3 تنظيمات وأمير فى عملية حلوان عميل التنظيم شخصية «غير محروقة » ولم يعرف عنه تدين سابق.. إذا تم كشفه يهرب أو يدمر الموقع المزروع فيه بعملية استشهادية أو يغتال أحد المسئولين «داعش أرض الكنانة» وليس «ولاية سيناء» هو من تبنى الهجوم.. والعملية هى الأولى فى مصر.. والثالثة للتنظيم بعد عمليتين فى ليبيا باسم مستشار أبوبكر البغدادى ازدواج بيان تبنى عملية حلوان يكشف تحالف «الوحدة الشبكية» بين «المقاومة الشعبية» الإخوانية و«دواعش» القاهرةوالمحافظات خرجت تصريحات النيابة لتنفى الأخبار المتداولة بشأن توجيه اتهام رسمى ل5 ضباط بعينهم، حامت الشبهات منذ اللحظة الأولى حول تورطهم فى مذبحة حلوان الإرهابية التى أسفرت عن استشهاد قوة أمنية مكونة من 8 رجال شرطة بينهم ضابط. غير أن سيناريو «الوشاية»، وتسريب المعلومات من داخل المؤسسات الأمنية بشأن توقيت خروج القوة الأمنية وخط سيرها، أصبح حاضرا بشدة بالفعل فى احتمالات المشهد، ككلمة سر كبرى فى حل طلاسم العملية الإرهابية، خاصة أن النيابة أقرت أنها لم تتوصل للجناة بعد، كما أن عملية حلوان الأخيرة استدعت إلى الإذهان عمليات مشابهة بعد 30 يونيو، أثبتت التحقيقات فيما بعد أن الجناة فيها، كانوا «عملاء» للتنظيمات الإرهابية داخل المنظومة الأمنية نفسها، حيث نجحوا فى تنفيذ عملياتهم وتسببوا فى الإيقاع بزملاء لهم. وكان أشهرها عملية اغتيال المقدم محمد مبروك، شاهد الإثبات فى قضية هروب محمد مرسى من سجن وادى النطرون، وثبت أن زميلا له، ضابطا فى المرور، هو من قام بالوشاية به وتسريب المعلومات اللازمة عنه لتنفيذ عملية الاغتيال. علما بأنه بداية من الإخوان الذين أسسوا «قسم الوحدات» ووصولا إلى داعش، فقد اهتمت التنظيمات الإسلامية المسلحة منذ نشأتها بتجنيد وزرع العملاء والجواسيس لها داخل المؤسسات الأمنية كما تم وضع الضوابط، و«الغطاء» الأمنى الذى يوفر لهؤلاء «الجواسيس» والعملاء، الحماية والسرية التى تحول دون اكتشاف أمرهم، وإعفائهم من الاجتماعات التنظيمية ل«الأسرة» أسبوعيا كما هو معتاد. 1- كتالوج «داعش» لزرع الجواسيس «الأمنيين» شهدت هذه الاستراتيجية تطورا ملحوظاً فى المنهج، وأسلوب التطبيق، حيث يشير أبوبكر ناجى إلى ذلك صراحة فى كتابه «إدارة التوحش»، الدستور الاستراتيجى والحركى الأول لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، فيقول: «معركتنا طويلة ومازالت فى بدايتها.. وطولها يتيح فرصة لاختراق الخصوم وتأسيس جهاز أمنى قوى يكون أكبر دعامة لتأمين الحركة الآن والدولة فيما بعد، فينبغى اختراق قوات الشرطة والجيوش وشركات الحراسات الخاصة بالتوازى مع الأحزاب السياسية المختلفة والصحف والجماعات الإسلامية وشركات البترول والمؤسسات المدنية الحساسة..إلخ ». ويضيف: «وقد بدأ ذلك بالفعل منذ عقود لكننا نحتاج المزيد فى ظل التطورات الأخيرة، كذلك قد نحتاج اختراق المكان الواحد بأكثر من عضو - لا يعرف بعضهم بعضاً أو العكس - لأدوار مختلفة أو نفس الدور إذا كان يحتاج لأكثر من عضو ». أما عن الكتالوج والشروط والضوابط الأمنية التى يلجأ داعش إلى تطبيقها لزرع عيونه وجواسيسه فى تلك المؤسسات، شديدة الانضباط والحذر، فيلخصها «إدارة التوحش» فى مجموعة من الخطوات أبرزها : أن يكون « الجاسوس» شخصية «غير محروقة» ولم يعرف عنه تدين سابق، وأن يتم تدريبه منذ اللحظة الأولى على أن اختراق المؤسسة الموجود فيها، بمثابة عملية استشهادية، بل قد ينتهى فعلاً بعملية استشهادية لتدميرالموقع المُخترق أو القيام بعملية تجاه بعض الشخصيات فيه. ويتم إخضاعه لبرنامج تربوى وعلمى فردى يحفظ عليه تدينه دون أن يتم كشفه، ويكفل له البرنامج التدريب على زيادة تحركه الفعال فى جمع المعلومات كلما زادت الضغوط عليه، علاوة على اختبار المعلومات التى يتم الحصول عليها أكثر من مرة لضمان مدى دقتها وصدقها، ولا يعرف العضو إلا «مندوب الاتصال» من باب الحرص على العمل لأى ظرف من الظروف. وفى حالة أن العضو يفقد الاتصال بمندوب الاتصال لأى سبب كاستشهاد ذلك المندوب أو انتقاله فى ظروف قهرية لمكان آخر ونحو ذلك، فعليه فى هذه الحالة الاستمرار فى عمله، والانتظار لحين إتمام اتصال جديد به، وينتظر رد الجهاز الأمنى تبعاً لطبيعة المعلومات، هل يستمر فى جمع المعلومات أم يفر ل«منطقة التوحش» أو يقوم بعمل تدميرى داخل المكان المخترق بنفسه أو بمساعدة مجموعة سترسل إليه. وإذا وجد نفسه على وشك الانكشاف، فعليه فى هذه الحالة الاستقالة من مكان عمله والعمل على الالتحاق بالمجاهدين فى الجبال حيثما يتوقع، أو إذا كان الأمر يسهل عليه فليقم بعمل تدميرى لمكان عمله، أو التخلص من عدو أو أعداء فيه، ثم ينسحب إلى مكان آمن لحين التحاقه بالمجاهدين. 2- الثأر للأنبارى من ليبيا إلى حلوان على الأرض، أثارت مذبحة حلوان عدة ألغاز أخرى، كان أهمها اسم أبو على الأنبارى الذى أورده تنظيم الدولة الإسلامية فى بيان تبنيه للعملية، حيث أعلن أن «الهجوم ضمن سلسلة عمليات غزوة الشيخ أبى على الأنبارى تقبله الله» وهو الاسم الذى أثار علامات الاستفهام حول هوية الشيخ وأهميته. ليكتشف الجميع أن أبوعلى الأنبارى هو الرجل الثانى فى تنظيم الدولة الإسلامية والذراع اليمنى لأبوبكر البغدادى خليفة داعش، وقد تولى أرفع المناصب فى تنظيم الدولة، قبل مقتله منذ أسابيع بمروحية أمريكية فى العراق، كان أهمها مستشار الخليفة، والأمير الشرعى العام للتنظيم، وكذلك مسئول الشئون المالية والأمنية فى التنظيم، ومسئولًا عن خطوط إمداد وحركة السلاح الخاص بداعش من العراق إلى سوريا وبالعكس. أبو على الأنبارى هو أحد الأسماء الحركية، لأبوعلاء العفرى، اللواء السابق فى الجيش العراقى، الذى كان مرشحا لخلافة أبوبكر البغدادى، حيث كان يستخدم عدة أسماء حركية أخرى أشهرها عبد الرحمن مصطفى القادولى، وفاضل الحيالى، وحجى إيمان وحاج إمام، وأبومسلم التركمانى، وأبو معتز القرشى، وعبدالرحمن محمد مصطفى شيخلار، وأبو شعيب، وعمر محمد خليل مصطفى، وعبد الرحمن محمد البياتى، وأبو إيمان، وأليعازرا راعد أحمد، وكان الأنبارى موضوعاً على القوائم الأمريكية للمطلوبين بتهمة الإرهاب منذ العام 2014، وقد تم رصد 7 ملايين دولار لمن يدلى فقط بمعلومة عنه تؤدى إلى الإيقاع به. وبينما يرى الخبراء بأن إدراج هجوم حلوان ضمن سلسلة غزوات أبو على الإنبارى، يحمل دلالة الاعتراف الصريح والرسمى من قبل التنظيم باستشهاد الرجل الثانى فيه، فإن الدلالة الأخطر هى البدء فى مرحلة جديدة لعمليات داعش داخل مصر، تشهد خروج العمليات التى يتم تنفيذها من نطاق «الأهداف المحلية» المعتادة، وتحولها إلى مسرح للعمليات ذات الأهداف المركزية للخلافة، علما بأن هجوم حلوان هو العملية الثالثة من سلسلة غزوات أبوعلى الأنبارى، وقد سبقتها عمليتان أخريان بنفس الاسم فى ليبيا. 3- بيانات «الوحدة الشبكية» بين داعش والإخوان وبعيداً عن حالة الخلط الإعلامى بين تنظيم «ولاية سيناء»، أنصار بيت المقدس سابقاً، وبين تنظيم «الدولة الإسلامية فى أرض الكنانة»، الذى أعلن مسئوليته عن هجوم حلوان، وهو التنظيم التابع لداعش الآن فى القاهرة وباقى المحافظات، ويستقل فى إدارته وتركيبته التنظيمية تماما عن ولاية سيناء، الذى يقع وفقا لخريطة خلافة داعش فى نطاق الشام بالأساس لا مصر. كذلك فإن التعامل مع الإعلان المزدوج بين داعش وبين جماعة تحالف المقاومة الشعبية «تضم فى صفوفها خليط من جماعات صغيرة لها جذور إخوانية مثل حركة المقاومة الشعبية، حركة حسم، حركة العقاب الثورى، حركة ثوار بنى سويف، وكتيبة الاعدام»، عن المسئولية عن تنفيذ الهجوم، باعتباره تنازعا حقيقياً بين التنظيمين، قد يكون تعاملا غير دقيق، فى ضوء الأسلوب الذى درجت التنظيمات على اتباعه بهدف تشتيت الأمن وتحقيق التخويف والتفزيع، والترويج لوجود عدة تنظيمات قوية موجودة وتعمل على الأرض. والأهم من ذلك، فى ضوء «الوحدة الشبكية» الجديدة التى تعمل فى نطاقها عدة تنظيمات على الأرض فى مصر بداية من 2015، وسبق أن أشارت إليها دراسة حديثة لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، فى كراسته الاستراتيجية، بأنها حالة تقارب فعلية وتنسيق بين عدة جماعات متعددة الأهداف والتوجهات الآن فى مصر، تتبادل خلالها الأدوار بشكل مثير، وتتجلى فى حالة الوحدة الشبكية بين التنظيمات الجهادية المسلحة وولاية سيناء، وبين تنظيمات العنف المسلح الإخوانية مثل «العقاب الثورى» على سبيل المثال، وهو ما أثبتته التحقيقات أيضا فى حادث تفجير شقة الهرم قبل شهور، وكشفت عن تنسيق بين خلايا إخوانية، وبين تنظيم «أجناد مصر».