من أقصى الصعيد، وتحديدًا من قرية جراجوس التابعة لمركز قوص بمحافظة قنا، لجأ مجموعة من الرهبان منذ ستينيات القرن المنُصرم إلى الإعتماد على الصناعة اليدوية لتحسين ظروفهم المعيشية، حيث لجأو إلى صناعة الخزف اليدوية التى تفنن فيها أبناء القرية، ليبدأو في عرضها وكسب رزقهم الحلال منها، مستغلين قرب جراجوس من مدينة الأقصر السياحية والتى تقع على بُعد 26 كيلو فقط منهم. ما تمر أعوام قليلة حتى لاقت أعمال الخزف بالقرية شهرة عالمية بعد أن إعتاد عليها السياح قاصدين القرية بغرض شراء أعمالهم اليدوية، إلى أن تحولت القرية البسيطة إلى مصدر جاذب للسياحة المصرية وتتواجد في الدليل السياحي لكل الفوجات السياحية، ومع الأحداث السياسية التى شهدتها مصر حينها، فقد تأثرت حركة السياحة وتأثرت معها الصناعة المصرية الأصيلة التى أصبحت مصدر رزق لأهالي القرية، إلي أن لجأو إلي ترويح أعمالهم الخزفية بعض محافظات مصر وخاصة محافظتي القاهرةوالإسكندرية. على مدار 50 عامًا حرص أبناء القرية وخاصة الفنانين التشكليين على عرض أعمالهم اليدوية للمنازل في القاهرةوالإسكندرية، حتى تمكنوا من عرضها في معارض تقام سنويًا في شهر ديسمبر في القاهرة وشهر مايو في الإسكندرية، حتى حققت المعارض ناجحًا كبيرًا وإقبالًا على الشراء من أهالي المحافظتين. وفي كلية سان مارك أحد أعرق المباني التعليمية والتى تتواجد في قلب محافظة الإسكندرية، يتواجد المعرض والذى يستمر ل7 ايام خلال شهر مايو من كل عام، ويترأس تنظيمها "فواز سيدهم - فنان تشكيلى وأحد ابناء القرية الوارثين للمهنة" والذي تحدث ل"الفجر" قائلًا: تعلمنا صناعة الخزف خلال الفترة من أربعينيات حتي ستينيات القرن الماضي على يد أحد الفرنسيين، وتوارثنا المهنة من ابائنا واستمرينا في العمل بها حتي توافد علينا السياح الوافدين من مدينة الأقصر للتعرف على فن الصناعة في القرية، وكانوا يتوافدون دون جروبات ومع مرور الوقت إشتهرت القرية في الدول الغربية بصناعة الخزف، وأصبحت مقصد للسياح بل أصبحت متواجدة في دليل الإرشاد لدي كل منهم عند نزوله للأقصر. وأضاف "سيدهم": توسعنا في الأعمال الخاصة بنا من برام صينية والفازات الماج والسلطانية وأطقم الشاي وأطباق للأكل والسلطات بالإضافة إلى أعمال النسيج، إلا أن بسبب توقف حركة السياحة بسبب الظروف السياسية التى شهدتها مصر في ستينيات القرن الماضي لجأنا إلى التوسع في محافظتي القاهرةوالإسكندرية عن طريق إقامة معارض سنوية حتي أصبحت منتجات أبناء القرية مشهورة لدي أمهات وربات البيوت، نظرًا لتمتعها بالجودة ومرورها على أجهزة مثل الميكروييف والأفران وغسالة الأطباق. وأوضح "الفنان التشكيلي" أن المعرض المقام داخل كلية سان مارك شهد منذ بدء إنطلاقه توافد كبير من المواطنين، الذين حرصوا علي تشجيع الصناعة اليدوية المصرية، وتلهفت ربات البيوت على شراء الطواجن وأطقم الشاي والسلاطات والزهريات والأطباق، في ظل إنخفاض أسعارها عن غيرها حيث أن أكثر خامات التصنيع موجودة لدينا بالفعل. ونوه "سيدهم" إلى أن كثير من قناصل الدول العربية والأجنبية حرصت علي زيارة المعرض من قبل، وكذلك الفرق الطلابية من كلية الفنون الجميلة الذين جاءوا بهدف الإطلاع على الصناعه حيث أبدوا إعجابهم الكبير بمنتجاتنا ولم نبخل عليهم بأى معلومة خاصة بمراحل صناعة الخزف، فهدفنا هو تعريف هؤلاء الشباب على جراجوس حتى يكونوا فخورين بها وتعريفها مستقبلًا لأبنائهم. لمشاهدة الفيديو اضغط