أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة البحيرة لانتخابات مجلس النواب 2025    إعلام إسرائيلي: حماس أبلغت الوسطاء بعثورها على مزيد من جثث المحتجزين    انطلاق البطولة المصرية المفتوحة للهواة وسط حضور دولي واسع يضم أكثر من 100 لاعب| فيديو وصور    أسعار البنزين الجديدة تتصدر التريند.. وترقب بمحطات البنزين    الحفني: تعزيز السلامة الجوية أولوية تستهدف التشغيل الآمن وفق متطلبات الإيكاو    «مش صديقي.. وبقول اللي حسيته».. رد مثير من كريم نيدفيد بشأن هجومه على رمضان صبحي    القبض على المتهمين بارتداء ملابس فاضحة وارتكاب أفعال خادشة للحياء    «سينما من أجل الإنسانية» تتجسد في انطلاق الدورة 8 من مهرجان الجونة    وزير الثقافة يفتتح فعاليات الدورة ال33 لمهرجان الموسيقى العربية    محافظ أسوان يقرر تعديل تعريفة الأجرة للمواصلات الداخلية والخارجية    مساعد الرئيس الروسي: بوتين يؤيد فكرة ترامب بعقد قمة روسية أمريكية فى بودابست    اتهام مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ب 18 تهمة بينها الاحتفاظ بوثائق بشكل غير قانوني    رويترز: الجيش الأمريكي ينفذ ضربة جديدة في منطقة الكاريبي ضد سفينة يشتبه بأنها تحمل مخدرات    بعد إعلان حماس .. نتنياهو: إسرائيل ستعرف كيف تتصرف    سعر الدولار اليوم الجمعة 17102025 بمحافظة الشرقية    سعر اليورو أمام الجنيه المصري في تعاملات الجمعة 17 أكتوبر 2025    فاروق جعفر يتغزل في نجم الزمالك.. ويؤكد: «قدراته الفنية كبيرة»    ستاد المحور: الكوكي يدرس الدفع ب صلاح محسن في التشكيل الأساسي أمام الاتحاد الليبي وموقف الشامي    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025 فى الشرقية    طقس حار نهارًا وشبورة صباحية خفيفة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس الجمعة 17 أكتوبر 2025    «زي النهارده».. وفاة شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود 17 أكتوبر 1978    عاجل- أمن المقاومة يحذر من الشائعات حول مصير أبو عبيدة وسط اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة    «زي النهارده».. وفاة الفنان والملحن منير مراد 17 أكتوبر 1981    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    حيلة لتنظيف الفوط والحفاظ على رائحتها دائمًا منعشة    لو عايز تركز أكتر.. 5 أطعمة هتساعدك بدل القهوة    حبس متهم بقتل شقيقه فى قنا    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الغاز خلال اقتحام بلدة بيت ريما قضاء رام الله    جوتيريش يدعو للعودة إلى النظام الدستورى وسيادة القانون فى مدغشقر    إبراهيم محمد حكما لمباراة الإسماعيلى والحرس ومحجوب للجونة والبنك    الصحف المصرية: إسرائيل تماطل فى فتح معبر رفح    حمزة نمرة ل معكم: وفاة والدتى وأنا طفل أورثتنى القلق وجعلتنى أعبّر بالفن بدل الكلام    هشام عنانى: حزب المستقلين الجدد يخوض انتخابات النواب على مقاعد فردية    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    روسيا توسع أسواق نفطها وتستهدف إنتاج 510 ملايين طن    أسماء المترشحين بنظام الفردي عن دوائر بمحافظة الغربية لانتخابات النواب    يونس المنقاري: بيراميدز فريق جيد.. سعيد ب أداء الشيبي والكرتي.. ومواجهة السوبر الإفريقي صعبة    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الجمعة    بحضور رئيس مجلس الوزراء.. وزير الشؤون النيابية يشهد ختام أسبوع القاهرة الثامن للمياه    نجم الأهلي السابق يطلب من الجماهير دعم بيراميدز في السوبر الإفريقي    الداخلية تكشف ملابسات واقعة فيديو «التوك توك» بملابس خادشة للحياء    4 أبراج «مبيخافوش من المواجهة».. صرحاء يفضلون التعامل مع المشكلات ويقدّرون الشفافية    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    السيطرة على حريق سيارة ملاكي بميدان الرماية في الهرم    السيطرة على حريق داخل مخزن لقطع غيار السيارات بميت حلفا    رفضت إصلاح التلفيات وقبول العوض.. القصة الكاملة لحادث تصادم سيارة هالة صدقي    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    مصطفى شلبي يتنازل عن 50%؜ من مستحقاته لنادي الزمالك    استبعاد هيثم الحريري من انتخابات البرلمان بالإسكندرية وتحرك عاجل من المرشح    الرعاية الصحية: المواطن يدفع 480 جنيه ونتحمل تكلفة عملياته حتى لو مليون جنيه    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثوار سوريا تمولهم ال «سى آى ايه» !!
نشر في الصباح يوم 30 - 10 - 2013

تمر المنطقة العربية، وسوريا فى القلب، بتطورات استراتيجية مهمة، نحسب أنها ستؤسس لواقع جديد، بعد فترة الفوضى والارتباك والثورات، التى حاول الغرب وإسرائيل ركوب بعضها وتوظيفه فى اتجاه مصالحه ومخططاته فى بلادنا.
إن سوريا، ما بعد (الأزمة الكيماوية) التى مثلت أكثر فصول الصراع، خطرًا، وعنفًا، أضحت - كدولة ونظام - رغم ما قدمته من تضحيات، لاعبًا رئيسيًا فى تشكيل المستقبل العربى، وسيتقرر على هدى من مصيرها، مصير الأمة كلها، وذلك لما اختزنته (الحرب على سوريا) من معانٍ ودلالات، وأحداث كبار، أثرت ولاتزال على مسار الاستراتيجيات الكبرى الإقليمية والدولية.
* فى هذه الدراسة نحاول أن نطرح بعض الأفكار الرئيسية لإدارة حوار موسع حول قسمين رئيسيين، الأول: يدور حول محاولة لتشخيص المشهد السياسى / الاستراتيجى الراهن فى المنطقة، وفى القلب منه سوريا، والثانى: يتصل بطرح بعض التصورات حول مستقبل المنطقة بإجمال، ومستقبل سوريا والمقاومة بخاصة، فماذا عنهما ؟!
خريطة التنظيمات المسلحة فى سوريا
أولًا: سوريا: ينبغى لمن لم يفهم حتى الآن من نخبتنا العربية، ما يجرى فى سوريا منذ عامين ونصف العام، وكونه مؤامرة دولية واسعة النطاق لتفكيك الدولة السورية وضرب المقاومة العربية التى مثلت هذه الدولة الحاضنة الأبرز لها طيلة الأربعين عامًا الماضية، نحسب أنه ينبغى على هؤلاء اليوم، وبعد كل الشواهد التى يرونها أن يعلموا أننا إزاء مؤامرة و(حرب على سوريا)، وليس فحسب حرب فى سوريا، وأنه لاتزال الدولة السورية صامدة فى مواجهة الحرب العالمية عليها والدائرة منذ (مارس 2011)، رغم الأثمان الباهظة التى دفعتها بدءًا بالخسائر المادية الهائلة (يقدرها البعض ب200 مليار دولار)، والخسائر البشرية (قرابة المائة ألف شهيد من أبناء الجيش والشعب فضلًا عن عشرات الآلاف من الإرهابيين)، ورغم حوالى 20 تنظيمًا إرهابيًا مسلحًا (وفقًا لتقديرات الأخضر الإبراهيمى يوجد فى سوريا 1200 تنظيم متطرف معارض)، ولكى نؤكد أن لا علاقة لهم بالثورة أو بالإصلاح دعونا نرصد خريطتهم داخل سوريا، خريطة جماعات الإرهاب فى سوريا، والتى تسمى نفسها أو يسميها الغرب بجماعات الثوار، نقدم هذا الرصد الأولى عنها:
أولى الجماعات الإرهابية المسلحة فى سوريا جاءت تحت اسم الجيش السورى الحر، وهو فى الواقع أبرز جماعة مسلحة معارضة فى البلاد، وقاعدته الرئيسية تقع جنوب تركيا فى مقاطعة هاتاى، كما يتضمن الجيش الحر أشخاصًا من الخارجين على القانون، ويتراوح عددهم فى منطقة ريف دمشق من 800 حتى 1600. أما المجموعة الثانية من حيث ثقلها المعنوى والعددى هى «جبهة النصرة لأهل الشام»، وهذه الجماعة ما هى سوى الذراع السورية لجماعة «القاعدة»، وتمتلك نفس الفكر الإرهابى لتنظيم «القاعدة» مع اختلاف التسمية، ويتزعمها المدعو أبو محمد الجولانى، وعناصرها يمتهنون القتل والذبح والتفجيرات، ويرتدى الكثير منهم السراويل الفضفاضة على الطريقة الأفغانية، ولهم لحى طويلة وهم من 300 حتى 500 مسلح فى دمشق وريف دمشق، ومن أبرزهم إرهابى يُسمى وائل محمد المجدلاوى. أما جماعة «أحرار الشام» المتشددة الأصولية فيقدر الخبراء أنها لا تتجاوز عددًا ال 500 شخص، وهى تتواجد فى العاصمة وريفها. فى حين ينتشر فى دمشق وريفها قرابة 3000 مقاتل من جماعة إرهابية مسلحة أخرى تسمى كتائب «الصحابة» وكتيبة «شهداء الرازى»، التى كان يتمركز حوالى 800 عنصر منها، بينهم عرب وأجانب، فى بساتين الرازى الشهيرة، حيث وقعت اشتباكات عنيفة هناك مع الجيش العربى السورى، وتم القضاء على أغلبهم. يليها «لواء الإسلام» مع 200 حتى 600 مسلح، وهى المجموعة التى تبنت تفجير مكتب الأمن القومى فى دمشق، وهى التى أطلقت صواريخ الكيماوى فى الغوطة الشرقية، وحاولت إلصاقها فى الجيش العربى السورى. إضافة إلى ذلك يوجد فى سورية ما يعرف ب«كتائب الغوطة» التى تتآلف من 1600 مسلح، وهى تفتقد للقيادة المركزية، ولواء «تحرير الشام» (من 200 حتى 600 مسلح) فى ريف دمشق وهى عبارة عن شراذم متفاوتة التسليح. وكتائب «الوحدة الوطنية» - من 300 حتى 900 مسلح فى ريف دمشق وكتيبة ما يُسمى «شهداء الثورة السورية» تتمركز فى منطقة القدم بدمشق وعددها يتراوح – وفقًا للخبراء - ما بين 150 حتى 300 مسلح. إلى جانب مجموعات صغيرة مثل «كتيبة شهداء المزة» وأحرار «باب سريجة» و«كتائب جيش الشام» وعددهم جميعًا من 300 حتى 1100 مسلح بريف دمشق. كما تم تأسيس ما يسمى ب المجلس العسكرى الثورى بدمشق وريفها وقائده خالد الحبوس فى منطقة داريا والصبارة وبتمويل قطرى. وتنوعت الأسماء بما فى ذلك «كتائب الفرقان» وقائدها محمد ماجد الخطيب الملقب: ب«النسر الأحمر» الذى سبق أن عمل كسائس للخيل والحمير فى منطقة داريا قبل أن يلتحق بصفوف المسلحين الإرهابيين. فى حين تنشط فى منطقة المعضمية تنظيم إرهابى يسمى ب كتائب «أم المؤمنين» وعدده حوالى 1200 مسلح يتزعهما أسامة مرعى من أصول تركمانية ووثيق الصلة بالمخابرات التركية، وقد قُتل مؤخرًا على يد الجيش العربى السورى، خلال قيامه بعملية فاشلة استهدفت الفرع 251 فى منطقة السادات. أما التنظيم الإرهابى المسمى كتيبة «شهداء ركن الدين» فيضم 600 مسلح قائدهم سعيد وائلى الملقب ب«أبو رشيد»، والذى قُتل هو الآخر أثناء استهدافه لمخفر شرطة فى حى ركن الدين بدمشق. وبداخل هذه التنظيمات الإرهابية يوجد عدد كبير من الليبيين والسعوديين والقطريين واليمنيين والأردنيين والعراقيين واللبنانيين والمصريين من أتباع حازم أبو إسماعيل وبعض الإخوان المسلمين، أما الأتراك والشيشان والأفغان فقد تواجدوا مع المجموعات المسلحة فى بساتين الرازى وحرستا والقابون ودوما والتل وعدة مناطق أخرى من ريف دمشق.
***
* هذا وتؤكد الوثائق والحقائق على الأرض السورية أن المخابرات السعودية خاصة فى عهد بندر بن سلطان، والمخابرات القطرية والأمريكية والفرنسية هى التى تقوم بتمويل وتدريب وتسليح هذه الجماعات الإرهابية، والسؤال المهم هنا: هل يجوز إطلاق اسم ثوار عليهم كما يذهب الإعلام الغربى وبعض الإعلام العربى.. أى ثائر هذا الذى تموله الC.I.A ؟!. لقد قال المولى سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ) [الآية 4 سورة الأحزاب]، فكيف يكون ثائراً وC.I.Aأو مخابرات قطرية وسعودية وتركية فى ذات الوقت ؟!.
* إلا أنه.. ورغم هذه الكثرة لتلك التنظيمات، وذلك الدعم المالى والتسليحى الكبير (تم صرف قرابة ال50 مليار دولار على تلك الجماعات المسلحة ونظائرها من مناضلى الفنادق خارج سوريا ممن يسمون بالائتلاف الوطنى السورى (!!) وكانت دول الخليج هى الممول الرئيسى) رغم ذلك فشلوا فى كسر إرادة الدولة والشعب والنظام فى سوريا وبقيت صامدة وخاصة بعد الأزمة الأخيرة، أزمة الكيماوى، وكان للدعم الإيرانى والروسى دوره الحاسم، ورغم ما قد يراه البعض (ونحن منهم) من أن تفكيك وتدمير (الكيماوى السورى) يمثل خسارة تبدو بدون مقابل إسرائيلى على الأقل، وهى خسارة كبيرة لسلاح ردع ضد العدو الأول والأكبر للأمة (الكيان الصهيونى). إلا أن الرؤية المقابلة للخبراء الاستراتيجيين المحايدين يرون فى هذا الأمر مناورة إيجابية لإجهاض العدوان الأمريكى الذى كان معدًا للتنفيذ، ويرون أن المناورة (الروسية – الإيرانية – السورية) لإعاقة العدوان والضربة العسكرية الأمريكية على سوريا والتى كانت آخر وأخطر سلاح لدى الحلف السباعى فى الحرب العالمية على سوريا بقيادة واشنطن - يتشكل هذا الحلف من (السعودية – قطرالأردنفرنسابريطانياأمريكاتركيا) - هذه المناورة، يرى البعض، أنها كانت تستحق التضحية بتفكيك وتدمير الأسلحة الكيماوية، والتى ستعوضها - كما يؤكد العالمون ببواطن الأمور - روسيا بصواريخ وأسلحة أحدث وأخطر فى المستقبل القريب إن لم تكن قد عوضت فعلاً، سوريا، بها !!
* إن سوريا الدولة والشعب الآن، فى وضع أفضل، وفقًا للعديد من الرؤى المحايدة لخبراء وساسة قادمون من دمشق بعد زيارات ميدانية وسياسية واسعة، صحيح أن نهاية الحرب غير واردة، وأن انهيار تلك الشبكة الأخطبوطية من جماعات القاعدة والإرهابيين، بضربة واحدة، غير وارد، ولكن المؤكد أيضًا أن الدولة السورية وجيشها لايزالون متماسكين وصامدين، وأن أعداء سوريا، خاصة العملاء بالوكالة من تلك التنظيمات الإرهابية باتوا فى وضع أصعب وأكثر ضعفًا، داخلياً وخارجياً، وربما يكون مؤتمر «جنيف 2» المزمع عقده خلال أيام هو قشة الإنقاذ الأخيرة لتلك (المعارضات) المشتتة، والتى تعمل فى أغلبها بالأجر لدى ذلك الحلف السباعى العالمى الذى يقاتل سوريا، وهو حلف نعتقد جازمين أنه فى طريقه للتفكك وربما الصراع الداخلى.
ثانيًا: قوى المقاومة فى المنطقة:
ربما باستثناء (حزب الله) الذى يعرف طريقه المقاوم، ويعرف بوصلته الرئيسية فى الصراع جيدًا، والذى أعد نفسه لهذا الصراع ولاحتمالات استمراره لأجيال قادمة، والذى أسس بنية عقائدية وسياسية تستعصى على الهزيمة، والذى أثبت عن جدارة قدرته على الانتصار فى أى منازلة مع هذا العدو أو وكلائه فى المنطقة، نقول باستثناء هذا الحزب المقاوم، فإن أغلب قوى المقاومة فى المنطقة فى تقديرنا تعانى أوضاعًا صعبة خاصة (المقاومة الفلسطينية)، والتى تعيش أكبر فصائلها (حركة حماس) لحظة تاريخية فارقة ومؤلمة، وهى لحظة سقوط حكم الحليف والمرجعية التنظيمية والسياسية لها، ونقصد بها جماعة الإخوان المسلمين فى مصر مع تحول قطاعات واسعة من الشعب، فضلًا عن الجيش ومؤسسات الدولة العميقة فى مصر (القضاء - الإعلام - الداخلية وغيرها) ضدها، وفى هذا السياق نسجل أنه رغم أخطاء حماس (خاصة حماس الخارج المرتبطة بقطر ماليًا وسياسيًا)، ورغم تخليها عن سوريا فى لحظة كانت تحتاجها فيها؛ لحظة كانت تتطلب اعترافًا وعرفانًا بالجميل التاريخى للحماية والدعم اللذين وفرتهما لها ولنصف مليون فلسطينى، طيلة سنوات الغربة الثلاثين الماضية، إلا أنها فضلت الانحياز لخيارات أخرى وخرجت من دمشق تحت وهم خلود حكم الإخوان فى مصر، ورغم الأخطاء التى وقعت فيها حماس وبعض الفصائل الفلسطينية المقاومة فى التعامل مع القوى السياسية غير الإخوانية فى مصر، وتفضيلها (للأخونة) على حساب (الفلسطنة) - إن جازت العبارة -.
* نقول رغم ذلك كله إلا أن (شيطنة حركة حماس) إعلاميًا وسياسيًا فى المنطقة وفى مصر تحديدًا، ثم شيطنة قوى المقاومة الفلسطينية الأخرى، ومعها الشعب الفلسطينى، كل ذلك لا يخدم سوى العدو الصهيونى الذى تُرك ليعيث فى الأرض الفلسطينية (الضفة والقدس تحديدًً) والمصرية (سيناء تحديدًا) فسادًا وتخريبًا وتهويدًا، من ثم يستدعى الأمر إيقاف هذا المخطط فورًا ورفع الحصار عن الشعب الفلسطينى (خاصة الحصار العربى)، وإيقاف عملية تدمير الأنفاق التى تربط غزة بسيناء كمنفذ وحيد للحياة، وباتت عملية التدمير الممنهج تلك والمستمرة حتى هذه اللحظة تهدد كل مناحى الحياة فى غزة، إن الشيطان الوحيد فى المنطقة - واقعًا - هو العدو الصهيونى وأى حرف للبوصلة عن هذا الاتجاه سيمثل هزيمة كبيرة لأوطاننا ولأمتنا، ونحن ندعو فى هذا المقام إلى تبنى (التجمع العربى الإسلامى لدعم خيار المقاومة) مبادرة للمصالحة الفلسطينية المصرية على أرضية المقاومة ودعم صمود أهلنا فى فلسطين (قطاع غزة خاصة) هناك فرص كبيرة لنجاح مثل تلك المبادرة، فهل نبدأ ؟!
ثالثًا: أوضاع بلادنا العربية:
إن ما جرى فى مصر بعد 30 يونيو 2013، وإنهاء حكم الإخوان يمثل تحولًا مهمًا فى مسار الأحداث على المسرح السياسى العربى، نظن أنه عطل بدرجة أو بأخرى مخططات أمريكية -غربية كانت تعد للمنطقة لبناء ما نسميه الشرق الأوسط الجديد ذا القشرة الإسلامية، والذى كان سيمتد من تونس مرورًا بليبيا ومصر وانتهاء بسوريا بعد إسقاط (الأسد) وتولية الإخوان وشذاذ الآفاق من أنصار تنظيم القاعدة فى الداخل وعملاء الC.I.A والمخابرات القطرية والتركية والسعودية فى الخارج، الحكم، وكان مقدراً أن تكون (مصر الإخوانية) التى طردت السفير السورى عام 2012، ودعا رئيسها (محمد مرسى) للجهاد فى سوريا عام 2013 بدلًا من الجهاد فى فلسطين؛ كان مقدراً لمصر تلك، أن تكون هى عمود الخيمة الشرق أوسطية - الأمريكية الجديدة، إلا أن حركة الشارع وانحياز الجيش له، مثل تعطيلًا للمشروع، صحيح أنه حتى الآن لم يتحول إلى (تعطيل استراتيجى) للمخطط، وصحيح أن الأمريكى والخليجى (السعودية والإمارات تحديداً) يحاولون سرقته أو ترويضه وأمركته تدريجياً، إلا أن ذلك كله مرهون بمدى صمت الشعب على السرقة الثانية لثورته، وبمدى قدرته على تحويلها إلى ثورة حقيقية على المشروع الأمريكى - الإسرائيلى - الخليجى، وذلك عبر استراتيجية للمقاومة والتغيير ترفض التطبيع والتبعية الجديدة المستهدفة مع تل أبيب وواشنطن والرياض، بنفس درجة وقوة رفضها للشرق الأوسط ذى القشرة الإسلامية الذى انتهى فى 30 يونيو 2013.
***
* إن حال البلاد العربية الأخرى (السودان - تونس - ليبيا - البحرين - اليمن وغيرها) ممن أطلقوا عليها مسمى بلاد الربيع العربى، لا يقل سوءًا عن حال سوريا، والربيع العربى الذى كان مأمولًا أن يكون ربيعًا (للعيش والحرية والكرامة الإنسانية) بات تربة خصبة للانقسامات وللحروب الأهلية وللتدخلات الخارجية ونحسب أن هذه الحال ستستمر لفترة طويلة، إذا لم يجد القوى الثورية الحقيقية التى تحوله من مجرد ربيع وهمى (للخبز) والإصلاحات الجزئية، إلى ربيع للمقاومة ضد المشروع الصهيونى والأمريكى، وهنا نعتقد جازمين بارتباطات المصير والمسار عربياً، حيث تؤكد الحقائق على الأرض العربية والإسلامية أن مصير تلك البلاد التى تعيش أحداثًا وانتفاضات يرتبط صعودًا وهبوطًا بما سيجرى فى (قصة سوريا) و(قصة مصر) حيث مسار الأحداث فى هاتين الدولتين سيقرر مستقبل المنطقة كلها.
***
القسم الثانى: مقترحات أولية لدعم سوريا وقوى المقاومة:
* لاشك لدينا - بإذن الله - أن سوريا - الدولة والشعب - ستنتصر فى حربها ضد الحلف السباعى سالف الذكر، ووكلائه فى الداخل السورى لأنها على حق ولأنها كدولة تقاوم الباطل الملتحف زيفًا بشعارى الدين والثورة، والباطل مهما زيفوا له وجملوه، سيظل باطلاً، ينشر الخراب والدمار حيثما حل.
ولكن: لكى تصمد سوريا، وتنتصر فهى تحتاج إلى دعم قوى المقاومة العربية كافة (أحزابًا - أفرادًا - جماعات - دول) تحتاج لدعم شبيه بالدعم الذى قدمه بشجاعة تاريخية نادرة (حزب الله)، وكانت قمته الملحمية هى معركة (القصير). إن إعلان بعض قوى المقاومة العربية (والفلسطينية بخاصة)، الآن وبعد عامين ونصف العام على اشتعال الأزمة أنها على (الحياد)، لهو فى تقديرنا أمر مؤسف، ولم يعد يفيد، ويضر بفكر وواقع ومستقبل تلك المقاومة، إن واجبها الشرعى، والعروبى والفلسطينى، يلزمها أن تمد يد العون فورًا للدولة السورية فى حربها ضد تلك العصابات المسلحة التى لو - لا قدر الله - انتصرت فستباع فلسطين (القضية والتنظيمات والوطن) لواشنطن وتل أبيب وبأبخس الأثمان، وتاريخ تلك التنظيمات الإرهابية يؤكد ذلك، لأنها ببساطة مجرد أذرع للمخابرات الغربية والعربية والإسرائيلية، ومن كان عميلاً، فالأوطان والمقدسات والأديان، لاقيمة لها، عنده.
* ودعم سوريا يتطلب زخمًا وإبداعًا من الفقهاء والعلماء الشرفاء ومؤسساتهم الدعوية الكبرى (كالأزهر و «قم» و«الزيتونة») ومن المثقفين والنخبة السياسية فى بلاد ما كان يسمى بالربيع العربى، ففى ذلك دعم لمشروع الاستقلال الوطنى الحقيقى فى تلك البلاد، وهنا تأتى مهمة الأحزاب والقوى الشعبية فى مصر -تحديداً -، ودورها المطلوب، الذى يحتاج إلى حوار موسع حتى تستقيم وتتضح لديهم الصورة الحقيقية فى مواجهة تلك المشوهة، عما جرى ولايزال فى سوريا والذى أُطلق عليه زيفًا وكذبًا اسم ثورة، والثورة بريئة مما يفعلون.
* وفى سبيل الدعم ثمة أفكار كبرى عن دور الفن والصحافة والفضائيات، وأهمية إعادة الاهتمام بهم، وهنا يأتى دور (التجمع العربى الإسلامى لدعم خيار المقاومة)، وأهمية أن يتحرك أعضاؤه، فى جميع البلاد المشكلة له لتوفير هذا الدعم المعنوى والسياسى والمادى لشعبنا العربى السورى فى حربه ضد الإرهاب والتفكيك.
* وليس بعيدًا عن مواجهة العدوان المستمر على سوريا، ذلك العدوان التاريخى الدائم على الشعب الفلسطينى، ذلك الشعب المعلم والذى يستعد الآن لإطلاق انتفاضته الثالثة التى تحتاج منا فى هذا المؤتمر، وفى غيره من الفاعليات العربية والإسلامية إلى الدعم الجاد، وإلى الدعوة المخلصة لرفع الحصار (العربى) والصهيونى عنه، وإلى إيقاف عملية شيطنته إعلاميًا وسياسيًا، وإلى إبداع أشكال جديدة للمساندة تتفق والتحديات الجديدة.
خاتمة:
* إن الأمل فى الانتصار رغم هذه الأوضاع الصعبة فى المنطقة، سيظل حاضرًا، ونحسب أن مؤشراته باتت واضحة وقاطعة، لكنها تحتاج إلى ثبات وصبر وإعلاء لقيم المقاومة وإعادة ضبط لبوصلتها لتكون فى اتجاه الأعداء الحقيقيين للأمة؛ تجاه أعداء سوريا وفلسطين ومصر وإيران، ضد واشنطن وتل أبيب ومن والاهم من العربان أصحاب فقه البداوة والتكفير والتبعية، ونتمنى أن تكون تلك واحدة من أبرز مهام النخبة الإعلامية والسياسية العربية وفى مقدمتها (التجمع العربى الإسلامى لدعم خيار المقاومة) فى مرحلته القادمة، مهمة إعادة ضبط بوصلة الصراع، ومهمة إعادة زرع الأمل فى النصر فى نفوس أبناء هذه الأمة، وتجاه هذه المهمة فليتنافس المتنافسون. والله المستعان.
***
[ قدمت هذه الدراسة فى الملتقى الفكرى والسياسى الذى عقده التجمع العربى والإسلامى لدعم المقاومة والذى عقد فى بيروت 11/10/2013 وحضره ممثلون ل 12 دولة عربية، وعدد من كبار السياسيين والمفكرين من الاتجاهات المختلفة، وكانت الدراسة هى ورقة الحوار الرئيسية للملتقى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.