ظل جهاز المخابرات البريطانية MI6 بعيد عن الأنظار لسنوات طويلة بحكم طبيعة عمله الذى يكتنفه الغموض مثل غيره من أجهزة المخابرات, إلا أنه عاد إلى الأضواء مؤخرا بعدما كشفت وثائق سرية بريطانية، عن محادثات سرية تمت بين رئيسة الوزراء فى بداية الثمانينيات مارجريت تاتشر , وبين الرئيس المخلوع حسني مبارك حول توطين الفلسطينيين في مصر, تحت رعاية المخابرات البريطانية. علاقة المخابرات البريطانية برؤساء مصر لم تقتصر على مبارك فقط أو ماتم كشفه فى هذه الوثائق التى تم نشرها مؤخرا بل هى قديمة الأزل وهو ما نتعرض له بالتفصيل فضلا عن علاقة هذا الجهاز بعدد من الزعماء العرب, ودوره فى عدد من العمليات التى تم تنفيذها فى العالم العربى . نشأة الجهاز .. أسسته الملكة إليزابيث عام 1909 للتجسس على عدد من الدول تمتلك بريطانيا واحدًا من أقوى أجهزة المخابرات في العالم، ويُعتبر قانون الأسرار الرسمية البريطاني أحد المزايا التي جعلت MI6 من أنشط الأجهزة؛ حيث يُبعِد المواطنين عن فكرة السؤال عن أي من عمليات هذا الجهاز أو محاسبته أو غير ذلك من التدخل في شئونه. وتعود جذور نشأته لعهد الملكة إليزابث الأولى، حيث تم تأسيسه عام 1909 بواسطة جون ساويرز، وبرغم تميز الجهاز بطبيعته السرّية لهيكله التنظيمى وآليات عمله وعملياته وأهدافه، إلا أن عملاء مزدوجون قاموا بإختراقه خلال مراحل تاريخية منذ تدشينه ، ويعمل فيه نحو ثلاثة آلاف موظف، ويُقدم مشورته وتوصياته وتقاريره لوزير الخارجية البريطاني. ويعتبر معيار الكفاءة، كما ذكره الكاتب نبيل شرف الدين فى دراسة له, هو المعيار الأساسى لمنح فرصة عمل بالجهاز، لكن هناك تقليدًا عُرفيًا، بأن يقتصر منصب رئاسته على الشخصيات ذات الجذور البريطانية الأرستقراطية. ويتبع الجهاز مكتب الخدمات السرية الذى تأسس بمبادرة مشتركة من "الأدميرالية البريطانية" و"مكتب مراقبة عمليات المخابرات السرية" داخل بريطانيا وخارجها. وكانت أبرز أهدافه حينذاك رصد وتتبع أنشطة الأجهزة الألمانية، حتى ضمت لإشراف البحرية الملكية التى تخصصت بعمليات التجسس الخارجى ومكافحة أنشطة التجسس الداخلي، عام 1914. وقُبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى، خضعت المؤسستان لإعادة هيكلة إدارية وتشكلت دائرة الاستخبارات العسكرية التى أطلق عليها حينذاك (MI6) الاسم الذى مازالت تحمله حتى الآن. ولم تعترف الحكومات البريطانية المتعاقبة رسميًا بوجود جهاز مخابرات حتى عام 1992، ولا يوجد أساس قانونى لأنشطة الجهاز حتى صدر "قانون أجهزة المخابرات" عام 1994، وترجع أهمية هذا القانون بالنسبة لجهاز المخابرات، لأنه حدد مهام الجهاز ومسئولياته، وجعله يتبع وزارة الخارجية البريطانية، بإشراف البرلمان ورئيس الوزراء والقضاء, على أنشطة الجهاز وممارساته. وتولى عددًا من الضباط البريطانيين رئاسة الجهاز بداية من سيدي مانسفيلد كومينج سميث الذى تولى خلال الفترة من 1909إلى1923، حتى أليكس يونجر الذى عُين أول نوفمبر 2014 , وورد فى سيرة ذاتية نشرتها الخارجية أنه يهوى الموسيقى والملاحة وتسلق الجبال، وهو متزوج ولديه أولاد، ويُشار لهذا المنصب تقليديًا بحرف (C)، نسبة لأسم أول رؤساء الجهاز مانسفيلد كومينج الذى كان يوقع رسائله بأول حرف من اسم عائلته فقط. ويقوم وزير الخارجية بتعيين رئيس الجهاز ولذلك يعتبر رئيس الجهاز تابعًا لوزير الخارجية، ويعد هو المسئول والمشرف على فعالية الجهاز وعملياته. وتتصدر واجبات رئيس الجهاز ضمان التزام العمليات بشروط عمل الجهاز المنصوص عليها بالقانون البريطاني، لذلك يُقدم سنويًا تقريرًا بشأن أداء الجهاز لكل من رئيس الوزراء ووزير الخارجية، ويشمل الهيكل التنظيمى للمخابرات البريطانية عدة هيئات وأجهزة هي, لجنة المخابرات المشتركة التابعة لمكتب رئيس الوزراء، ومهمته بلورة التقديرات الاستخباراتية القومية وإدارة شئون جميع أجهزة المخابرات برؤية شاملة وتفصيلية. بجانب هيئة المخابرات السرية المستقلة، التابعة لوزارة الخارجية، والمسئولة عن جمع المعلومات الاستخباراتية، والخدمة السرية خارج حدود الدولة ورعاية مصالحها العليا وأمنها القومي' فضلا عن وكالة الأمن المستقلة التابعة لوزارة الداخلية، ومسئولة عن الدفاع عن بريطانيا تجاه التهديدات الأمنية الكبرى، مثل المؤامرات، وأعمال التجسس، والإرهاب، ووكالة التنصت القومية، وهى وكالة مستقلة تابعة لوزارة الخارجية, وهيئة المخابرات بوزارة الدفاع، وهى وثيقة الصلة للغاية بأجهزة المخابرات العسكرية الأخرى فى بريطانيا. وهناك تنظيمات أخرى للمخابرات فى المملكة المتحدة مثل خدمة مخابرات الدفاع , التابعة لوزارة الدفاع، وخدمة استخبارات الاتصالات المختصة بالاستطلاع الإليكترونى ومخابرات الاتصالات، وتُشرف على جميع وكالات الاستخبارات البريطانية وتوجه سياستها وتُقّيم أداءها لجنة الاستخبارات المشتركة على غرار مجلس الأمن القومى الأمريكي، ويرأسها مساعد وزير الخارجية للشئون الأجنبية بمجلس الوزراء. وبرغم الالتزام الصارم بقواعد الخدمة السرّية ومدرسة التقاليد البريطانية العتيقة لكن جهاز (MI6) أدرك التحولات الجوهرية التى أفرزتها ثورة المعلومات، فأطلق موقعًا إلكترونيًا وتفاعل مع شبكات التواصل لدرجة إعلانه فى أكتوبر الماضى عن حاجته لعملاء. ومن جانبه، قال رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطانية، أليكس يونجر، إنه يسعى إلى تجنيد كادر جديد من الضباط ذوي الأصول السوداء والآسيويين، وتبديد صورة ضباط المخابرات البريطانيين المحصورة في نخبة من أبناء الطبقات الغنية أو خريجي جامعتي أوكسفورد وكامبريدج. وكشف رئيس جهاز المخابرات الخارجية البريطانية, في حديث خاص لصحيفة "ذي جارديان" عن حاجة الجهاز للتوسع، نظرًا للتهديدات المتزايدة التي تواجهها بريطانيا من الجماعات الإرهابية والدول المعادية. وقال إن أداء الجهاز سيكون أفضل في حال توفرت له قدرات بشرية من خلفيات اجتماعية متنوعة. وذكرت تقارير صحفية أن الاستخبارات البريطانية بحاجة إلى تجنيد نحو 1000 منتسب جديد في صفوفها بحلول عام 2020 بسبب تزايد التهديدات الأمنية من الجماعات الإرهابية. وقالت التقارير إن عددا من عناصر جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني سيرتفع من 2500 إلى نحو 3500 عنصر بسبب اشتداد الضغط على عملياته نتيجة الإنترنت والتطورات التكنولوجية. ودعا "يونجر" إلى انخراط النساء في جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية, خصوصا النساء اللواتي لديهن مؤهلات علمية وتكنولوجية، مؤكدًا أنه يُريد الوصول إلى جميع مكونات المجتمع البريطاني، والتأكد من تجنيد أفضل الأشخاص بصرف النظر عن أصولهم. رئيس الجهاز امتلك صندوقا سريا للإنفاق على "العمليات السوداء" فى الشرق الأوسط كشفت وثائق رفيعة السرية عن أن رئيس خدمة الاستخبارات السرية البريطانية كان يمتلك صندوق تمويل سرى للدفع مقابل العمليات السوداء لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأكدت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية أن السير ستيوارت مينزيس (رئيس سلك الاستخبارات السرية البريطانية من 1939 إلى 1952 ) استخدم الحساب السرى لتمويل العمليات السرية وخطط عمليات الاغتيال والإطاحة بالنظم التي اعتبرت مزعجة للبريطانيين. وأوضحت أن الحساب - الذي كان يحتوى على 1.4 مليون جنيه استرليني أى ما يُعادل 39 مليون إسترلينى حاليا – ظل سرًا مخفيًا حتى عن المسئولين الحكوميين بما فيهم مدير المالية داخل سلك الاستخبارات البريطانية. وكشفت الوثائق التي حصلت عليه هيئة الإذاعة البريطانية BBC من الأرشيف الوطني عن أن هذه الأموال ربما تكون سمحت لرئيس المخابرات البريطانية القوي المعروف باسم "سي" بتنفيذ سياسته الخارجية غير الرسمية. وأوضحت الصحيفة أن صندوق التمويل السرى أنشأ فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وقال السير ستيوارت حينها إن الأموال تم الاحتفاظ بها فى حال احتاج إلى تقديم رشوة للمسئولين الأجانب أو حماية دوائر الخدمة السرية من خفض الميزانية. ولا تزال مصادر تلك الأموال التى احتفظ بها السير ستيورات لتمويل عمليات الاغتيال وزعزعة استقرار الشرق الأوسط، يكتنفها الغموض، ولكن يتكهن الخبراء أن تكون الولايات المتحدة قد ساعدت فى تمويل ذلك. وتشير الملفات السرية إلى عمليات تحت مسمى "Scant, Scream, Sawdust, and Straggle" وبعثات سرية ضد السودان وعمان ولبنان وسوريا ومصر. وأضافت "ديلى ميل", رغم أن معظم هذه العمليات كانت فى الغالب جهود دعائية لمحاولة تحويل تيار الرأى العام ضد القادة الذين كانوا شوكة فى جانب المؤسسة البريطانية، إلا أن عدد منها كان له هدفًا آخر. وكان العديد من هذه العمليات بعد هزيمة بريطانيا المهينة فى محاولة لاستعادة قناة السويس عام 1956 (بعد التأميم) – الأمر الذى يظهر أن المملكة المتحدة كانت لا تزال تحاول التشبث بدورها العالمى. وقال ستيفن دوريل، خبير MI6 الذى استعرض الملفات: "إذا ما أضفت كل هذه التفاصيل، تكتشف وجود زيادة كبيرة فى عدد العمليات الخاصة فى فترة ما بعد السويس". وأضاف :"فكان المعتقد السائد حينها إن السويس (فى إشارة إلى تأميم القناة) وجهت ضربة لبريطانيا، وكان سلك الاستخبارات السرية يحاول استعادة مكانته". المخابرات البريطانية ورؤساء مصر مؤامرة لاغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك خلال زيارته للندن عام 1983 أكدت وثائق سرية بريطانية , أن مصر نبهت بريطانيا إلى مؤامرة لاغتيال الرئيس المخلوع حسني مبارك خلال زيارته للندن عام 1983. وحسب الوثائق، التي حصلت عليها "بي بي سي" بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا، فإن السفارة المصرية أبلغت السلطات البريطانية ب "معلومات تفصيلية بشأن تهديد" قد يتعرض له مبارك خلال الزيارة. وتشير برقية سرية لقسم الأمن في إدارة البروتوكول بوزارة الخارجية البريطانية، إلى أن السفارة أبلغت عن أن "فصيلا معينا من جماعة أبو نضال الإرهابية ربما تنفذ عملا ضد مقر السفارة أو أي من مكاتبها في لندن", وطلبت السفارة توفير تدابير إضافية لحمايتها ومكاتبها. وجاء إبلاغ البريطانيين بهذه المعلومات في 27 يناير عام 1983، أي قبل ستة أيام من زيارة مبارك لبريطانيا، حسب الوثائق. وفي اليوم التالي، أجرى السفير المصري في لندن شخصيًا اتصالًا هاتفيًا برئيس إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية دي. آيه. رويكروفت لإبلاغه ب "معلومات جديدة عن فرقة الاغتيال" المحتملة التي تهدد مبارك. ونقلت البرقية، التي حملت عنوان" تهديد للرئيس مبارك"، عن السفير المصري قوله إن "عضوين من فرقة اغتيالات فلسطينية بقيادة رشدي عبد الرحمن عودة، وهو معروف باسم سعد عودة، موجودان في المدينة (لندن) ويزوران (فندق) كلارديجز بشكل منتظم فيما يبدو للتأكد من اعتياد العاملين على وجودهما". كما كشفت وثائق سرية بريطانية، مؤخرا، عن أن الرئيس المخلوع حسني مبارك قبل توطين فلسطينيين في مصر قبل أكثر من ثلاثة عقود. وحسب الوثائق، التي حصلت عليها "بي بي سي" بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا، فإن مبارك استجاب لمطلب أمريكي في هذا الشأن، واشترط مبارك أنه كي تقبل مصر توطين الفلسطينيين في أراضيها، لابد من التوصل لاتفاق بشأن "إطار عمل لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي". وتُشير الوثائق إلى أن مبارك كشف عن الطلب الأمريكي وموقفه منه خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية مرجريت ثاتشر أثناء زيارته إلى لندن في طريق عودته من واشنطن في فبراير 1983 حيث التقى الرئيس الأمريكي رونالد ريجان". وهو ما نفاه "مبارك" فى بيان له , مؤكدا أنه لا صحّة إطلاقًا لأي مزاعم عن قبول مصر أو قبوله لتوطين فلسطينيين بالبلاد، وتحديدًا المتواجدين منهم في لبنان في ذلك الوقت. وأضاف مبارك:"كانت هناك مساعٍ من بعض الأطراف لإقناعي بتوطين بعض الفلسطينيين الموجودين في لبنان في ذلك الوقت بمصر، وهو ما رفضته رفضًا قاطعًا". رصدت اجتماعا سريا بين عبود الزمر ومناحم بيجن للتحضير لعملية اغتيال السادات أكدت صحيفة هآرتس الإسرائيلية فى تقرير سابق لها, أن بريطانيا وأمريكا كانا لديهما معلومة حول اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات حيث رصدت أجهزة المخابرات البريطانية وقتها اجتماعا سريا بين عبود الزمر أحد منفذي عملية الاغتيال ومناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق داخل الموساد. وكان هدف الإسلاميين السيطرة علي الحكم بعد اغتيال الرئيس الأسبق وهو ما وعدهم به "بيجن" . وقالت الصحيفة , إن هدف "بيجن" كان اغتيال السادات فقط وكان يعلم جيداً أن الإسلاميين لن يصعدوا للحكم و أنه سيتم القبض عليهم، كما أن المخابرات الأمريكية أرسلت معلومة للمخابرات المصرية بعد اغتيال السادات بأسماء كل المتورطين في العملية و هذا يؤكد أن "بيجن" استخدم الإسلاميين كأداة لتنفيذ العملية فقط. وردت صحيفة "معاريف" العبرية مؤخرًا عن وثائق سرية تظهر أن المخابرات البريطانية كانت تعتقد بوجود خطر على حياة الرئيس الأسبق أنور السادات الذي تم اغتياله في أكتوبر 1981. وقالت الصحيفة , إن الوثائق السرية التي نشرتها صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت عن أن عناصر استخباراتية بريطانية كانت تؤمن بوجود هذا الخطر وأنه يحوم من فوق رأس الرئيس الأسبق. وذكرت الصحيفة أنه وفقًا للوثائق المنشورة فإن بريطانيا أخفت معلومات عن تعرض السادات للخطر، وأنه بتاريخ 16 من فبراير 1979 كتب أ.ر.توماس رئيس قسم شمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية:"الاغتيال سيكون أحد التهديدات على حياة السادات ونظامه فهو يحكم مصر بشكل مطلق". الجهاز أنفق 200 ألف استرلينى فى عملية حملت اسم "Sawdust" للتخلص من جمال عبدالناصر لم تكن المخابرات البريطانية بعيدة عن عمليات اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث أكدت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية أن ما يقرب من 200 ألف جنيه استرلينى أنفقت على عملية حملت اسم "Sawdust" وهي مهمة غامضة يعتقد أنها أطلقت ضد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ويتحدث الصحفى البريطانى المعروف ستيفن دوريل فى كتابه بعنوان "مغامرة من داخل العالم السرى لجهاز المخابرات البريطانية فى الشرق الأوسط"، عن عمليتين أحدهما كانت قبل العدوان الثلاثى على مصر فى يوم 9 أكتوبر عام 1956، وتلخصت فى قيام المخابرات البريطانية بتجنيد جيمس موسمان مراسل ال ".بى.بى.سى" وصحيفة الديلى تليجراف فى القاهرة، وكانت مهمته تجنيد طبيب عبدالناصر، لكى يضع له السم فى القهوة، أو يُقدم شيكولاته سامة من النوع الشعبى وقتئذ اسمها "كروبجى"، مقابل رشوة قيمتها عشرون ألف جنيه إسترلينى، لكن هذه العملية انتهت بالفشل. أما العملية الأخرى ، فكانت عبارة عن ضخ غاز أعصاب سام فى أحد المقار التى يعقد فيها جمال عبدالناصر اجتماعاته، وذلك عن طريق وضع هذا الغاز فى أحد أجهزة التكييف، لكن تم العدول عن هذه الخطة من قبل رئيس الوزراء البريطانى شخصيا إيدن الذى رأى أن الأسلوب الأمثل لقتل جمال عبدالناصر، يكون من خلال العدوان الثلاثى الذى قام ضد مصر، وضم إلى جانب بريطانيا، فرنسا،وإسرائيل، ومع فشل العدوان لم يجد إيدن غير تقديم استقالته لتنتهى حياته السياسية تماما. الجهاز لعب دورا رئيسيا فى تأسيس التنظيم الماسوني للإخوان للعب بورقة الدين قبل 36 عامًا صدر كتاب يحمل عنوان "رهينة في قبضة الخميني" للكاتب روبرت دريفس يوضح التفاصيل الدقيقة لتوضيح دور المخابرات البريطانية في نشأة التنظيم الماسوني لجماعة الإخوان في مصر، فضلاً عن العلاقات بين أجهزة الاستخبارات الدولية وعدد من الرموز والشخصيات البارزة في العالم الإسلامي. وسرد الكتاب الدور الذي بذلته إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في التواطؤ مع البريطانيين لتنصيب قائد الثورة الفارسية الإيرانية الخميني حاكمًا. وربط الكاتب بين عدد من الحركات والتحركات في دول مختلفة للتدليل على أصولية حركة جماعة الإخوان، وكيف كان حسن البنا عميلاً لدى التنظيم الماسوني العالمي، ويوضح الكاتب، كيف استغلت بريطانيا الحركات الصوفية الضالة كأداة توغل استعمارية إلى الشرق الأوسط كما يُشير إلى مرحلة جديدة في نشأة الإخوان في ليبيا على يد «محمد بن علي السنوسي» مؤسس النظام السنوسي للإخوان عام 1929عندما أسس جمعية سرية من الباطنية الصوفية الضالة وكان شعار الحركة "الوحدة الإسلامية"، وانتشرت تدريجيًا في تونس وطرابلس وبرقة وأصبحت فيما بعد تعرف ب «أخوية السنوسي» وأصبح لها أتباع بنحو 5 ملايين في مصر وتونس وليبيا. وتابع أنه عقب الحرب العالمية الثانية، تم اعتبار "أخوية السنوسي" رسميًا أحد أصول المكتب العربي البريطاني في القاهرة، وتم إرسال عميل جريء من عملاء المخابرات البريطانية إلى طرابلس للمساعدة في تنظيم العمل السياسي للحركة. وفي بداية حياته، تعرف حسن البنا على الدوائر الصوفية للإخوان الحصافية، وظل عضوًا بهذه الجمعية السرية لأكثر من عشرين عامًا، وبحلول عام 1922 تم قبوله كعضو كامل الصلاحيات في الطائفة الحصافية، وبعد وصوله إلى قيادة حزب المنار وتأسيس الجماعة عام 1929 موله البريطانيون في بناء أول مسجد للإخوان المسلمين في الإسماعيلية 1930، وفي عام 1941 تم تسجيل أول حالة تعاون بين الإخوان وأحد كبار ضباط المخابرات البريطانية «ج.هيورث دان» في سفارة بريطانيا بالقاهرة، وكانت هذه البداية بين المخابرات البريطانية وجماعة الإخوان. وتابع الكاتب : في فبراير وأبريل 1953، عقد المرشد العام «حسن الهضيبي» سلسلة من الاجتماعات السرية مع تريفور ايفانز في السفارة البريطانية بالقاهرة حيث أخبر البريطانيين أنه قد يتحالف معهم لمنح بريطانيا العظمى حقوقًا دائمة في قاعدة قناة السويس بعد الانسحاب الرسمي للقوات البريطانية المتمركزة هناك. وأشار الكاتب' إلى أن نقل مكتب الاستخبارات البريطانية العربي القديم من القاهرة إلى لندن جاء بعد ضمان الولاء الكامل للجماعة وأنه يطلق عليه حاليًا اسم المركز العربي البريطاني، ومجلس تعزيز التفاهم العربي البريطاني «CAABU» ومحطته الفرعية المعطلة حاليًا في لبنان، مركز الشرق الأوسط للدراسات العربية . ملفات الزعماء العرب فى أرشيف " M I 6" أكد فى تقاريره وفاة ياسر عرفات بسم "الأكونتين" أعدت (MI6) تقريرًا بشأن وفاة الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات أكدت فيه وفاته مسمومًا بنوع يُسمى «الأكونتين» المستخرج من نبتة آسيوية تُدعى «الأكونيت» ورجحت تناوله على جرعات ضئيلة ومتعاقبة بانتظام، لأن ثلاثة مليجرامات تكفى لقتل شاب موفور الصحة، وأشارت إلى ضلوع أحد الملاصقين بالرجل فى التورط فى قتله، كما حدث للرئيس الجزائرى الراحل هوارى بومدين ، لكن التقرير الذى سربته لصحيفة «الجارديان» تجاهل إتهام جهة بعينها، مكتفيًا بعبارة «فتش عن المستفيد، وليس بالضرورة إسرائيل وحدها، فهناك صراعات عميقة داخل البيت الفلسطينى أيضًا». وكشفت "قضية عرفات" العلاقات بين جهازى (MI6) والموساد الإسرائيلى اللذين تربطهما علاقات عميقة وقديمة ترجع للحرب العالمية الثانية، حين تطوع أعضاء من المنظمات الصهيونية الأقدم لتنفيذ عمليات تستهدف ألمانيا النازية وأشهرها تلك التى نفذها 32 عميلاً يهوديًا بالإبرار الجوى خلف خطوط الجيش الألماني، وبمرور الوقت تطورت الصلات وتعاظمت المصالح المشتركة بين الحركة الصهيونية وبريطانيا بمؤسساتها السياسية والاستخباراتية، وقدمت خدمات كبيرة لتأمين تهجير اليهود من شتى أنحاء العالم للأراضى الفلسطينية، ودربت (MI6) المنظمات الصهيونية المقاتلة ميدانيًا على المهارات اللازمة لتأسيس أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لاحقًا. ساعد نظام القذافى من خلال التنكيل بمعارضيه وتعذيبهم وتقديم طرق حديثة لاستجوابهم أعدت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقريرا, أكدت فيه , أن وثائق سرية كشفت عن سعى جهاز المخابرات البريطانية الخارجية , لإرضاء المخابرات الليبية وقدم لها المساعدة فى خطف معارضى ديكتاتورها الراحل معمر القذافى. وأوضحت الصحيفة أنه بعد خمس أيام من وقوع هجمات سبتمبر الإرهابية فى الولايات المتحدة، توجه عدد من ضباط "CIA" من مقر وكالتهم فى ولاية فرجينيا إلى السفارة البريطانية فى العاصمة واشنطن من أجل إطلاع جهاز المخابرات البريطانية على استجابة الوكالة المخطط لها على الهجمات. وكان يقود الوفد كوفر بلاك، رئيس مركز مكافحة الإرهاب ب"CIA"، الذى كان يعمل ليلًا ونهارًا لصياغة خطة لحماية بلاده من أى هجمات أخرى، وشملت هذه الخطة، كما يقول تايلر درومهيلر، رئيس عمليات "CIA" فى أوروبا فى هذا الوقت، عمليات اختطاف واستجواب للمشتبه فى انتمائهم للقاعدة حول العالم، وفى نفس الوقت، كان مدير "CIA" فى هذا الوقت جورج تينت يؤكد لقادة الاستخبارات الغربية أنهم لن يستطيعوا أن يفهموا ويهزموا القاعدة إلا بالعمل عن كثب مع الاستخبارات فى دول العالم المسلم والعرب. وفى إطار هذا الهدف، بدأ ال CIA، وMI6، فى التعاون مع منظمة الأمن الخارجى الليبية، وهى وكالة الاستخبارات سيئة السمعة لنظام القذافى. وكانت الأجندة المذكورة تشمل معرفة معلومات عن المسلحين الإسلاميين، لكن الأمر تغير بعد عام بعدما سنحت الفرصة للدخول فى مفاوضات مع القذافى بشأن برنامجه لتطوير أسلحة دمار شامل. ومع بناء جهاز المخابرات البريطانى والأمريكى علاقات مع ليبيا، ساعدت الوكالتان المخابرات الليبية على خطف أعداء القذافى، فتم اختطاف اثنين من المعارضين البارزين لنظامه واللذين فرا خارج البلاد، واحدًا من هونج كونج، والآخر من تايلاند وتم إعادتهما إلى ليبيا مع زوجتيهما وأطفالهما، حيث تعرض الرجلان للتغذيب، وقدم جهاز المخابرات البريطانى لنظيره الليبى أسئلة للسجناء الذين اعترفوا على معارضين آخرين فى المنفى تحت الضغوط الشديدة.