أصبح الدكتور عماد عبد الغفور كلمة السر فى تفتيت التيار السلفى.. هذا ما تؤكده الأحداث المتوالية خلال الفترة الماضية والتى بدأت بخلافات داخلية داخل حزب النور السلفى بين جبهة عبد الغفور وبين قيادات الدعوة السلفية ما لبثت أن هدأت حتى تفجرت أزمة أخرى انتهت باستقالته مع عدد كبير من أعضاء وقيادات الحزب واتجاههم إلى إنشاء حزب سلفى جديد يحمل اسم "الوطن". كل ذلك كان يجرى على الصعيد السلفي بينما كان خيرت الشاطر يبدو فى خلفية المشهد باعتباره المحرك الرئيسى لما يحدث فى أكبر حزب سلفى من خلال استخدام الدكتور عماد عبد الغفور بهدف تفتيت أصوات السلفيين لصالح جماعة الإخوان المسلمين. رغم أن مساعد رئيس الجمهورية، يعد من رموز الدعوة السلفية بالإسكندرية، الا أنه لم يأخذ موقفاً تجاه ما تعرض له الرمز السلفى الدكتور خالد علم الدين، بإقالته بطريقة غير لائقة، وقال عنها إنها كانت مفاجأة بالنسبة له، ولكن تصريح عبدالغفور جاء متأخراً وبعد فترة صمت طويلة، تعجب لها خالد علم الدين، وبعث له برسالة شكر ممزوجة بمرارة – حسب وصفه – قائلاً له فيه: " "ياااااااااااااه لسه فاكر يا د.عماد.........بعد إيه"، وأبدى علم الدين تعجبه أكثر من عبد الغفور وقال له مضيفاً : "دا القتيل مات ودفنوه من زمان عموما شكرا ولكنها ممزوجة بمرارة شديدة، أنا كنت أنتظر منك كلاما بالتفاصيل الحقيقية بما تعلم وفي وقتها المطلوب فكما تعلم فضيلتكم من قواعد شرعنا أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز". ومن صمت عبدالغفور ورسالة علم الدين، يبدو الكثير أيضاً، خاصة فى ظل أنباء ترددت تفيد بأن وشاية من عبدالغفور هى السبب فى الإطاحة ب"علم الدين".. كما يفيد أيضا بأن المهندس خيرت الشاطر النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين - والمعروف بمهندس المؤمرات - نجح بالفعل فى استقطاب عبدالغفور، بتعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية، ليكون سنداً له فى مؤامراته ضد التيار السلفى.. وهذا ما أشار إليه الشيخ ياسر برهامى القطب السلفى الكبير الذى تحدث عما يثار عن دور الشاطر في انقسام حزب النور، قائلاً إن ما يعلمه هو أن "النور" كان بداخله خلافات وأن من أقنع عبد الغفور بالانفصال عنه وتكوين حزب الوطن أصوات من الداخل وأخرى من الخارج"، مشيرا إلى أن أصوات الخارج وفقًا لتحالفات "الوطن" لها جذور إخوانية. فى السياق ذاته كشف رئيس حزب الوطن السلفى – تحت التأسيس - دون أن يقصد عن تحالفه وتوافقه بشكل مباشر أو غير مباشر مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث أشار إلى أنه إلتقى سراً بقيادات جبهة الإنقاذ الوطنى وهم الدكتور محمد البرادعى رئيس حزب الدستور ، وحمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى، والمرشح الرئاسى الخاسر عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر، ورأى البعض فى ذلك أنها محاولة إخوانية استخدمت فيها عبدالغفور لإستمالة قوى المعارضة، وكما هو معروف أن جماعة الإخوان المسلمين كانت تسعى طوال الفترة الماضية – ولا تزال بكل تأكيد – لتفتيت جبهة الإنقاذ؛ وإلهاءها عن دورها فى الشارع. وبدا مما سبق خلال معارك طاحنة داخل حزب النور السلفى أن هناك من سعى أيضاً ولا يزال حتى الأن لضرب هذا الحزب وكذلك الدعوة السلفية بالإسكندرية فى مقتل وتحجيمها – وهنا لا مصلحة لأحد فى ذلك حالياً على الأقل سوى لجماعة الإخوان المسليمن، نظراً لأن حزب النور وأغلب شيوخ الدعوة السلفية بالاسكندرية، لا يطمئنون للإخوان، وبالتالى ومنذ صعودهم السياسى، فقد إتخذوا فى أكثر من مناسبة؛ مواقف معينة وقفت بها ضد تطلعات الجماعة الحاكمة، لذا التزمت الجماعة بجهود المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد الأول للجماعة باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال "النور" وشيوخة وقادته وهذا ما حدث بالفعل.. ولكن النتيجة تقول أن أهم وأكبر حزب سلفى فى مصر انقسم على نفسه، ولا تزال الجهود المشار اليها سلفاً مستمرة حيث واقعة إقالة الدكتور خالد علم الدين بطريقة مهينة ومقصود بها الإساءة الى حزب النور الذى ينتمى اليه، والتى إستقال إعتراضاً عليها الدكتور بسام الزرقا. وكما هو معروف فإن هناك من وقف بجانب الدكتور عماد وشارك بكل قوة فى تأسيس "الوطن السلفى" وعلى رأسهم الشيخ سعيد عبدالغفور النائب الثانى لرئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية بالاسكندرية، وظهر هذا الدعم جليا عندما حضر عبد العظيم، حفل تدشين الحزب، والإعلان عن تدشين التحالف الإسلامى مع حازم صلاح أبو إسماعيل، حيث أعرب عبدالعظيم وقتها، عن أنه كان يأمل فى تدشين حزب الوطن من داخل مجلس أمناء الدعوة السلفية، ولكنهم رفضوا ذلك .. وفى مقابل ذلك أكد الشيخ ياسر برهامى النائب الأول لرئيس الدعوة السلفية أثناء اجتماع لمجلس إدارة الدعوة السلفية أن جماعة الإخوان المسلمون حاولت مرارا وتكرارًا اختراق حزب النور والدعوة السلفية وإسقاطهما، بواسطة سعيد عبد العظيم وعماد عبدالغفور، واعتبرهما خوارج على الدعوة والحزب. وفى سياق آخر.. انتقل الصراع بين برهامى من جانب وعبدالغفور وعبدالعظيم من جانب آخر، إلى مرحلة أخرى تتمثل فى تدخل خيرت الشاطر وتعيينه لسعيد عبدالعظيم عضوا لمجلس إدارة الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح - الكيان الإسلامى الذى يديره الشاطر من الباطن - وقام بتعيين عماد عبد الغفور رئيس حزب النور وقتها مساعدا لرئيس الجمهورية، فى الوقت الذى خرج منه برهامى ومجلس إدارة الدعوة السلفية خالى الوفاض من تشكيل الحكومة، أو التعيين ضمن الفريق الرئاسى وقد أرجع عبد الغفور تعيينه مساعدا للرئيس لشخصه وليس ممثلا للدعوة السلفية. ويأتى الشيخ حازم أبو إسماعيل من ضمن الذين وقفوا وتحالفوا علانية مع عبدالغفور، وهذا بالضرورة يعنى أنهما على توافق وتحالف على مبدأ دعم الإخوان المسلمين والرئيس مرسى، فكلاهما سانده ووقف خلف النظام الحاكم وقراراته، بداية من مطالبته بالالتفاف وراء قرارات الرئيس محمد مرسى، وتأييدها، وهو الذى قال في وقت سابق "أنا أشد على يد الرئيس مرسى، وأقول له "كلنا هنقف معاك فى الشوارع والطرقات"، وهو الذى قال أيضاً: "لا يوجد شريف يبقى فى بيته وبيت الرئيس يقتحم"، وأنه لا يحق لأحد إسقاط مرسى بغير صندوق الانتخابات، لأن ذلك سيؤدي لفوضى عارمة وبحار من الدماء لن يسلم منها أحد، وأعلم ان مؤيدينى بالملايين مستعدين للنزول وبذل دمائهم في مواجهة هذه المعارضة". وبعيداً عمن يقف ويتوافق نحو هدف دعم ومساندة الرئيس وجماعته، يتجلى من مواقف عبدالغفور وتصريحاته نفس الهدف والدور أيضا، فهو الذى يتبقى حتى الآن في الهيئة الرئاسية كمساعد الرئيس للتواصل المجتمعي مع كل الدكتور عصام الحداد مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، والدكتورة باكينام الشرقاوي مساعدة الرئيس للشؤون السياسية وكل من الدكتور محيى حامد، مستشار الرئيس للأزمات، والدكتورة أميمة كامل السلاموني، مستشار الرئيس لشؤون المرأة،. والدكتورأيمن علي، مستشار الرئيس لشؤون المصريين في الخارج والدكتور حسين القزاز، مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية. وتؤكد التوقعات المبدئية أن حزب الوطن السلفى الذى يقوده عبدالغفور سيتحالف بشكل غير مباشر مع جماعة الإخوان المسلمين، بقصد الحصول على ما هو ممكن من حزب النور والدعوة السلفية، وبالفعل بدأ "الوطن" فى تنفيذ ذلك على أرض الواقع.