عمان (رويترز) - قال شهود عيان ان قوات الامن السورية فتحت النار على مشيعي جنازة في وسط دمشق يوم السبت فقتلت ثلاثة وأصابت 20 بينما اشتبكت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الاسد مع منشقين عن الجيش غرب العاصمة. وفي احدث محاولاته لانهاء الغضب الشعبي قالت الوكالة العربية السورية للانباء ان الاسد امر بتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد خلال أربعة اشهر.
واثارت هذه الخطوة التوقعات بأن تلغى المادة الثامنة في الدستور السوري التي تنص على ان حزب البعث الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1963 هو "الحزب القائد في المجتمع والدولة.".
وفي علامة على تنامي الضغوط الاقليمية على الاسد كي يجري اصلاحا حقيقيا بعد سبعة اشهر من الاحتجاجات الشعبية قالت قناة الجزيرة التلفزيونية ان وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا طارئا يوم الاحد في القاهرة لمناقشة الازمة في سوريا.
وكانت دول الخليج العربية قد دعت في وقت سابق الى اجتماع عاجل للجامعة العربية لمناقشة الموقف الانساني في سوريا وتدارس سبل وقف اراقة الدماء.
وارسل الاسد قواته العسكرية ودباباته الى المدن والبلدات في محاولة لاخماد الاضطرابات لكن الاحتجاجات استمرت وانتشرت الى ضواحي المدن والمناطق الريفية المحيطة بها حيث احتلت قوات الجيش الميادين الرئيسية في المناطق الحضرية.
ويلقي الرئيس باللائمة في أعمال العنف على "جماعات ارهابية مسلحة" تدعمها قوى أجنبية تقول انها قتلت 1100 من أفراد الشرطة والجيش. وقالت الاممالمتحدة ان الحملة الضارية التي يشنها الجيش السوري اسفرت عن مقتل 3000 شخص من بينهم 187 طفلا على الاقل.
وخلت احياء وسط دمشق تقريبا من المظاهرات المطالبة بالديمقراطية بسبب نشر الاف من عناصر الجيش والشرطة والميلشيات الموالية للاسد الذي تحكم اسرته سوريا منذ 41 عاما.
لكن احد شهود العيان قال بعد ان طلب عدم الكشف عن هويته انه أثناء تشييع جنازة يوم السبت وهي لطفل في العاشرة من عمره قتل في مظاهرة الجمعة "كانت المشاعر متأججة" مضيفا أن الالاف كانوا يرددون وراء الجثمان "الشعب يريد اعدام الرئيس" و"أحرار رغم عنك بشار".
وقال الشاهد لرويترز عبر الهاتف من موقع الحادث في حي الميدان بدمشق ان بعض المشيعين بدأوا قذف قوات الامن بالحجارة وردت قوات الامن بالذخيرة الحية.
وحسب احصائيات ناشطين حقوقيين فانه بأحداث حي الميدان يصل عدد القتلى الى تسعة أشخاص خلال 48 ساعة الماضية.
وقالت جماعة حقوقية ان قوات الاسد قتلت يوم السبت رميا بالرصاص نشطا بارزا في شرق سوريا كان قد ساعد في تنظيم مظاهرات سلمية في المنطقة بعد حملة عسكرية قبل شهرين.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان زياد العبيدي (42 عاما) قتل وهو يفر من قوات الامن التي اقتحمت منزله في دير الزور.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد لرويترز في اتصال تليفوني من بريطانيا ان العبيدي كان يرى بصلابة أن اللاعنف هو السبيل الوحيد للتصدي لدموية النظام. وأضاف أنه كان يعول ثلاثة أطفال وان دخله لم يكد يكفي لاطعامهم ولكن السلطات ما زالت تصر على أن "ارهابيين" مسلحين مدعومين من الخارج هم الذين يقودون الانتفاضة.
ودعت الاممالمتحدة يوم الجمعة المجتمع الدولي الى حماية المدنيين من حملة امنية قالت انها من الممكن ان تؤدي الى اشعال حرب اهلية بين الاغلبية السنية والاقلية العلوية التي ينتمي لها الاسد.
ويشكل السنة ايضا اغلبية بين جنود الجيش بينما يمثل العلويون الاغلبية بين الضباط وهم من الناحية العملية يخضعون لقيادة ماهر الاسد الشقيق الاصغر للرئيس السوري.
وطردت السلطات السورية أغلب وسائل الاعلام الاجنبية المستقلة من سوريا مما جعل التحقق من مجريات الاحداث هناك امرا صعبا.
وقالت نافي بيلاي مفوضة الاممالمتحدة السامية لحقوق الانسان "المسؤولية تقع على كل اعضاء المجتمع الدولي للقيام بتحرك للحماية بطريقة جماعية قبل ان يدفع القمع القاسي وعمليات القتل البلاد الى حرب أهلية شاملة."
وأضافت "مع رفض المزيد من أفراد الجيش مهاجمة المدنيين وتحول ولائهم تكشف الازمة بالفعل عن علامات تدعو للقلق من انزلاقها الى صراع مسلح."
ونقلت وسائل الاعلام الرسمية السورية عن الاسد قوله هذا الاسبوع ان سوريا عبرت المرحلة الاصعب في الانتفاضة.
وفي سهل الزبداني الذي يبعد نحو 35 كيلومترا الى الغرب من دمشق وعلى حافة سلسلة الجبال المواجهة للبنان قال سكان ان منشقين عن الجيش قاتلوا القوات الموالية للاسد لساعات يوم السبت.
وقال احد السكان بعد ان قدم نفسه باسم محمد "شاهدت عربات جيب تابعة للجيش تقطر عربتين تابعتين لامن الدولة وقد اخترقتهما الطلقات النارية وكان الدم يسيل منهما.
"لقد داهموا البيوت في الزبداني خلال الليل بحثا عن منشقين وناشطين."
وفي تمسك بسياسة انكار الاحتجاجات واعتبارها مؤامرة دولية لتقسيم سوريا مع الدعوة الى اصلاحات تحافظ على "سيادة سوريا" شكل الاسد لجنة يوم السبت لتقوم بصياغة دستور جديد خلال اربعة اشهر.
وقالت الوكالة العربية السورية للانباء "أصدر السيد الرئيس بشار الاسد اليوم القرار الجمهوري رقم (33) والذي ينص على تشكيل اللجنة الوطنية لاعداد مشروع دستور."
ولا يشجع الدستور الذي عدله في السبعينات الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد والد بشار أي شكل للتعددية السياسية بالنص على أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة."
وتطالب المعارضة السورية بالغاء هذا النص والغاء نص اخر ينص على أن حزب البعث وحده هو الذي يحق له ترشيح رئيس الجمهورية بالاضافة الى العديد من القوانين التي أقرت في الخمسين عاما الماضية والتي يقولون انها تسمح للاسد وجهازه الامني بممارسة القمع وبالفساد والافلات من العقاب.
وتسمح بعض القوانين التي أقرها الاسد في الاشهر الثلاث الماضية بالاحزاب التي تلتزم بالمبادئ الديمقراطية وأسست لجنة للانتخابات. لكنها أبقت أيضا على الحصص التي تضمن للعمال والفلاحين أغلبية في مقاعد مجلس الشعب. ويأتي ممثلو العمال والفلاحين من النقابات التي تسيطر عليها الدولة.
ولا يوجد في البرلمان السوري الحالي أي شخصية معارضة.