منذ توليه منصبه سفيرا لمصر فى تل أبيب يعد السفير حازم خيرت هو أكثر السفراء هدواء وثقة فى النفس وأقلهم ظهورا والتى تكاد تكون معدودة.. لكن مع كل مرة يخرج فيها يكتسب احترام الجميع لكونه يتعامل مع دولة تعتبر العدو الأول لمصر مهما كانت العلاقات الدبلوماسية.. فى الآونة الأخيرة خرج علينا بتصريحات اكتسب فيها ثقة الجميع بعد أن رد على نظيره الإسرائيلى فى مصر ديفيد جوفرين الذى طالب بضرورة تطبيع العلاقات مع مصر فى شتى المجالات وليس على المستوى الدبلوماسى فقط , فضلا عن رده بكل حسم فيما يتعلق بموقف مصر تجاه القضية الفلسطينية وعدم تبدل موقفها مهما كان شكل العلاقة بين القائمين على الحكم فى مصر وفلسطين. لذلك لم يكن مستغربا أن يخرج علينا السفير حازم خيرت من داخل تل أبيب نفسها ليؤكد أنه لا مفر من حل الدولتين ووقف الاستيطان لكونهما الطريق الوحيد لتقدم عملية السلام والتوصل لاتفاق عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفين. وأضاف خلال كلمة له بمناسبة مرور 40 عاما على زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات لإسرائيل فى عام 1977 نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أن الرئيس السادات أعطى درسا إيجابيا للتفكير فى المستقبل، مضيفا علينا التعلم من الماضى. وأوضح أن الرئيس الراحل أكد على أن حل الدولتين الطريق الوحيد نحو التقدم فى عملية السلام وأنه لا يمكن إقامة دولة فلسطينية فى ظل التوسعات الاستيطانية , لافتا إلى أن المستوطنات تؤدى إلى تآكل الأراضى الفلسطينية المستقبلية وتهدد مستقبل أمن إسرائيل، مشددا على أن السلام الموقع بين مصر وإسرائيل مستقر وثابت وأن كلا من البلدين ملتزم به. وقال إن الرئيس الراحل محمد أنور السادات قام بزيارة تاريخية للقدس، وتم توقيع معاهدة السلام بين العدوين السابقين , واستكمل بأن قنوات الاتصال بين البلدين مفتوحة، وهناك حوار بناء مستمر لتحقيق أهدافنا المشتركة في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة وهزيمة الإرهاب. وجاءت كلمة خيرت ردا على نظيره الإسرائيلي ديفيد جوفرين،الذي وجه نقدا للحكومة المصرية، خلال كلمة ألقاها بمعهد دراسات الأمن القومي بتل أبيب، بحسب ما ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن جوفرين قوله إن الدمج بين العلاقات الأمنية والمدنية والاقتصادية هو الضمان لسلام راسخ، مشيرا إلى أنه وجه انتقادات للحكومة المصرية قائلا في الكلمة، التي وصفتها الصحيفة بأنها غير عادية إن العلاقات بين البلدين تقوم على الجانب الأمني في الأساس، وهذا الأمر من شأنه تقويض السلام في حال استمراره على المدى البعيد. وطالب القيادتين المصرية والإسرائيلية بضرورة تقديم ثمار السلام للمصريين والإسرائيليين حتى لا يسمحا لمعارضي السلام بالتشكيك في ضرورة اتفاق السلام، والمطالبة بإلغائه، منتقدا الجانب المصري لأنه يفضل عدم التعاون مع إسرائيل في المجال المدني، والاقتصادي؛ لأسباب سياسية داخلية، على الرغم من أن التعاون بين الاثنين مفيد للجانب المصري، بحسب قوله. وقال جوفرين إن التعاون المدني بين إسرائيل ومصر تقلص جدا خلال السنوات الماضية، سواء بسبب الربيع العربي أو بسبب الاستيلاء على السفارة بالقاهرة، والذي صعب على ممثلي إسرائيل بمصر العمل داخل الدولة مثلما كان يحدث في الماضي, لافتا إلى أن الرؤية المصرية للسلام تختلف عن نظيرتها الإسرائيلية, فمصر ترى أن السلام يعني انتهاء الحرب وليس إقامة علاقات طبيعية. وقال إن النظام المصري أحجم خلال عشرات السنين الماضية عن أي تشجيع للعلاقات مع إسرائيل. وأضاف بأنه لم يزر رئيس مصري إسرائيل، ما عدا السادات، ومبارك الذي شارك فقط في تشييع جنازة رابين. وأشار إلى صعوبة تطبيع العلاقات الثقافية مع مصر، وأنه حضر أحد العروض المسرحية في المسرح القومي، ما أدى إلى هجوم شديد على مدير المسرح، لأنه لم يوقف العرض ويطرده, موضحا أنه مر 40 عاما على توقيع اتفاقية السلام ومع ذلك حضور السفير الإسرائيلي لعرض مسرحي يثير الانتقادات, وألمح إلى تراجع نبرة العداء لإسرائيل في وسائل الإعلام المصرية مقارنة بسنوات التسعينيات. تولى حازم خيرت منصبه سفيرا لمصر بإسرائيل في 21 يونيو من العام قبل الماضي، حيث وصفته صحيفة هآرت آنذاك بأنه دبلوماسي مُحنك، وذو خبرة واسعة، وقدير في عالم الدبلوماسية، وأطلق موقع واللا الإسرائيلى عليه لقب الدبلوماسي الكبير. ويبلغ خيرت حاليا الستين من عمره، وينحدر من أسرة دبلوماسية عريقة، حيث ينتمى إليها السفير إسماعيل خيرت، شقيق زوجة وزير الخارجية، سامح شكري، والسفير إبراهيم خيرت، سفير مصر السابق في المكسيك، بالإضافة إلى السفراء عمر، وكريم خيرت اللذان يعملان في ديوان الخارجية. شغل خيرت منصب سفير مصر لدى سوريا، وشيلي، ثم مندوبا لمصر لدى جامعة الدول العربية، ثم مساعدا لوزير الخارجية لشئون السلكين الدبلوماسي، والقنصلي، خلفا للسفير عمرو أبو العطا، الذي عين مندوبا دائما لدي الأممالمتحدة في نيويورك، وتم تعيينه سفيرا لمصر بإسرائيل وتسلم مهام منصبه بعد غياب ممثل للقاهرة في العاصمة الإسرائيلية منذ 2012، ويعد هو سفير مصر السادس لدى تل أبيب منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1978، حيث عُين خلفا لعاطف الأهل السفير المصري السابق لدي تل أبيب الذى تم سحبه عام 2012 إثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وبمجرد الإعلان عن تعيين خيرت سفيرًا لمصر لدي تل أبيب، حصد ردود فعل واسعة، بداية من اعتبار رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قرار تعيينه بمثابة خطوة في تجاه التقارب في العلاقات بين مصر وإسرائيل، كما نقل متحدث باسم الرئيس الإسرائيلي، في بيان نشره موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية، عن الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، قوله "أرحب هنا في مقر الرئيس بسفراء من أنحاء العالم، لكن الأمر يتسم بخصوصية بالغة حين أرحب بسفراء من جيراننا المقربين والمهمين، مصر هي أم الدنيا، وخاصة في منطقتنا تلعب دورا بالغ الأهمية. ووصف موقع دبكا الإسرائيلي المتخصص في الشئون الأمنية تعيين حازم خيرت حينها، سفيرًا لمصر في تل أبيب، بأنه دليل جديد على توطد العلاقات. وفي أول تصريحات له عقب توليه المنصب أشار خيرت إلى أن غياب المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بالوقت الحالي يُعيد الأحداث المأساوية في السنوات القليلة الماضية، ويزيد من التوتر في القدس، وتدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة، مؤكدًا أن مصر مازالت على استعداد للتدخل بين الجانبين، للتوصل إلى اتفاق سلام ممكن. وشدد السفير المصري على أن مصر تواصل جهودها لتهيئة المناخ الملائم، لتحقيق السلام مع جميع الأطراف، وتعزيز المبادرة العربية. وأكد أن الرئيس السيسي يدعم الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام، وأن مصر تُقدر دعم العالم حول هذا الموضوع. ولفت خيرت حينها إلى التطورات في مجال أسلحة الدمار الشامل، مؤكدا أنه ينبغي إخلاء منطقة الشرق الأوسط من هذه الأسلحة، كما يجب على جميع بلدان الشرق الأوسط القيام بذلك في أسرع وقت ممكن، مشددًا على أن مصر عازمة على مواصلة العمل لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.