كل عام وأنتم بشر لا بخير.. هذه رسالة أمريكا السوداوية التى لا تتوقف للشعوب العربية والإسلامية وتجددها فى كل ذكرى لأحداث 11 سبتمبر التى لم يدفع فاتورتها الخربة إلا نحن، مما يعيد للأذهان السيناريو الذى كان يتحدث عن أن المخابرات الأمريكية هى التى بدأت أحداث سبتمبر لتعلن الحرب على الإسلام المحمدى وتبدأ مخطط تقسيم الشرق الأوسط، خاصة أن كل المؤشرات الواقعية تؤكد ذلك، و«روزاليوسف» من جانبها تفضح فى هذه المناسبة الدموية المشكوك فيها خريطة انتشار ما يسمى بتنظيم القاعدة الذراع الإرهابية للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية فى الشرق الأوسط، حيث ثبت أن أمريكا تستخدمه كمبرر للتدخل فى أى دولة يظهر فيها هذا التنظيم الخائن لدينه من أفغانستان لباكستان ثم العراق واليمن وسوريا ومصر ونيجيريا ومالى، ولن ننسى مفارقة أن كان موقف طالبان وأمريكا واحدًامن الانقلاب الشعبى المصرى ضد الإخوان المسلمين! آخر العنقود الأسود فى تشكيلات القاعدة ما يسمى بأنصار بيت المقدس الذى أطل برأسه من جديد فى محاولة اغتيال وزير الداخلية وتفجيرى المخابرات الحربية برفح، وبدلا من أن ينشر النماء فى بلاد ما أسموه بالربيع العربى، تسيد القاعدة المشهد بكل أصنافه وأشهره جبهة النصرة فى سوريا التى تسببت لها فى أزمة السلاح الكيماوى المفتعلة، والتنظيمات الجهادية الخطيرة فى سيناء التى تحاول أن تصل بقوة للعمق المصرى، ولن ننسى من كان يوزع أعلام القاعدة فى رمسيس خلال مسيرة الإخوان وحلفائهم الإرهابيين!
إذا رجعنا إلى أدبيات الربيع العربى هناك من يقول انتهت وأن الشعوب هى التى تحكم وهى التى تقرر والآن بعد ازدياد العنف فى سوريا مثلا نرى أن خيار القاعدة أصبح للكثير من الشباب لأنه وضع الشعوب أمام خيارات صعبة والآن فى مصر أعادت القاعدة بعضًا من رصيدها الفكرى الذى خسرته بعد الحرب الأمريكية الأوروبية مع الإرهاب.
الربيع العربى أسقط الأنظمة الموالية للغرب فكان البديل هو الحركات الجهادية والإسلامية التى أسقطت معمر القذافى وتواجه اليوم بشار الأسد، وفى مصر مازالت تحاول إسقاط ما يسمى بالدولة العميقة والمواطن العربى يواجه أمريكا بقاعدتها المفضوحة لاستعادة الكرامة والحرية التى تواجه منهم بالقمع والقتل.
وإذا نظرنا إلى البيئة التى تريدها القاعدة فهى الآن موجودة فى سوريا والعراق وسيناء، ونشاط القاعدة فى كل الدول العربية يتزايد ومثال على ذلك ليبيا، حيث الإسلام المتطرف يحاول أن يعيد بناء نفسه فى الفوضى السياسية والعسكرية وهدفه إقامة دولة إسلامية وإسقاط الأنظمة العربية وطرد القوى الأمنية، عندما نتكلم بهذه الطريقة يجب أن ندرك أن هذه القوى والأنظمة القمعية والسياسات الأجنبية فى العالم ظهرت لأن الولاياتالمتحدةالأمريكية والأوروبية هى التى أعطتهم فرصة لإعادتهم كموضع، فهذه الطائرات بدون طيار التى تقتل الأطفال تثير أى إنسان عربى فى اليمن أو فى أفغانستان وباكستان.
القاعدة لم تغير فلسفتها منذ نشأتها برعاية المخابرات الغربيةوالأمريكية خاصة، والأنظمة القمعية العميلة للغرب ساعدت على انتشارها بالشعور الشعبى بالقهر، وهى تعمل ضد مصلحة العالم العربى وعندما نرى تصرف هذه الحكومات القمعية نجد الإنسان العربى خسر الكثير مما يزيد البعد بين المواطنين وأوطانهم، وتجد من هم جاهزون دائما للتوقيع على التخلى عن الأراضى العربية ويجب أن يفهم الشباب المقتنع بالفكر المتطرف من شباب التيار المتأسلم المصدوم والمصر على الانتقام من الشعوب العربية وخاصة المصرية، أنه لا يستغرب عندما نقول أن تنظيم القاعدة فى الوطن العربى يحترف قتل المسلمين العرب لأنهم أعداؤه الحقيقيون، فلم نره أبدا فى إسرائيل بل ينتشر فقط فى الدول العربية والإسلامية لتبرير التدخل العسكرى الغربى فيها!
فالربيع العربى أصبح الآن فى مهب الريح وأذرع تنظيم القاعدة التى تلعب مع كل القوى الدولية والإقليمية وأهم أسباب انهيار الربيع العربى بعد تحوله إلى خريف قاعدى!
تنظيم القاعدة فى سوريا هو أكبر مثال على الصبغة الأمريكية لأذرع القاعدة بامتياز، وينفذ أجندات تهدف إلى تشويه صورة الإسلام من جهة وتنفيذ عمليات إرهابية بالوكالة عن أجهزة المخابرات الأجنبية من جهة أخرى، ويسفك دماء السوريين استنادا إلى الفكر الخلافى وفتاوى تكفيرية توفر التغطية الشرعية لجرائم هذا التنظيم الإرهابى بحجة إقامة دولة إسلامية فى سبيل عودة الخلافة وجبهة النصرة فى سوريا امتداد حقيقى للقاعدة فى العراق، ولم تكن جبهة النصرة معروفة منذ بدء الأحداث فى سوريا لكنها الآن أبرز الجماعات التى تقاتل ضد السلطات السورية حتى تراجع دور الجيش الحر السورى كمايسمونه، حتى أنها تبنت عددًا من التفجيرات التى وقعت فى دمشق وحلب وعدة مدن أخرى واستهدفت مبانى حكومية، وتخطط لإقامة كيان طائفى برعاية غربية بتأسيس دولة إسلامية فى العراق والشام وتنفذ أهدافها بقتل وذبح النساء والأطفال والمدنيين العزل ولم يكتف تنظيم القاعدة بذلك بل يرتكب مجازر مذهبية ولذلك شهد المجتمع الدولى خلافات حول معالجة الأزمة فى سوريا، وشهدت العراق هجمات دامية يتبناها تنظيم القاعدة من تفجيرات عنيفة ومنظمة، حيث قتل فى الأشهر الأخيرة أكثر من 3500 شخص من المسلمين والمسيحيين العراقيين.
ومن أخطر مناطق الدم القاعدية اليمن طبعا حيث الظهور الفعال لوجود بؤر قاعدية كبيرة فى جبال اليمن، والغريب أن بعضها بمساعدة الشيعة الذين يحاربونهم فى سوريا والعراق لعدم قدرة الحكومة على فرض سيطرتها على اليمن بالشكل الأمثل فهم يرون أنفسهم دائما قوة حاكمة مؤهلة لتولى مقاليد الحكم فى أى مكان وأنهم ليسوا جماعة إرهابية.
وعن الموقف فى مصر فنجد انتشارًا لهذه الجماعات فى سيناء، فيها تنظيم الرايات السوداء والجهادية السلفية والتكفير والهجرة وأنصار الجهاد وجماعة بيت المقدس الفلسطينية وهذه الجماعات تعتنق أفكارا متشددة وتريد فرض السيطرة على سيناء وإعلانها إمارة إسلامية تمتد إلى قطاع غزة فى تنفيذ مفضوح للمخطط الإسرائيلى لغزة الكبرى على حساب سيناء والمنطقة الحدودية تعد مركزًا لتواجد الجماعات التكفيرية والجهادية ومنها عناصر مصرية كانت بالسجون وتم العفو عنها من قبل الرئيس المعزول بالاتفاق مع القيادات الجهادية حتى يضمن ولاءهم إذا حدث أى انقلاب كما هو الحال الآن وفق تقييمات غربية وعربية لا مصرية فقط وأخرى توافدت عبر الأنفاق فهذه الجماعات تحظى بدعم ومساعدات التنظيمات الفلسطينية التى يرتبط بعضها بتنظيم القاعدة مستخدمين أسلحة ثقيلة منها آربى جيه والهاون!
وهذه التنظيمات تشن الآن حرب تفجيرات انتحارية داخل الأراضى المصرية وتوجه نداءات لأعضاء التنظيم المنتشرين حول العالم لما يسمونه دعم ونصرة المسلمين فى مصر ضد الممارسات التى تقوم بها الحكومة الانتقالية، وتشير الرسائل المتبادلة بين الأعضاء الافتراضيين من تنظيم القاعدة إلى وصول مدربين لتعليم شباب التيار المتأسلم كيفية الاستشهاد والجهاد لتأدية ما يعتبرونه الواجب الشرعى، وسيقدم القاعدة بحسب تغريدات أعضائه خدماته لأعضاء من تنظيم الإخوان فى مصر برغم الاختلاف الجوهرى فى الأفكار معهم، ويخطئ من يظن أنه لا وجود لأعضاء تنظيم القاعدة فى مصر، فكل الدلائل تؤكد وجودهم ومحاولتهم الحثيثة لإسقاط البلاد ومحاولة زرع الفتنة.
وليس أيضا من قبيل المصادفة أن نجد بعض الأعلام القاعدية على المبانى الحيوية التى اقتحمها الإخوان وحلفاؤهم ترفرف عليها ومنها الكنائس التى تم الاعتداء عليها منهميصدرون بيانات ويطالبون فهم بأن تكون سيناء إمارة إسلامية وأن يكون الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع كما يطالبون القوات المسلحة بالتخلى عن الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل والتدخل لفك الحصار على غزة، فى محاولة للتغطية على أهدافهم الحقيقية وكأنهم ضد إسرائيل، وليست هى من ترعاهم، ولذلك نجد أنه أصبح طبيعيا فى الوضع المصرى اليوم أن تقوم حركات مسلحة تجعل من الجيش المصرى العدو الأول- لها ،متجاهلة الجيش الإسرائيلى ويحاول الجيش المصرى فرض سيطرته على البؤر وبالفعل ظهرت نتيجة ذلك خاصة خلال الأيام الأخيرة مما ضاعف الردود الانتقامية الإرهابية ضد الشعب المصرى بقتل النساء والأطفال أمام المخابرات الحربية برفح فى تحقيق لخريطة الطريق التى ترسمها أمريكا فى الشرق الأوسط كما يرى محللون غربيون وعرب!
هذه التنظيمات الإرهابية زادت قوتها خلال الفترة الأخيرة بالمساعدات الخارجية ومنها العسكرية خاصة من تركيا وقطر بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وفق تصورات روسية، فالولاياتالمتحدة هى التى خلقت هذه الجماعات منذ الاتحاد السوفيتى والقاعدة أثبتت قدرتها على التعايش فى ظروف مختلفة بتأقلمها مع الواقع رغم فكرها القتالى الجهادى الثابت! والظهير الشعبى هو الوحيد القادر على مواجهة هذه الذراع الإرهابية للمخابرات الأمريكية!