معركة طاحنة دارت رحاها علي الهواء مباشرة في فلك الإعلام المصري، وراح طرفاها يكيل للآخر الاتهامات التي تؤكد عدم احترامه للحريات ونصوص القوانين واللوائح المعمول بها في إطار تنظيم العمل.. المعركة التي اندلعت كانت بين وزير الإعلام الإخواني صلاح عبدالمقصود، والدكتور أحمد بهجت - صاحب قنوات «دريم»- والتي بدأت منذ أن تم إشعال النيران بإصدار قرار بحجب البث عن قناة «دريم» الفضائية بحجة أن القناة تقوم بالبث من استوديوهاتها خارج مدينة الإنتاج الإعلامي وأن هذا يعد مخالفة صارخة للقانون المنظم للبث التليفزيوني.. هذا ما أعلنته جبهة الوزارة التي تجاهلت حصول القناة علي موافقة بالبث من خارج المدينة منذ أكثر من 6 سنوات ماضية إلا أن الوزير ورجاله ضربوا المثل العليا في الكيل بمكيالين حيث أعلن الوزير أن ما حدث مع «دريم» لن يتكرر مرة أخري مع قنوات الجزيرة والعربية الفضائية الإخبارية، وهنا أكد الوزير أن ما يبرر موقفه أن «دريم» حصلت علي الموافقة المزعومة من الوزير الأسبق أنس الفقي المحبوس حاليا علي ذمة قضايا في حين أن القنوات الأخري التي أعلن أنه لن يقترب منها سبق وحصلت علي الموافقة من وزارة ما بعد ثورة يناير.. ويبدو أن أسباب الوزير غير مقنعة خاصة أن الجميع يطالبه بتطبيق المقولة الشهيرة القائلة "المساواة في الظلم عدل" مؤكدين أنه كان ينبغي علي الوزير ألا يقترب من قناة «دريم» الآن وألا يبرر موقفه بحصولها علي موافقة من أحد رجال مبارك إلا أن المتابعين للموقف يرون أن الوزير قد أخفق في التعامل مع هذه الأزمة التي افتعلها دون حاجة لها بل وتمثل إحدي سقطاته التي لن يغفرها له التاريخ لكنها ستكون سببا في إشعال حالة الغضب من حوله. كان مشاهدو قناتي «دريم» 1 و2 قد فوجئوا الخميس الماضي بتسويد الشاشتين نهائيا وأسرعت إدارة القناتين بوضع نص مكتوب أمام الشاشة السوداء قالت فيه : "تعذر بث برامجها علي الهواء مباشرة، بسبب القرار الصادر من حكومة، الدكتور هشام قنديل، بمنع بث برامج القناة، من استوديوهات خارج مدينة الإنتاج الإعلامي". وتابعت القناة في رسالتها التي وجهتها لمشاهديها : " أن البث تعذر من الاستوديوهات، رغم قانونيته، وهو الأمر الذي يؤكد ما يتم تداوله من مخططات للتضييق علي الحريات، خاصة الإعلام، ويعرقل مسيرة الاستثمار". ومن جانبه تسابق الدكتور بهجت مع الزمان للرد علي انتهاك خصوصية القناة حيث أسرع بتنظيم مؤتمر صحفي داخل فندق «دريم» لاند بمدينة أكتوبر للكشف فيه عن خبايا القرار الوزاري الذي أغلق قناته في إطار من الشرعية الوهمية التي أكسبها المسئولون لأنفسهم دون شرعية حقيقية بالمخالفة للقانون. ودعا لمؤتمره عددا من الشخصيات الإعلامية تقدمهم أسامة عز الدين رئيس مجلس إدارة قناة «دريم» والإعلامي وائل الابراشي والإعلامية مني الشاذلي، ووائل لطفي رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «الصباح» والإعلامية جيهان منصور والإعلامي أحمد المسلماني والكابتن خالد الغندور والكاتب الصحفي صلاح منتصر والداعية أحمد عامر والكاتب الصحفي نصر القفاص.. وعرض كل منهم رؤيته حول قرار غلق القناة الفضائية. وأكد المشاركون في المؤتمر أن الرئيس محمد مرسي توعد أثناء زيارته لمحافظة أسيوط قناة «دريم» عندما قال إن هناك رجل أعمال يريد تشويه الحكومة، وسوف يقع تحت طائلة القانون قريبا وأضاف الحاضرون للمؤتمر أن مرسي كان يقصد بالطبع بهجت، وأوضحوا أن ما حدث مع «دريم» بداية الخطر الداهم الذي يهدد كافة القنوات الإعلامية وطالب المشاركون في المؤتمر جميع القنوات الفضائية بالتضامن مع قنوات «دريم» بتسويد شاشاتها، وعقد اجتماع عاجل يجمع ممثلي القنوات الفضائية والتكاتف علي مطلب واحد يتمثل في سرعة إعادة بث قناة «دريم» مرة أخري..واتهم الحاضرون نظام الإخوان المسلمين بالعشوائية التي تلحق الأضرار الجمة بالحياة العامة. كما أعلن المشاركون في المؤتمر الرافض لقرار الوزير رفضهم غلق مجموعة قنوات «دريم» كما وصفوا القرار بغير الشرعي خاصة أن مصر الجديدة التي تم الإعلان عنها بعد الثورة لا تحجر علي رأي أحد وتحرم بل وتجرم غلق الهيئات الإعلامية بقرارات منفردة أو وزير أو مسئول أيا كان موقعه الوظيفي.. وأضافوا أنه كان ينبغي معاقبة القناة إن كانت قد خرجت عن الشرعية والمهنية - مثلما أشيع - بشكل إداري من خلال تشكيل لجنة فنية تضم في عضويتها المختصصين والذين يمارسون عملهم لتقييم الأداء وتحديد العقاب اللازم. ومن جانبه شدد بهجت علي أنه لن يتنازل عن حقه في إعادة البث لقناة «دريم» مرة أخري من داخل الاستوديوهات الخارجية، حيث حصلت القناة علي موافقة اتحاد الإذاعة والتلفزيون علي البث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي منذ أكثر من 6 سنوات ، وإنشاء استوديوهات القناة بتكلفة بلغت ملايين الدولارات، خاصة أن موقف القناة في هذا الأمر سليم قانونا ولا شبهة فيه، ولفت بهجت إلي أنه تم رفع دعوي قضائية وتولي الترافع فيها المستشار مرتضي منصور أمام مجلس الدولة. وتساءل الكابتن خالد الغندور عن أسباب غياب القانون الذي تحدث عنه وزير الإعلام عندما منعني الألتراس من الظهور وهجومهم علي مدينة الإنتاج الإعلامي.. وأضاف الغندور أن بهجت لم يسيس ولم يكن من رجال الأعمال الفاسدين خلال حكم مبارك.. وأوضح أن رئيس مجلس إدارة قناة «دريم»، واجه صعوبات كثيرة من خلال تضييق أمن الدولة عليه لاستضافته المرشد العام للإخوان المسلمين. وأما الكاتب الصحفي جمال فهمي، فوصف نظام الرئيس محمد مرسي بالأكثر سوءاً من النظام السابق لافتا إلي أن غلق «دريم» يمثل المشهد الختامي لمرسي، وطالب فهمي بتنظيم مقاومة للعدوان علي الإعلام.. وأضاف أن عصر مبارك لم يشهد غلق قناة أو صحيفة إلا أنه بعد الثورة التي طالبت بالحرية حدث ما لم يحدث في عهد النظام المباركي. وقال الكاتب نصر القفاص، إن وزير الإعلام يتحدث عن القانون في الوقت الذي يري فيه أن جماعة الإخوان المسلمين، "غير قانونية"، لافتا إلي أن الوزير لا يمكنه أن يقترب من قناتي الجزيرة أو العربية التي طالت كثيرا في انتقاداتها اللاذعة لجماعة الإخوان المسلمين. وأكد القفاص أن الهجوم علي «دريم» ليس نهاية المطاف موضحا أن هناك حملات هجومية علي باقي القنوات، وأن النظام الحالي لا يخجل من محاولة استقطاب الإعلاميين. ومن جانبه أعلن الإعلامي وائل الإبراشي، أن وزير الإعلام اجتمع مع الإعلاميين والغريب في الأمر أنه طالبهم بعقد هدنة مع الحكومة، لافتا إلي أن الغريب في الوضع أن الوزير بمطلبه هذا كأنه يطلب التستر علي أخطاء الحكومة وفسادها والمساهمة في تضليل الرأي العام من أجل عيون الجماعة. وقال الإبراشي : كنا نظن أن مشروع الأخونة لا يخرج عن أسوار ماسبيرو والصحافة القومية إلا أن مساعي الوزير وقيادات الجماعة كانت تطالب بأخونة الدولة كاملة حيث لم تجد حرجا في أن تنطلق من داخل المؤسسات الخاصة التي لا علاقة لها بالجهاز الحكومي.. وأن يصنع الوزير الإخواني من الإعلام الخاص إعلاما ناطقا بلسان جماعة الإخوان المسلمين بل ويدافع عنهم باستماتة في الباطل. الوزير يتجمل وعلي الرغم من أن أصحاب قناة «دريم» لديهم من المستندات ما يؤكد صحة وسلامة موقفهم القانوني إلا أن الوزير الإخواني راح يدافع عن نفسه وسياسته التي انتهت بقراره الذي أشعل النيران في الوسط الإعلامي مؤكدا أنه لم يغلق «دريم» ولم يصدر قرارا يخص هذا الشأن موضحا في إطار سياسة إخفاء الحقائق عن الرأي العام أن قرار الوزارة بقطع الإرسال عن قنوات '«دريم»' الفضائية جاء نتيجة قيامها ببث برامجها من استوديوهات خارج مدينة الإنتاج الإعلامي، في الوقت الذي تمتلك فيه القناة ستوديو تبلغ مساحته نحو 500 متر داخل المدينة، ووصف الوزير قراره بالصائب وأنه البداية القوية لتنفيذ القانون في إطار حماية أموال الشعب. وأعلن الوزير خلال الحوار الذي أجراه معه برنامج 'ممكن' الذي يقدمه الإعلامي خيري رمضان، وتذيعه قناة 'سي بي سي' أنه تم إخطار إدارة قناة «دريم» قبل أسبوع من تنفيذ القرار إلي أن انتهت المهلة المحددة لتلافي الأخطاء إلا أن القناة لم تلتزم بعد فما كان من المسئولين عن تنفيذ القرار إلا أن تم الإسراع بقطع الإرسال عن الاستوديوهات الموجودة خارج مدينة الإنتاج الإعلامي، لافتا إلي أنه من حق القناة إعادة البث من خلال استوديوهاتها داخل المدينة. كما لفت الوزير إلي أن البيان الذي أذاعته '«دريم»' يحمل من الافتراءات الكثير والكثير مؤكدا أنه بصدد تقديم بلاغ إلي النائب العام للتحقيق في كلمات البيان، موضحا أن القرار لا ينطبق علي قنوات الجزيرة والعربية الفضائية الإخبارية التي تبث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي، حيث إن حصولهم علي قرارات بالبث من خارج مدينة الإنتاج يعود إلي وزارة ما بعد ثورة يناير مما يعطيهم -علي حد وصف الوزير- الحق في إقامة الاستوديوهات خارج مدينة الإنتاج.. والأكثر غرابة في تصريحات الوزير الإخواني أنه أكد أن قناة «دريم» كانت تعمل خارج مدينة الإنتاج الإعلامي عن طريق قرار وزير الإعلام الأسبق أنس الفقي في عهد النظام السابق.. وبتصريحاته أكسب شرعية غير مشروعة علي قرارات وزراء ما بعد الثورة وحجب تلك الشرعية عن وزراء ومسئولي نظام مبارك.