في ليلة صارع فيها المئات الموت وسط أمواج البحر الأحمر، في أسوأ كارثة بحرية في تاريخ مصر الحديث، وهي غرق العبارة السلام 98 ، وهي عبارة بحرية مصرية مملوكة لشركة السلام للنقل البحري، غرقت في 3 فبراير 2006 في البحر الأحمر وهي في طريقها من ضبا بالسعودية حيث كانت تقل العائدون من منطقة تبوك إلى سفاجا وكانت السفينة تحمل 1415،راكب، منهم 115 أجنبيا على الأقل كانوا على متن العبارة، بينهم 99 سعوديا، بينما كان معظم المسافرين مواطنين مصريين كانوا يعملون في السعودية وبعض العائدين من أداء مناسك الحج وكانت السفينة تحمل أيضا على متنها 220 سيارة . مشهد البداية في منتصف طريق العبارة من ميناء ضبا إلى ميناء سفاجا المصري، نشب حريق في غرفة محرك السفينة وانتشر اللهيب بسرعة فائقة ليصل إلى مكان تخزين السيارات فأندلع الحريق في العبارة بالكامل، مما تسبب فى غرقها بسرعة فائقة ليتسبب الحريق والغرق في قتل جميع من على العبارة.
الحمولة الزائدة الحمولة الزائدة كانت سبباً في تفاقم الكارثة حيث أن السعة النهائية 1300 راكب و 320 سيارة، السلطات المصرية لم تتحرك لإغاثة العبارة إلا بعد6 ساعات، هذا بعد هروب القبطان حيث كان أول من غادر العبارة وهرب على متن قارب صغير مع بعض معاونيه، علماً بأن القارب يسع ثلاثين شخص، ولم يوجد على السفينة أعداد كافية من سترات النجاة، قبطان العبارة سانت كاترين الذي مر بجانب العبارة ولم يحاول إنقاذها.
مشهد الدقائق الأخيرة داخل عبارة الموت .. الصندوق الأسود
كشفت المعلومات المسجلة فى الصندوق الأسود والصور الملتقطة للعبارة المنكوبة عن وجود عيوب جسيمة وخلل خطير فى أجهزة العبارة ، وأوضحت التسجيلات وجود عطل فنى فى الدومان وهو الدفة التى يحركها قائد السفينة مما أدى إلى ثباتها عند زاوية دوران واحدة، ونقل الشريط المسجل قول القبطان أنه يخشى الدوران والعودة إلى ميناء ضبا السعودى بسبب هذا العطل وضعف المواتير والطلمبات الخاصة بتشغيلها. وتبين كذلك وجود كميات كبيرة من براميل زيوت الوقود تزن 20 طنا قامت الشركة بتحميلها على العبارة من ميناء ضبا التى يقل ثمن الوقود بها بنسبة30 % عنها فى مصر وذلك لإستخدامها فى العبارات الأخرى المملوكة للشركة مما ضاعف من اشتعال النيران فى الطوابق العليا بعد بدء الحريق فى منطقة الجراج وتسبب وجود تفويت فى جميع الأبواب الحاكمة الى تسرب المياه والهواء وصعود الأدخنة من جراج العبارة لقمرات الإعاشة بالدرجة الثانيه. كما أوضحت الصور الملتقطة للعبارة أن فتحات تصريف المياه بجراج العبارة كانت مسدودة تماما، وتضمنت التسجيلات أن قبطان العبارة كلف أحد ضباطه بإبلاغ إدارة الشركة بالموقف على العبارة أولاً بأول . وكان نص التسجيل شهد إنتشال الجثث وإنقاذ الغرقى استمر انتشال الجثث التي غرقت على مدار أكثر من خمسة أيام بعد وقوع الحادث، وقد ظهرت جثث طافية على سطح مياه البحر الأحمر بينما فقدت فرق الإنقاذ الأمل في العثور على ناجين بعد مرور خمسة أيام من غرقها . ينما تضائلت الآمال حول العثور على ناجين بعد أن تم العثور على بعض الركاب وانقاذهم على مدار يومين من وقوع الحادث. ضحايا العبارة ومشاهد لم تنسى من الذاكرة خلفت كارثة عبارة "السلام 98" وراءها عدد من القصص والروايات لأسر فقدت ذويها وأمهات ثكالى على أبنائها الذين تغربوا من أجل لقمة العيش، فضلاً عن أطفال فقدوا أسرهم كاملة، وكان من بين هؤلاء: الطفل "محمد حسنين" فقد والديه وأخوته الثلاثة أسرة كاملة لم ينج منها سوى طفل واحد، أب وأم و3 أطفال لقوا مصرعهم غرقا في كارثة "السلام 98".. الناجي الوحيد من الأسرة كان الطفل محمد أحمد محمود حسانين، 14 سنة، محمد الذي فقد مع أسرته القدرة على النطق والحركة أصيب أيضا بروماتيزم القلب. وعن شهادة محمد للأحداث قال:"حدث انفجار في العبّارة.. فحملني والدي مع شقيقتي ووضعنا في أحد قوارب النجاة ثم ذهب لإحضار أمي وشقيقي ولم أره بعدها مرة أخري".. وأضاف محمد:"زاد العدد في القارب فانقلب بنا في البحر وغرقت أختي، وتهت في البحر حتي عثر علي طاقم الإنقاذ، فقدت القدرة علي النطق والحركة لفترة، ثم علمت في المستشفي أنني أصبت بروماتيزم في القلب ومن ساعتها وأنا أحلم كل ليلة بتفاصيل الكارثة". "محمد عبد الحليم" يفقد أسرته كاملة لم تختلف حالة الدكتور محمد الطبيب البشري، كثيراً عن حالة الطفل "محمد حسنين"، فقد فقد أسرته كاملةً، زوجته وأربعة من أبنائه، "آلاء ونورهان وعبدالرحمن وفاطمة" ، ولم يستطيع الوصول إلى جثثهم حيث تم فقدانها ولم تعثر عليهم قوات وفرق الإنقاذ ولا الطائرات التى حلقت بعد الحادث ولا السفن التى بحثت. لُغز المفقودين أثار عدد من أقارب ضحايا عبارة "السلام 98" لغزاً عن وجود أياد خفية وراء إخفاء عدد من الذين تم إنقاذهم في الحادث، كاشفين أن ذويهم الذين تم انقاذهم على قيد الحياة، وأنهم طوال الفترة الماضية كانوا يتلقون مكالمات هاتفية من غرباء يؤكدون لهم وجودهم على قيد الحياة، بل إن أحدهم سمع صوت قريبه في التليفون. وحسب أحد الأفلام التسجيلية الذي كانت مدته 10 دقائق رجّح أقارب الضحايا أن ذويهم قد يكونون في مناطق عسكرية ما، أو خارج البلاد، حتى إن أحدهم تكتم عن الحديث عن أي تفاصيل أملاً في الوصول لذويه في وقت قريب، حسبما أكد محاميه. كما أكد آخر أنه شاهد نجله في المستشفى بعد إنقاذه، ولديه "سي دي" مصور من التلفزيون المصري عليه هذه الواقعة، إلا أنه اختفى بعدها بأيام. مشهد الحكم وإسدال الستار يُذكر أن النيابة كانت قد وجَّهت اتهام القتل الخطأ إلى 10 أشخاص في القضية، منهم 4 أشخاص انتهت الدعوى القضائية ضدهم بسبب الوفاة، إلى جانب 6 متهمين آخرين، هم: ممدوح إسماعيل رئيس مجلس إدارة شركة السلام للنقل البحري، ونجله عمرو، وممدوح عبد القادر عرابي، ونبيل السيد شلبي، والقبطان صلاح جمعة، ومحمد عماد الدين. وطالب فريق المدعين بالحق المدني بإعادة القضية مرةً أخرى إلى النيابة العامة لتعديل القيد والوصف من جنحة قتلِ خطأ إلى جناية قتلِ عَمْد، وتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين والمطالبة بالتعويض المدني المؤقت. وتم تداول القضية على مدى 21 جلسة طوال عامين استمعت خلالها المحكمة لمسئولين هندسيين وبرلمانيين وقيادات في هيئة موانئ البحر الأحمر وهيئة النقل البحرى. وتم الحكم في قضية العبارة في يوم الأحد الموافق 27 يوليو 2008 ، في جلسة استغرقت 15 دقيقة فقط تم تبرئة جميع المتهمين وعلى رأسهم ممدوح إسماعيل مالك العبارة ونجله عمرو الهاربان بلندن وثلاثة أخرون هم : ممدوح عبد القادر عرابى ونبيل السيد شلبى ومحمد عماد الدين بالإضافة إلى أربعة أخرىن انقضت الدعوى عنهم بوفاتهم. بينما عاقبت المحكمة صلاح جمعة ربان باخرة أخرى "سانت كاترين", وقضى الحكم بسجنه لمدة ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ ودفع غرامة بقيمة عشرة آلاف جنيه مصري (حوالي 1200 يورو) بتهمة عدم مساعدة "السلام 98" ، وقد قام النائب العام بعمل أستئناف للحكم وأجل إلى 3 سبتمبر، وفي النهاية حكم على ممدوح إسماعيل بالسجن 7 سنوات، ولكنه ما زال هارب. العبارة والأرقام القياسية العبارة التي تمثل ثروة تحت سطح الماء تحتل أكثر من موقع في قائمة أكبر الفواجع البحرية العالمية، فهي تحتل رقم 106 ضمن قائمة الكوارث البحرية العالمية، ومن حيث ترتيب كوارث السفن المصرية، فهي تحتل رقم 1 من بين ثلاث كوارث بحرية مصرية، كما تحتل المركز رقم 34 في قائمة عدد الضحايا.