فقد السودان أحد أبرز رجاله السياسيين والإداريين، بوفاة الدكتور محمد طاهر إيلا، رئيس الوزراء الأسبق ووالي ولايتي البحر الأحمر والجزيرة السابق، الذي وافته المنية في العاصمة المصرية القاهرة يوم 6 أكتوبر 2025، عن عمر ناهز 74 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء في العمل العام والتنمية. مسيرة حافلة في الإدارة والتنمية وُلد إيلا عام 1951 بمدينة بورتسودان، ودرس الاقتصاد قبل أن يتدرج في المناصب الإدارية والتنفيذية حتى أصبح من أبرز ولاة السودان وأكثرهم تأثيرًا. برز اسمه بقوة خلال فترة توليه ولاية البحر الأحمر، حيث استطاع تحويل بورتسودان إلى واحدة من أكثر المدن السودانية تنظيمًا ونشاطًا اقتصاديًا، من خلال تطوير الميناء والبنية التحتية وتشجيع السياحة المحلية والدولية. كما ركّز على إقامة المهرجانات الثقافية والسياحية، وفي مقدمتها مهرجان السياحة والتسوق الذي ساهم في إنعاش اقتصاد الولاية وربطها بمحيطها العربي والإفريقي. وفي عام 2015 تم تعيينه واليًا على ولاية الجزيرة، حيث واصل نهجه التنموي بإطلاق مشاريع خدمية كبيرة في التعليم والصحة والمياه، رغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي واجهتها البلاد آنذاك.
آخر رؤساء وزراء نظام البشير تولى الدكتور محمد طاهر إيلا منصب رئيس الوزراء في فبراير 2019، ليكون آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس عمر البشير قبل سقوط نظامه في أبريل من العام نفسه. عرف عنه الانضباط الإداري والصرامة في تسيير شؤون الدولة، واعتبره كثيرون نموذجًا للمسؤول التنفيذي الذي يركز على الإنجاز الميداني لا الخطابات السياسية.
رحيل يترك فراغًا في المشهد السوداني برحيل إيلا، يفقد السودان أحد أبرز رموزه الإدارية الذين جمعوا بين الكفاءة التنفيذية والحضور الشعبي، خاصة في شرق السودان، حيث ظل يحظى باحترام واسع في أوساط المواطنين لما قدمه من مشروعات ملموسة. وقد وجّه رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بنقل جثمان الفقيد من القاهرة إلى مدينة بورتسودان على متن طائرة خاصة، تقديرًا لدوره الوطني ومسيرته الطويلة في خدمة البلاد.
إرث من الإنجاز والجدل رغم إشادته على نطاق واسع بصفته رجل دولة عمليًا، فقد واجه إيلا انتقادات سياسية من خصومه الذين اتهموه بالانفراد بالقرار والتعامل الصارم أثناء إدارته لبعض الملفات، خصوصًا في شرق السودان. لكن أنصاره يرون أنه ترك بصمة حقيقية في التنمية المحلية، ويعدّونه من القلائل الذين ترجمت أعمالهم وعودهم إلى إنجازات على الأرض.
ختامًا، يرحل الدكتور محمد طاهر إيلا تاركًا إرثًا متوازنًا بين النجاح الإداري والجدل السياسي، لكنه سيبقى في ذاكرة السودانيين كأحد رموز التنمية والإدارة الفعالة في تاريخ السودان الحديث.