إعادة تقييم أصول شركات وممتلكات أحمد عز ومنصور عامر وأبوالعينين وصفوان ثابت - صلاحيات جديدة لهيئة الرقابة الإدارية وتشكيل لجنة من مكتب الرئيس لملاحقة الفاسدين - ضخ مليار جنيه للنهوض بالتليفزيون المصرى - ترشيح عدد من الشخصيات لمنصب نائب الرئيس - تشريعات جديدة لبناء الكنائس وبحث قضايا الأقباط لاشك أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل الزيارة إلى الصين كان على وعى كامل بطبيعة العلاقة بين البلدين، ولاشك أن النجاح الكبير لتلك الزيارة يعود فى جزء كبير منه إلى الثقة الكبيرة التى كان يتحرك بها الرئيس ويتحدث بها إلى وسائل الإعلام هناك، وهناك تاريخ طويل جعل لمصر دوراً كبيراً فى وصول الصين إلى تلك المرحلة من النمو الاقتصادى، بذلت مصر جهوداً خرافية منذ ثورة يوليو 1952 لكى تتخلص الصين من الحصار الذى تخضع له من جانب أمريكا ودول الغرب، وكان مؤتمر «باندونج» الشهير هو أول لقاء بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وشواين لاى، رئيس وزراء الصين الأسبق عام 1955، حيث أعلنت مصر اعترافها رسمياً بالصين التى بدأت تكسر الحصار بفضل جهود مصر التى قامت بجمع الاعترافات المتتابعة من الدول الإفريقية والعربية التى ساعدت الصين على تحقيق الاستقلال. وحافظت الصين على علاقتها مع مصر ولم تشارك قطيع الدول الغربية فى الحملة الشرسة ضد مصر عقب ثورة 30 يونيو، وكانت من أوائل الدول التى احترمت خيارات الشعب المصرى. وتأتى زيارة الصين ضمن منظومة اختارها الرئيس حتى قبل الوصول إلى الحكم، فحين أعلنت أمريكا حربها القذرة ضد مصر عقب ثورة يونيو قرر السيسى الاتجاه شرقاً مستخدماً ورقة روسيا التى رحبت بمصر ورئيسها وقدم الرئيس بوتين خطوة وخطوات نحو مصر التى بدأت تتخلص من سيطرة أمريكا بعد سنوات من السيطرة بدأت منذ عهد السادات واستمرت وتضخمت فى عهد مبارك. ولاشك أن حجم التبادل التجارى الجديد بين مصر والصين سيساهم بدور كبير فى ضبط الأوضاع الاقتصادية، فمن المعروف أن حجم التبادل التجارى المصرى الصينى يبلغ 11 مليار دولار فى العام، وهو رقم كبير ولكن وبكل أسف فهو غير مفيد بالمرة، حيث تستورد مصر من الصين سنوياً بقيمة 10 مليارات دولار، بينما صادرات مصر لها تبلغ مليار دولار فقط..وهذا يتطلب المزيد من الجهد لتقليص هذا العجز، وأعتقد أن الاتفاقيات الجديدة التى رحبت بها الصين ستقوم بدور كبير فى تحديد شكل المستقبل الاقتصادى، وبشكل عام فإن الزيارة حققت أكثر من هدف وأصبحت واحدة من زيارات مهمة قام بها الرئيس لفك الألغام التى تم وضعها فى طريقه، وفى كل يوم يقفز الرئيس خطوات جديدة تؤكد مدى إخلاصه ورغبته فى إعادة مصر إلى مكانتها العالمية. ولا ينكر تلك الجهود والأفكار سوى حاقد، فخلال شهور قليلة نجح السيسى فى إزالة الألغام التى وضعتها الدول الكبرى لعرقلة مصر بمساندة من جماعة العنف والإرهاب وأتباعها فى تركيا وقطر وإيران إضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية التى لعبت أقذر أدوارها فى التاريخ الحديث ولولا صمود السيسى وبحثه عن مخارج للحصار الذى كنت أمريكا تنوى إقامته حول مصر لأصبح الوضع غاية فى السوء خاصة فى ظل وجود عصابات وميليشيات داعش على الحدود مع ليبيا. ولاشك أن ما يتم على مستوى العلاقات الخارجية وإدارة الأزمات يستحق مجلدات من الثناء والإشادة بالوعى السياسى الكبير للرئيس عبدالفتاح السيسى، ولكن تظل الأحوال الداخلية حجر عثرة كبيراً فى طريق الإصلاح والتجديد وبناء الدولة الحديثة، وكما سبق وأوضحنا من قبل فإن الرئيس يحلق بجناح واحد فى حين يظل الجناح الثانى مكسوراً، فمازال الفساد يضرب بجذوره ومازالت الخدمات التى ينتظرها المواطن البسيط لا تصل إليه ولا يستفيد منها، ومازالت قطاعات الصحة والتعليم من مستشفيات حكومية ومدارس محلك سر، كما مازال رجال أعمال عصر مبارك هم نجوم الساحة وكأن الساعة تعود للوراء فى الداخل وتتقدم بسرعة مهولة فى الخارج، وتلك كارثة قد تطيح بكل الآمال. قوانين أحمد عز المشبوهة وهناك حزمة من الإصلاحات والقرارات التى لابد أن يتخذها السيسى لإطفاء الحرائق التى قد تشتعل فى أى لحظة، وتأتى مسألة تضخم الثروات لعدد كبير من رجال الأعمال كإحدى هذه القنابل الموقوتة، فمن المعروف أن معظم رجال الأعمال وأباطرة البيزنس الذين نراهم اليوم هم الذين استفادوا من نظام مبارك الذى فتح الباب واسعاً أمام المحليات للنهب المنظم بعد تعديل قانون الحكم المحلى، وفتح أيضا الأبواب واسعة أمام كافة أشكال التهرب الضريبى وتزايدت الصلات والعلاقات الشخصية بين رجال الأعمال والمسئولين الكبار فى الدولة والوزراء، واتسعت شبكة النسب والمصاهرة بينهم وزاد الفساد قوة، واتحد كل هؤلاء لإصدار قوانين تحميهم وتحمى فسادهم وثرواتهم وتجعلهم غير خاضعين للمساءلة، قام أحمد فتحى سرور بتفصيل القوانين المناسبة لحيتان البيزنس، ومنها القانون 205 لعام 1990 والمعروف بقانون سرية الحسابات والذى منع الجهات الرقابية من الوصول لحسابات المسئولين ومراقبة التربح والثراء الناتج عن الكسب غير المشروع فكانت ضربة قوية لكافة أجهزة الدولة المعنية بملاحقة الفساد، حيث نزع عنها أهم آليات الرقابة فى كشف الموظف الفاسد من خلال مراقبة إقرارات الذمة المالية له ولأسرته ومقارنتها بحساباته فى البنوك، ولم يكتف فتحى سرور ورجال مبارك بذلك القانون وصدر قانون آخر أخطر وهو القانون 3 لعام 2005 والمعروف بقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية والذى تم تعديله بعد إقراره بيوم واحد فى مجلس الشعب بضغط من النائب أحمد عز ليصبح القانون معروفاً باسم قانون أحمد عز، إذ إنه استخدم الغالبية للتصويت لتعديل مادة فى القانون كانت الحكومة ترغب بواسطتها فى إعفاء أول من بادر بإبلاغ جهاز منع الاحتكار بالجريمة، ولكن عز ورفاقه أجروا تعديلات عليها قضت أن يكون الإعفاء من العقوبة بنسبة لا تزيد على نصف العقوبة المقضى بها لكل مخالف بادر بإبلاغ الجهاز بالجريمة، وهو الأمر الذى لا يشجع أى مخالف على الإبلاغ عن جرائم الاحتكار، ولم يكتف فتحى سرور بذلك فقام بتفصيل القانون 203 لعام 1991 والمعروف بقانون قطاع الأعمال الذى وضع تحت إشراف عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق عندما أطلقت الحكومة يدها فى عمليات بيع القطاع العام واتخذت ستاراً بتحويله إلى شركات قطاع أعمال تمهيداً للخصخصة، وكان هذا القانون يمنع الجهات الرقابية من التفتيش على الشركات والهيئات قبل استئذان الجهة المختصة بالتنفيذ!! وتم بناء إمبراطوريات أحمد عز ومنصور عامر وياسين منصور ومحمد أبوالعينين وعشرات من أباطرة المال فى ظل تلك القوانين. إن إعادة تقييم أصول شركات وممتلكات أحمد عز ومنصور عامر وأبوالعينين وصفوان ثابت وغيرهم أصبح مطلباً شعبياً ويأتى فى صالح رجال الأعمال كى تتحسن صورتهم أمام الرأى العام الذى لا يعرف كيف حصل هؤلاء على كل هذه الثروات؟ فإن كانت هذه الأموال من مصادر مشروعة فليس لأحد الحق فى الاقتراب منها أما إن كان الحصول عليها قد تم بطرق غير مشروعة فمن حقنا جميعاً أن نسأل من أين لك هذا؟! الرئيس فى هيئة الرقابة الإدارية مما لا شك فيه أن تطهير مصر من الفاسدين والمفسدين لن يتحقق إلا بمنح هيئة الرقابة الإدارية صلاحيات تتيح لها ملاحقة هؤلاء وفضح تلاعبهم بأموال الدولة، وأعتقد أن الرئيس يستعد لتلك الخطوة، كان عبدالفتاح السيسى بعد تنصيبه رئيساً بنحو شهرين قد قام بزيارة مقر هيئة الرقابة الإدارية ليحضر اجتماع اللجنة العليا لمكافحة الفساد، وهى زيارة حملت معانى كثيرة خاصة أن السيسى كان أول رئيس يزور هذه الهيئة الرقابية الحساسة رغم أن الهيئة تحتفل هذه الأيام بمرور خمسين عاماً على إنشائها، وإذا كان الزعيم الخالد جمال عبدالناصر قد أنشأ الهيئة فإنه اكتفى بمتابعتها وتطوير عملها لكنه لم يزرها مثلما فعل السيسى. إن الرقابة الإدارية هى الجهة التى تستحق الاهتمام فى المرحلة المقبلة، فتاريخها العظيم يشهد بمواقفها من محاربة الفساد ومحاصرة الفاسدين حتى ولو كانوا من كبار مسئولى الدولة، وهذا ما تحقق فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، فعندما بدأت مصر تتجه نحو الانفتاح الاقتصادى ظهرت على السطح قوائم بأباطرة الفساد الذين أطلقت عليهم الصحف «القطط السمان»، ولم يسقط السادات إلا بعد أن أهمل الرقابة الإدارية وناصبها العداء، فقبل شهور معدودة من انتفاضة الخبز الشهيرة فى 17 و18 يناير 1977 أصدرت الرقابة الإدارية تقريراً خطيراً وأرسلته إلى مكتب الرئيس حذرته من أوضاع منظومة توزيع الخبز وطالبته بضرورة إعادة تشغيل المخابز المغلقة وتوحيد أسعار الدقيق وتنظيم صرف الوقود للأفران، ولكن السادات لم يهتم بالتقرير رغم اندلاع الانتفاضة، وبدأ السادات يحاصر هيئة الرقابة الإدارية عندما توسعت الهيئة فى تحقيقاتها مع شبكة فساد واسعة ضمت رجال أعمال وتورط شقيق السادات عصمت وأبناؤه فيها، ولم يستسلم رجال مصر داخل هذا الجهاز الخطير وقرروا كشف عثمان أحمد عثمان وغيره من دائرة المقربين للسادات، وقرر الرجال فى الهيئة مواجهة الفساد والاستعانة بنحو 60 ضابطاً من القوات المسلحة وعقدت اتفاقاً مع جهاز الكسب غير المشروع لإنشاء مكتب يختص بقضايا الكسب يتولى عمل تحريات حول شبهات الكسب غير المشروع، وقبل اغتياله بفترة وجيزة لم يجد الرئيس السادات طريقة لوقف عمل الهيئة سوى حلها وضمها إلى رئاسة مجلس الوزراء!! أقباط مصر ووحدة الوطن من ضمن القضايا المؤرقة فى مصر تأتى قضايا الأقباط التى تخصص البعض فى تضخيمها واتخاذها ذريعة لإشعال المزيد من الفوضى وتحتاج مصر إلى تجريم أى عمل يثير الفتنة، كما تحتاج إلى إعادة النظر فى قوانين بناء الكنائس وتحتاج إلى دعوة رجال الدين المسيحى فى حوار مجتمعى معلن للرأى العام لغلق الباب أمام هواة الإثارة والفوضى، ولاشك أن الرئيس يدرك جيداً خطورة هذا الملف وأظن أنه آن الأوان لوجود مكتب فى الرئاسة مختص ببحث قضايا ومشاكل الأقباط حتى لا يتاجر البعض بمشكلات صغيرة تحدث بين مواطنين على أرض مصر تليفزيون مصر.. وفوضى الإعلام شعرت بسعادة كبيرة عندما أبلغنى أحد المقربين من الرئيس بأن هناك نية لضخ مليار جنيه لتطوير التليفزيون المصرى وإعادة الروح إليه وإلى العاملين به، وأعتقد أن التليفزيون المصرى يحتاج أن يصبح هو مصدر الأخبار الخاصة بالرئيس وبأحوال البلاد، فالمواطن المصرى مساهم فى هذا الجهاز الخطير ويدفع من ضرائبه للعاملين فيه، ولاشك أن الإعلام الخاص أصبح عبئا كبيراً على مصر وأمنها القومى خاصة وسط تحول بعض رجال الإعمال من ملاك المحطات الفضائية إلى «مافيا تمارس الابتزاز والضغط على الدولة وتتعمد كسر عنقها لمصالحها الخاصة، ومن هنا يأتى دور التليفزيون المصرى ليكون بديلاً لهذا الإعلام المشبوه، ولاشك أيضا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يتمتع بشعبية كبيرة هو الوحيد القادر على إعادة الاعتبار لهذا الجهاز الخطير، ويكفى أن يعلن أن خطاباته وتصريحاته ستكون من خلال جهاز الدولة وأن القنوات الأخرى عليها أن تشترى حق البث من الدولة لأى مناسبة وطنية أو قومية. ولاشك أن تلك الخطوة ستكون لها نتائج إيجابية متعددة، وستحقق عائداً مادياً ومعنوياً كبيراً وتعيد التاريخ الناصع لهذا الجهاز الوطنى الكبير الذى يزخر بمئات من أبناء مصر الوطنيين والذين يمتلكون القدرات الإعلامية الفائقة التى تؤهلهم لمنافسة فضائيات المال الخاص. وفى الإطار نفسه أكدت مصادر قريبة من الرئيس أنه بدأ التفكير فى اختيار نائب له من بين الشباب، وأشارت المصادر إلى أن السيسى رشح عدداً من الشخصيات الشابة ليكونوا تحت المراقبة فى الفترة المقبلة لاختيار أحدهم نائباً للرئيس .