مع انبلاج فجر الجمعة، انطلقت أول قافلة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، حاملة معها رسائل دعم وتضامن من قلب مصر إلى الشعب الفلسطيني الذي أنهكته الحرب. القافلة التي حملت اسم «زاد العزة» تجسّد عنوانًا للعطاء والمروءة، إذ اصطفّت الشاحنات ال48 المحملة بالمواد الغذائية والطبية ومياه الشرب والوقود، استعدادًا لعبور معبر كرم أبو سالم، في مشهد إنساني طال انتظاره بعد أسابيع من الحصار والدمار. تحت إشراف وتنسيق وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية» بأن القافلة تحركت تحت إشراف منظمات الإغاثة المصرية بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري والجهات الفلسطينية المعنية، في إطار تنفيذ اتفاق شرم الشيخ للتهدئة، الذي دخل حيّز التنفيذ منتصف ليل الخميس 9 أكتوبر 2025. وبموجب هذا الاتفاق، تعهدت إسرائيل بسحب قواتها من قطاع غزة خلال 24 ساعة، والإفراج عن الأسرى والمحتجزين، إلى جانب السماح بتدفق المساعدات الإنسانية بشكل فوري إلى جميع مناطق القطاع المنكوبة. لحظة انطلاق "زاد العزَّة" وشهدت لحظات انطلاق القافلة أجواء مؤثرة، إذ حمل السائقون والعاملون رايات مصرية وفلسطينية ترفرف جنبًا إلى جنب، في إشارة رمزية تعبّر عن وحدة المصير بين الشعبين. وعلى جانبي الطريق المؤدي إلى المعبر، اصطف متطوعون من مؤسسات المجتمع المدني يودّعون الشاحنات بالدعاء والتكبير، بينما عبّر مسؤولون مصريون عن فخرهم بدور القاهرة في دفع جهود السلام وتخفيف معاناة المدنيين. وقال أحد المنسقين الميدانيين إن "كل صندوق وكل شاحنة تحمل قصة إنسانية، وصرخة أمل لأهلنا في غزة بأنهم ليسوا وحدهم". وفي الجانب الفلسطيني، كانت طواقم الدفاع المدني والهلال الأحمر في حالة تأهب لاستقبال الشاحنات فور عبورها المعبر، تمهيدًا لتوزيع المساعدات على المناطق الأكثر تضررًا في خان يونس، ودير البلح، وغزةالمدينة. وبحسب مصادر فلسطينية، تضم القافلة أكثر من 750 طنًا من الأغذية الجافة والأدوية والمستلزمات الجراحية وحليب الأطفال، إضافة إلى مواد إغاثية عاجلة لإيواء آلاف العائلات التي فقدت منازلها. تصريحات منسق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة توم فليتشر اغتنام فرصة وقف إطلاق النار ويأتي وصول "زاد العزة" بعد أيام من تصريحات منسق الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة توم فليتشر، الذي دعا المجتمع الدولي إلى "اغتنام فرصة وقف إطلاق النار"، مؤكدًا أن المساعدات العاجلة هي الخطوة الأولى نحو استقرار حقيقي في القطاع. كما أشاد الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند بالدور المصري في فتح المعابر وتسهيل دخول الشاحنات، مشيرًا إلى أن إدخال المساعدات بكميات كبيرة يمثل "اختبارًا حقيقيًا لجدية الأطراف في تحقيق السلام". ويرى مراقبون أن انطلاق أول قافلة بعد وقف إطلاق النار يرمز إلى بداية مرحلة جديدة، تتجاوز آثار الحرب إلى مسار إنساني يفتح الأبواب أمام إعادة الإعمار وبناء الثقة. فالقاهرة، التي لعبت دور الوسيط الأساسي في إتمام الاتفاق، تؤكد من خلال هذه الخطوة أن دعمها لغزة لا يقتصر على المفاوضات السياسية، بل يمتد إلى العمل الميداني والإغاثي الذي يلامس احتياجات الناس اليومية. رحلة "زاد العزة" من مصر إلى غزة ليست مجرد عبور حدود، بل عبور نحو الأمل، ونحو غدٍ يمكن أن يكون أكثر أمانًا وعدلًا. ومع كل شاحنة تدخل القطاع، تتجدد رسالة مصر للعالم: أن التضامن الإنساني لا يعرف حدودًا، وأن العروبة ما زالت تنبض بالعطاء رغم كل الجراح.