أكد عدد من المواطنين خطورة انتشار الفساد، مشددين على أن تطبيق الأنظمة كفيل بمحاربة هذه الظاهرة. وطالب عدد منهم في نقاش عن "الفساد" في ديوانية "النخبة الخليجية" بعد حوادث السيول الأخيرة في عدة مناطق، بتفعيل وتكثيف دور الأجهزة الرقابية.بحسب صحيفة "سبق" يقول الشيخ محمد الشيخ: "الإصلاح ليس شعارات، وإنما ممارسات وواقع نعيشه، كذلك الفساد اليوم، ولأنه أصبح ثقافة وفكراً تمت تغذية العقول بمبادئ قبوله وتربية الأجيال والناشئة عليه، الخطورة أن الفساد بدأ ينتقل ويستشري ويصل لجهات حكومية يفترض أن تكون بمنأى بعيد جداً عن وصول الفساد إليها، والأمر يتطور بشكل يفوق تقديرات أسوأ المتشائمين". وأضاف: "حياة الناس وأرواحهم أثمن ما يملكون، ومع ذلك هانحن نرى الأزمات والكوارث تقع وتأخذ فيها أعداداً من الأبرياء لا ذنب لهم سوى أن حياتهم لا قيمة لها، ولا معنى لدى رموز الفساد". وقال: "الفساد لماذا يختزل فقط في كوارث السيول؟ مع أنها من أعظم الأدلة والشواهد الفاضحة للفساد والمسؤولين عنه، الفساد يكمن الآن في أخطر ما تملك الأمة؛ التعليم، والصحة، والدائرة تتسع لتشمل أفواجاً من الجهات والخدمات التي تتاجر بحياة ومستقبل الأجيال". وشاركت الدكتورة وفاء إسماعيل خنكار بقولها: "القانون والنظام هو لجام وزمام ضبط الفساد بأي مكان وبأي زمان". وقالت: "تطبيق هذا اللجام يتطلب تطبيق أدوات شفافة وعملية تعتمد على التدقيق والتوثيق النظامي والمراقبة والمحاسبة على مبدأ "من أين لك هذا؟"، إضافة إلى التربية على الأخلاق والنزاهة والدين، كما يجب بتر مسببات التحول النفسي للموظف المسؤول من السوء إلى الأسوأ، والتي تتمثل في الآتي: - الاعتماد على الهالة السوية التي قد يشكلها الشخص لنفسه أو يشكلها المجتمع حوله، دون تطبيق الشفافية والمحاسبية الموضوعية على صاحبها. - تدوير المواقع حتى لا تتعاظم النزعة الديكتاتورية وتسكن السيطرة وإدارة العمليات سواء من فوق أو تحت الطاولة. حيث إن الحد الأقصى لأي قيادة أو مسؤولية ينبغي أن لا يزيد على 4 إلى 8 سنوات كحد أقصى وعلى فترتين فقط. - تطبيق آلية الترشيح والانتخابات، خاصة للمواقع المهمة بعيداً عن الوصايات والتوصيات والبروباغندا الوظيفية. - تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية للعمليات التي يمكن متابعتها من خلال الكاميرات والتسجيلات. - وأخيراً المثل العامي ينصّ على أن "المال السايب يعلّم السرقة"، ولذلك فإن الميزانيات الضخمة والمبالغ فيها مع الأسف دون الكلفة الحقيقية للمشروعات في كثير من الوزارات يحتاج إلى ترشيد وتدقيق منعا من تهافت هوام الفساد . - وأخيراً ليتذكر المسؤلون قول الحق: "وقفوهم انهم مسؤولون ". وتحدث العقيد سالم العنزي قائلاً: "الفساد هو سوء استغلال السلطة لغايات شخصية أو لتحقيق مكاسب غير مشروعة، ويعزى ذلك بنظري لأن العاملين في الأجهزة الرقابية غير متخصصين، وإنما مجرد موظفين عاديين على مراتب". وأضاف: يُفترض أن تضم مهندسين متخصصين في المشاريع وتحديد القيمة الصحيحة للمشاريع والمواد؛ حيث إن: 1- قيمة المشروع ثلاثة أضعاف قيمته الحقيقية. 2- المواد المستخدمة في المشروع تختلف عن الموجود على الورق. 3- الإشراف على المشاريع يتم عن طريق مكاتب هندسية إشرافية لا تتبع للدولة". وزاد بقوله: "الأجهزة الرقابية تتابع ما هو موجود على الورق، والمشروع عند نهايته، ولا تسأل عن أسباب ارتفاع قيمته السوقية؛ لعدم وجود متخصصين فيها، ولا تستطيع التأكد من المواد المستخدمة، وكذلك يعزى إلى الوساطة في عدم تطبيق العقوبات، وتدخّل من لهم ثقل في التكتم على الفساد، وهم أقوى من الجهات الرقابية". وقال "العنزي": "لكي نرتقي بمعدل الشفافية يجب أن يكون للجهات الرقابية كسلطة القضاء، ولها استقلالية في الرقابة واتخاذ العقوبة، نأتي إلى نزاهة التي أعتقد أنها هيئة صورية فقط؛ لأنها لا تتدخل إلا فيما يُعرض عليها ويطلب تدخلها، عكس ما هو مطلوب منها، والدليل ما يحدث الآن، وهو قيام أمراء المناطق بتشكيل لجان للتحقيق في المشاكل التي تحدث في المناطق دون إشراك هيئة مكافحة الفساد في هذه اللجان، والتي من المفترض أن تكون هي المسؤولة المباشرة، وهي من تحقق مع الجهات الرقابية وتحدد المسؤولية وتحاسب المخطئ". وأضاف: "مع الأسف الوازع الديني معدوم، والمغريات كثيرة، وظروف الحياة والمعيشة أصبحت عالية ومكلفة، ولا يوجد حافز مادي قوي من رواتب ومكافآت تجعل الموظف في غنى عن الكسب الحرام، ولعل الدخل الشهري في الدول الإسكندنافية يؤكد ذلك". وشارك في النقاش الدكتور سعود الحسن قائلاً: "الفساد، بسببه تسوء حالة البلاد والعباد، وتقل البركة وتكثر البطالة". وأضاف: "الفساد لغةً من فسد وهو ضد صَلُحَ، والفساد في اللغة البطلان، والمفهوم العام له أنه اللهو بالباطل أو أخذ المال ظلماً من دون وجه حق". وتابع: "في القاموس يعرف الفساد أنه "انحراف النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة". وزاد: "في اعتقادي أن الفساد أنواع كثيرة؛ منها الفساد الإداري والحكومي، وهو مثل إساءة استخدام السلطة العامة من قبل المسؤولين لأهداف غير مشروعة كالرشوة والابتزاز والمحسوبية والاختلاس، إضافة إلى فساد القطاع الخاص؛ ومثاله وجود انحرافات مالية أو إدارية ارتكبت عن طريق شركة أو مؤسسة كان الهدف منها غير شرعي". وقال: "من أنواع الفساد الرشوة، والتي يتناسب انتشارها طردياً مع انتشار الفساد والتدليس في إعطاء البيانات أو المعلومات، إضافة إلى الفساد الأخلاقي والسلوكي". العميد عبدالله عسيري قال بدوره: "الفساد يُعتبر من الظواهر السلبية بشكل عام فيما يخص الجوانب الإدارية والمالية في الكثير من المؤسسات والهيئات والوزارات، وجميعنا يعلم أن الفساد بشكل عام يتعلق بسوء استخدام السلطة أو الوساطة أو الرشاوى، أو أي مظهر كما ذكرت من المظاهر السلبية التي تعيق تحقيق أهداف الوزارات والمؤسسات والمنشآت العامة والخاصة". وأضاف: "هناك تخطيط استراتيجي لكل دولة، والتخطيط الاستراتيجي لكل دولة ينبثق عنه استراتيجيات لكل الوزارات، وجميعها تهدف إلى تحقيق أهداف وغايات عليا، تسهم في تحقيق الرفاهية للمواطن، وتحقق الأمن والاستقرار والتنمية والتطور، ولا شك أن حدوث الفساد في أي مرحلة من هذه المراحل سينعكس سلباً في منع تحقيق هذه الأهداف، والتي ستؤدي إلى إخفاق في الرؤية الاستراتيجية العليا واستحالة نجاحها". وقال "عسيري": "ولله الحمد نحن نعيش في مجتمع مسلم، وقد تربينا وتعلمنا من خلال المراحل الدراسية، ومن خلال علمائنا الأفاضل بأهمية الرقابة الذاتية في جميع الأحوال، وتعلمنا أيضاً أن الفساد ضد النزاهة، وحكمه في الشرع محرم؛ لأن فيه تعدياً على الحقوق العامة والحقوق الخاصة، ولأنه يترتب عليه الكسب غير المشروع، لذلك كثير من دول العالم أنشأت المؤسسات والهيئات الرقابية التي تعنى بمكافحة هذا الداء الخطير، وتعمل بكل إمكاناتها للقضاء عليه قدر الإمكان". وبيّن "عسيري" أن الفساد في خطورته للدول أشبه بمرض السرطان الخبيث للأجساد؛ لأنه سينتج عنه الكثير من الانعكاسات السلبية المضرة بكيان الدولة. وقال: "لا بد من وجود برنامج رقيب بحيث يمثل نزاهة لكل وزارة بمعنى أن هذا البرنامج يطبق في كل وزارة فيساعد المسؤول الذي يتربع في رأس الهرم في معرفة جميع الأحداث والأنشطة التي تحدث في منشأته أو إدارته أولاً بأول، فيستطيع القيام بحل المشاكل والملاحظات في وقتها، والبرنامج قبل أن يكون برنامجاً إصلاحياً أو برنامجاً لمكافحة الفساد فهو برنامج رادع يمنع كل موظف من التقصير في أداء واجبه، فهذا البرنامج سيكشف مع مرور الوقت جميع الأخطاء والملاحظات في أوقاتها؛ فالمخالف للأنظمة والتعليمات سيكتشف في الحال، وسيعرض نفسه إلى مواقف قد تسبب له الكثير من المتاعب من محاسبة أو عقوبات هو في غنى عنها. وأضاف: "فيما يخص دور السلطة الرابعة فطبعاً نحن حقيقة لا ننكر الدور العظيم للصحافة في كشف الكثير من قضايا الفساد وملاحقة مرتكبيها، بل وفضحهم ليتم محاسبتهم، ولكننا ندرك أن الصحافة ليست شمساً مشرقة على جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات طوال الوقت؛ فالطموحات كبيرة، ولكن تظل القدرات والإمكانات محدودة، لكنني أتمنى أن يأتي الوقت الذي يتم فيه القضاء على الفساد بجميع صوره، حتى لا تجد الصحافة ما تكتب عنه من هذه الموضوعات المحبطة والمخيبة للآمال". واختتم بقوله: "أودّ أن أشير إلى عامل مهم وأساسي في القضاء أو الحد من الفساد من خلال تأكد المسؤولين في قيام الطاقة البشرية بإدارتهم بمسؤولياتهم على الوجه المطلوب، والقاعدة الذهبية باختصار تتلخص في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بعد التأكد من تأهيله العلمي المناسب وكفاءته الإدارية وخبرته المتميزة وأمانته ونزاهته عندها نستطيع بإذن الله تعالى أن نحقق الكثير من الإنجازات والنجاحات في جميع المشاريع، ويتم تحقيق الرؤى الاستراتيجية كرؤية الوطن الطموحة في 2030 التي ترتكز على مكافحة الفساد وقياس الأداء، والتي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- وتم إعلانها من قبل سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله.