خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    رقص ماجد المصري وتامر حسني في زفاف ريم سامي | فيديو    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    جيش الاحتلال يُقر بمقتل رقيب من لواء المظليين في معارك بقطاع غزة    زيلينسكي: الهجوم على خاركيف يعد بمثابة الموجة الأولى من الهجوم الروسي واسع النطاق    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    أكسيوس: محاثات أمريكية إيرانية غير مباشرة لتجنب التصعيد بالمنطقة    إنجاز تاريخي لكريستيانو رونالدو بالدوري السعودي    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    التشكيل المتوقع للأهلي أمام الترجي في نهائي أفريقيا    موعد مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    عاجل - سعر الدولار مباشر الآن The Dollar Price    أحمد السقا يرقص مع ريم سامي في حفل زفافها (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    فيضانات تجتاح ولاية سارلاند الألمانية بعد هطول أمطار غزيرة    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاعدة.. تنظيم عابر للقارات
نشر في أكتوبر يوم 02 - 09 - 2012

تنظيم القاعدة.. أحد أهم الحركات الإسلامية المسلحة التى ظهرت فى السنوات الأخيرة ورغم أنه أصبح تنظيماً دولياً «عابراً للقارات» فإنه بدأ بخلايا متواضعة اقتصر نشاطها على ضرب الأهداف الغربية بحجة الدفاع عن الإسلام والمساهمة فى حل قضايا مزمنة مثل القضية الفلسطينية . غير أن هذه الخلايا سرعان ما تحولت إلى تنظيم مسلح قوى بعد تنفيذ برنامج «عملية الإعصار» الذى وضعته المخابرات الأمريكية هادفة منه زرع شوكة فى حلق الشيوعية السوفيتية التى كانت تتوغل فى أفغانستان .ومن بعد ذلك أصبح «تنظيم القاعدة» المتحدث الرسمى باسم الجهاد الإسلامى وراح يبحث عن أوطان جديدة له فى السودان والعراق واليمن وانتشرت أذرعه فى مصر والجزائر وسمعت كل بلاد العالم دوى عملياته التفجيرية وعاش المسلمون انعكاسات هذه العمليات بكل مرارة وقهر ولعل آخرها أحداث 11 سبتمبر والتى بسببها لايزال العراق يعانى من الوجود الأمريكى.. ولأن كل أعمال العنف بدأت بأفكار متطرفة فقد كان للفكر المتطرف تأثير على زعيم التنظيم وأبيه الروحى أسامة بن لادن الذى اغتالته أمريكا فجر 2 مايو الماضى فى عملية نفذها الكوماندوز الأمريكى خلال 40 دقيقة لتكون هذه العملية بداية لانكسار التنظيم الذى ظل لسنوات طويلة سيرة مرعبة وضيفًا غير مرغوب فيه.
«أكتوبر» رصدت التطورات التى لحقت بذلك التنظيم وحاولت قراءة ملامح مستقبله أستناداً على الأسس التى قام بها والأهداف التى سعى إليها والأدوات التى استخدمها من أجل التكوين ثم البقاء فى الاستمرار.
* تركيبة التنظيم العنكبوتى
تنظيم القاعدة هو حركة متعددة الجنسيات إسلامية أصولية تأسس فى الفترة بين أغسطس 1988 وعام 1990تدعو إلى الجهاد الدولى. ترتكز حاليًا وبكثافة فى اليمن وخاصة فى المناطق القبلية والمناطق الجنوبية، فيما عرف باسم تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب وهاجمت القاعدة أهدافًا مدنية وعسكرية فى مختلف الدول، مستخدمة أساليب الهجمات الانتحارية والتفجيرات المتزامنة، والتى يقوم بها أحد أعضاء التنظيم الذين تعهّدوا بالولاء لأسامة بن لادن مؤسس التنظيم والأب الروحى له أو بعض الأفراد الذين خضعوا للتدريب فى أحد المخيمات فى أفغانستان أو السودان الدولتين اللتين أحتضنتا التنظيم منذ تأسيسه.
تشمل أهداف القاعدة إنهاء النفوذ الأجنبى فى البلدان الاسلامية، وإنشاء خلافة إسلامية جديدة. معتقداً أن هناك تحالفًا مسيحيًا - يهوديًا يتآمر لتدمير الإسلام، وتحت اسم «القاعدة» اتفق بن لادن والأعضاء المؤسسون على أن «القاعدة» ستكون الجماعة الرسمية التى تجمع الفصائل الإسلامية التى هدفها رفع كلمة الله والانتصار لدينه. وكانت هناك قائمة شروط للعضوية مثل السمع والطاعة وحسن الخلق والتعهد بطاعة القادة. وتمثل كبار قادتها فى سيد إمام الشريف وأيمن الظواهرى وعبد الله عزام وأسامة بن لادن وقد اتفقوا على توظيف أموال بن لادن مع خبرة منظمة الجهاد الإسلامى التى كان يمثلها الظواهرى قادما من مصر، لمواصلة الجهاد فى مكان آخر بعد أن انسحب السوفييت من أفغانستان. وفى أبريل 2002، أصبح اسم المجموعة «قاعدة الجهاد». نتيجة لعملية الدمج بين تنظيم الجهاد فى مصر بقيادة أيمن الظواهرى مع بن لادن والجماعات التى تحت سيطرته، بعد عودته إلى أفغانستان فى البداية، كان الهدف من تأسيس القاعدة محاربة الشيوعيين فى الحرب السوفيتية فى أفغانستان بدعم من الولايات المتحدة التى كانت تنظر إلى الصراع الدائر فى أفغانستان بين الشيوعيين والأفغان المتحالفين مع القوات السوفيتية من جهة والأفغان المجاهدين من جهة أخرى، على أنه يمثل حالة صارخة من التوسع والعدوان السوفييتى. موّلت أمريكا عن طريق المخابرات الباكستانية المجاهدين الأفغان من خلال برنامج لوكالة المخابرات المركزية سمى ب?«عملية الإعصار».
فى الوقت نفسه، تزايدت أعداد العرب المجاهدين المنضمين للقاعدة الذين أطلق عليهم «الأفغان العرب» للجهاد ضد النظام الماركسى الأفغانى، بمساعدة من المنظمات الإسلامية الدولية، وخاصة مكتب خدمات المجاهدين العرب، الذى أمدهم بأموال تقارب 600 مليون دولار فى السنة تبرعت بها حكومة المملكة العربية السعودية والأفراد المسلمين وخاصة من السعوديين الأثرياء المقربين من أسامة بن لادن.
الهيكل التنظيمى
على الرغم من أن الهيكل الحالى لتنظيم القاعدة غير معروف، حيث تم الحصول على معلومات معظمها من جمال الفضل الذى قدم للسلطات الأمريكية صورة تقريبية لكيفية هيكلة التنظيم وبالرغم من أن صحة المعلومات المقدمة من الفضل وما دفعه للتعاون محل شك، فإن السلطات الأمريكية اعتمدت على شهادته فى تصورها الحالى عن تنظيم القاعدة.
أسامة بن لادن هو الأمير ورئيس هيئة عمليات القاعدة (على الرغم من أن هذا الدور قد يكون شغله أبو أيوب العراقى ويعاونه مجلس الشورى، الذى يتألف من كبار أعضاء القاعدة، والذى قدره مسئولون غربيون بحوالى عشرين إلى ثلاثين شخصا. ويتولى أيمن الظواهرى منصب نائب رئيس عمليات القاعدة، بينما يتولى أبو حمزة المهاجر زعامة تنظيم القاعدة فى العراق
وتتوزع المهام داخل التنظيم كالآتى: «اللجنة العسكرية»: هى المسئولة عن عمليات التدريب وتوفير الأسلحة والتخطيط للهجمات.
«لجنة المال / الأعمال» وهى التى تمول العمليات من خلال الحوالات، وتوفر تذاكر الطيران وجوازات السفر الزائفة، وتدفع الأموال لأعضاء القاعدة، وتشرف على أرباح الأعمال. وفى تقرير لجنة 9 / 11، تم تقدير أن القاعدة تحتاج مبلغ 30 مليون دولار أمريكى سنويًا لإجراء عملياتها. أما «لجنة الشريعة» فهى تراجع الشريعة الإسلامية، وتقرر مطابقة مسارات العمل للشريعة
* مكاتب الخدمات
أسس عبد الله عزام وابن لادن مكتباً للخدمات فى بيشاور ( باكستان ) فى عام 1984وكان النواة الرئيسية لتنظيم القاعدة الذى تم تأسيسه بعد ذلك برعاية أمريكية وفى عام 1986 افتتح المكتب شبكة من مكاتب التجنيد فى الولايات المتحدة، أبرزها كان مركز اللاجئين «كفاح» فى مسجد الفاروق فى شارع الأطلسى ببروكلين ومن بين أبرز الشخصيات «الشيخ الضرير» عمر عبد الرحمن رائد عملية تجنيد المجاهدين فى أفغانستان.
كان مكتب الخدمات يوفر دورًا لضيافة المجاهدين فى بيشاور قرب الحدود الأفغانية، ومعسكرات شبه عسكرية للتدريب فى أفغانستان لإعداد مجندين دوليين غير أفغان لجبهة الحرب الأفغانية، وقد أقنع عزام بن لادن بالانضمام إلى مكتب الخدمات، الذى استخدم ماله الخاص وعلاقاته مع «العائلة المالكة فى السعودية وأصحاب المليارات النفطية فى الخليج»، لبذل المزيد من الجهد لمساعدة المجاهدين.
ولم يكن الدور الذى يقوم به مكتب الخدمات والمتطوعين المسلمين الأجانب، أو «الأفغان العرب» فى الحرب كبيرًا. فمن بين ال 250,000 مجاهد أفغانى الذين قاتلوا السوفييت الشيوعيين والحكومة الأفغانية، لم يكن هناك أكثر من 2,000 مجاهد أجنبى فى أية فترة من فترات الحرب فى وقت واحد. ومع ذلك، فإن المجاهدين المتطوعين الأجانب، كانوا من 43 دولة وعدد الذين شاركوا فى الحرب الأفغانية فى الفترة بين عامى 1982 و 1992، كان 35,000.
* القاعدة فى السودان
..مع نهاية المهمة العسكرية السوفيتية فى أفغانستان، أراد بعض المجاهدين توسيع نطاق عملياتهم لتشمل مدّ الجهاد الإسلامى فى أجزاء أخرى من العالم، كإسرائيل وكشمير.
وفى الفترة بين عامى1992 وحتى 1996 اتخذ بن لادن من السودان مقرا له بناءً على دعوة من الدكتور حسن الترابى وخلال هذه الفترة، ساعد بن لادن الحكومة السودانية، وأنشا عدة مؤسسات اقتصادية وأقام معسكرات لتدريب المقاتلين.
بعد انسحاب السوفييت، أصبحت أفغانستان فعليًا بلا سلطة حاكمة لمدة سبع سنوات، وعانت من القتال المستمر بين الحلفاء السابقين ومجموعات مختلفة من المجاهدين. وخلال التسعينات، بدأت قوة جديدة تظهر، وهى حركة طالبان التى ترجع أصولها إلى طلاب المدارس فى أفغانستان، والذين تيتم الكثير منهم من جراء الحرب، وكثير منهم تلقوا تعليمهم فى شبكة من المدارس الإسلامية المنتشرة سواء فى قندهار أو فى مخيمات اللاجئين على الحدود الأفغانية الباكستانية.
بعدما أعلنت السودان أن بن لادن وجماعته لم يعد مرحباً بهم فى تلك السنة، وفرّت طالبان التى تسيطر على أفغانستان موقعاً مثالياً لتنظيم القاعدة لإقامة مقرها وتمتعت القاعدة بحماية حركة طالبان، وبقدر من الشرعية لأنها كانت جزءاً من وزارة دفاعها، على الرغم من أن باكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هم فقط من اعترفوا بحركة طالبان كحكومة شرعية فى أفغانستان.
والفترة طويلة تمتعت القاعدة بملاذ آمن فى أفغانستان التى تسيطر عليها طالبان، حتى هزيمة طالبان من قبل مجموعة من القوى المحلية وشعبة الأنشطة الخاصة شبه العسكرية بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والقوات الخاصة بالجيش الأمريكى والقوات الجوية فى عام 2001. ويعتقد أن العديد من قادة تنظيم القاعدة لا يزالون فى المناطق التى يتعاطف سكانها مع طالبان فى أفغانستان أو فى المناطق القبلية.
الأصول الفكرية
تطورت الحركة الإسلامية الأصولية عمومًا والقاعدة خصوصًا خلال فترة الصحوة الإسلامية فى العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين إلى جانب حركات أخرى أقل تطرفًا. وقد ذهب البعض إلى أنه بدون كتابات المفكر الإسلامى سيد قطب لما تواجدت القاعدة. فقطب قال إنه بسبب عدم تطبيق الشريعة فى العالم الإسلامى، فإنه لم يعد إسلاميًا، وعاد إلى الجاهلية.
ولكى يعود الإسلام، فالمسلمون بحاجة لإقامة «دولة إسلامية حقيقية» مع تطبيق الشريعة الإسلامية، وتخليص العالم الإسلامى من أى تأثيرات لغير المسلمين، مثل مفاهيم الاشتراكية أو القومية. ويرى سيد قطب أن أعداء الإسلام يتضمنون «المستشرقين الغادرين»، و»اليهود» الذين يحيكون المؤامرات للإسلام.
وكان لقطب تأثير أكبر على أسامة بن لادن وعضو آخر بارز فى تنظيم القاعدة، وهو أيمن الظواهرى. كان خال أيمن الظواهرى محفوظ عزام، من طلاب قطب ومحاميه ومنفذ وصيته، ومن آخر من رأوا قطب قبل إعدامه. واستمع أيمن الظواهرى وهو شاب مرارًا وتكرارًا من خاله محفوظ عن نقاء شخصية قطب والعذاب الذى قاساه فى السجن».
*الخارجية الأمريكية : أبناء ((بن لادن)) فى طريقهم للزوال
أفاد التقرير السنوى لوزارة الخارجية الأمريكية حول الإرهاب بأن «الهجمات الإرهابية انخفضت العام الماضى إلى أدنى مستوى منذ عام 2005، وتحديداً من 11641 ضحية عام 2010إلى 10283 ضحية العام الماضى، ملمحاً إلى أن «تنظيم القاعدة فى طريق الزوال بعد مقتل عدد من قادته، فيما وصف إيران بأنها» الداعم الرئيسى للإرهاب فى العالم عبر تمويل جماعات إرهابية ومسلحة فى الشرق الأوسط وأورد التقرير بعنوان « الدول والإرهاب2011» الذى قدمته الوزارة إلى الكونجرس أن «إيران والقاعدة تساعدان فى إذكاء الاضطرابات عبر نشر الأيديولوجية والخطاب العنيف المتطرف فى مناطق تعتبر الأكثر اضطراباً فى العالم».
وأشاد التقرير بمقتل زعيم القاعدة « أسامة بن لادن عملية نفذتها وحدة كوماندوز أمريكية على مخبئه فى باكستان فى مايو 2011، مؤكداً اضطلاع بن لادن بشكل كبير فى توجيه عمليات التنظيم وتحديد استراتيجيتة واعتبر أن مقتل بن لادن وعدد من القادة الرئيسيين للتنظيم بينهم عطية عبد الرحمن الذى يعتقد أنه الشخصية الثانية فى التنظيم، وأنور العوالقى الذى قاد عمليات تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب المتمركزه فى اليمن يضع القاعدة على طريق الزوال الذى يصعب تعويضة، لكن التقرير قال إنه «رغم أن المجموعة الأساسية فى التنظيم ضعفت خلال العام الماضى لكننا شهدنا ظهور جماعات مرتبطة بها فى أنحاء العالم.
وأشار إلى أن تنظيم القاعدة فى الجزيرة العربية يشكل التهديد الخطير الأكبر، بعدما نجح فى السيطرة على مناطق فى جنوب اليمن، وبات يستغل الأوضاع فى اليمن لتنفيذ مخطاطات ضد مصالح إقليمية وغربية.
واضاف أن «تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى ضعف فروع القاعدة ملأ خزائنه عام 2011 من أموال فدية عمليات الاختطاف.
وأورد التقرير أيضاً أن فروع تنظيم القاعدة تعمل فى العراق مستفيدة من انسحاب القوات الأمريكية رغم أنها خسرت بعض قادتها أخيراً.
ويمد الفرع العراقى للقاعدة الآن وجوده إلى سوريا، ويسعى إلى استغلال الثورة ضد بشار الأسد.
كما أكد التقرير المخاوف من مسلحى حركة «بوكو حرام» فى نيجريا وجماعات أخرى مرتبطة ب القاعدة « فى سيناء.
وأفاد التقرير أن إيران استمرت دولة راعية للإرهاب عام 2011، وزادت نشاطاتها الخاصة بالإرهاب، مرجحاً محاولة إيران استغلال الظروف السياسية غير المستقرة الناجمة عن الربيع العربى.
وأكد أن طهران تستمر فى توفير الأسلحة والتدريب لجماعات مسلحة مثل حزب الله اللبنانى.
واتهم التقرير الحرس الثورى الإيرانى بتدريب مسلحى حركة «طلبان»، والسماح لعناصر من القاعدة « بإستخدام أراضيها لتمرير أموال وعناصر إلى جنوب آسيا.
* التنظيم يتماسك فى مواجهة الغرب
بعد عام من اغتيال أسامة بن لادن عاد التسأول الأهم حول نتائج هذا الاختفاء على تماسك التنظيم، وهل ساهم رحيله فى تلاشى عصر القاعدة بوصفها أحد أهم التحديات أمام الغرب، أم أن التنظيم مازال رقماً صعباًفى توجهات الغرب تجاه المنطقة والإسلام بصفة عامة.
صعوبة الإجابة تعود إلى أن الصراع بين القاعدة والغرب لم يكن دائما مادياً بقدر ماكان صراع أفكار حول امتلاك التأثير داخل العالم الإسلامى إلا أن إختفاء بن لادن باغتياله فى 2 مايو 2011 واختفاء الغرب بذلك بوصفه المسمار الأخير فى نعش القاعدة، لم يكن النهاية.
وكان تضييق الخناق على منطقة القبائل الباكستانية، ونجاح استراتيجية الإغتيالات الموجهة من طائرات بدون طيار، أثراً كبيراً فى أن يفقد التنظيم حرية الحركة والقدرة على تنفيذ عمليات كبرى بعد اغتيال بن لادن.
كما شهد التنظيم نكسات متتالية بعد رحيل بن لادن إذ قتل عطية عبد الرحمن الليبى الشخص الثالث فى التنظيم فى وزير ستان، وقتل أيضا يونس الموريتانى فى غارة جوية.
كما نجحت المخابرات الأمريكية فى قتل أنور العولقى باليمن بعد استهدافه بصاروغ من طائرة بدون طيار وقد شاع فى الغرب أن القاعدة كظاهرة سياسية عسكرية انتهت، سواء على مستوى اختفاء الكوادر الحاكمة لعمل التنظيم، أو على مستوى القناعة العقائدية، وبعد كثير من المراجعات الفكرية ثم أتت ظاهرة الربيع التى سحبت الأضواء بعد النفوذ السياسى الذى تمتعت به فى القوى الإسلامية فى المنطقة.
إلا أن ثورات الربيع العربى حققت للقاعدة مالم تحققه أى متغيرات أخرى.
فوصول القوى ذات المرجعية الإسلامية للسلطة تجاوز ما كان يتمناه بن لادن نفسه.
وتظهر الوثائق الخاصة بزعيم القاعدة، أنه كان ينوى العمل على إعادة تصحيح صورة القاعدة الدموية فى عيون المسلمين قبل عام من اغتياله، إلا أن التنظيم لم ينجح فى هذا الانتقال بسبب عنف المواجهة مع أمريكا طوال تلك الفترة، والتى يبدو أنها استهدفت تحقيق غايات سياسية داخلية بالولايات المتحدة أكثر من احتواء تهديدات القاعدة.
إذ يعتقد أن ورقة مقتل بن لادن توفر للرئيس أوباما فرصة الحصول على ولاية ثانية فى انتخابات نوفمبر القادم النتيجة الثانية هى إتاحة حرية أكبر لعناصر التنظيم بالحركة والعمل داخل البلدان العربية، دون قيود مؤسسية وأمنية، إذ تمتعت الأذرع الإقليمية للقاعدة بحرية حركة لم تكن تعرفها دون حدوث ظاهرة الربيع العربى.
ويكفى أن نشير إلى أن عبد الله بالحاج أحد أهم قادة القاعدة الليبيين الذى كان سجيناً فى عهد القذافى، بات يسيطر على المجلس العسكرى لمدينة طرابلس وأحد القادة المعبرين عن ثورة 17 فبراير كما أن الحركة باتت تملك المال والسلاح للتأثير ليس على التفاعلات الداخلية فى بلدانها فحسب، وإنما أيضاً داخل البلدان المجاورة لها، إذ بدأت الأموال والسلاح ينتشران على نطاق واسع داخل المنطقة بشكل لم تعرفه من قبل، وباتا يمثلان مصدر تهديد غير مسبوق لاستقرار العلاقات الإقليمية بسبب الفوضى المنتشرة بالمنطقة وغياب الدور التقليدى للدولة العربية فى إدارة التفاعلات الداخلية والخارجية.
ومثال ذلك أن التمويل والسلاح اللذين حصل عليهما الطوارق داخل مالى مكنهم من السيطرة على شمالها وإعلان دولة مستقلة.
فالتمكين السياسيى وحيازة المال والسلاح مع حرية حركة أكبر يمكن أن نسميه عصراً جديداً للقاعدة فى طور جديد بات أكثر تهديداً للغرب على المستوى الاستراتيجى.
فالتيارات الإسلامية أصبحت فى موقع النفوذ والقوة ولديها من المشروعية السياسية مايمكنها من تحدى هيمنة ونفوذ أمريكا واسرائيل بالمنطقة، من خلال تصويب سياسة التبعية التى انتهجتها النخب السياسية السابقة.
وبعد عام من اغتيال بن لادن لا تشعر الولايات المتحدة بالأمن، فقد طلبت المخابرات الأمريكية الحصول على صلاحيات أكبر لتوسيع حربها السرية باستخدام الطائرات بدون طيار باليمن ومنطقة القبائل الباكستانية عبر شن غارات ضد أهداف يشتبه فى صلتها بالإرهاب.
كما أكدت هيلارى كلينتون وزير الخارجية الأمريكية فى تركيا على هامش مؤتمر مقاومة الإرهاب استمرار خطر القاعدة على الغرب.
* من يقتل العراقيين ؟
يعيش العراقيون حالة من الذهول أمام التفجيرات الدامية التى تضرب العاصمة بغداد وباقى المحافظات عن طريق سيارات مفخخة ومتفجرات تقتل الأبرياء وترهبهم وتهدم المبانى على رءوس ساكنيها، وتستهدف بشكل عشوائى عمالاً وتلاميذ صغاراً وآلافاً غيرهم العراقيون يريدون معرفة من يقف وراء أعمال العنف التى تقتلهم وتأخذ العراق نحو المجهول.
تنظيم القاعدة فى العراق فى غاية الخطورة، استفاد من الخلافات والصراعات بين السياسيين، وأعاد هيكلة أنصاره وطور تكتيكاته وصفى خصومه بطرق مختلفة لايخفى أن القوى الأمنية العراقية تشكلت على أسس بعيدة عن الفهم الجاد للعمل الأمنى المهنى والمحايد فى الصراع السياسى، وذلك جعل المنظومة الأمنية عرضة للاختراقات الخطيرة من جانب أطراف مسلحة، تم بعضهت بمساعدة أطرف سياسية، ولكن تنظيم القاعدة فهم طبيعة القوى الأمنية وتحركاتها وأهدافها وسلوك أفرادها وآليات اختراقهم أكثر من قدرة القوى الأمنية على فهم واختراق التنظيم.
والمعتقد الأمنى العراقى ربط دائما بين خلاليا القاعدة وانتمائها للمحيط الاجتماعى السنى، وقد استثمرت القاعدة الخلل فى مثل هذا الفهم لتنطلق إلى بيئات اجتماعية مختلطة وتعيد تأسيس خلاياها بطريقة مختلفة لتلك التى تشكلت بها من قبل.
وقد كشف عاما 2011 و2012 عن قدرةغير مسبوقة لتنظيم القاعدة على تنفيذ عمليات نوعية أوقعت خسائر فادحة.
ونجح التنظيم فى زرع الخلايا فى أكثر البيئات المناوئة وغير المواتية.
وكان تنظيم القاعدة تعرض لضربات ونكسات كانت توحى بنهايته فى العراق، ولا يتعلق الأمر فقط بمقتل كبار قادته الميدانيين والكشف عن مجموعة من أبرز خلاياه، وبدا محاصراً فى مناطق نفوذه، وغير قادر على استعادة قدرته على التجنيد ووجود خلل كبير فى تمويله دفعة إلى تنفيذعمليات اختطاف وسرقة للحصول على الأموال.
وبصرف النظر عن الآلية التى اعتمدها تنظيم القاعدة فى تشكيل خلاياه الناشطة حالياً، والوقت الذى تطلبه لزرعها فى مدن مثل الناصرية والبصرة وميسان وواسك الديوانية إضافة إلى الموصل والأنبار وديالى وبغداد، فإنه اعتمد مع بداية عام 2009 استراتيجية مختلفة فى تنفيذ هجماته يمكن إجمالها فى تنغيذ سلسلة عمليات كبرى ومتزامنة يتم الإعداد لها بعناية ، توقع أكبر قد من الضحايا وتجتذب أكبر اهتمام إعلامى.
وبواقع يصل إلى عملية كبيرة واحدة كل شهر تقريباً، وعبر خريطة جغرافية لا تستثنى أية مدينة عراقية.
ومع الانسحاب الأمريكى الكامل، ومع بروز الدولة من جديد ظهرت إمكانات حدوث ها توافق اجتماعى لتسوية الاحتقان الطائفى.
ولم تكن تلك النتائج مريحة للقاعدة، وبدأت تساؤلات عن مصير التنظيم.
لكن القوى الأمنية تراخت فى تحليل تحركات التنظيم وتحولاته، فأعلنت منذ ذلك التاريخ خططا أمنية تعتمد على عنصر واحد تقريباً هو نشر أكبر عدد من قوات الجيش والشرطة فى الشوراع وتنفيذ حملات اعتقال، والإعلان عن اعتقال العشرات من عناصر القاعدة ويتأكد أن كل تلك الإجراءات والاعتقالات لم تنجح فى إيقاف الهجمات الدامية الدورية للتنظيم، وبدا المشهد كأن القوى الأمنية تنشط فى مكان وتنظيم «القاعدة» ينشط فى مكان مختلف تماماً.
الفشل الأمنى تجسد فى عدم القدجرة على إنتاج منظومة استخباراتيةقادرة على إحتواء ترحات التنظيم وتحليلها.
ويمكن القول بأن أسباباً غير موضوعية استدعت تشكيل القوى الاستخبارية العراقية على أسس لاتنتمى إلى قواعد احترافية مجردة وكانت النتيجة أن تنظيم القاعدة استطاع اختراق المنظومة الأمنية.
ولم يتوافر للعراق حتى الآن الجهاز الأمنى القادرة على التفكير من داخل «عقل القاعدة» لتوقع تحركاته والواقع أن ضرورات غير أمنية حكمت تأسيس تلك القوى الأمنية وتعيين كبار قادتها.
وهنا يمكن الحديث عن الدور السياسى للاضطراب الأمنى، ليس باعتباره تورطاً مباشراً للسياسيين وأيضا ليس تورطاً لطائفة دون أخرى بدعم العنف.
والسؤال الذى يمكن طرحه اليوم مفاده «هل هناك تصور عن الأهداف المقبلة التى ينوى تنظيم القاعدة «استهدافها؟. أغلب الظن أن أحداً فى العراق لايمتلك الإجابة عن هذا السؤال.
*عودة الأفغان العرب.. البداية فى اليمن
ترجع بدايات تنظيم القاعدة فى اليمن عقب عودة من عرفوا باسم «الأفغان العرب»، ومنهم كثير من اليمنيين، فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى، وقد استهدفت أول عملية للتنظيم عام 1992 عناصر من قوات البحرية الأمريكية «المارينز»، والتى كانت تقيم فى فندق عدن وهى فى طريقها إلى الصومال.
ومنذ ذلك التاريخ، نفذ تنظيم القاعدة نحو 73 عملية، كان أبرزها استهداف سياح بريطانيين واستراليين فى أبين فى ديسمبر 1998، ثم تفجير المدمرة كول التى أودت بحياة 17 بحاراً أمريكياً، وكذا تفجير ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج قبالة شواطئ حضرموت شرق البلاد فى نوفمبر 2002. وفى مطلع عام 2009، أعلن التنظيم، بجناحيه اليمنى والسعودي، عن عملية دمج فى إطار تنظيم واحد، أطلق عليه «تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب».
وقد زاد نشاط «القاعدة» فى اليمن بشكل ملحوظ عقب الثورة التى تسببت فى رحيل الرئيس السابق على عبد الله صالح، حيث كثف التنظيم من عملياته العسكرية ضد الجيش اليمنى، إضافة إلى سيطرته على بعض المناطق، للدرجة التى أعلن فيها مؤخراً عن قيام إمارة إسلامية فى محافظة شبوة، إضافة إلى سيطرته على مدينة زنجبار منذ مايو الماضى، الأمر الذى يسلط الضوء على الصعوبات التى يواجهها الرئيس اليمنى الجديد «عبد ربه منصور هادى»، فى محاربة التنظيم واستعادة سلطة الدولة فى الجنوب التى ينعدم فيها القانون، حيث تتزايد الهجمات القاعدية بعد تنصيب الرئيس «هادى».
ويعد تصاعد عمليات «تنظيم القاعدة» فى اليمن مؤشرا خطيراً وأمرا يدعو إلى القلق، خاصة أن استقرار هذا البلد مسألة بالغة الحيوية بالنسبة لدول «مجلس التعاون الخليجى»، فضلا عن كونه يتحكم فى أحد أهم المضايق البحرية فى العالم، وهو «مضيق باب المندب» الذى يقع بين اليمن والقرن الإفريقى، ويمر عبره خط الملاحة البحرية ل « قناة السويس»، وكذلك ناقلات النفط، وهو ما يضاعف المخاوف الدولية أن يستغل تنظيم «القاعدة» الأوضاع الانتقالية الراهنة فى اليمن من أجل امتلاك القدرة على تهديد الملاحة فى المضيق، ومن ثم التأثير السلبى فى التجارة الدولية بشكل عام، وإعطاء دفعة للقرصنة البحرية التى تنشط بشكل كبير فى خليج عدن والبحر الأحمر.
وكانت القاعدة فى اليمن تتخذ من القيادة المركزية للتنظيم قيادة موحدة، حتى تم اختيار أبو على الحارثى -42 عاما- أول قيادة محلية لفرع القاعدة، وكان اهتمام القيادة المركزية تأسيس ركائز تمهد لانتقال الشيخ أسامة بن لادن لليمن، ولكن أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 عجلت بمقتل القيادة المحلية وتفكيك خلايا التنظيم قتلا واعتقالا مابين العام (2002-2006) واقتصرت اهتمامات القاعدة فى اليمن بعد ذلك على متابعة الجبهات الساخنة فى العراق وأفغانستان والصومال وغيرها، ونشر الأفكار والأخبار والمواد الإعلامية المتعلقة بتلك الجبهات، وإبقاء اليمن محطة انتقال وإمداد بشرى لتلك الجبهات من مختلف مناطق العالم.
وقد مثل الثالث من فبراير 2006 تاريخا جديدا على الساحة اليمنية والإقليمية للقاعدة؛ حين سجل ثلاثة وعشرون مشتبها بالإرهاب -بينهم قياديون فى تنظيم القاعدة- هروبا من أهم سجن للأمن السياسى فى اليمن، وأعاد تجميع خلاياه تحت قيادة جديدة تمت مبايعتها فى السجن (أبو بصير ناصر عبد الكريم الوحيشى-33 عاما- أمير التنظيم الجديد) وتمت عملية الهروب عبر حفر نفق (طوله 45 مترا، وعمقه خمسة أمتار، فى أقل من شهرين).
وقد أقامت القيادة الجديدة – بعد استقرارها خارج السجن - معسكرات تدريب، وبدأت مد خطوط الاتصال مع جميع الفروع للقاعدة فى العالم بما فيها القيادة المركزية فى أفغانستان، وتوافدت عناصر تبايع الإمارة الجديدة فى اليمن بعد تزكية التنظيم الأم لها فى خطاب للرجل الثانى فى القاعدة أيمن الظواهرى نوفمبر 2008.
واهتمت الإمارة الجديدة بالانتشار الأفقى فى أوساط المجتمع اليمنى، ونفذت عمليات قليلة فى ثلاث سنوات (أربع عمليات) أبرزها اقتحام السفارة الأمريكية فى صنعاء سبتمبر 2008، واغتيال قيادات أمنيه مهمة فى مكافحة الإرهاب .
واستكمل التنظيم بناء هيكلته بإنشاء اللجنة الشرعية، وفريق التصنيع الذى صمم مواد شديدة الانفجار، إضافة إلى إنشاء فريق التنظيم والتدريب..
أسباب التصعيد
ومما لا شك فيه أن هناك عوامل وراء تصاعد نشاط تنظيم القاعدة فى اليمن خلال الآونة الأخيرة ومن أبرزها:
تمركز تنظيم القاعدة فى اليمن فى البؤر غير المستقرة والمساحات الشاسعة، ذات التضاريس الصعبة، وفى المناطق التى
لا تتوافر فيها نسب تعليم وظروف معيشية مرتفعة. إضافة إلى استفادة التنظيم من الاضطرابات السياسية فى البلاد عقب اندلاع الثورة فى اليمن، وانشغال الجيش بالأوضاع الداخلية والصراع على السلطة، حيث قام التنظيم بتوظيف الأوضاع المضطربة التى شهدتها البلاد طوال الأشهر القليلة الماضية فى تعظيم نفوذه ووجوده فى العديد من المدن اليمنية، خاصة فى المحافظات الجنوبية.
وقد حاول التنظيم المشاركة فى الثورة من أجل كسب تعاطف الثوار اليمنيين، فقام بعدد من العمليات خلال الاحتجاجات الشعبية، كان بعضها اشتباكات ضد قوات الدولة فى محافظة لودر أواخر الشهر الماضي، وعمليات اغتيال للقيادات العسكرية وعناصر الأمن، التى تعهد النظام باستمرارها منذ ستة أشهر.
السبب الثالث لتصاعد نشاط القاعدة فى اليمن مؤخراً هو سيطرة التنظيم على بعض المناطق فى اليمن، مما أوجد له قاعدة للانطلاق وأماكن للتدريب والتجنيد، مثل إنشاء معسكر تدريبى فى منطقة زندان بمديرية أرحب، يضم 300 من عناصر تنظيم القاعدة، حيث تلقوا تدريبات مكثفة على مختلف أنواع الأسلحة، بما فيها صواريخ (لو) وقذائف (الآر بى جى)، وتنفيذ العمليات الهجومية باستخدام دراجات نارية وسيارات مكشوفة ضد أهداف ثابتة ومتحركة وطريقة زرع العبوات الناسفة.
كذلك تمكن أعضاء التنظيم من الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات والذخائر من مواقع الجيش اليمنى التى هاجمها التنظيم فى الآونة الأخيرة فى جنوب وجنوب شرق اليمن، حيث يتواجد التنظيم بشكل كبير، مما جعل من اليمن منطقة مناسبة لنشاطه، فى الوقت الذى جاء فيه للدولة اليمنية ما يشغلها، بصورة غير مسبوقة، مما يعزز حال عدم الاستقرار، نتيجة الانشغال الكامل بالمطالبين بإسقاط النظام ورحيل الرئيس، وحصول انقسام كبير فى الجبهة العسكرية الرسمية، بين فريق يؤيد المطالبين بإسقاط النظام، وآخر لا يزال موالياً للرئيس ونظامه.
استراتيجية القاعدة
ويحاول تنظيم القاعدة فى اليمن استباق الزمن قبل أن يستكمل النظام اليمنى الجديد قوته، حيث يعيش التنظيم حالة من القلق والخوف، نتيجة التسارع فى نقل السلطة واستعادة الدولة لقوتها وهيبتها، وقد ترجم هذا القلق القاعدى فى الإسراع بتنفيذ العديد من العمليات الكبيرة.
وكان العديد من عمليات تنظيم القاعدة الأخيرة فى اليمن قد استهدف المؤسسات العسكرية والأمنية التى يقودها أبناء عائلة الرئيس السابق على عبد الله صالح، بما فيها قوات الحرس الجمهوري، والأمن المركزي، والقوات الجوية، وهو ما فسره البعض بأن النظام السابق يقف وراء تدبيرها، وأنها محاولة لإعطاء رسائل للغرب بضرورة الإبقاء على أفراد عائلة صالح فى عملية هيكلة الجيش الجديدة، وفقا للمبادرة الخليجية بشأن اليمن.
ولم تفلح القاعدة فى تحديد أهداف جديدة لعداءاتها، فلم تجد أمامها سوى مؤسسات بقايا النظام السابق كأهداف لعملياتها، حيث تتهمهم بالعمالة والارتهان لأمريكا، وأن هذه المؤسسات تعمل ضد الثورة الشعبية، حتى لا تخسر الشارع، وحتى لا تصطدم بالشعب، لذا فإن أهداف القاعدة الحالية منتقاة حتى تعطى لها الشرعية.
واعتمدت استراتيجية التنظيم فى الأيام الأخيرة على زيادة وتيرة العمليات بشكل متتال وغير مسبوق فى أكثر من منطقة فى اليمن، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من الجنود والضباط، إثر استهدافها لمعسكرات الجيش والأمن فى حضرموت وأبين وصنعاء وغيرها، وذلك إثر قلق القاعدة وخوفها من القادم المجهول، لأنها تتوجس كثيرا من التغييرات القادمة، خاصة فى مؤسسات الجيش والأمن التى من المقرر أن تطولها عملية تغيير شاملة، عبر خطة إعادة هيكلة الجيش، وفقا للمبادرة الخليجية، خاصة أن خطاب الرئيس اليمنى الجديد، عبد ربه منصور هادي، حيال مكافحته للإرهاب ينبئ عن عزيمة فى مكافحة القاعدة والتعامل بجدّية مع ملف الإرهاب فى بلاده، والذى أعطاه دافعا دينيا، وليس بُعدا سياسيا فحسب.
ويتبنى تنظيم القاعدة فى اليمن هدفاً تكتيكياً، هو إنشاء «دولة إسلامية»، ومن ثم هدف آخر استراتيجى، هو إقامة «الخلافة الإسلامية» من خلال تصدير مشروعه الجهادى إلى كل دول الجوار، حيث إن هدف إقامة الخلافة هو حلم التنظيم الأكبر، وهو أهم الأهداف التى يسعى إليها، وهذا الأمر يفصح عنه التنظيم، ويؤكده فى سائر أدبياته وإصداراته.
إضافة إلى أن استراتيحية القاعدة تهدف إلى خلق نوع من الراديكالية عند الشعوب العربية الإسلامية، والتى تتمثل فى إسقاط الحكومات، وأن يستبدل بها حكومات إسلامية، مبنية على أطروحاتها فى أن القيادات العربية متعاونة مع الغرب. وفى حال فشل الإطاحة بحكومة بلد ما، سيعمل على تكوين إمارات إسلامية فيه، كما فى العراق. وبشكل عام، فإن التنظيم ليس حركة سياسية، أو جماعة إصلاحية تريد الوصول للحكم، بل هو تنظيم أسلوبه الإرهاب والعنف، ويسعى لخلق بيئة خاصة، تسود فيها الاضطرابات، وتكثر فيها القلاقل والفوضى، حيث يسعد التنظيم بمثل هذه البيئة. وفى حال وجد التنظيم هذه البيئة، فإنه سوف يستغلها، وسيظهر مباركته لها.كما أنه لا شك فى أن تنامى «القاعدة» سوف تكون له تداعياته الخطيرة على اليمن وعلى دول الجوار، مما يسبب خطراً سياسياً واقتصادياً على الدول المجاورة والغرب معاً، خاصة أن التنظيم يرفع شعار «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب».
وجهة جاذبة
يقول أيمن فايد المستشار الإعلامى لزعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن – إن هناك عوامل تجعل من اليمن وجهة جذابة لنشاط القاعدة فهى تمتلك مساحة شاسعة، وتتحكم بمضيق باب المندب، وانفتاحها على دول الخليج من جهة وعلى القرن الإفريقي من جهة أخرى، وما يوفره ذلك من سهولة توفير الذخيرة والسلاح، كما أن للبلاد طبيعة جغرافية متنوعة ووعرة، وتعتبر من أصلح المناطق لحروب العصابات الجهادية، بالإضافة إلى تعاون بعض رموز القبائل اليمنية معهم، ونتيجة لتوافر تلك العوامل، لجأت عناصر القاعدة إلي اليمن، هرباً من السعودية والعراق وأفغانستان، وأصبح هناك ما يسمى (قاعدة شبه الجزيرة العربية).
وأضاف أن تنظيم القاعدة موجود فى باكستان وأفغانستان فقط، منوهاً بأن القادة الأصليين الذين تربوا على يدي أسامة بن لادن أو تلاميذه لم يقيموا أيه فروع ل?«القاعدة» إلا فى العراق بعد تعرّضه للغزو فى العام 2003، وفى اليمن فى وقت لاحق.
ويرى فايد أن الإعلام الغربى يضخّم من الحديث عن «القاعدة»، ويبالغ فى التهويل من شأنها أو شأن المجموعات المرتبطة بها فكرياً، ويرجع ذلك إلى أهداف سياسية تبيح له التدخل.
ويوضح أن حجم العمليات المنفذة فى اليمن من قبل تنظيم القاعدة فى الآونة الأخيرة، ونوعيتها، تدل على أن التنظيم مازال يعمل ويتحرك فى مساحات واسعة، ولديه قدرة نسبية على التخطيط والإعداد لتنفيذ عمليات توصف رسميا بأنها إرهابية وانتقامية ضد أهداف مهمة وحيوية فى البلد.
وولفت إلى أن تنظيم القاعدة يعمل وفق استراتيجية معينة، ولا يدخر جهدًا من أجل تحقيق غاياته المتمثلة فى إضعاف الدولة المركزية تمهيدًا للقضاء عليها، وتمكينه بعد ذلك من إقامة إمارات إسلامية تكون منطلقًا لتصدير مشروعه الجهادي صوب المنطقة، ومن ثم تحقيق حلم القاعدة الأكبر بإقامة دولة الخلافة الإسلامية.
وكشف فايد النقاب عن ما قام به الرئيس اليمنى السابق عبد الله صالح حول استخدام الجماعات الجهادية المسلحة، مثل تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المحلية، المتشددة دينيًا، فى العديد من الصراعات السياسية الداخلية، وقد كانت أحداث حرب صيف 94، وما قبلها أبرز مثال على ذلك؛ ففي أثناء اشتداد الأزمة بين شريكي الحكم آنذاك (المؤتمر الشعبى العام والحزب الاشتراكى اليمنى) استغلت قيادة المؤتمر الشعبي العام عودة العديد من الجهاديين اليمنيين والأجانب الذين حاربوا الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان إلى اليمن، ووظفت كرههم العقائدى للحزب الاشتراكى من أجل القضاء عليه، وقد كان الشيخ طارق الفضلى المتهم بضلوعه فى تنفيذ عمليات اغتيال ضد قيادات بارزة فى الحزب الاشتراكى على رأس الجماعات الجهادية التى عادت إلى اليمن، وقد تمركز هو وأتباعه فى جبال المراقشة بمحافظة أبين فى ظل تسهيلات قُدِّمت لهم من قبل سلطة المؤتمر الشعبي العام فى صنعاء.
*فى بلاد المغرب.. يتحدى الحكومات والنفوذالفرنسى
تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى هو تنظيم سلفى مسلح، نشأ عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، التى غيرت اسمها فيما بعد إلى «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى» وأعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة، وقد نشأ هذا التنظيم فى 25 يناير 2007، ولا تختلف أهدافه الأساسية كثيراً عن أهداف تنظيم القاعدة الأم.
ويقود هذا التنظيم عبد الملك درودكال وبجواره عمار سيفى نائب قائد الجماعة، وكذلك مختار بلمختار الذى يشرف على الجماعة فى منطقة الصحراء الكبرى على الحدود مع كل من مالى والنيجر. ولا توجد إحصاءات دقيقة لعدد مقاتلى الجماعة، لكن أغلب المصادر تقدر عددهم بما بين 300 و800 مقاتل أغلبهم من الجزائر يين، فيما يتوزع الباقون على جنسيات دول أخرى أبرزها موريتانيا، ليبيا، المغرب، مالى.
أما عن مجال عمل التنظيم، فإنه ينشط بصفة أساسية فى الجزائر ويمتد نفوذه إلى موريتانيا وتونس والنيجر ومالى وجنوب الصحراء. كما يتولى التنظيم تدريب عناصر من دول الجوار التى تنفذ عمليات داخل أراضيها، على غرار موريتانيا والمغرب وتونس. وقد قسّم تنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى شمال أفريقيا إلى مجموعة من المناطق العسكرية، وجعل لكل منطقة أميراً يتولى تنفيذ أهداف التنظيم فيها.
وبوجه عام فإن هذا التنظيم يتحدى بشكل أساسى حكومات دول المنطقة، بالإضافة إلى النفوذ الفرنسى فى تلك الدول. ويتمركز التنظيم فى منطقة الصحراء، الواقعة فى المثلث الحدودى بين الجزائر ومالى وموريتانيا والنيجر، لتشكل أحدث مناطق تمركز خلايا التنظيم، بفعل انتشار عناصر القاعدة فى المنطقة، ونجاح أفراد التنظيم فى بناء شبكة من التحالفات مع القبائل التى تعد الحاكم الفعلى للمنطقة وفى جولة جديدة من الحرب ضد التنظيم، تمكنت القوات الأمنية الجزائرية من القضاء على وحدة من كتيبة زمورى، على اسم أميرها بوبكرزمورى وهو من بيت الرجال الذين قتلوا. وصادرت القوات ألمسلحة ألواحاً شمسية تستخدمها هذه الوحدة، الأكثر نشاطاً فى تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى فى وسط الجزائر.
وكانت وحدة زمورى قد نفذت عشرات الإعتداءات الانتحارية بين عامى 2007 و2008 وترفع العملية الأخيرة عدد القتلى من أعضاء التنظيم إلى أربعين قتيلاً منذ بداية العام. وطبقاً ل «ميثاق السلم والمصالحة» قام 25 من أعضاء التنظيم بتسليم أسلحتهم خلال النصف الأول من العام.
وكان تليفزيون النهار الجزائرى الخاص قد أذاع فى السابع والعشرين من يونيو الماضى خبر مقتل مختار بلمختار أحد مؤسسى التنظيم.
ويعتقد أن بلمختار له علاقة بحوادث خطف أجانب وقعت خلال الأعوام الماضية. وقضت محكمة جزائرية غيابياً بسجنه مدى الحياة فيما يتعلق بقتل 10 ضباط جمارك جزائريين عام 2007. ويقود بلمختار إحدى كتيبتين فى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى بالمنطقة الصحراوية بجنوب الجزائر المتاخمة لمالى. وقد نفى التنظيم وفاة بلمختار، وقال أحد مساعديه الأسبوع الماضى إن مختار حى ويقود عمليات عسكرية، وأكد عدم صحة نبأ مقتله خلال اشتباكات فى شمال مالى ببلدة جاو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.