بعد 72 عامًا من أول فضيحة تنظيمية البنا تستر على تحرش صهره بنساء الإخوان وتسبب فى أول انشقاق فى الجماعة .. وحفيده متهم باغتصاب الطالبات والسلفيات فى أوروبا رمضان هو أبرز شخصية تحاكم فى فرنسا على خلفية حملة Me Too العالمية لفضح وقائع الاغتصاب والتحرش الجنسى رسمياً، وجه القضاء الفرنسى، للداعية المثير للجدل فى أوروبا، طارق رمضان، حفيد المرشد المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، تهمتى «الاغتصاب واغتصاب شخص فى وضع ضعيف»، بحق امرأتين، وذلك فى واقعتين بفندقين بمدينتى ليون وباريس، عامى 2009، و2012. كما أصدر القضاء قراره بتمديد حبس رمضان احتياطيا، واستئناف التحقيق معه مجدداً، وذلك فى أعقاب مواجهة شديدة التوتر والسخونة، بينه وبين إحدى ضحياته وهى امرأة «قعيدة»40 عاماً، اتهمته باغتصابها، فى جلسة قضائية، شهدها قصر العدل بباريس، الخميس الماضى . وكانت الأحداث قد بدأت فى أكتوبر الماضى، فور توجيه تهمة الاغتصاب، ضد رمضان الأستاذ فى جامعة أكسفورد البريطانية، من قبل امرأتين فى فرنسا، إحداهما هى هندة عيارى، فرنسية الجنسية من أم تونسية وأب جزائرى، تحولت من السلفية إلى العلمانية، وتترأس الآن جمعية للدفاع عن حقوق المرأة فى باريس. وسبق أن سردت عيارى قصة اغتصابها من جانب داعية إسلامى فى أوروبا، أطلقت عليه «الزبير» فى كتاب سيرة ذاتية لها بعنوان «اخترت أن أكون حرة.. الهرب من السلفية فى فرنسا»، ثم فجرت المفاجأة المدوية مؤخراً، فى سياق الحملة العالمية على السوشيال ميديا، لفضح ممارسات التحرش والاغتصاب ضد النساء «Me Too/ أنا أيضا»، بأن «الزبير» هو نفسه طارق رمضان، الداعية النجم فى المحافل والمناظرات التيلفزيونية الشهيرة فى «أوروبا»، وأنه اعتدى عليها بالضرب واغتصبها فى حجرته فى فندق بباريس 2012. وبخلاف أخريات، منهن طالبات له، اتهمن رمضان 56عاماً، فى وسائل الإعلام السويسرية باعتداءات مماثلة ضدهن، فترة الثمانينيات والتسعينيات، وإن لم يتقدمن حتى الآن برفع دعاوى قضائية ضده، فقد شهدت المواجهة بين رمضان والمدعية الثانية ضده، وقد اتخذت لنفسها اسماً مستعاراً هو «كريستيل»، ذروة الإثارة والتعقيد أيضاً، عندما واجهته بندبة، فى مكان حساس من جسده، لا يمكن رؤيتها إلا عن قرب، وأصرت على أنه قام «بضربها على وجهها وجسدها، وإن لم تستطع تقديم وصف دقيق لمكان وشكل الندبة، بحسب شهود الجلسة الساخنة. اعترف رمضان الذى بدا عليه الارتباك، وفقاً للشهود أيضاً، بوجود الندبة التى واجهته بها «كريستيل» إثر جرح قديم منذ الطفولة، لكنه أصر على نفى جميع التهم الموجهة إليه، بعد أن قدم صورة من محادثات معه على موقع «فيس بوك» من حساب باسم المدعية الأخرى ضده، هندة عيارى، تحاول فيه إغواءه بوضوح، عام 2014، أى بعد واقعة اغتصابها المفترضة بعامين، وقد وصف الداعية السويسرى من أصل مصرى كل ما يحدث بأنه «أكاذيب، ومؤامرة مدبرة من خصومه». يعد طارق رمضان، هو الشخصية الأهم التى يتم القبض عليها ومحاكمتها فى فرنسا، بتهم جنسية على خلفية حملة»Me Too»، لكن على الصعيد الآخر، فإن الداعية والأكاديمى البارز، الذى توجه له اتهامات بإخفاء طموح للإسلام السياسى، وتبنى أفكار متشددة وراء لغته الليبرالية المتسامحة، وهو سليل العائلة الإخوانية المؤسسة أيضاً، ونجل سعيد رمضان القيادى التاريخى فى الإخوان المسلمين، ومؤسس التنظيم الدولى للجماعة فى أوروبا، قد أصبح مرشحاً الآن بقوة أن يحمل لقب «راسبوتين الإخوان الجديد». وذلك بعد أن أعادت أزمة طارق رمضان بلا شك إلى الأذهان، وقائع الأزمة الأخلاقية الشهيرة،التى سبق أن هزت أركان جماعة الإخوان المسلمين قبل 72عاماً، فى مركزها الأم فى مصر، وأسفرت عن أول حركة انشقاق فى تاريخها، فى عهد مؤسسها ومرشدها الأول، حسن البنا، جد طارق رمضان نفسه، وذلك على خلفية، اتهامات لعبدالحكيم عابدين، السكرتير العام للجماعة، وصهر البنا (زوج شقيقته فاطمة)، بالتحرش الجنسى بعدد من نساء الإخوان، وأطلق عليه الإخوان الغاضبون بسبب انحرافاته، لقب «راسبوتين الإخوان»، فى إشارة إلى الراهب الروسى، الذى طالما أخفى سلوكه الماجن خلف مظهر التقى والورع. وبدأت تفاصيل الأزمة التاريخية بالظهور فى عام 1945، بعد أن أسس عبدالحكيم عابدين، فى جماعة الإخوان المسلمين، ما أطلق عليه»نظام التزاور» بين أسرالإخوان، بناء على طلب البنا، بدعوى تأليف القلوب، وتعميق العلاقات الأسرية والاجتماعية بين الأسر الإخوانية، وعقد لقاءات أسرية، وزيارات للإخوان فى منازلهم، الأمر الذى ترتب عليه بطبيعة الحال السماح لعابدين، بالاختلاط بسهولة مع أسر أعضاء الجماعة، والجلوس إلى زوجاتهم، للاستماع إلى أدق مشاكلهم الخاصة. بعد توجيه الاتهامات بتجاوزات عابدين، أمر البنا، بتكوين لجنة من مكتب الإرشاد للتحقيق، فى الوقائع المنسوبة لسكرتير الجماعة، برئاسة أحمد السكرى، نائب المرشد، وعضوية قيادات الجماعة وصالح عشماوى، وحسين بدر، والدكتور إبراهيم حسن، ومحمود لبيب، وحسين عبدالرازق، وأمين إسماعيل، وقد انتهت اللجنة بعد التحقيق إلى إدانة عابدين بالتهم المنسوبة إليه، وإصدار قرار بفصله بتاريخ 9 يناير 1946، ورفعت تقريرها إلى المرشد البنا، وجاء فيه: «فضيلة الأستاذ المرشد العام: السلام عليكم ورحمة الله وبعد..هذه اللجنة التى كلفت بالنظر فى مسألة الأستاذ عابدين وحضرات حسن سليمان، فهمى السيد، محمد عمار، زكى هلال،اقتنعت اقتناعا كاملا بما تجمع لديها من بيانات، سواء من طريق الأربعة المذكورين أو من طريق غيرهم ممن تقدم إليها من الإخوان - بأن الأستاذ «عابدين»مذنب، خصوصا إذا أضفنا إلى ذلك اعترافه إلى بعض أعضاء اللجنة - وأن الذنب بالنسبة إليه - وهو من قادة الدعوة - كبير فى حق الدعوة وفى حق الأشخاص الذين جرحوا فى أعراضهم - ويحتم عليها واجبها نحو الدعوة توقيع أقصى العقوبة لهذا ترى اللجنة بالإجماع فصل الأستاذ عابدين من عضوية الجماعة ونشر هذا القرار والعمل على مداواة الجروح التى حدثت». رفض حسن البنا قرار اللجنة بفصل عابدين، زوج شقيقته، وأحد مراكز قوته، فى الجماعة وفى مكتب الإرشاد، وأمر بفتح تحقيق جديد يتولاه بشكل شخصى، فشعر أعضاء اللجنة بالتلاعب، وقاموا باستثناء أحمد السكرى، برفع مذكرة جديدة للبنا، كان نصها كالتالي: «حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ المرشد العام - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - يرى الموقعون على هذا وقد كانوا أعضاء فى اللجنة المؤلفة للتوفيق بين الأستاذ عابدين والإخوان..ما يأتي: أولا: عدم إجراء أى تحقيق آخر فى الموضوع المذكور لما يجره من فضائح للعائلات وتشهير بالأعراض وإساءة إلى الدعوة، ثانيا: يرى الموقعون عليها درءا للفتنة وحرصاً على الدعوة وسمعتها فى حاضرها ومستقبلها فصل الأستاذ عابدين من جماعة الإخوان المسلمين». ازدادت الأزمة بعد ذلك اشتعالاً، بعد أن أصر البنا على موقفه من مناصرة، صهره، ذراعه اليمنى فى مكتب الإرشاد، ثم إصداره قراراً، بتقوية شوكة عابدين فى الإخوان وترقيته إلى منصب وكيل الجماعة، وفصل معارضيه، أحمد السكرى، وحسين عبدالرازق، وخالد محمد خالد، والشيخان محمد الغزالى وسيد سابق، قراران أشعلا الحرب العلنية بعد ذلك بين البنا وغريمه السكرى، على خلفية الأزمة الأخلاقية، خاصة بعد أن قدم الدكتور إبراهيم حسن استقالته احتجاجاً فى 27 أبريل 1947. بدأ أحمد السكرى بنشر المقالات فى صحف صوت الأمة ومصر الفتاة، يهاجم البنا ويدينه بالتستر على انحرافات صهره عبدالحكيم عابدين، نشر منها فى صوت الأمة مقالاً بعنوان «بيان إلى الإخوان المسلمين» جاء فيه: «وإنى لا أدرى لم خان التوفيق أخانا فأشار إلى الفتنة الماضية، فتنة المسائل الخلقية المثيرة التى ضحى بسبيلها بخيرة رجال أهل الدعوة الكرام الأطهار، والتى لو كشف منها القناع الحقيقى لفتت قلب كل مؤمن، لماذا يا أخى تثير بنفسك هذه المأساة الدامية، وبيدى من المستندات ما إن أظهرته لفر من حولك كل نقى وكل مخدوع». كما قامت نفس الجريدة فى 19 أكتوبر 1947 بنشر صورة من تقرير لجنة التحقيق مع عابدين وقرارهم بفصله للإدانة، مرفق به مقال لأحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بعنوان»كيف تستر الشيخ البنا على فضائح صهره «جاء به:»لم يكن الأستاذ أحمد السكرى متجنيا على الشيخ حسن البنا، وهو كما يعلم الجميع دعامة الدعوة ورجلها الأول الذى أنشأها وظل فيها 27 عاما، ولقد ذكر الأستاذ السكرى أن هذا الخلاف نشأ لأمرين: مسائل داخلية وأخرى خارجية. أما الداخلية ففى مقدمتها مآسٍ أخلاقية نسبت إلى صهره المدعو عبدالحكيم عابدين، وثبتت عليه بالفعل، ولو كشف الستار عنها لهال الناس ما يسمعونه من فضائح ترتعد لها فرائص كل إنسان حر غيور على الدين والأخلاق وقد دعم الأستاذ السكرى حججه الدامغة بالحوادث المؤرخة، وذكرأن هناك من الوثائق ما يثبت قوله، ولم يستطع الشيخ البنا فى رده عليه أن يكذب واقعة واحدة أو يدحض حجة واحدة - نقول هل يغنى عن هذا الحق الواضح ما لجأ إليه الشيخ من مداورات ومساومات فى لجنة أخرى، اسمها لجنة التحكيم، ليس فيها ما يمت إلى الإخوان بصلة إلا عضوان كريمان هما الدكتور إبراهيم والأستاذ التقى الشيخ خالد محمد اللذان أثبتا إدانة عابدين للمرة الثانية فيها - وهل يغنى عن الحق الواضح الصريح ما لجأ إليه الشيخ من توسلات وبكاء يستعطف به الدكتور إبراهيم ويتوسل إليه أن يدارى الموقف ويستر المكشوف درءا للفتنة، على حد تعبيره».