اقتراح برلماني بتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ    وزيرة التضامن: 31.5% معدل التحاق الأطفال بالحضانات    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    يسجل 59.96 جنيه، سعر الفرنك السويسري بالبنوك المصرية (تحديث لحظي)    تعرف على سعر الإسترليني أمام الجنيه بالبنوك المصرية اليوم الأحد    البنك المركزي المصري يكشف ارتفاع صافي الأصول الأجنبية    إعتماد المخطط العام لأرض مشروع «عربية للتنمية والتطوير العمراني» بالشيخ زايد    الاحصاء: معدل البطالة 6.4٪ خلال الربع الثالث لعام 2025    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    الاحتلال يعتقل 10 فلسطينيين على الأقل في الضفة الغربية خلال الساعات الماضية    تجدد الاشتباكات بين الجيش السودانى والدعم السريع فى بابنوسة    إكسترا نيوز: مصر تواصل تقديم شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة    الصندوق السيادي السعودي يخفض استثماراته الأمريكية إلى 19.4 مليار دولار    حقه يكمل مشواره| شوبير يدافع عن حسام حسن قبل مباراة مصر وكاب فيردي    ضبط 3 متهمين بالتحرش والاعتداء على فتيات بالغربية    الهلال الأحمر المصرى يقدم خدمات الدعم النفسى للمصابين بحادث طريق أسنا    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    جلسة نقاشية تجمع مراد مصطفى وشريف فتحي ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 بارتفاع جماعي    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    ضبط سيدة اعتدت على ابنتها وأصابتها بنزيف بالمخ في كفر الشيخ    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    تعليم الإسماعيلية: يعلن جداول امتحانات شهر نوفمبر للعام الدراسي 2025/2026    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    بدوري الأبطال .. الأهلي ينتظر الموافقة على حضور 50 ألف مشجع أمام شبيبة القبائل    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    لإضافة بُعد روحي وتربوي، الجندي يوضح سبب وجود مصطفى حسني في لجنة تحكيم "دولة التلاوة"    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    تقارير: زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    الرعاية الصحية تبحث تطوير خدمات القساطر القلبية المتقدمة لمرضى التأمين الصحي الشامل    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    سؤال برلمانى بشأن ظاهرة العجز الصارخ فى المعلمين    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية الجديد تفتيش المنازل والأشخاص؟    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    ما هي عقوبة مروجي الشائعات عبر السوشيال ميديا؟.. «خبير» يجيب    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    استقرار أسعار الذهب الأحد 16 نوفمبر.. وعيار 21 يسجل 5455 جنيهًا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يواصل كشف الأكذوبة الكبرى:
الإرهاب ضرورة حياة لأمريكا .. لا ترضى باستئصاله ولن تجاهر بحمايته
نشر في الوفد يوم 06 - 03 - 2015

تشويه صورة الإسلام هدف أساسي لاستقرار الرأسمالية الغربية
تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية ودينية لتمكين اسرائيل بالشرق الأوسط الجديد
أمريكا وحلفاؤها يصرون على دعم الميليشيات الإرهابية المتأسلمة لبقاء المنطقة ملتهبة وساخنة
يعلنون رفض التفاوض مع «داعش» في سوريا والعراق.. ويلحون على قبولها في ليبيا لخدمة الإخوان وأنصارهم
أوباما يضحك على العالم بطلبه تفويض «حرب ال 3 سنوات» للقضاء علي «داعش»
واشنطن تداعب أحلام الشعوب وتعطشها للحريات بشعارات زائفة
أعلن نائب الرئيس العراقي في بيان له أن الحكومة العراقية كانت قد حذرت منذ انطلاق الشرارة الأولى للربيع العربي من خطورة تنامي التنظيمات المتطرفة وإشاعة الفوضى والاضطرابات في الدول العربية ربما يترك آثارا سلبية مباشرة على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مشيرا في ذات الوقت إلى تجاهل الإدارة الأمريكية تحذيرات العراق المتكررة والمستمرة، وبَّين المتحدث باسم المالكي أن تنظيم «داعش» هو المستفيد الأول من التصريحات غير المسئولة وغير المبررة للرئيس الأمريكي قائلا: «إن قوات التحالف تكتفي بالقيام بضربات جوية استعراضية دون المساس بجوهر البنية الأساسية العسكرية ل «داعش»، في حين أن بإمكانها ذلك خلال ساعات وليس ثلاث سنوات كما يدعي أوباما».
‎- وإذا كانت علاقة الاستراتيجية الأمريكية بالإرهاب قائمة على تحقيق هدفين، أولهما: استقرار الرأسمالية والسيطرة على أي بوادر تململ لدى المواطن الأمريكي والغربي طبقا للمفهوم الذي خرجت به أجهزة الاستخبارات الأمريكية والاوربية بعد انتهاء الحرب الباردة في تسعينات القرن الماضي، والمتمثل في أن «الإسلام هو العدو الجديد للغرب»، أما الهدف الثاني: فهو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفية، مما يجعل وجود إسرائيل مقبولا بوصفها دولة دينية وسط محيط مماثل، وضمان عدم قيام حروب ضخمة تعطل أمريكا عن الاهتمام بالشرق الأقصى، ذلك أن حروب الدويلات الصغيرة ستكون بالضرورة صغيرة في أحجامها وأهدافها ومسارحها ومخاطرها إلا اننا لا نرى إلا الهدف الثاني، حيث اتضح أنه الأسلوب الأمريكي الامثل لتحقيق الهدف الأول، بمعنى أن تفتيت البلدان العربية عرقيا وطائفيا هو المخطط الاستراتيجي الذي يكفل تحقيق هدف استقرار الغرب وسيطرته على المنطقة العربية، خاصة وان المواطن الغربي لا يمكن استنفاره إلا إذا كان هناك خطر يتهدده ويدعوه للتماسك والاصطفاف. ومن ثم يتضح لنا أن الإرهاب ضرورة حياة لأمريكا، ولن توافق أمريكا على حل يستأصل الإرهاب، ولن تجاهر بحمايته، وبالتالي فإنها ستسمح بإجراءات تقليم محدودة، تزيد من فرص حياة شجرة الإرهاب ونموها لإحراقها أو اختلاعها. وطبقا لهذا المفهوم يمكن للولايات المتحدة أن ترسل فريقا من قواتها الخاصة لاختطاف الإرهابي أبو أنس الليبي تأديبا على تفجير قنصليتها في بنغازي ومقتل سفيرها هناك، لكن لا تساهم في إعادة بناء الجيش الليبي ليكون قادرا على دحر الإرهاب في بلاده بسرعة وبشكل جذري، بل ترك الجيش الوطني الليبي ضعيفا في مواجهة عدة ميليشيات إرهابية ترعاها أمريكا تسليحا وتدريبا وتمويلا من خلال تركيا وقطر، كما يمكننا أن نفهم أيضا سبب عدم تسليح المعارضة السورية الوطنية حتى تبقى جذوة نيران الحرب الأهلية مشتعلة في سوريا بما يؤدي إلى تفتيتها إلى دويلات علوية وكردية وسنية وذلك بدعوى «عدم الإخلال بالتوازن على الأرض».
‎- واذا طبقنا هذه الاستراتيجية الأمريكية على ليبيا يمكننا أن نفهم مغزى اتهام عبد الله الثني رئيس الحكومة الليبية للمبعوث الدولي الخاص لليبيا (برنارد ينو ليون) بمحاولة إيجاد صيغة لإدخال الجماعات الإرهابية المتشددة وعلى رأسها جماعة الإخوان –في حكومة الوفاق الوطني التي يقترحها وهي نفس الدعوة التي أطلقها أوباما وحلفاؤه في أوربا ردا على مشروع القرار المصري لمجلس الأمن الداعي لتدخل عسكري في ليبيا للقضاء على المنظمات الإرهابية هناك، وذلك بدعوى «لابديل عن حل سلمي في ليبيا». لذلك تساءل كثيرون كيف يمكن التفاوض مع ميليشيات مسلحة تنتهك حرمات الشعب الليبي يوميا بمختلف وسائل وأساليب الإرهاب لتفرض هيمنتها عليه، وهي ميليشيات يرفضها الشعب الليبي، وهو ما انعكس في الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث سقطت فصائل الإسلام السياسي سقوطا مدويا، وتم انتخاب برلمان جديد وتشكيل حكومة وطنية تعكس الأغلبية البرلمانية الرافضة جميع صور ومظاهر الإسلام السياسي. هنا تبرز حقيقة الهدف الأمريكي وحلفائها بفرض جماعة الإخوان وحلفائها كشركاء في الحكم في ليبيا لتنفيذ الأهداف والمصالح الأمريكية هناك. لذلك كان رئيس الوزراء الليبي – الثني- صادقا عندما قال: إن حكومته من حيث المبدأ تدعم الحوار بين الأطراف الليبية، وليس مع ميليشيات إرهابية، بل إن حكومته والبرلمان الليبي الوطني يحاربون الإرهاب بمفردهم، معربا عن أسفه أن لجنة العقوبات الدولية في الامم المتحدة لا تسمح بتسليحهم في حين تتلقى الجماعات الإرهابية تسليحا مكثفا من عدة دول معروفة لدى الجميع (يقصد تركيا وقطر) وعن طريق الموانئ والمطارات التي تسيطر عليها هذه الجماعات. والثني رئيس وزراء ليبيا صادق في ذلك لأن أي حكومة تكون هذه الجماعات الإرهابية جزءا منها لن تعمل لصالح وحدة الدولة الليبية أو استقرارها ولكنها ستؤجج الصراع وتطيل أمره، وتفسح المجال للجماعات الإرهابية للتغلغل في المجتمع الليبي أكثر، وتدخل ليبيا في متاهات الصراعات السياسية والايديولوجية بين الأحزاب والفرق والجماعات الإرهابية ربما يؤدي إلى حرب أهلية.
‎- والغريب في أمر الموقف الأمريكي والأوروبي أنه في الوقت الذي تعلن فيه هذه الدول رفضها التفاوض مع «داعش» لإيقاف ممارستها الدموية في سوريا والعراق، نجدها توافق –بل وتطالب وتلح على السلطات الليبية أن تتفاوض مع «داعش» وغيرها من الميليشيات الإرهابية المتواجدة على أراضيها هذا مع إصرار أمريكي غريب على منع تسليح الجيش الوطني الليبي بما يجعله قادرا على القضاء على «داعش» واخواتها. وهو ما يعكس الازدواجية في التعامل الأمريكي مع الجماعات الإرهابية، ربما يتفق مع المصالح والأهداف الأمريكية فبينما تقوم أمريكا بتسليح وتدريب الجيش العراقي لمواجهة «داعش» في العراق وسوريا، نجدها تمتنع عن تسليح الجيش الوطني الليبي وتغض النظر عن تدفق الأسلحة إلى كل الميليشيات والجماعات والتنظيمات الليبية المتطرفة، سواء بحرا من تركيا أو جوا من قطر إلى مطار معيتق قرب مصراته الواقعة تحت سيطرة جماعة فجر ليبيا التي هي فرع من الإخوان، وأيضا برا من السودان عبر الصحراء. كما تبحث أمريكا عن صياغات لادخال جماعات الإخوان وأعضاء الشريعة وغيرها من الجماعات المتطرفة في حكومة وفاق وطني يقترحها برنارد ينو ليون المبعوث الدولي الخاص لليبيا. وتتمثل خطورة هذه الازدواجية في أن أي حكومة تكون هذه الجماعات المتطرفة جزءا منها لن تعمل لصالح الدولة أو للاستقرار، ولكنها ستؤجج الصراع وتطيل أمده وتفسح المجال للجماعات الإرهابية للتغلغل في المجتمع الليبي أكثر، هذا إلى جانب تغاضي الولايات المتحدة عن دعم تركيا لتنظيم «داعش» سواء بالإمداد بالأفراد والسلاح والأموال عبر حدودها مع سوريا أو بتقديم التسهيلات اللوجستية إلى عناصر «داعش». خاصة في مجال علاج المصابين من «داعش» داخل المستشفيات التركية ولا نستغرب ازدواجية الموقف الأمريكي من مسألة مكافحة الإرهاب عموما، ومواجهة تنظيم «داعش» خصوصا، ذلك أن المعايير المزدوجة هي سمة السياسات الأمريكية على مر العصور، بدءا من تجييش العالم وتأسيس تحالف دولي ضد «داعش» في العراق وسوريا، واستحضار عبارة الرئيس الأمريكي السابق بوش حيث قال «من ليس معنا فهو ضدنا» وتقسيم الادوار بين الرئيس أوباما ووزير خارجيته كيري واتباع سياسة «اضرب ولاقي» وانتهاء بالموقف الأمريكي من «داعش» في ليبيا.. والذي حولها إلى مصنع للإرهاب يفد اليه الارهابيون من كل مكان ليتأهلوا فيه ثم ينطلقوا ليناصروا إخوانهم في كل مكان.
‎- ويؤكد مسئولون عسكريون وسياسيون في العراق، وكذلك من زعماء العشائر المتواجدين في مناطق العمليات العسكرية في الأنبار ضد «داعش» في العراق، أن القصف الجوي الأمريكي للأهداف ال»داعش»ية غير فعال، ويبدو أن ذلك عن عمد وقصد لأنه ينفذ بعيدا عن الأهداف العسكرية المهمة والمرصودة جيدا.. مثل مواقع الدبابات والمركبات والمدفعية، بل ينفذ ضد أهداف ثانوية غير ذات أهمية استراتيجية، هذا فضلا عن تصاعد اتهامات قيادات رئيسية في «الحشد الشعبي» مثل قيس الخزعلي وهادي العادي للولايات المتحدة بإلقاء مساعدات عسكرية إلى «داعش»، وهو ما أيده المرشد الإيراني على خامئني.
‎- لذلك انتقد الكثيرون داخل وخارج الولايات المتحدة طلب أوباما من الكونجرس تفويض «حرب ال3سنوات» باستخدام القوة العسكرية ضد «داعش»، قائلين إن دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة لو أرادت حقا أن تقضي على قوات «داعش» داخل مواقعها في العراق وسوريا، فهي قادرة على ذلك خلال بضعة ايام أو ساعات، وذلك باستخدام ما لديها من معلومات كاملة عن الأوضاع العسكرية لهذا التنظيم، فضلا عما لدى الولايات المتحدة من قدرات جوية ضخمة في منطقة الخليج، ودون حاجة لاستخدام قوات برية، ولكن أوباما لا يريد ذلك لأن بقاء «داعش» نشطة في العالم العربي يخدم أهداف أمريكا في دفع الدول العربية لزيادة اعتماديتها على الولايات المتحدة، وهو ما يعكس تصريحا لأوباما عندما نقلت «داعش» نشاطها الإرهابي من العراق إلى سوريا، نافيا وجود استراتيجية لديه لمحاربة «داعش» بدعوى انها لا تشكل تهديدا لأمريكا، ولكن عندما انحرفت «داعش» عن الخط المرسوم لها وقامت بذبح امريكيين مما اثار الرأي العام الأمريكي مطالبا بالرد، اضطر أوباما للاستجابة ولكن في إطار تحالف دولي يستطيع أوباما أن يوظفه بما يخدم المصالح والأهداف الأمريكية، غافلا عن حقيقة مهمة وهي تهديد «داعش» بنقل الحرب إلى داخل المدن الأمريكية والاوربية.
‎- ولم يحقق المؤتمر الدولي الذي عقد في واشنطن في منتصف فبراير الماضي تحت عنوان مواجهة التطرف الهدف الذي انتظره العالم من وراء عقده، فقد افتقد خطاب أوباما فيه أهم ما كان ينبغي أن يتحدث فيه، وهو مراجعة جادة للسياسة والاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، وإن كان قد ركز فيه على التنديد بفكرة أن بلاده تحارب الإسلام ووصفها بأنها «أكذوبة بشعة» مطالبا دول العالم بضرورة مواجهة التنظيمات الإرهابية دون تردد، ومتجاهلا أن بلاده هي التي ساهمت في إنشاء هذه الجماعات وساعدتها ومولتها بالمال والسلاح ووظفتها لإضعاف الأنظمة الحاكمة وتفتيت دولها وجيوشها. وهو ما تأكد وبرز بشكل واضح في دعم الإدارة الأمريكية لجماعة الإخوان في مصر، رغم سقوط نظام حكمها بعد ثورة 30 يونيو، بل ومعاقبة مصر بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية عنها، رغم تعرض مصر لحرب ضارية من جانب جماعة الإخوان وحلفائها على جميع حدودها الشرقية من جانب حماس فرع من (الإخوان) في غزة، وحدودها الغربية من جانب «داعش» في ليبيا، والجنوبية من جانب نظام حكم البشير الإخواني في السودان، بل وفي البحر المتوسط، ناهيك عن الحرب الجارية داخل جميع المحافظات ضد عناصر جماعة الإخوان التي تستهدف المنشآت والأهداف الاستراتيجية ومرافق النقل بل المدارس والبنوك والمستشفيات ومناطق تجمع السكان.
‎- ورغم شدة هذه الحرب التي تخوضها مصر ضد جماعات الإرهاب داخل وخارج مصر، نجد أوباما لم يذكر في كلمته الافتتاحية امام مؤتمر مكافحة الإرهاب الحادث الإرهابي البشع الذي ارتكبته «داعش» بذبح 21 من أقباط مصر في ليبيا، وهو ما اعتبره البعض صدمة، إلى أن ذكرته وكالة المخابرات المركزية بخطورة تجاهل هذا الحادث الإرهابي الذي هز العالم كله، حتى نجده في اليوم التالي من المؤتمر يندد بما ارتكبته «داعش» في ليبيا ضد المصريين. وعندما وجهت مصر ضربتها الجوية الانتقامية ضد «داعش» داخل المنطقة الشرقية من ليبيا، وهو الأمر الذي تفاجأت به إدارة الأمريكية نجد اركان هذه الإدارة يعبرون عن عدم رضائهم عنها، وإن لم يعترضوا عليها أو يتحفظوا عليها، ولكن بالنظر لتصريحات جوزيف بايرن نائب الرئيس الأمريكي المبطنة التي يؤكد فيها أهمية أن تبدأ الحرب على الإرهاب من الجور دون الاعتماد على الحلول العسكرية وحدها مفضلا الحلول السياسية، وبغض النظر عن تناقض ذلك مع المواقف الأمريكية من افغانستان والعراق، حيث بادرت الولايات المتحدة بشن حرب في افغانستان عقب أحداث 11سبتمبر 2001 دون أي مفاوضات سياسية مسبقة مع حركة طالبان المحاكمة هناك لذلك شنت أمريكا حربها ضد العراق في 2003 دون أي مفاوضات مسبقة مع نظام جيشي، إلا اننا بالنظر الي الحالة في ليبيا، والتي يمرح فيها أكثر من 600 تنظيم ارهابيا نتساءل: كم من الارواح يمكن أن تزهق بطريقة وحشية، وكم من الرقاب يمكن أن تذبح في عمليات بربرية ونحن في انتظار التسوية المزعومة من خلال التفاوض، وعلى غرار ما حدث لشهداء مصر ال 21 دون أن تحرك إدارة أوباما ساكناً، دون بيانات الشجب والإدانة التي لا تشفي ولا تغني من جوع؟! والغريب في هذا الموقف الأمريكي أن نجد صحيفة نيويورك تايمز قد وجدت في الضربة الجوية فرصة مواتية للتشكيك في قدرة مصر على مواصلة ما أسموه بالحرب الخاطئة في ليبيا، والتحريض ضد الرئيس السيسي بدعوى أنه يتصرف دون تشاور مع أمريكا، وانه كان علينا أن نستأذن من الإدارة الأمريكية قبل توجيه تلك الضربة، متجاهلين حقيقة مهمة وهي أن مصر ليست دولة تابعة للولايات المتحدة، ولا نتلقى مساعدات وفق أهواء البيت الأبيض، ولكن للقاهرة سياستها العسكرية المستقلة وبدائلها السريعة، وهو ما انعكس عقب القرار الأمريكي يوقف المساعدات الأمريكية، بعقد صفقات أسلحة سريعة مع كل من فرنسا وروسيا والصين، حفاظا على استمرار كفاءتها القتالية. وقد تجاهلت الإدارة الأمريكية مواقف سابقة لها عندما قامت قوة عمليات أمريكية خاصة بقتل اسامة بن لادن في باكستان دون إخطار الحكومة الباكستانية، كما قامت قوة عمليات أخرى باختطاف أبو أنس الليبي من ليبيا دون أي تنسيق مع حكومة ليبيا.
‎- ولأن الرئيس الأمريكي أوباما «ملعوب في رأسه»، ويلعب على كل الحبال، وأنه وإدارته وراء انشاء تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو ما يفسر الكثير من القرارات والمواقف التناقضية للإدارة الأمريكية، نجده في الوقت الذي يدين فيه العملية الإرهابية التي أسفرت عن قطع رقاب 21 مصريا في ليبيا، نجده يصدر تعليماته لمندوبة في مجلس الأمن بأن يعرقل مشروع القرار المصري بتشكيل تحالف عسكري دولي لضرب الإرهاب في ليبيا، مفضلا حلا سياسيا يمكن الإخوان – حلفاء أمريكا في المنطقة من الاشتراك في حكم ليبيا، ليشكلوا شوكة في جانب مصر الغربي من خلال تحكمهم في القرارات السياسية والأمنية التي تتخذها الحكومة الليبية إذا ما شاركت فيها جماعة الإخوان.
‎- وقد أدت مواقف أوباما التناقضية –خاصة تجاه مصر –إلى ثورة ضده في الكونجرس، ففي اعتراف من الكونجرس بضرورة دعم مصر ضد الإرهاب، حثت النائبة الجمهورية كاي جرانجر الرئيس أوباما على دعم ومساعدة مصر لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، بل وحذرت – وهي رئيسة اللجنة الفرعية للمخصصات المالية للعمليات الخارجية في مجلس النواب - من انها على أتم استعداد لتعليق أموال المساعدات الخارجية إذا لم تقدم الإدارة طائرات القتال (إف-16) ودبابات (ابرامز M1A1) وأسلحة أخرى كانت قد علقتها الإدارة الأمريكية منذ 2013، خاصة وان هذه الأسلحة قد تم دفع ثمنها من جانب مصر، ورفضت الإدارة الأمريكية إرسالها إلى مصر وقامت بتخزينها (12مقاتلة إف-16 من أصل 20، 120دبابة ابرامز) في منشأة تخزين فورت وورت بتكساس تابعة لشركة لوكهيد.
‎- كما انتقدت الدوائر السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة زيارة امير قطر (تميم) للولايات المتحدة واستقبال أوباما له في البيت الأبيض رغم علم الجميع على مستوى العالم باستمرار قطر في دعم التنظيمات الإرهابية.. وعلى رأسها تنظيم «داعش»، فضلا عن جماعة الإخوان، حيث يعتبر معظم الأمريكيين – خاصة رجال المؤسسة العسكرية الأمريكية –أن تميم حاكم قطر أكبر راع للإرهاب في الشرق الأوسط والعالم. وان قطر لم توف بتعهداتها بتجفيف مصادر تمويل الإرهاب في الشرق الأوسط، وان مسئولين في وزارة الخزانة رصدت في سبتمبر الماضي إرسال رجل أعمال قطري أكثر من 2 مليون دولار إلى تنظيم «داعش» لتنفيذ عمليات إرهابية. وكانت قطر أعلنت قبل الزيارة اعتزامها استثمار أكثر من 35 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة، وقالت مصادر إعلامية إن هذه الأموال ربما تساعد تميم في إقناع أوباما بالضغط على النظام المصري لإدخال الإخوان في العملية السياسية وقبول ترشحهم للبرلمان المقبل.
‎- وتتواكب هذه المواقف المتناقضة مع موقف أمريكي آخر مناهض لمصر تمثل في بيان الخارجية الأمريكية بالدفاع عن عملائها في مصر، وإصرارها على محاولة هدم الدولة المصرية بالهجوم على قضائها الشامخ ومساندة المخربين الذين ينفذون أجندتها وذلك بانتقاد (جنيفر ساكس) المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أخيرا أحكام القضاء التي قضت بحبس الناشط السياسي علاء عبد الفتاح و20 آخرين بأحكام بالحبس تتراوح ما بين 3 و5 سنوات في قضية احداث مجلس الشورى. حيث تدافع واشنطن عن «الاشتراكيين الثوريين» لإثارة الفوضى في مصر لأنهم يعدون إحدى ادواتها الناعمة في تنفيذ مخططاتها التخريبية ضد مصر. كما اعترضت منظمة العفو الدولية –الدائرة في الفلك الأمريكية على الضربة الجوية المصرية ضد إرهابي «داعش» في ليبيا بدعوى انها أصابت مدنيين أبرياء، متجاهلة آلاف المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ قتلوا في الغارات الجوية الأمريكية في أفغانستان والعراق ومناطق أخرى من العالم. أما الصحف الأمريكية العاقلة فقد انتقدت موقف أوباما المعارض للضربة الجوية المصرية وهو الرجل المسيحي، وقارنته بموقف الرئيس المصري المسلم عبد الفتاح السيسي الذي انتفض على الفور بعد جريمة ذبح الأقباط في ليبيا.. بالانتقام لهم، واعتبرت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هو بطل الشرق الأوسط.
‎وفي تقرير لمعهد (جيت ستون) الأمريكي للدراسات السياسية، جاء أن «جماعة الإخوان التي باتت الآن هي الصديق الكبير للإدارة الأمريكية، هي في الحقيقة شجرة السم التي طرحت نبتة الإرهاب المتجسدة في تنظيم «داعش» وتنظيم «القاعدة» وجبهة «النصرة» و«بوكوحرام».. وغيرها. ثم أشار المعهد في تقريره إلى أنه يبدو أن بعض الدول العربية لم تدرك حتى الآن أن أمنها القومي، والقدرة على الوقوف امام إيران يعتمد على مدى قوة مصر. ووفقا للمعهد الأمريكي أن تكون السياسة الأمريكية تسعى لتشتيت العالم الإسلامي منعه من الانضمام تحت راية الحداثة التي تحملها السيسي، وانه مع التواطؤ الاوربي، تحاول الإدارة الأمريكية خداع العرب وتحويل الصراع العربي –الإسرائيلي إلى مركز للفوضى في الشرق الأوسط من أجل إخفاء اتفاق نووي مع إيران. ورأى (جيت ستون) أن ما وصفه بغدر الإدارة الأمريكية هو سبب فقدان مصر الثقة في الولايات المتحدة والتي من المفترض مع العرب ضد إيران النووية.
‎خلاصة القول
‎- إن المشهد الذي تشهده دول منطقة الشرق الأوسط تؤكد بما لا يدع أي شك أن المشروع الأمريكي «الشرق أوسط الجديد» يواجه سقوطا وفشلا ذريعا على أبواب مصر، وأدلة الفشل على ذلك أكثر من أن تخفى، بدءا بسقوط نظام حكم الإخوان بعد سنة واحدة من حكم فاشل في مصر، وكذلك فشل جميع العمليات الإرهابية التي جرت وتجرى داخل مصر وعلى حدودها في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية. وقد ثبت لأعداء مصر وعلى رأسها الولايات المتحدة ان مشروع تقسيم مصر تحت وهم إرساء الديمقراطية انقلب صفر اليدين بعد أن انكشفت كل الآلاعيب والأكاذيب وشاهد العالم أجمع ما يجري في العراق، ويحاولون تكراره في سوريا وليبيا واليمن، وحتى الادوات التي تستخدمها أمريكا لتحقيق أهدافها ومخططاتها – وعلى رأسها أحزاب وفصائل الإسلام السياسي – أصبحت أيضا مكشوفة، بدءا من صناعة نموذج ليبرالي ومنحه أعلى الجوائز، وتصديره إلى مجتمعه بشعارات براقة تداعب أحلام الشعوب المتطلعة للحرية والعدالة حتى ينخدع به ويلتف حوله الشباب المتعطش لنموذج المنقذ والمحرر، وكذلك التغلغل في المجتمع مستغلين كل السلبيات وقصور الحكومات وفساد وإهمال الأنظمة لإيجاد ظهير من مواطنين مقهورين ومطحونين من السهل قيادتهم وتوجيههم إلى حيث يخربون أوطانهم بأيديهم تحت شعارات زائفة وكلمات براقة لا يفهمون معناها. كل هذه الأكاذيب انكشفت فأصبح اللعب اليوم على المكشوف، وأدرك الشعب كم يقبض هؤلاء الذين يصولون ويجولون في الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام يروجون للمشروع الأمريكي المرفوض شعبيا.
‎- واذا كانت أمريكا تملك خريطة طريق للعمل في المنطقة، وتجاه كل دولة عربية على حدة، وانها اللاعب الرئيسي في منطقة موبوءة بأمراض التآمر والضعف والخيانة، واذا كانت خريطة الطريق هذه في الماضي سرية وملتبسة ومراوغة، إلا أنها اليوم صارت واضحة ومفهومة بشكل صارخ ولا تحتمل التأويل من حيث الهدف الأمريكي في بسط الهيمنة على المنطقة ومخططات تنفيذه القائمة على التقسيم والتجزئة، وسيلتهم في ذلك الفوضى الشاملة في الوطن العربي كله وإشعال الفتن والحروب الأهلية وأعمال العنف على أوسع نطاق. وبالتالي فإن ادراكنا لهذه الأهداف والمخططات والأساليب الأمريكية لتخريب مصر بأيدي أبنائها، هي أولى خطوات إجهاض كل ذلك. ثم يأتي بعد ذلك أن نحسب بدقة شديدة من معنا ومن ضدنا في السر والعلن، ومن هم أصحاب المواقف الرمادية، والذين لا يملكون قرارهم، وليسوا سوى ألعوبة في ايدي أمريكا، وان نتحسب جيدا لأسوأ السيناريوهات.. ليس فقط من جانب الأعداء ولكن أيضا من جانب الاصدقاء الذين قد يشكل تحولهم عن مواقفهم المعلنة –خاصة وقت الشدة –خطرا علينا ولاسيما إذا ما تمادينا في الاعتماد عليهم كثيرا، وهو ما يعني زيادة قدراتنا في الاعتماد على النفس. وإذا كان بعض المسئولين والخبراء العرب عندما تحدثوا عن الضربة الجوية المصرية بوصفها «تصرفاً غريباً لا تقدم عليه إلا دولة عظمى.. وهذا ما نرفضه» فإن ذلك يجعلنا ندرك أن صعود مصر إلى مستوى قوة اقليمية غير مقبول ليس فقط من جانب إسرائيل وأمريكا وحلفائهم، ولكن أيضا غير مقبول من جانب أشقاء عرب. من هنا جاء الإصرار المصري على عدم استئذان أحد.. سواء أمريكا أو أذيالها عندما شنت ضربتها الجوية ضد بعض مواقع «داعش» في ليبيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.