فى كافيهات وسط البلد والمهندسين مثلما لا يتفق السياسيون فى آرائهم، لا يتفقون أيضاً فى مجالسهم، بعضهم يفضل الجلوس فى كافيهات خمسة نجوم، وآخرون يفضلون المقاهى الشعبية، لكن الهدف واحد.. طبخ القرارات والمواقف السياسية. داخل الكافيهات والمقاهى المنتشرة فى شوارع وسط البلد ومحيطها، تجد مجموعات سياسية تجلس مع بعضها البعض، يتسامرون ويتحدثون فى القضايا الشائكة، بل يكتبون بياناتهم التى تعبر عن وجهة نظرهم فى القضايا والأحداث السياسية داخلها. أعضاء وقيادات حزب المصريين الأحرار اعتادوا التجمع فى كافيه «بلكونة» فى المهندسين، المملوك للإعلامية «بسمة وهبة» زوجة علاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية بالحزب. فى الوقت الذى يتجمع فيه أعضاء الحزب داخل الكافيه، لا يسمح بالدخول لأى شخص آخر من المواطنين العاديين، فلا يدخل أحد إلا بعد إبراز عضوية الحزب، حسب تعليمات بسمة وهبة، ذلك لأنهم يتحدثون فى كافة الشئون المتعلقة بالحزب، وموقفهم من التيارات الموجودة على الساحة، والاتفاق على الخطوط العريضة للبيانات التى تصدر عنه. عدد آخر من قيادات المصريين لأحرار المقربين لرجل الأعمال نجيب ساويرس، يجتمعون معه فى مجمع « النايل بلازا» المملوك لساويرس وعدد من شركائه، والذى يضم مجموعة من الكافيهات والفنادق والمولات على كورنيش النيل، لكن أغلب اللقاءات تتم فى فندق « الفيرمونت»، ذلك لأن ساويرس دائم التواجد بمكتبه الموجود فى المجمع، وعندما يتصل به أى من قيادات الحزب، ويطلب منه مقابلته، يدعوه إلى الحضور بالفندق، للتشاور فى أى أمور تتعلق بالحزب. وفى كافيه «استوريل بار» الكائن فى شارع طلعت حرب، يلتقى اليساريون، ليتباحثوا فى القضايا السياسية، والاتفاق على البيانات التى تصدر عن قوى اليسار، وتعبر عن وجهة نظرهم فى كثير من الأمور السياسية، فدائماً ما يتواجد به اليسارى المعروف «جورج إسحاق» القيادى البارز بحركة كفاية، مع زملائه من اليساريين، وهم بحسب رواية شاهد عيان يجلسون بشكل شبه يومى من الساعة السابعة مساءً حتى منتصف الليل، قائلاً: «الكافيه أسعاره رخيصة شوية عن باقى الكافيهات وعشان كده نفضل نقعد فيه». أما كافيه «هابى سيتى بار» فهو فندق ثلاثة نجوم يقع بمنطقة عابدين، وهو الوجهة المفضلة للمحامى الشهير نجاد البرعى مدير المجموعة المتحدة للقانون، الذى يجلس فيه مع عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين، ليتسامروا فى أحاديث السياسة من الثامنة مساءً حتى الساعة الثانية صباحاً بعد منتصف الليل، بحسب رواية شاهد عيان. وفى ممر صغير بشارع محمود بسيونى بوسط البلد، اعتاد بعض الإعلاميين الجلوس مع السياسيين فى كافيه «الجريون»، فهناك يجلس حمدى رزق مع أصدقائه المقربين من السياسيين، وهناك يلتقى المفكر السياسى مصطفى الفقى بزملائه السياسيين. ومن الكافيهات الكبرى إلى المقاهى الشعبية، التى تعد ملتقى شباب الثورة والنشطاء السياسيين والحقوقيين منذ قيام ثورة 25 يناير إلى الآن، ومنها مقهى «زهرة البستان» بشارع طلعت حرب بوسط البلد، وأشهر من يتواجدوا عليه الكاتبة نور الهدى زكى، إحدى مؤسسات حركة «مصريات مع التغيير»، فتعقد داخله اللقاءات مع أعضاء الحركة للتناقش فى الأمور السياسية، وتقابل الوجوه الجديدة من النشطاء الذين يرغبون فى التعرف على الحركة بهدف الانضمام إليها. وبحسب رواية شاهد عيان، فأعضاء الحركة يتجمعون على المقهى بدءًا من الخامسة مساءً حتى العاشرة، وأحياناً ما يحتدم النقاش بينهم حال الاختلاف على أمر سياسى. على عكس الناشطة السياسية «إسراء عبد الفتاح» التى تعتاد الجلوس مع أعضاء حركة 6 إبريل فى أحد الأركان الهادئة بمقهى «زكريا» الشهير باسم «زيكو» بمنطقة وسط البلد، ويؤكد شاهد عيان أنها تبدو متحفظة للغاية فى كلامها مع أى شخص، قائلاً: ذات مرة أقدم أحد الشباب على الحديث معها فى السياسة، لكنها رفضت وقالت له معنديش وقت للكلام». وفى مقهى «عم غزال» بمنطقة وسط البلد، يلتقى أحمد فوزى الأمين العام للحزب المصرى الديمقراطى السابق، مع أنصاره،وكذلك خالد تليمة نائب وزير الشباب السابق، الذى اعتاد الجلوس بشكل شبه يومى مع زملائه من الشباب، ويترددون على المقهى بدءًا من العاشرة مساءً حتى منتصف الليل.