استمرار توافد الناخبين على اللجان من أجل الادلاء باصواتهم في انتخابات مجلس النواب بالمنيا    مسنودا على عكازين ..مسن يحرص على الإدلاء بصوته في انتخابات النواب بجنوب الأقصر    رئيس الوزراء: المعرض الدولى لتسويق مخرجات البحوث منصة رائدة تدعم الاقتصاد    وزير التموين يفتتح سوق اليوم الواحد بمنطقة بالمرج السبت    أسعار الذهب في قطر اليوم الخميس 11-12-2025    «أسامة ربيع»: نستهدف تحقيق طفرة في جهود توطين الصناعة البحرية    وصول 60 ألف طن قمح روسى لميناء دمياط    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة قرة انرجى.. 25 عامًا من العمل في مجالات الطاقة والمرافق والبنية التحتية    معلومات الوزراء يناقش مع "اليونيسف" رسم خريطة بيانات لأوضاع الأطفال في مصر    ترامب يعلن موعد إعلان مجلس السلام الخاص بغزة.. تفاصيل    إغلاق مطار بغداد موقتًا أمام الرحلات الجوية بسبب كثافة الضباب    كأس العرب - استبعاد لاعب السعودية حتى نهاية البطولة    ترتيب أبطال أوروبا - أرسنال يحافظ على العلامة الكاملة.. والجولة السابعة بعد أكثر من شهر    طلع على الشط لوحده.. التفاصيل الكاملة لاصطياد تمساح الزوامل بعد حصاره    عمرو مصطفى وزياد ظاظا يحققان 3.5 مليون مشاهدة بأغنية بعتيني ليه (فيديو)    «الكشري المصري» يدخل التاريخ    الليلة.. حفل ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي 2025    صحة الجيزة ترفع جاهزية الفرق الوقائية استعدادًا لحملة التطعيم ضد مرض الحصبة    صحة غزة: موجات البرد القارس فتحت بابا جديدا للموت    ضبط أكثر من 109 آلاف مخالفة مرورية فى يوم واحد    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارات موسكو على تعليق عملياتها خلال الليل    قرارات النيابة في واقعة اتهام فرد أمن بالتحرش بأطفال بمدرسة شهيرة بالتجمع    احتفالات في سوريا بعد إلغاء "النواب" الأمريكي قانون قيصر ورفع العقوبات    يوسف القعيد: نجيب محفوظ كان منظمًا بشكل صارم وصاحب رسالة وتفانٍ في إيصالها    أزمة محمد صلاح وليفربول قبل مواجهة برايتون.. تطورات جديدة    قافلة طبية لجامعة بنها بمدرسة برقطا توقع الكشف على 237 حالة    تايلاند تعلن عن أول قتلى مدنيين عقب تجدد الصراع الحدودي مع كمبوديا    تقييم مرموش أمام ريال مدريد من الصحف الإنجليزية    الأهلي ينهي صفقة يزن النعيمات لتدعيم هجومه في يناير    «الوطنية للانتخابات» تعلن تخصيص الخط الساخن 19826 لتلقي الشكاوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي ل 6 مدن بمحافظتي الشرقية والقليوبية    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    بتكلفة 68 مليون جنيه، رئيس جامعة القاهرة يفتتح مشروعات تطوير قصر العيني    طرق الوقاية من الحوداث أثناء سقوط الأمطار    تحريات لكشف تفاصيل مصرع طفلة وإصابة والدتها وشقيقها بعد تناول بسكويت بأكتوبر    مصدران: أمريكا تدرس فرض عقوبات متعلقة بالإرهاب على الأونروا    أحمد بنداري يدعو المواطنين للمشاركة ويحدد رقمًا لتلقي شكاوى الانتخابات    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    مورينيو يكشف أسباب فوز بنفيكا على نابولي في دوري الأبطال    قرار جمهوري بتعيين القاضي مجدى خفاجي رئيسا لمحكمة استئناف قنا    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    حالة الطقس في السعودية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    وزارة الصحة تطمئن المواطنين: لا وجود لفيروس «ماربورج» في مصر    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطل المصرى المنتصر.. والرئيس الأمريكى المهزوم
نشر في الموجز يوم 02 - 03 - 2015


«مصر لا تنام على ضيم»
كان هذا هو العنوان الرئيسى لجريدة «النهار» الكويتية يوم الثلاثاء الماضى، وتحت العنوان إدانة واضحة لجريمة «داعش» من سمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، الذى أكد دعم الكويت لمصر والمصريين من أجل القضاء على الإرهاب.
هذا عن الشرق، أما فى الغرب أشاد «رالف بيترز» المحلل السياسى بقناة «فوكس نيوز» الأمريكية، بموقف الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد توجيه ضربات جوية ضد إرهابيى «داعش» بليبيا، بينما هاجم الرئيس الأمريكى باراك أوباما بسبب موقفه «الداعم» لتنظيم داعش الإرهابى، واصفا موقف أوباما بأنه يبعث على الأسى، وأن الرئيس المصرى المسلم يفعل ما بوسعه لحماية المسيحيين بينما رئيس أمريكا لم يصدر عنه حتى بيان شخصى يتعاطف من خلاله مع الحدث، مضيفاً: ليس لدينا رئيس بل لدينا جبان.
على قناة فوكس ظهر أيضاً «روجر بوليكز» ليطرح هذا السؤال: «هل بإمكاننا أن نتبادل الرؤساء؟!.. أنا أفضل أن يكون لدى رئيسهم المسلم».
فى السياق نفسه، قالت شبكة «سى. إن. إن» الإخبارية الأمريكية إن الرئيس عبدالفتاح السيسى أصبح بسرعة «رجل الشرق الأوسط القوى» المفضل لدى المحافظين الأمريكيين والطامحين للرئاسة من الحزب الجمهورى.
وفى تقرير عنوانه «الزعيم العربى الجديد المفضل للحزب الجمهورى الأمريكى»، توقفت الشبكة الأمريكية عند الإشادات الواسعة التى يحظى بها «السيسى» بين العديد من أعضاء الحزب الجمهورى، إضافة إلى شخصيات إعلامية كبيرة أخرى.
ونقلت الشبكة عن المرشح الجمهورى المحتمل للرئاسة الأمريكية، جيب بوش، قوله إنه «فى الوقت الذى ينتشر فيه الإرهاب فى الشرق الأوسط كالنار فى الهشيم، لا أفهم لماذا يقول البيت الأبيض ل«السيسى»: «أنت لست ضمن فريقنا؟!».
وعلى قناة «نيوز ماكس» الأمريكية كما قال «مايك هوكابى»، المنافس الجمهورى المحتمل للرئاسة: «نشكر الرب على وجود الرئيس السيسى فى مصر»، مضيفاً أن السيسى «سدد لكمة» للولايات المتحدة.
يتجاهل الأمريكيون والبريطانيون، ومعهم قطر وتركيا، الحكومة الشرعية التى أجبرتها الجماعات الإرهابية المسلحة على الخروج من العاصمة طرابلس إلى طبرق. وكانت كل محاولات ما سمى ب«تشكيل حكومة وحدة وطنية» هى إصرار على إشراك الإخوان والجماعات الإرهابية المسلحة فى السلطة.
بدأ هذا بمحاولة مفاوضات الجزائر (بدعم قطرى-تركى) والتى فشلت، ثم حوار المغرب الآن الذى تقول الحكومة الشرعية إنه محاولة جديدة للالتفاف على الشرعية.
صفحة رئاسة أركان القوات الجوية فى الجيش الليبى على «فيسبوك» نشرت بياناً جاء فيه: «أردنا أن نطلعكم بما يجرى فى هذه اللحظات تحديداً على طاولة المفاوضات التى تجرى فى المغرب برعاية الدول الكبرى وتنسيق السيد برناندينو ليون: المطلوب هو الخروج بحكومة توافق فى ظرف أسبوع واحد فقط، وبعدها سيتم استخدام قوات فجر ليبيا وستتم شرعنتها بشكل أو بآخر حتى تستخدم فى قتال تنظيم داعش على الأراضى الليبية.
إن المطلوب بشكل واضح إخراج أى شخصية عسكرية ليبية تسعى لتكوين جيش ليبى قوى ومتطور ومستقل فى التخطيط والتسليح عن القوى الكبرى الأوروبية. هذا أولا، أما ثانياً فهو سحب السلطة من تحت أقدام البرلمان الليبى الذى انتخبه الشعب الليبى»، وبهذا الشكل لم يعد هناك مجال لأى شك بأن الغرب لا تعنيه الشرعية بقدر ما تعنيه مصالحه.
هذه وثيقة مخابراتية تكشف عن مخطط أمريكى ضخم للمنطقة العربية يستهدف نقل أرض المعركة مع تنظيم داعش إلى أجزاء من السعودية ومصر إضافة إلى «عرقنة» اليمن وتمويل حرب طائفية طويلة الأمد.
الوثيقة تؤكد أن اليمن تسير على خطى النموذج العراقى والسورى، وأن المخطط الذى يستهدف المنطقة العربية أكبر بكثير من جزئية صراع يمنى يمنى أو سورى سورى أو ليبى ليبى!!
داعش، طبقاً للوثيقة، هو أحد أجزاء المخطط بتصويره على أنه قوة غير متخيلة.. وبعد تمكين التنظيم من السيطرة على مناطق واسعة من العراق ودفعه لتهديد المناطق الشيعية دون إسقاط الكثير منها وبينها العاصمة بغداد.
تحدثت الوثيقة عن أن الولايات المتحدة «ستدعى أنها ستحارب تنظيم داعش وهى فى الحقيقة تعمل عكس ذلك تماماً، مدللة على ذلك بكون «قوات داعش لا تزال حتى اليوم تهاجم المدن بقوات ضخمة ولا تتعرض لعملية قصف أمريكية واحدة ومن أبرز الأمثلة هجوم داعش على ناحية البغدادى فى 12 فبراير 2015».
الحرب ضد داعش، طبقاً للوثيقة، ستستمر لسنوات قادمة ولن تنتهى ولن تحسم والهدف من كل ذلك إنهاك دول المنطقة وزيادة الضغط عليها ونقل المعركة إلى كل الدول مع التركيز على مصر والسعودية، أما اليمن فتسيطر القاعدة على عدد من محافظاتها (الوسطى والجنوبية) وهى: شبوة وأبين والوادى بحضرموت والمهرة من الجنوب ومأرب والبيضاء وأجزاء متفرقة من إب، وستبقى عدن وحيدة والمكلا بيد الحكومة ولن تسمح أمريكا بسقوط هذه المناطق كونها مهمة لحركة الملاحة الدولية.
الولايات المتحدة ستدعى أنها ستحارب القاعدة فى اليمن وستبدأ الغارات الجوية وسنشاهد نفس الفيلم العراقى السورى فى اليمن.
وبخصوص المجتمع الدولى، فإنه سينقسم على النحو الموجود فى النموذج العراقى، ستناصر روسيا دولة «الحوثيين» فى الشمال وستحول دون أى إجراء سياسى حقيقى لوقف القتال فى اليمن وستواصل أمريكا الادعاء بأنها تحارب القاعدة وستطلب دعماً أكبر من السعودية.
روسيا، ستذهب لادعاء أنها تبحث عن تسوية حقيقية فى اليمن مثلما فى العراق وستبيع أطناناً من السلاح إلى القوى المتحاربة فى اليمن وستقبض أمريكا تكاليف الضربات الجوية من السعودية وهنا سيكون كل طرف (أمريكا وروسيا) مستفيداً مما يجرى.
مع مرور الوقت ستجد السعودية نفسها محاصرة وفق «سياسة الكماشة» الخطر الداهم من الناحية العراقية والخطر الداهم من الناحية اليمنية.
وينتقل السيناريو إلى قيام جهات محسوبة على أمريكا بزيادة دعمها الإعلامى لتنظيم داعش فى اليمن مثلما تفعل الآن فى العراق بهدف ضم الآلاف المقاتلين وستتحرك ماكينات إعلامية ضخمة فى هذا الإطار.
وبالتدريج ستصل نار الحرب فى العراق وفى اليمن إلى الأطراف السعودية، وعلى أطراف الحدود المصرية مع ليبيا، قبل أن تنتقل المعركة إلى الأراضى السعودية والمصرية لتغرق الدولتين فى الفوضى القادمة من خلف الحدود، بفرض سيناريو «فقدان السيطرة على الحدود الغربية» ومحاولة صناعة محطة «ترانزيت» للإرهابيين، وهو ما اتضح أن الولايات المتحدة تسعى لتنفيذه من وراء تلك العمليات، التى تدعمها، سواء بالسلاح، أو «غض البصر» عن تجاوزاتها والخطورة التى تمثلها على منطقة الشرق الأوسط.
السيناريو نفسه كشفه تقرير لأحد المراكز السياسية التابعة لوكالة المخابرات الأمريكية ال«سى. آى. إيه»، عنوانه «خطة الصحراء الليبية المصرية».
التقرير يشير إلى دراسة قدمها الموساد الإسرائيلى عام 1993 يقترح فيها إعادة توطين الإرهابيين العرب الذين تم استخدامهم فى الحرب الأمريكية ضد الاتحاد السوفييتى السابق فى أفغانستان (العائدون من أفغانستان) فى منطقة الصحراء الليبية ضمن عدد آخر من الوجهات للتمكن من استخدامهم فيما بعد.
هذه المجموعات تم زرعها خصيصاً على الحدود المصرية، ويرصد التقرير تزايد أعداد الأفراد المقاتلين إلى نحو 180 ألفاً فى سنة 2012 الأمر الذى يتعامل معه التقرير بشكل أو بآخر على أنه إيجابى!
ويوضح التقرير استناداً لعدد من الوثائق أن الاتصالات بين الخلايا التى تمت زراعتها فى مناطق الصحراء الغربية المصرية الليبية والمخابرات المركزية الأمريكية لم تنقطع منذ 1998 حيث تعترف الوثائق أن خمسة معسكرات تم إنشاؤها فى منطقة الصحراء المصرية الليبية ضمت عناصر العائدين من أفغانستان إضافة إلى عناصر من الطوارق وبعض القبائل المحلية.
ويؤكد التقرير أن مجموعات كبيرة من هذه المعسكرات ساهمت بفاعلية فى «الثورة الليبية» ضد معمر القذافى، وأنها تتمتع ب«مستوى تدريب قتالى عالٍ» وتجيد أيضاً استخدام الأسلحة الثقيلة، وهو أمر أكده اعتراف الولايات المتحدة وتحديداً تصريحات مدير وكالة المخابرات الأمريكية الأسبق جورج تينت فى الكونجرس الذى أشار إلى أن بلاده مولت عناصر من إرهابيى القاعدة فى ليبيا بالسلاح!!
يطرح التقرير فكرة لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات إضافة إلى منطقة الصحراء الشرقية التى يعتبرها التقرير ذات حيثية خاصة لوجود أعداد كبيرة من «الإرهابيين» بها وأن هؤلاء الإرهابيين، الذين تمت زراعتهم بمعرفة الcia منذ قرابة العشرين عاماً، هم السبب الرئيسى وراء الأزمة الليبية وعليه فإن من المهم بمكان إنهاء حالة التوتر الدائم بين هذه المجموعات من خلال فرض سيطرة أمنية حقيقية على منطقة الصحراء المصرية الليبية.
الأخطر هو انتقال التقرير للتوغل الأمريكى فى مناطق الواحات الغربية «الواحات المصرية الداخلة والخارجة» بزعم أن ذلك ضرورة لمحاربة تواجد الميليشيات المسلحة بها والتى تهدد السيادة المصرية على أراضيها حيث يدعى التقرير أن هذه المناطق التى تعانى ضعفاً للخدمات المعيشية بصورة كبيرة ما يجعلها مواقع ممتازة للميليشيات المسلحة للاستقرار بها واتخاذها ملاذاً آمناً.. هكذا تتضح خيوط اللعبة.
الولايات المتحدة كانت تبحث عن نقطة التقاء مع الإسلاميين بالمنطقة، وأنصار التيارات الدينية كانوا يسعون لجسر للتواصل معها.. وفى ظل انشغال مختلف القوى الإقليمية فى المنطقة بمشاكلها الداخلية، وقع الاختيار على قطر كى تلعب دور الوسيط بين الفريقين.
على هذا النحو، بدت الدوحة بذراعها الإعلامية المؤثرة «الجزيرة» وببحور الغاز ومليارات الدولارات التى تعوم فوقها، وبرغبة قادتها فى تعظيم دورهم باللعب فى كنف كبار العالم، هى الأجهز بين بلدان المنطقة، لتكون حمامة الوصل فى الزواج الحرام بين الإخوان، ومن خلفهم تيارات الإسلام السياسى السائرة فى ركبهم، وواشنطن الساعية للسيطرة على حكام المنطقة بنظم تتمتع بشعبية، من جهة، ومن جهة ثانية لها عداء تقليدى مع إيران الشيعية، وقبل هذا وذاك يمكنها التعاطى بسلام مع تل أبيب، وأن تكون جاذبة وحاضنة لجميع رموز التكفير والإرهاب فى جميع أنحاء العالم، ومن ثم ترتاح الولايات المتحدة الأمريكية وكذا القارة العجوز من خطر عنف المتأسلمين.
قطر كانت أرضية ممهدة للتوافق الأمريكى- الإخوانى.
الإمارة التى تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، فى المنطقة، إضافة إلى كونها البلد الخليجى الوحيد الذى لديه تواصل رسمى مع تل أبيب، عبر مكتب التمثيل التجارى الإسرائيلى فى الدوحة، كانت وعلى مدار عقود طويلة، سلّة تجمع الإخوان فى الخليج، فى حين أن وجود الإسلاميين والإخوان فى قطر، كان بالنسبة لها أساسًا لإطلاق منتدى الحوار الأمريكى الإسلامى سنة 2004، برعاية وزارة الخارجية القطرية، والذى أصبح محفلًا سنويًا لالتقاء الخبراء والمسئولين الأمريكيين، بجميع أطياف الإسلام السياسى، وهو الذى مهّد فيما بعد لواشنطن، لاختيار شريكها الإسلامى فى المنطقة (الإخوان) بعد ثورات الربيع العربى. كما أن استضافة الإمارة الصغيرة لفروع مراكز ومؤسسات أبحاث أمريكية، مثل بروكينجز وراند، ساهمت بفاعلية.
كان هناك أيضاً الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، برئاسة الإخوانى القطرى يوسف القرضاوى، الذى تحول بمرور الوقت إلى مرجعية فقهية مرنة للمسلمين فى الغرب، ومرجعية علمية ومظلة شبه سياسية جامعة للتنظيمات الإسلامية السنية فى البلدان الأجنبية، وفى الأوطان الأصلية، وفق منظور تحديثى لاجتهادات العقيدة، وقبل هذا وذاك أصبح الاتحاد نافذة تصب فى صالح تبييض وجه الإخوان والمنظمات التى تمثلها، علاوة على موافقة هوى واشنطن.
الدوحة وجدت فى الإخوان أداة تنشر بها نفوذها السياسى بالتعاون مع واشنطن، بما يحقق مصلحة الإسلاميين والأمريكان، والصهاينة.
أموال غزيرة تدفقت من قطر على جهات مصرية بعينها، منها جمعيات، ومنها شركات، ومنها دور نشر، وأن أحد كبار الناشرين حصل وحده، على 150 مليون جنيه، كما أن جمعية دينية نالت بمفردها 200 مليون جنيه.
الإمارة الصغيرة كانت تسعى عبر النظام الإخوانى الساقط، لجر الجيش المصرى إلى المستنقع السورى بديلًا عن ضباط وجنود المارينز الأمريكى. الإطاحة بمرسى وأعوانه نسف ذلك المشروع قبل أن يتحقق على الأرض.
المثير أن الدوحة حاولت التمهيد لقرار إخوانى بدفع الجيش (من خلال قوات عربية مشتركة) إلى المعارك السورية. جاء ذلك مرتين على لسان وزير خارجيتها ورئيس وزرائها السابق، حمد بن جاسم. الأولى خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب فى مارس 2012، والثانية فى يناير من العام التالى له. أى قبل وصول الإخوان إلى حكم مصر، وفى أثنائه.
المعزول محمد مرسى شمّر عن ذراعيه، واصطحب أنصاره ووجوهاً تكفيرية متطرفة عدة، قبل أن يذهب بهم، قبل الإطاحة بنظامه ببضعة أسابيع، إلى الصالة المغطاة باستاد القاهرة، معلناً، ودون سابق إنذار، قطع العلاقات مع دمشق، وسحب السفير المصرى من هناك، والأخطر تأكيده أن الشعب والجيش فى أرض الكنانة تحت أمر الثورة السورية.
كان ذلك إعلاناً ضمنياً بالحرب ضد سوريا من جانب الرئيس الإخوانى، ولكن لا لنصرة الديمقراطية والحرية والثورة، وإنما لإنقاذ سمعة أوباما، ولإرضاء وكلائه فى المنطقة القطريين والأتراك.
مرسى عرض تدخل الجيش المصرى فى المستنقع السورى، وفق المخطط الأمريكى التركى القطرى، دون استطلاع رأى قادة القوات المسلحة. المشير عبدالفتاح السيسى نفسه، وكان لا يزال وقتها وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة برتبة فريق أول، أُبلغ من قبل المعزول بقرار التصعيد ضد دمشق، قبل خطاب الاستاد بنحو 3 ساعات فقط.
السيسى لم يخف عدم رضا القوات المسلحة عن مثل تلك القرارات المفاجئة وغير المدروسة، غير أن مرسى لم يسمع، ماضيًا فى تنفيذ بنود المخطط الذى رُسم لجماعته كأحد شروط تثبيتها فى الحكم من جانب الإمبراطورية وشمشرجيتها فى المحيط الشرق أوسطى.
لكن زلزال 30 يونيو حطم المخطط الأمريكى، والذى كان يتطلع إلى تحويل عقيدة الجيش المصرى من حماية الحدود والأمن القومى لمصر، والتأهب الدائم ضد العدو الإسرائيلى، إلى قوات نظامية تحارب لصالح من يدفع، والأخطر جعلها تحل محل الجيش الأمريكى فى كل مشاريعه القذرة بالمنطقة.
وعودة إلى الحرب المصرية ضد داعش والتى تأتى بعد فشل التحالف الغربى فى تكبيد «داعش» خسائر موجعة بعد أكثر من 5 أشهر من الضربات «الناعمة»، قد يحفز العرب على تكوين تحالف أكثر قوة وشراسة على اعتبار أنهم المتضرر الأول، كما أن خبرة العرب بالحرب البرية تحديدًا لا يستهان بها، قد تكون أحد محفزات تكوين هذا الحلف.
هناك إذن جبهتان للحرب، الأولى فى الشرق «الخليج»، وهى الأماكن التى يسيطر عليها التنظيم فى العراق وسوريا، والثانية فى ليبيا، فضلاً عن مجموعة من التنظيمات الصغيرة المنتشرة فى سيناء والسودان وغيرها من البلاد العربية، ما قد يشتت جهود الحلف، الذى يحتاج إلى التركيز فى الهدف كما كان الحال فى حرب أكتوبر على الجبهة المصرية فى 1973، وفى حرب الخليج 1991.
بالتوازى، وجدنا الرئيس الأمريكى متحدثاً مرتين أمام قمة مكافحة العنف والتطرف عن استراتيجية أمريكية تستهدف ما يمكن تسميته بحرب الأفكار وهو ما أعاد الِى الأذهان حملات إدارة بوش بعد غزو العراق والتى حملت عناوين مثل كيف نكسب العقول والقلوب؟
أوباما شدد فى كلمته فى اليوم الأول للمؤتمر على أن أمريكا ليست فى حرب مع الإسلام وفى اليوم الثانى وأمام أعضاء الوفود الحاضرة للقمة كرر نفس المعنى لكنه استطرد مهاجماً من يروجون فى العالم العربى والإسلامى بأن الغرب فى صراع مع الإسلام أو لفكرة صراع الحضارات وأعلن عن تعيين حسين إرشاد منسقاً خاصاً لمكافحة التطرف العنيف وذلك خلفاً لروبرتو فرنانديز الذى يتقاعد فى أبريل.
إرشاد محامٍ أمريكى سبق أن عمل فى البيت الأبيض فور تولى أوباما، كما كان يشغل منصب مبعوث خاص لمنظمة التعاون الإسلامى وتتمثل مهمة الإدارة التى سيشرف عليها التركيز على مواقع التواصل الاجتماعى لمعرفة توجهات مستخدميه وبالطبع التركيز سيكون على المسلمين والتفاعل معهم وربما بمساعدة إدارة مشابهة فى وزارة الدفاع زيادة إمكانية رصد عمليات تجنيد المتطرفين لشباب مسلم عبر هذه المواقع.
نحن أمام مواجهة شبه صريحة بين مصر وبين من صنعوا «داعش».
مواجهة لن تعيد العلاقات المصرية-الأمريكية إلى سابق عهدها، وتلغى تاريخاً طويلاً من تحالف بدأ مع عهد الرئيس السادات واستمر حتى قيام ثورة 30 يونيو.. وهو ما دفع دانيال جرينفيلد لكتابة مقال عنوانه: أوباما ألغى اتفاقية كامب ديفيد، نشرته مجلة «فرونت بيج» الأمريكية يعلق فيه على التقارب المصرى مع روسيا وفرنسا على حساب العلاقات بين القاهرة وواشنطن.
ذكر «جرينفيلد» أن استمالة مصر إلى المدار الغربى كان أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية إبان فترة الحرب الباردة، وعندما نجحت واشنطن فى ذلك، تم اعتباره أحد الإنجازات النادرة للسياسة الخارجية فى منطقة لم تكن الولايات المتحدة حققت فيها الكثير فى ذلك الوقت.
وفى هذه الأيام، تستفيد مصر من التكنولوجيا النووية الروسية، وتحصل على الطائرات المقاتلة الفرنسية، وليس من قبيل المصادفة أن تحدث هذه الصفقات بعدما قرر أوباما استضافة «بلطجية» الإخوان المسلمين فى اجتماع رفيع المستوى بوزارة الخارجية الأمريكية، على حد وصف المجلة.
ورفضت الولايات المتحدة دعم الغارات الجوية المصرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فى ليبيا، وفى الوقت ذاته تواصل العمل على الإطاحة بالحكومة المصرية، بحسب المجلة.
وخلص «جرينفيلد» إلى أن من بين جميع الكوارث الأخرى التى تسببت فيها إدارة أوباما أنه ألغى الإنجاز الحقيقى الوحيد فى السياسة الخارجية الذى حققته الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط الإسلامى، ذلك فى إشارة إلى التوتر الحالى فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن.
لكن، ما هو موقف مجلس التعاون الخليجى؟!.. هل أعلن تأييده لضربات مصر العسكرية ضد «داعش ليبيا»؟!.. وماذا عن تصريحات الأمين العام للمجلس التى تردد أنه أعلن فيها رفضه للاتهامات المصرية لقطر بتمويل الإرهاب؟!
ما حدث فعلاً، هو أن مجلس التعاون الخليجى أكد دعمه لمصر بقيادة السيسى فى كل المجالات، ونفى الدكتور عبداللطيف بن راشد الزيانى، أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ما تداولته وسائل الإعلام من تصريحات نُسبت إليه حول العلاقات «الخليجية–المصرية».
الزيانى أكد، فى بيان أصدره مساء الخميس، أن دول مجلس التعاون الخليجى دائمًا ما تسعى إلى دعم ومؤازرة مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل المجالات، وهذا ما ترجم فى اتفاق الرياض التكميلى الذى وقعه قادة دول المجلس، لإدراك القادة أهمية التلاحم والتكامل مع مصر الشقيقة، باعتبار أن أمنها واستقرارها من أمن واستقرار دول الخليج، خاصة فى ظل الظروف الدقيقة والحساسة التى تمر بها المنطقة والعالم بأسره، والتى تستدعى الترابط الوثيق بين الأشقاء جميعًا.
وأضاف الأمين العام لمجلس التعاون أن دول المجلس أكدت وقوفها التام مع مصر وشعبها الشقيق فى محاربة الإرهاب وحماية مواطنيها فى الداخل والخارج، وتؤيد كل ما تتخذه من إجراءات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية فى ليبيا، بعد العمل البربرى الذى قام به تنظيم «داعش» الإرهابى بذبح 21 مصرياً فى الأراضى الليبية، مؤكدًا أن ذلك حق أصيل من حقوق الدول فى الحفاظ على أمنها واستقلالها وسلامة مواطنيها.
هذا هو موقف مجلس التعاون الخليجى وأمينه العام، وكلاهما لم يشر إلى اتهام مندوب مصر بالجامعة العربية لقطر بدعمها للإرهاب وهو الأمر الذى قابلته قطر باستدعاء سفيرها بالقاهرة، احتجاجا على الاتهامات المصرية.
وفجأة، نقلت وكالة «رويترز» تصريحات ل«البيت الأبيض» يوم الجمعة، عرفنا منها أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما سيلتقى بأمير قطر فى البيت الأبيض يوم الثلاثاء (24 فبراير) لمناقشة قضايا سياسية واقتصادية وأمنية!!
قطر سحبت سفيرها من القاهرة، ومع الموقف الأمريكى «الرسمى» المائع، صدر القرار باستدعاء تميم ربما لتلقينه بخطط ومؤامرات جديدة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.