومة، وكأنها لغة خاصة، وهو لا يعلم أننى أسجل له، وبعدها شرع يقول إنها «أوراق جديدة يا ولدى أرتبها لك، وهى أوراق ملونة ذهبية وجميلة ورائعة لا تخطر لك على بال، وأيضًا أوراق قديمة تم تأخيرها أو تم نسيانها، والرب سيدفع جميع هذه الأوراق مع بعضها لإنهائها فى وقت واحد، ورأيتك فى ذهول مما كان يفعله الله من أجلك». وأضاف: «ويقول لك الرب إن هذه الأوراق كانت يجب أن تكون فى متناول يدك منذ فترة من الزمن، ولكن العدو أعاقها، لذلك فأنت مشتت الذهن وبك ضيق شديد وحزن أشد، وكانت الدنيا سوداء أمام عينيك ولم تشعر بوجود أى انفراجة أو فرح، وأرى أن فى داخلك يأس، ولكن الرب أعطاك الأمل.. انتهى الكلام»! وبعد ذلك قال «العراف» إنه علم أن بداخلى «مسا شيطانيا» ولابد من الاستحمام بمياه معينة، وأعطانى زجاجة مملوءة بالماء لاستخدامها لمدة 3 أيام متواصلة، واستأذنا للانصراف، وقام زميلى بإعطائه 50 جنيهًا فأخذها على استحياء، وانصرفنا وقال زميلى إن «الرجل لا يقبل أن يأخذ أى أموال نظير ما يفعله ولكننا نقوم بذلك لمساعدته على التفرغ لهذا العمل، وعدم احتياجه للانشغال بعمل آخر يمنعه عن التنبؤ». وتكررت زيارتى ل«العراف» نفسه فى الأسبوع التالى، ولكنى كنت منفردا، وأفهمته أننى أرغب فى معرفة قدرى ومستقبلى بصورة أكثر وضوحًا، لكنه كرر ذات العبارات والعادات التى قام بها من قبل ثم قال: «الرب يقول لك إنه يوجد أمر يؤلمك، وهناك مجموعة من الشياطين تعرقل هذا الأمر وبدءوا يزاحمونك حتى تمكنوا من إزاحتك من المشهد نهائيًا، ولكن الله يريدك أن تبتعد عن هذا الأمر وجاءت سحابة من النار على المكان الذى به الشياطين وأحرقت كل هذه الشياطين للانتقام لك، ونظفت المكان، لكى ترجع مرة أخرى للإنسانة التى كنت تريد الارتباط بها». وانتهى الحديث، وانتظر هو أن أقوم بإعطائه أى مبلغ مالى عند خروجى، إلا أننى رفضت وأفهمته أننى لا أملك مالا الآن، وطلبت منه تحديد موعد جديد فاعتذر بعد شعوره أنه لا يستفيد من ضيافتى! وفى اليوم التالى توجهنا إلى «المتنبئ» الثانى الذى رشحه لى زميلى بمدينة المنيا، وكأن العبارات والتصرفات هى لمدرسة واحدة مع بعض الاختلافات، فهو شخص لا يعمل، ولا مهنة له سوى الجلوس بمنزله فى انتظار «المغفلين» من أمثالى! بدأ الرجل حديثه معى بنفس العبارات غير المفهومة، كما فعل سابقه، ثم قال إن «الرب يقول لك إنه إله المستحيلات، والغير مستطاع لديك هو مستطاع لديه، وأنه يرى أن لى نفسًا فى منزلى تتألم، وهو والدى، رغم أن والدى توفى منذ 3 أعوام! وأشار إلى أنه «يرى الأرواح الشيطانية تحاصرنى فى المنزل، ولكن الله سيجعلك تمتلك معاملات مالية كبيرة وأرصدة فى البنوك»، ثم طلب منا أن نشترى بعض المشتريات لزوم الأمر، لأنه لا يستطيع إيجادها ما دفع زميلى لإعطائه 30 جنيها ثمنًا لهذه الأشياء المزعومة، معتذرًا له بعدم استطاعته الشراء لضيق الوقت بشكل مهذب، ثم خرجنا ولم نعد! من جانبه، قال مصدر كنسى من مدينة بنى مزار، رفض ذكر اسمه، إن «هذا المتنبئ ظهر منذ سنوات وادعى أنه أعزب من الإسكندرية، وهو فى الحقيقة متزوج ولديه طفلة وزوجته منفصلة عنه بسبب سوء سلوكه، وهو لا ينتمى إلى أى كنيسة أرثوذكسية أو كاثوليكية، بل دائمًا ما يسعى لإيقاع الكثير من ضحاياه، وهو صادر ضده أحكام قضائية تخص نفقة زوجته». وأكد المصدر وهو راعى كنيسة شهير أن «إحدى السيدات اعترفت له أن هذا الشخص حاول إقناعها بمعاشرتها جنسيًا، لكى يزيح عنها أحد الأرواح الشريرة التى تسكن جسدها وتتسبب فى مشكلات زوجية متكررة لها، إلا أنها رفضت ذلك وطردته خارج منزلها». وأضاف المصدر أن «الشخص الآخر والمقيم فى المنيا يمارس بعض العادات المرفوضة كنسيا، وليس لديه أى رصيد دينى يسمح له بهذه الموهبة المزعومة، بل إنه لا يعمل أى شىء سوى انتظار الضحايا فى منزله وعادة ما يكونوا شبابًا أو سيدات، ويروى لهم قصصًا وخيالات تقنعهم ببراعته فى التنبؤ بالغيب الذى لا يعلمه إلا الله». وأشار المصدر إلى أنه يوجد شخص آخر بمدينة «سمالوط» اشتهر أيضًا بممارسة التنجيم، ومع ازدياد حالات الخطف فى محافظة المنيا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، ذاع صيته وبدأ الأهالى فى اللجوء إليه لمعرفة أخبار ذويهم المختفين، وكان أشهر هذه الحالات حالة سيدة «جبل الطير» عقب اختفائها، وقد قال الرجل لأسرتها: إن أحد الأشخاص من مدينة «نجع حمادى» قام بخطفها، بل قال إن اسمه «أحمد»، وفور عودة السيدة اتضح أن كل حديثه كذب. من جهته، قال القس يوساب عزت أستاذ القانون الكنسى والدين المقارن بالكلية الإكليريكية بالمنيا: إن «صناعة السحر أو الشعوذة هى المحاولات التى تهدف إلى تسخير القوى الخارقة للطبيعة عن طريق الطقوس أو التقنيات السحرية ومنها التعاويذ، الرقى، العقاقير، جرعات الدواء، اللعنات، الحلى، إلى آخره». وأوضح عزت أن «تعاليم الإنجيل تدين مثل هذه التصرفات الخاصة بالتنجيم والتنبؤ فى كل من العهدين القديم والجديد، بمنتهى الوضوح، ولكن بعض البسطاء لا ينظرون إلى الأساليب والوسائل التى يتم اتباعها لحل مشكلاتهم، وإنما كل ما يشغل بالهم هو تحقيق نتائج إيجابية، فالبعض لا يبالى بالتعرف على القوى التى يلجأ إليها العرافون الذين تعلموا بعض الطقوس والتعاويذ، والتى يعتقدون أنها تستدعى القوى الخارقة الطبيعة لتحقيق بعض الآمال المرجوة، إنهم لا يعبئون بماهية هذه القوى ما داموا يؤمنون أنها قد تعمل صالحهم، نظرًا لحالات نفسية يعيشونها بصرف النظر عن ماهية هذه القوى التى يؤمن بها البعض جهلا منهم». ولفت أستاذ القانون الكنسى إلى أن «البعض قد يزعم أن ممارسة السحر والشعوذة ليست خطأ فى حد ذاتها، وأنها خطأ فقط إذا استخدمت لإلحاق الضرر بالآخرين، لكننا نرى أن كل ممارسات الشعوذة والتنجيم هى خاطئة، بغض النظر عن الهدف المقصود منها، لأنها كلها تأتى من مصادر خاطئة، إن مصدر القوة المبتغاة هو الذى يجعلها خطأ فى حد ذاتها، بصرف النظر عن كيفية استعمال هذه القوة، لأنها تبحث عن الخلاص بعيدًا عن الرب». وقال عزت إن الدجل والشعوذة يرجع إلى العصور البدائية، وكان السحرة سواء رجالً أونساء، يتسمون بالوسامة، كثيرآ ما تمت استشارتهم من قبل العامة بغرض وصول السائل إلى هدف منشود، وليس لصب اللعنات على الآخرين فقط.