بعد مرور نحو ما يقرب من شهرين علي تشكيل الحكومة الحالية لقيادة المرحلة الانتقالية الثانية التي شهدتها مصر في أقل من ثلاث سنوات تباينت آراء ومواقف عدد من الوزراء السابقين حول تقييم أدائها خاصة في ظل التحديات الكثيرة والضغوط المحلية والعالمية التي تواجهها الدولة في الوقت الراهن. البعض أكد أن حكومة الببلاوي حددت علي رأس أولوياتها منذ بداية عملها عدد من الملفات الهامة ومنها ملف الأمن والاقتصاد حيث نجحت في استعادة الأمن مرة أخري في حين أخفقت في تحقيق اي نتائج ملموسة في الملف الاقتصادي فضلا عن انشغالها بإدارة الملف السياسي وطرحها لعدد من المبادرات ومنها المصالحة الوطنية مع جماعة الإخوان. من جانبه أكد الدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعي السابق أنه كان ينبغي علي حكومة "الببلاوي" أن تضع ملف العدالة الاجتماعية علي رأس أولوياتها، علي أن تقوم بتنفيذه دون تضحيات يتحملها الجميع وخاصة المواطنين الذين تحملوا وعانوا الكثير من الظلم والفقر منذ عهد مبارك وحتي الآن. وقال عبدالخالق "يجب علي الحكومة وضع منظومة اقتصادية جيدة لحل الأزمات التي تواجهها علي وجه السرعة خلال المرحلة الانتقالية، مع التركيز علي تحقيق مبدأ الشفافية والمصارحة مع الشعب فيما يتعلق بالحقائق الاقتصادية". وأضاف أن حكومة الببلاوي أكدت في تشكيلها علي مدنية الدولة المصرية بمعني الكلمة حيث ضمت عددا من الليبراليين الوسطين وعددا من اليسار وبالتالي هي حكومة وسطية مشيراً إلي انها ليست حكومة تيسير أعمال فقط ولكنها تدير الشأن العام للبلاد خلال المرحلة العصيبة. وقال الدكتور عبدالمنعم عمارة وزير الشباب والرياضة الأسبق: علي الحكومة الحالية أن تزيد من عملية التفاعل بينها وبين المواطنين وأن تعمل من خلال تحقيق مبدأ المكاشفة مع الجميع بشأن الوضع الاقتصادي وطرح الخطط التي وضعها الوزراء في مجالاتهم المختلفة أمام الجميع. واقترح "عمارة" علي الحكومة الحالية ضرورة عقد مؤتمر اقتصادي كبير يحضره جميع التيارات السياسية وخبراء الاقتصاد ورجال الاعمال لوضع حلول عملية لإنقاذ الاقتصاد الوطني لافتا إلي أهمية تحرك الحكومة وتفاعلها مع دول الخليج وخاصة الدول التي قامت بمبادرات لمساندة مصر وتقديم مشروعات واستثمارات لها دون الانتظار لحضور مسئولي تلك الدول. وتابع حديثه: بعد المواقف المشرفة التي قامت بها كل من المملكة العربية السعودية والامارات كان ينبغي أن يتوجه وفد من الحكومة لشكرهما وبحث سبل التعاون المشترك معهما فضلا عن لقاء عدد من رجال الاعمال هناك لجذب مزيد من الاستثمارات لتفعيل المبادرات التي قدمتها هذه الدول. وأشار إلي أن الحكومة الحالية لم تحدد حتي الآن منهجها في إدارة شئون الدولة بمعني الجميع يعجز عن تفسير دور الحكومة هل هي حكومة تكنوقراط أم أنها حكومة سياسية؟ وأردف قائلا: الحكومة التكنوقراط تهتم بالمعلومات والبيانات وتضع علي أساسها الخطط والقرارات المناسبة دون مراعاة احتياجات المواطنين، أما الحكومة السياسية فهي تضع أمامها احتياجات ومطالب الشعب عند إتخاذ القرار. وأضاف: يبدو أن حكومة الببلاوي لن تختلف كثيراً عن الحكومات السابقة فهي تعاني من البطء والضعف علي الرغم أنها حكومة جاءت في وقت ثورة وبالتالي كان يجب عليها أن تصدر قرارات ثورية حاسمة في معالجة بعض القضايا كما انها تفتقد إلي عملية التنسيق والترابط بين الوزارات وبعضها الامر الذي يخلق حالة من البلبة والتخبط في القرارات. وأوضحت الدكتورة نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد الاسبق أن الحكومة تواجه كثيرا من التحديات الصعبة خلال هذه المرحلة يأتي في مقدمتها الملف الامني والاقتصادي والدولي . وطالبت "التطاوي" الحكومة بضرورة وضع حلول عاجلة لبعض القضايا والاحتياجات التي يعاني منها المواطنون ومنها ارتفاع الأسعار. وقالت يجب أن تقوم بوضع رقابة علي الاسعار وتوفير الوعي اللازم لدي المستهلكين للتقليل من الطلب علي السلع التي تشهد ارتفاعا في الأسعار. مشيرة إلي أن استمرار انخفاض معدل النمو يشكل عبئا علي الموازنة العامة للدولة ويؤثر علي خطط الحكومة. وأوضحت أن الحفاظ علي استقرار الأوضاع الاقتصادية أو خلق نوع من الثبات يعد إنجازا ونجاحا لحكومة الببلاوي لافتة إلي ان كثيرا من موارد الدخل القومي يعاني من تدهور وانخفاض حاد في معدلاتها نتيجة لسوء الحالة الامنية واضطراب الوضع السياسي ويأتي في مقدمة تلك الموارد السياحة والاستثمار. وأشارت إلي أن تبني الحكومة لطرح عدد من المبادرات السياسية الآن يعتبر جزءا من خارطة الطريق ولا يمكن التخلي عنه أو تركه. وانتقدت التطاوي تطبيق مايسمي بتقييم فترة ال100 يوم علي أي حكومة قائلة"هذه الفترة ليست معيارا لتقييم نجاح أو فشل الحكومة خاصة أن الحكومة تتبني أحيانا مشروعات قد تستغرق سنوات لتنفيذها أو ظهور نتائجها ومع ذلك يمكن تقييم أداء الحكومة عن طريق الخطط قصيرة الأجل أو من خلال إعلان كل وزارة عن إنجازتها في نهاية كل شهر أو التعرف علي خططها ومشروعاتها التي تنفذها".