الأبراج وقراءة الفنجان.. هل للجان دور في ذلك؟ الأبراج "تزول الأزمة المالية بإذن الله في شهر مارس 2014،وسوف تربح مكافأة مادية في نهاية شهر يونيو، وربما تواجه بعض الصعوبات المادية في منتصف أكتوبر"، هذا مانراه في نهاية كل عام، تمتلئ رفوف المكتبات بكتب الأبراج. تستضيف وسائل الإعلام الإلكترونية والمسموعة والمرئيّة، من يُصنّفون في خانة "المنجّمين"، يخبرونا بمستقبلنا لنعيش في أوهام ننتظرها سنوات مما قد يصبنا بالإحباط ، ولا ننظر لقوله تعالى " قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ"، أو لتلك المقولة الصائبة "كذب المنجمون ولو صدقوا". كيف يعلمون أخبارنا: يعد الحديث عن الأبراج والفنجان وغيره من الأمور المتعلقة بالمستقبل، من أكثر الأشياء التي تثير جدلا بين الأجيال المتعاقبة، وذلك لأن بعض ما يقوله المنجم يحدث بالفعل أو أجزاء منه، والناس في ذلك متحيرين. وللحقيقة، ليس ما يقوله المنجم أو الكاهن أو قارئ الفنجان، إلا توقعات مبنية على معلومات من الماضي معتمدة على ذكاء المنجم في تركيب صورة متناسقة مع الماضي أو مناسبة لما يلحظه من حاجة القادم إليه ليتبع هواه ما يسمعه حول مستقبله. روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير،ُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ. ويوضح الحديث الأخير أن المنجمين يعقدون صفقتهم الخاسرة تلك مع بعض الجان ، والذين بطبيعتهم وقدراتهم يستكشفون ما يقال عن هذا الشخص الطالب للمعلومات عن مستقبله، ويحاولون استراق السمع عما يقدر له في المستقبل، وإن استطاعوا فيزيدون على ما سمعوا بعضا من عندهم ويبلغون ذلك للكاهن الذي بدوره يبلغ ضحيته بما سمعه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وصناعة التنجيم التي مضمونها الأحكام والتأثير، وهو الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية: صناعة محرمة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل هي محرمة على لسان جميع المرسلين في جميع الملل، قال الله تعالى: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:69]. وقال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ [النساء:50].قال عمر وغيره: الجبت أي السحر. ضعف إيمان في ذلك الشأن، يقول الشيخ ضياء عشماوي إمام مسجد مصر الجديدة ورئيس حركة "أئمة بلا قيود"، إن ما يدعيه البعض من علم الأبراج من معرفة سعادة أوشقاوة أوحظ ، تنعكس على المجتمع فيضعف عندهم الإيمان بالقدر، ويعتقدون أمور حياتهم في الأبراج والخرافة ويكثر فيهم التشاؤم والطيرة وتصديق الكهان، وذهب من حياة كثير منهم التوكل على الله، والاستخارة فيما يقدمون عليه من الأمور. ويتابع: قد صدق حسان بن عطية في قوله: ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها. رواه الدارمي، وصححه الألباني. كفر وفسوق ويضيف الشيخ الشافعي محمد باحث وداعية أزهري أنه لا يخفى على أحد أنه ليس هناك تنبؤات بعد عصور النبوة وانقطاع الوحي، أما معلومات وأوهام المشعوذين لا قيمة لها. وأوضح أن الأشخاص الذين يتابعون هؤلاء المنجمين على وجه التسلية فحسب فهم فسقة، وإن تابعوهم على وجه التصديق بما يقولون به فهذا كفر والعياذ بالله. تنبؤات أم عرّافون أما الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع جامعة الأزهر، اعتبر التنبؤات التي تقوم على أساس علمي مثل التنبؤات الخاصة بالمناخ ومختلف العلوم، هذه تختلف عن التنبؤات التي يطلقها العرّافون في بداية كل عام، لأن ما يقوم به هؤلاء يعد نوعاً من الخرافة والدجل. وأشار إلى أن ما نشاهده فى وسائل الإعلام ، حول التنبؤ بالحروب والصراعات والأشخاص، فهذه مسائل خرافية، لأنها لا تقوم على أي أساس، وهى أمور ما أنزل الله بها من سلطان، فكل التنبؤات خرافية فيما عدا التنبؤات القرآنية النبوية التي هي بوحي من الله عز وجل، أما العرّافون والدجالون الذين يظهرون في وسائل الإعلام ويتحدثون عن تنبؤات العام جديد، وكل هؤلاء كاذبون. قراءة الفنجان بينما أكد الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن رغبة الإنسان في معرفة ما يخبئه له المستقبل، قد تدفعه إلى سلوك السبل التي قد يظن أنها توصله إلى ذلك، ومن الأمور التي يحرص كثير من الناس على قراءتها، والاستبشار أو التشاؤم بما جاء بها، ما ينشره من يدعون معرفة طبائع الأبراج وأصحابها في الصحف أو المجلات. نوه إلى أن اكتساب هؤلاء المنجمين لتلك الشعبية، دعاهم إلى تأليف كتب عن طبيعة هذه الأبراج، وطبائع أصحابها، والأيام والأزمنة التي تؤثر في حياتهم سلبا أو إيجابا، والسلوك الذي ينبغي أن يسلكه هؤلاء في حياتهم، حتى يتحقق لهم ما أرادوا منها. وأوضح إدريس أن فئة غير قليلة من الناس تتردد على العرافين ومن يدعون استجلاء الغيب عن طريق قراءة الكف، أو فتح الكوتشينة، أو قراءة الفنجان، وكل هذه الأمور من الكبائر، ومن يعتقد صدق هؤلاء فيما يخبرون به، ويؤمن بقولهم فهو كافر. أكد إدريس أن الرسول الكريم نهى عن إتيان الكهان والعرافين ومن كان على شاكلتهم، فقد روى عن معاوية بن الحكم السلمي قال: "قلت: يا رسول الله إنى حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام، فإن منا رجالا يأتون الكهان، قال: فلا تأتهم"، وكل هذا وغيره دليل على حرمة ممارسة الكهانة والعرافة ونحوهما، وحرمة التماس معرفة الغيب عند أحد منهم أو من غيرهم. عقاب متبعي التنجيم فقد روى مسلم في صحيحه هذا الحديث بلفظ: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. وقد رواه أحمد بلفظ: من أتى عرافاً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً. وقد صححه الأرناؤوط. وثبت أخطر من هذا في حديث المسند: من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. وقد صححه الألباني والأرناؤوط. فإذا كان الذي يسأل العراف لا تقبل صلاته أربعين يوماً فما بالك بالعراف نفسه؟. الأخذ بالأسباب وطالب الشيخ هاشم إسلام عضو لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف المسلمين بعد الاستجابة لأي كاهن او عراف مستشهداً بقولة "إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ-صدق الله العظيم. ويوضح أن مفاتيح الغيب التي استأثر اللّه تعالى بعلمها، لا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها، فوقت الساعة لا يعلمه نبي مرسل ولا ملك مقرب "لا يجليها لوقتها إلا هو" ، وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا اللّه، ولكن إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون بذلك، ومن يشاء اللّه من خلقه، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه، ولكن إذا أمر بكونه ذكراً أو أنثى، شقيا أو سعيداً، علم الملائكة الموكلون بذلك. وكذا لا تدري نفس ماذا تكسب غداً في دنياها وأخراها، "وما تدري نفس بأي أرض تموت" في بلدها أو غيرها من أي بلاد اللّه كان، لا علم لأحد بما سيحدث غداً إلا خالق الخلق سبحانه وتعالى. ويرى هاشم إسلام أن العديد من الواهمين يريدون السيطرة على عقول الناس، وعلى كل إنسان العمل والأخذ بالأسباب والتوكل على الله في أفعاله وأعماله، مستشهداً بقوله "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".