«لم أشعر يوماً بأنني معاقة، أعيش حياتي بشكل طبيعي جداً، وأعمل كل شيء لكن بطريقة مختلفة، وعندما لا أقدر على القيام بأمر ما، لا أشعر بأنها مشكلة كبيرة، ودائماً ما كنت أقول لنفسي: ليس من الضروري أن أفعل كل شيء، فأنا أفعل أشياء كثيرة قد لا يستطيع فعلها الآخرون ممن هم ليسوا معاقين»، هذه وجهة نظر الدكتورة هبة هجرس، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في مجلس النواب المصري، الأمين العام للمجلس القومي للإعاقة. وتروي الدكتورة هبة حكاية تأقلمها مع إعاقتها التي تلزمها التحرّك على سيارة مجهّزة بسبب الإعاقات المتعددة التي تعانيها وتمنعها من الحركة الطبيعية، تقول: «عندما كنت أذهب الى مكان ما وأجد المصعد معطلاً، كنت أعود إلى منزلي وأقول لنفسي هذا الأمر لا يضايقني، فأنا لا أقدر على الصعود إلى الأدوار العليا، مثْلي مثل مريض القلب الذي لا يستطيع الوصول الى هذه الأدوار بدون مصعد، ولم أشعر يوماً باليأس والإحباط، ويرجع الفضل في ذلك إلى أسرتي التي لم تشعرني يوماً بأنني مختلفة عن أيّ فرد من أفرادها، ولم ألحظ يوماً نظرة يأس أو خيبة أمل في عيونهم منذ إصابتي بمرض الروماتويد، الذي أدى إلى الإعاقة، وكانت والدتي سيدة عظيمة تعاملت معي بالفطرة، فلم يعلمها أحد كيف تتعامل مع طفلة معاقة حركياً، لكن ما فعلته معي قد لا تستطيع أي أم لديها طفل من ذوي الإعاقة أن تفعله، مهما وجدت من دعم أو مساندة، لأن الأمر يحتاج إلى قناعة داخلية بأن الإعاقة ليست نهاية الحياة، وأحب أن أتحدث عن نفسي لكي أعطي الأمل لكل شخص من ذوي الإعاقة ولكل أمّ من أمهاتهم». تروي الدكتورة هبة هجرس قصة تحوّلها إلى شخصية قيادية قائلة: «أول ظهور لي كشخصية من ذوي الإعاقة كان في برنامج «فرسان الإرادة»، وكنت أتحدث عن نفسي وكيف أسيّر حياتي كزوجة وأم لطفلين وأدير عملي، مما أثار إعجاب المشاهدين، فطلبوا مني أن أشارك في الدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. عندما دخلت هذا المجال وجدت نفسي لا أعرف شيئاً عن مشاكل الإعاقة، وما هي حقوق المعاقين، وكيف نصل إليها، فأنا لا أعرف سوى نفسي وكيف أسيّر أموري، كان عليّ أن أقرأ وأتعلّم كل ما تقع عليه عيناي في هذا المجال وما يتعلّق به، فأعرف عن الإعاقات المختلفة والمشاكل المتعلقة بكل إعاقة. ولمّا كنت وقتها حاصلة على بكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية، توجهت إلى قسم الاجتماع في الجامعة ذاتها، وتقدّمت منهم بطلب دراسة الماجستير في مجال الإعاقة، فأكدوا لي أنهم لا يعرفون شيئاً عن دراسات الإعاقة، لكن من الممكن أن يساعدوني من خلال قسم الاجتماع بمنهجية البحث العلمي، ويبقى عليَّ أن أحصل على المادة العلمية بنفسي. وقد كان، وأعددت دراسة الماجستير في «الإعاقة والنوع الاجتماعي والزواج»، ثم أعددت رسالة الدكتوراه في المجال نفسه بعنوان «تسويق الذين لا يسوّقون»، وهي تتناول قضية تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة». تواصل الدكتورة هبة سرد تجربتها كقيادية معاقة، موضحةّ: «تدرجت في قضايا الإعاقة، حيث شاركت في تأسيس المنظمة العربية للأشخاص ذوي الإعاقة، كما شاركت في تكوين الاتحادات والتحالفات المناصرة لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، فضلاً عن دوري في تمثيل مصر في إعداد الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوليت منصب الأمين العام للمجلس القومي لشؤون الإعاقة، كما كنت مرشحة بقوة لانتخابات مجلس الشعب كممثل من الأشخاص ذوي الإعاقة، لكنني عندما دعيت لمنصب الأمين العام للمجلس وجدت نفسي أمام مسؤولية لا أستطيع التخلي عنها، لأننا نتمنى أن يحقق المجلس القومي لشؤون الإعاقة ما يحلم به ذوو الإعاقة».