لم تكن علاقة البابا شنودة الراحل بالسادات ومبارك مجرد علاقة عادية تربط بين رئيس طائفة بحاكم دولة وإنما كان لها طابع سياسي مميز تجاوز حدود علاقة الصداقة التي كانت راسخة بين البابا كيرلس والرئيس جمال عبد الناصر . يقول البابا عن علاقته بالسادات " "أنا والسادات كنا نتبادل الدعاية والمزاح خلال لقاءاتنا وفي النهاية قلبها جد" ، ففي بداية العلاقة بارك البابا " ثورة التصحيح " حتى ظهرت نزعات السادات الدينية وتودده للتيارات الإسلامية، ومن ثم صار الطريق مفتوحاً للصراع بين القساوسة والمشايخ؛ لتكون سنوات السبعينيات هي أرضية الحسم الديني الذي كان مترددا في الستينيات. شعلة الاحتقان الطائفى بين شقى الامة بدأت في أحداث الخانكة عام 1972م و هى المرة الأولى التي تحرك فيها الأقباط في مظاهرة من 400 شخص يرتدى 100 منهم ملابس دينية كهنوتية بعد أن اتفق مجمع الكهنة بالقاهرة بإقامة الصلوات بمقر الجمعية التي أحرقت ولم يفلح الأمن في إثنائهم ومضوا سيرًا على الأقدام مرددين التراتيل ثم انصرفوا دون وقوع حوادث . وقد توترت الأجواء بصورة أكبر بين البابا شنوده والسادات بعد 17 يناير 1977 إثر اصدار البيان الرسمى الأول الذى يعبر عن وصول العلاقة بين الكنيسة والدولة إلى طريق سد ، وقال فيه أن الأقباط يمثلون "أقدم وأعرق سلالة" في الشعب المصري " ثم عرج المؤتمر لحرية العقيدة الدينية، وممارسة الشعائر الدينية، وحماية الأسرة والزواج المسيحي والمساواة وتكافؤ الفرص وتمثيل المسيحيين في الهيئات النيابية والتحذير من الاتجاهات المتطرفة. وطالب البيان بإلغاء مشروع الردة واستبعاد التفكير في تطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين . وبعيدا عن هذا كله كانت التوصيات التنفيذية هي الأخطر حيث طالبت الأقباط بالصوم الانقطاعي لثلاثة أيام (من 31 يناير إلى 2 فبراير 1977)،. بعد ذلك طالب البابا السادات بالجلوس معه أكثر من مرة أن يجلس معه بوصفه ممثلا عن الأقباط قائلا: "أليس الأقباط قطاعا في الدولة؟" فكان رد السادات في قراره بعزله وتحديد اقامته فى الدير ، وتشكيل لجنة خماسية للقيام بالمهام البابوية وتحديد إقامة البابا في دير وادي النطرون . وبعد صدور قرار الرئيس مبارك سنة 1985 بإعادة تعيين الأنبا شنودة بطريرك للأقباط بدأ البابا أكثر حرصاً على كسب الإعلام الذي وقف ضده في السبعينيات و بدأ فى الاهتمام بالبعد الدولي الذي لم يعطه الاهتمام اللائق في السابق ومن ثم تواصل مع أقباط المهجر وفتح كنائس جديدة من أجل استيعابهم وتنظيمهم . ولم تختلف علاقة البابا بالمجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد عن علاقته بمبارك ، فسرعان من أعلن البابا تأييده للمجلس العسكري في نهاية فبراير 2011 ، وتمني لهم التوفيق في حكم مصر ، واستقبل أعضاء المجلس العسكري بالمقر البابوي أكثر من مرة كما التقي المشير مرتين و حرص أعضاء المجلس العسكري علي حضور قداسي عيد القيامة والميلاد الماضيين .