تعرض الوزير الأول في الحكومة المؤقتة التونسية الباجي قائد السبسي خلال لقائه ب12 مسؤولاً عن الأحزاب السياسية الممثلة في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي إلى انتقادات شديدة بخصوص أداء الحكومة لا سيما في ما يتعلق بمعالجة المشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها التونسيون ومحاسبة رموز نظام بن علي وإصلاح القضاء ووضع حد لاستفحال ظاهرة المال السياسي. وقال عدد من ممثلي الأحزاب الذين شاركوا في اللقاء ل"ميدل إيست أونلاين" إن اللقاء كان ساخناً لأنه كان لقاء جدياً في إثارته لأهم القضايا التي تشغل اهتمامات التونسيين".
وجاءت الضغوطات السياسية بعد يومين فقط من ضغوطات عمالية قادها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أبدى عدم رضاه عن أداء حكومة قائد السبسي.
واحتدت انتقادات الأحزاب السياسية خلال الفترة الأخيرة وصلت إلى حد اتهام الحكومة المؤقتة بحياكة انقلاب على الثورة وذلك لسببين رئيسيين، أولهما عودة عناصر محسوبة عن نظام بن علي إلى مراكز النفوذ داخل مؤسسات الدولة وسلك القضاء والأجهزة الأمنية، وثانيهما ضعف أداء القضاء بعد تمتع العديد من المورطين في الفساد بأحكام مخففة أو بإطلاق سراحهم أو بهروبهم من البلاد.
لكن قائد السبسي "كان متفهماً لانتقادات الأحزاب السياسية التي شاركت في هذا اللقاء لا للمدح فقد ولى عهده وإنما شاركت من أجل إبلاغ صوتها ومواقفها بكل جرأة ووضوح خاصة في مثل هذه الفترة الدقيقة التي تمر بها تونس" على حد تصريح أحد ممثلي الأحزاب ل"ميدل إيست أونلاين".
وأجمع ممثلو الأحزاب على ان لقاءهم بقائد السبسي كان "إيجابياً وبناء".
فقد صرح أمين عام حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مصطفى بن جعفر أنه تم التركيز خلال هذا اللقاء مع الوزير الأول على "أسباب الاحتقان لدى الرأي العام" والتي تتلخص في "عدم الرضا عن مردود القضاء وجهاز الأمن والإعلام".
وأكد على ضرورة "مقاومة شبكة الاحتكار" وعلى أهمية مساهمة القوى السياسية والنقابية والاجتماعية في الحد من الشطط في المطالب الذي زاد الوضع الاقتصادي تأزماً وأدى إلى تفاقم مشكلة البطالة.
وأكد الناطق الرسمي باسم حركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد على ضرورة إحداث قانون أساسي للقضاة وعلى تطهير القضاء وذلك عبر إحداث لجنة مشتركة بين وزارة العدل وجمعية القضاة "تنظر في هذه الملفات وتستبعد القضاة الفاسدين".
كما دعا إلى تكليف مجموعة من القضاة تتفرغ كليا للقضايا المتعلقة بالمحاكمات الكبرى في قضايا الفساد.
ولاحظ في جانب آخر أن "الإعلام الخاص خضع بوضوح للمال السياسي" وأكد على ضرورة إيجاد ضوابط لمنع ذلك، داعيا في المقابل إلى ضرورة أن يكون الإعلام العمومي "تعددياً ويعكس مختلف الآراء والتوجهات".
ومن جهتها قالت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي مية الجريبي، بأنه تم التأكيد في الجانب الاجتماعي على ضرورة "اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الارتفاع المشط في الأسعار" نتيجة تنامي المضاربات والاحتكار وعلى ضرورة أن تبعث الحكومة برسائل ايجابية للمواطن لطمأنته على مصير الثورة.
وعبرت عن "التمسك بتاريخ 23 أكتوبر 2011 موعداً لا محيد عنه لانتخابات المجلس التأسيسي"، ودعت إلى تحديد فترة نشاطه بسنة على أقصى تقدير.
وأكد عبد الرزاق الهمامي رئيس الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطني الديمقراطي على ضرورة وجود توافق سياسي حقيقي يؤدي إلى إنجاح استحقاق 23 أكتوبر بعيداً عن التجاذبات، داعياً إلى "ضرورة طمأنة التونسيين على ثورتهم خاصة بعد عودة عناصر الثورة المضادة إلى النفوذ داخل أجهزة الدولة والمؤسسات القضائية والأمنية".
وأضاف أنه تم التطرق إلى الملف الأمني الذي شهد بعض الاختلالات منها "غياب المؤسسة الأمنية في عديد من المناطق".
كما أشار في جانب آخر إلى "ضعف أداء القضاء خاصة بعد تمتع العديد من المورطين في الفساد بأحكام مخففة أو بإطلاق سراحهم أو بهروبهم من البلاد" مما زاد في احتقان الوضع و تنامي غضب الشعب.
وأبرز أنه تم تناول ملفات اقتصادية واجتماعية منها موضوع البطالة والغلاء الفاحش في الأسعار وطالب في هذا الصدد باتخاذ إجراءات ملموسة للتصدي لهذه الظاهرة.