"عملكم وطني وجهدكم مميز، بكم نحفظ التراث ويفخر الوطن".. كانت هذه رسالة رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، للشاب "أنس بشاشة" الذي رمّم حصن أبها التراثي، وحوّله إلى ملتقى لأهالي المنطقة الباحثين عن جمال المباني الأثرية والطبيعة التي تبدو من شرفات هذا القصر الفريد. واعتبر الأمير سلطان بن سلمان -لدى زيارته الحصن وتجوله في مرافقه أمس- ما يجري من اهتمام بالتراث الوطني في جميع مناطق المملكة؛ ما هو إلا ثمرة الرعاية والاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري، الذي تزخر به المملكة العربية السعودية من أقصاها إلى أقصاها. وفق صحيفة "سبق" وأضاف أن سجلات الهيئة تشير إلى وجود نحو 4000 قرية تراثية في منطقة عسير، يتسابق مُلّاكها اليوم لترميمها، وأن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تستنفر جميع إمكانياتها وطاقاتها لمقابلة الطلب المتزايد من المواطنين على ترميم هذه المواقع وتوفير جميع سبل الدعم لها. وثمّن الأمير سلطان، الاهتمام بالتراث من قِبَل أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية، الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز؛ مؤكداً أن الأمير فيصل يتابع جميع مجالات عمل الهيئة في المنطقة، ويوليها ما تستحق من العناية والاهتمام والدعم. وكان المواطن "ياسر بشاشة" قد نجح في تجربة ترميم وتأهيل "حصن أبها التراثي"، وتحويله لمقهى تراثي يحمل هوية المكان والإنسان؛ لا سيما أن جُلّ تلك البيوت غير مستفاد منها، دون أن يفقد المكان روحه وطبيعته، وحافَظَ على محتويات الحصن العسيري الشامخ بتقسيماته وزواياه وألوانه الزاهية؛ ليمكّن جيل اليوم من العيش -ولو للحظات- في بيوت الأجداد كما كانوا يعيشون، في بيئة تجلب الدفء والجمال والأناقة والهدوء. وحرص الشاب "بشاشة" على استدعاء التراث بصورته الحقيقية ليعيد للمكان حراكه المندثر؛ مستفيداً من ألوان "القط" وراوئح "الريحان" و"البرك" و"السداب" و"البعيثران"، بعد أن زين المشهد بمفارش "السدو" و"الفرائق" الملونة، و"اللحاف" العتيق، و"الفوانيس" و"الأتاريك"، وعرض بعض الملبوسات القديمة ك"الثوب العسيري"، و"الشيلة المهدبة"، و"المنديل" الأصفر، وجلب بعض المقتنيات التراثية التي كانت تتكئ على جدران "البسطة" منذ خمسة عقود مضت لتستحضر الزمان، وتكون اليوم شاهداً على المكان. وأسهمت هذه العوامل والمميزات في أن يصبح الحصن مقهى شعبياً وليس متحفاً تراثياً؛ ليرتاده كبار السن والشباب على حد سواء، يتبادلون الأحاديث والقصص والروايات والأشعار؛ ليمتزج الموروث الجميل بطموح الشباب واستحضارهم للماضي، الذي ما زالت أطرافه متشبثة بروح وذاكرة أهالي المنطقة.