نجح المقاتلون المعارضون للنظام السوري خلال الساعات الماضية في ان يقطعوا عمليا الطرق التي تربط محافظة الرقة (شمال شرق) بمدينة حلب (شمال)، بعد استيلائهم على سد استراتيجي على نهر الفرات، في وقت تتواصل العمليات العسكرية في دمشق ومحيطها. سياسيا، رأى رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف ان دعم فرنسا للائتلاف الوطني السوري المعارض "غير مقبول اطلاقا في نظر القانون الدولي". على الارض، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين ان "مقاتلي الكتائب الثائرة سيطروا على سد تشرين والابنية المحيطة به في ريف حلب بعد اقتحامه الاحد اثر اشتباكات مع القوات النظامية وحصار للمنطقة دام اياما عدة". واوضح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن ان "الاستيلاء على السد خطوة مهمة جدا، لانها تعني عمليا قطع كل الطرق التي تصل الرقة بحلب امام الجيش"، مشيرا الى ان هناك "طريقا صغيرة متبقية تجتاز النهر، لكنها صعبة ووعرة جدا". ويواصل المقاتلون المعارضون عملياتهم من اجل تضييق الخناق على القوات النظامية في مدينة حلب التي تشهد معارك دامية منذ اربعة اشهر. ومن اجل استقدام تعزيزات الى حلب من دمشق عبر الطريق السريع، يفترض بقوات النظام ان تمر في مدينة معرة النعمان الواقعة تحت سيطرة المقاتلين المعارضين منذ التاسع من تشرين الاول/اكتوبر. وشهدت المدينة الاثنين معارك عنيفة عند مدخلها الجنوبي، وتعرضت للقصف من طيران حربي مع بلدات اخرى محيطة بها. وهناك طريق اخرى عسكرية تربط دمشق بحلب، لكنها "صعبة هي الاخرى وطويلة". وبذلك، يكون المقاتلون المعارضون احكموا سيطرتهم على المنطقة الممتدة على مسافة 70 كلم بين محافظتي حلب والرقة المتاخمتين للحدود التركية من دون ان يعني ذلك انهم اصبحوا في مناى عن الغارات الجوية. في محافظة ريف دمشق، قتل تسعة اشخاص الاثنين جراء القصف الذي تعرضت له بلدات المعضمية والزبداني وجديدة عرطوز ومنطقة الريحان وغيرها. ومنذ ثلاثة ايام، تتركز العمليات العسكرية والخسائر البشرية في العاصمة ومحيطها حيث تحاول القوات النظامية القضاء على معاقل المقاتلين المعارضين. فقد تجمع هؤلاء في مناطق قريبة من دمشق يستخدمونها كقاعدة خلفية للتقدم نحو العاصمة. وذكر المجلس الوطني السوري المعارض في بيان له الاثنين ان "اكثر من 130 شهيدا سقطوا في الأيام الماضية في مدينة داريا" وحدها في ريف دمشق. واوضح المرصد السوري لحقوق الانسان ان غالبية هؤلاء من المقاتلين المعارضين. واشار بيان المجلس الى ان "قوات النظام تقصف المدينة منذ ثلاثة اسابيع بالأسلحة الثقيلة، من طائرات حربية مقاتلة وراجمات صواريخ ودبابات"، وان "معظم سكان المدينة نزحوا عنها (...)، وكثيرون منهم يبيتون في العراء وفي أماكن غير معدة للسكن في ظروف مناخية صعبة". وشدد على حاجتهم "بشكل عاجل للمعونة الغذائية والطبية وحليب الأطفال ولخيم وفرش تقيهم برد الشتاء القارس"، داعيا "المنظمات والهيئات الانسانية للتحرك بشكل عاجل لاغاثة مهجري داريا وسكانها". في المقابل، ذكرت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطات الاثنين ان داريا "تحولت خلال الاسابيع القليلة الماضية الى حصن للارهابيين الذين توافدوا اليها من مناطق عدة في ريف دمشق بهدف +الزحف+ نحو العاصمة". ونقلت عن مصادر في المنطقة ان اغلبية المسلحين "غير سوريين يضعون شعار تنظيم القاعدة ولديهم أسلحة وعتاد متوسط وثقيل، اضافة الى مدافع هاون". كما اوردت معلومات مفادها ان الجيش السوري يحكم الحصار على المدينة "وبدأ بالتقدم داخلها من محاورها الأربعة"، متوقعة "ان يستمر في تقدمه وان يحسم المعركة خلال الأيام القليلة المقبلة". وكتبت صحيفة "البعث" السورية الاثنين "أعلنت قواتنا المسلحة حربا بلا هوادة ضد تنظيم القاعدة وخلاياه الإرهابية التي باتت تشكل الجسم الرئيسي للغالبية الساحقة من الجماعات المسلحة في سوريا". وأكد وزير الاعلام عمران الزعبي من جهته خلال لقائه كوادر الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" ان "الحرب اليوم في سوريا أصبحت بين الدولة ومن يدعم منطقها ضد تنظيم القاعدة وائتلاف الدوحة الذي بات يمثل القيادة السياسية لجماعة الاخوان المسلمين الساعية لاعادة تاريخها الاسود في سوريا". فيما اكد رئيس مجلس الوزراء السوري وائل الحلقي خلال وضع حجر الاساس لعدد من المشاريع الخدمية والسكنية والتنموية فى دمشق، بحسب "سانا"، انه "بالرغم من كل التحديات التي تشهدها سوريا، فان مسيرة التنمية الشاملة ستستمر وتتصاعد". واضاف "ستخرج سوريا منتصرة وبعزيمة اقوى وامنع وسيعود الامن والامان والاستقرار الى ربوع الوطن". وقتل 119 شخصا في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا الاحد، بحسب المرصد الذي احصى اكثر من 40 الف قتيل خلال 20 شهرا من الازمة في سوريا. وفي حصيلة اولية للقتلى الاثنين سقط 18 قتيلا في سوريا، بحسب المرصد الذي يقول انه يعتمد للحصول على معلوماته على شبكة من الناشطين في كل انحاء سوريا ومصادر طبية. في موسكو، انتقد رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف في مقابلة مع وكالة فرانس برس وصحيفة لو فيغارو، دعم فرنسا للائتلاف السوري المعارض، معتبرا انه "غير مقبول اطلاقا في نظر القانون الدولي". وقال مدفيديف الذي يصل الى باريس مساء الاثنين في زيارة عمل تستمر يومين، ان قرار باريس الاعتراف بالائتلاف "ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري" والدعوة الى رفع الحظر على تسليم اسلحة الى المعارضين لنظام الرئيس السوري بشار الاسد هو "موضع انتقاد".