عرفت أن اسمه "دياب".. وأنه في إحدي مدن الصعيد، فأخفيت ملامحي. ارتديت "ايشارب" علي رأسي وسافرت إليه وعرفته بنفسي فطلب مني أن أعود إلي القاهرة وسيقابلني فيها. وبالفعل حصل ذلك وأخبرني بأنه بحث عني طويلا، ليخبرني بحقيقة موت زوجي مسموما، وتأكد هو من ذلك بأدلة مادية لا تقبل المناقشة. ثم اطلعني علي نص التقرير الطبي الأصلي الذي يثبت أن عامر مات مقتولا تبدأ خلال الأيام القليلة القادمة تحقيقات علي أعلي مستوي في البلاغ المقدم من أسرة المشير الراحل عبدالحكيم عامر والذي يتضمن اتهاما صريحا بأن المشير مات مقتولا وليس منتحرا كما أعلنت الدولة حينئذ ونقدم اليوم شهادتين مهمتين قد تفيدان في الوصول إلي الحقيقة .. الأولي للدكتور هاني صلاح نصر ابن مدير المخابرات العامة الأسبق .. والثانية للسيدة برلنتي عبدالحميد زوجة المشير في هذا الوقت !! يقول دكتور هاني ان والده اعترف بمسئوليته عن حرب 67 كغيره، وطالب بأن يترك جميع المسئولين أماكنهم ،واعتبر تنحي عبد الناصر "تمثيلية" ،وكان علي هذا النظام "المهزوم"،حسب وصفه، أن يترك الحكم ، ونوه بأن المشير عبد الحكيم عامر تم الإيقاع به ليستقيل ،بعدما تم تحميله مسئولية الهزيمة ويستمر غيره في الحكم ! كما أعرب أيضاً عن ثقة والده الكاملة ،حتي لحظة وفاته، بأن المشير عبد الحكيم عامر اغتيل ولم ينتحر كما اشيع وقتها ، وأنه يملك خطابات أرسلها المشير عامر لوالده تؤكد روايته وأضاف بقوله: "أرسلت هذه الخطابات إلي جريدة الأهرام لكشف الحقيقة لكن الجريدة امتنعت عن نشرها وقتها، وأعطي "هاني" أبناء المشير عامر حرية التصرف في تلك الخطابات.. كما أكد رفضه محاولات تصوير والده بأنه الشخصيه المرعبة ،ودلل علي هذا بأنه لا توجد قضية واحدة ضد والده ما عدا قضية مصطفي أمين مؤكداً أن كتاب (عملاء الخيانة وحديث الإفك) كتبه والده ليبرئ من خلاله نفسه لكن الكتاب كان ممنوعاً من التداول ! وشهادة برلنتي !! وفي آخر حوار لها قبل وفاتها اكدت الفنانة الكبيرة وحرم المشير عامر برلنتي عبد الحميد أن الطبيب الذي حقق في الوفاة التي تم توصيفه انتحارا، أكد لها أنه مات مسموما وتحقق من ذلك بأدلة مادية لا يمكن دحضها، وأطلعها علي صورة التقرير الطبي الأصلي الذي يثبت ذلك. وأضافت أنها تعرضت شخصياً، في أعقاب ذلك، للاعتقال والإقامة الجبرية لفترة طويلة، وحرمت من رضيعها الذي أنجبته من المشير، ولم تكن تجد ثمن الطعام، وأن جسدها تعرض للتفتيش من سيدات كان يتم إدخالهن معها في "الحمام" إمعانا في إذلالها. وكان المشير عبد الحكيم عامر، المولود في قرية اسطال بالمنيا في صعيد مصر عام 1919 من أقرب أصدقاء عبدالناصر، وشاركه في التخطيط وقيادة انقلاب يوليو 1952 الذي اطاح بالنظام الملكي. وكان نائبا أول لرئيس الجمهورية وقائدا عاما للقوات المسلحة عندما شنت اسرائيل حرب الأيام الستة التي انتهت باحتلال سيناء والجولان والقدس والضفة الغربية لنهر الأردن. واتهم بالمسئولية عن الهزيمة، وأنه كان مع زوجته الممثلة المعروفة والشهيرة في ذلك الوقت عندما بدأ الهجوم الجوي الإسرائيلي، وهو ما نفته تماما في حديثها " متهمة عبدالناصر بالمسئولية، لتهديده بالحرب ضد إسرائيل وإغلاقه خليج العقبة وهو يعلم تماما أن جيشه ليس مستعدا، وثلثي قواته في اليمن في حالة انهاك، وأن المعدات والأسلحة لدي الجيش متهالكة. وأضافت: أعرف الكثير من أسرار الحرب و ما يذاع حاليا من استرجاع لها بلسان بعض الذين قالوا إنهم من شهودها لا يمت للحقيقة بصلة، فهم كانوا أبعد ما يكون عن صناعة القرار العسكري والسياسي في ذلك الوقت، وضربت مثالاً بسامي شرف الذي كان سكرتيرا للمعلومات عند الرئيس عبد الناصر، متسائلة: ما علاقة هذا المنصب بصناعة قرار الحرب؟ وقالت برلنتي إنها قامت بتوثيق أسرار هزيمة يونيو 1967 في كتابها "الطريق إلي قدري.. إلي عامر" معتمدة علي وثائق مهمة للغاية احتاجت إلي 700 صفحة، وهو كتاب استغرق مجهودا هائلا، وسافرت من أجله إلي الولاياتالمتحدة حيث اطلعت علي وثائق خطيرة في مكتبة الكونجرس، بعكس كتابها الأول "المشير وأنا" الذي كتبته علي عجل بسبب ما كانت تعيشه من ظروف محيطة بها. وأضافت: عندما أصبحت الأجواء معقولة ومهيأة بشكل ما، بدأت في جمع وثائق هذا الكتاب بتأنٍ وسرية كاملة، وأخذت ما يلزمه من وقت، قابلت خلاله بعض صانعي قرار الحرب والمشاركين فيه، والذين كانوا في دائرة مناقشاته. واحتاج ذلك مني عامين كاملين، إضافة إلي ما حصلت عليه من مذكرات قادة كانوا في الخط الأول من الجبهة، والمعلومات التي كانت متوفرة عندي بصفتي زوجة المشير عامر القائد العام للقوات المسلحة أثناء حرب يونية. وقالت إن أحدا لم يستطع أن يكذب جملة واحدة من الكتاب الذي صدر عام 2002 بسبب ما فيه من معلومات موثقة للغاية، حتي أن الكاتب المعروف أنيس منصور وصفه بأنه "بلع" كل الكتب التي صدرت عن حرب الأيام الستة، وعندما نشر شهود الحرب من القادة مذكراتهم أيدوا ما جاء في هذا الكتاب. مقتل "عامر"! وكشفت أنها حصلت علي شهادة مهمة للغاية من الطبيب الذي كتب التقرير الطبي حول وفاة عبدا لحكيم عامر، وكان يعمل في معهد البحوث. وقالت : - عرفت ان اسمه "دياب" وأنه في إحدي مدن الصعيد، فأخفيت ملامحي. ارتديت "ايشارب" علي رأسي وسافرت إليه وعرفته بنفسي فطلب مني أن أعود إلي القاهرة وسيقابلني فيها. وبالفعل حصل ذلك وأخبرني بأنه بحث عني طويلا، ليخبرني بحقيقة موت زوجي مسموما، وتأكد هو من ذلك بأدلة مادية لا تقبل المناقشة. ثم اطلعني علي نص التقرير الطبي الأصلي الذي يثبت أن عامر مات مقتولا مع سبق الإصرار والترصد، وبطريقة ساذجة حيث دسوا له نوعا من السم المميت. وبذلك فقد شهد شاهد من أهلها. واستند استنتاج هذا الباحث بمقتل المشير علي قواعد علمية وتحقيقات قام بها مكلفا من الجهات الرسمية. ووصفت برلنتي عبد الحميد كتابات هيكل عن عبدالحكيم عامر بأنها غير عادلة بسبب انتمائه - هيكل - العاطفي لعبد الناصر، كما أنه لا يعرف الكثير عن العلاقة الوثيقة جدا التي جعلت من الاثنين - ناصر وعامر - أشبه بالتوأم، لدرجة أن هناك معلومة بأن الاثنين عندما كانا في كلية الحقوق وحصلا علي تقدير ضعيف، استطاع عامر دخول الكلية الحربية اعتمادا علي اسم خاله حيدر باشا، ثم توسط لعبد الناصر ليدخل الكلية نفسها. حكيم قال: سيقتلونني وقالت برلنتي إن زوجها عبدالحكيم عامر ووالد ابنها "عمرو"، الذي كان رضيعا لم يتجاوز الشهرين في تلك الأيام، أخبرها بمخاوفه من أن تقوم أجهزة عبدالناصر بقتله للتخلص منه بسبب ما في حوزته من معلومات، كما أن عامر أخبر صلاح نصر - قائد المخابرات العامة في وقت الحرب - بتلك المخاوف. وتتذكر برلنتي الإعلان الرسمي عن انتحار المشير عبد الحكيم عامر في 14 سبتمبر 1967، بعد حوالي ثلاثة شهور من انتهاء حرب الأيام الستة مستطردة: توقع بأنهم سيجعلونه كبش فداء للهزيمة، وأن ما يدور في الشارع وفي الإعلام عن تخاذل الجيش وقادته هو بمثابة تحضير لقتله، فعبد الناصر لم يكن ليرضي بأن يتحمل المسئولية رغم أنه أخطأ عندما أعلن الحرب، فمعظم جيشه كان يحارب في اليمن وأسلحتنا متهالكة، وكنا في ذلك الوقت ننتظر معدات وأسلحة من الاتحاد السوفييتي. لقد أغلق خليج العقبة وهدد بالحرب ظنا منه أن الأمر لن يزيد علي "التهويش" فكان أشبه بمن يريد أن يدعو مجموعة من الناس للعشاء في فندق "الهيلتون" وليس في جيبه سوي خمسة جنيهات. وأشارت الممثلة السابقة برلنتي إلي أنها لم تتمكن من زيارة عامر أثناء خضوعه للإقامة الجبرية بعد الهزيمة وإقالته من مناصبه، لكن الاتصالات ظلت بينهما بطريقة ما، وكان يستطيع تسريب الرسائل إليها.