في ختام الموسم الثقافي لدار الأوبرا المصرية ، عقد الصالون الثقافي ندوة بعنوان " مستقبل الثقافة والفن بمصر " على المسرح الصغير بدار الأوبرا ، شارك فيه د . محمد صابر عرب وزير الثقافة ، مع نخبه من المفكرين والمثقفين هم الفنان أشرف عبد الغفور نقيب المهن التمثيلية ، د . حمدي أبو المعاطي نقيب التشكيليين ، الكاتبة د . عزة هيكل ، والموسيقار هاني شنودة ، وأداره أمين الصيرفي ،بحضور د.إيناس عبد الدايم رئيس الأوبرا، د.أحمد سخسوخ ، د.جابر البلتاجى ، والناقدة فينوس فؤاد ، هشام فرج ، شريف خميس ،إلى جانب عدد كبير من الاعلامين والصحفيين . قال د . محمد صابر عرب وزير الثقافة ليس من قُبيل المصادفة أن تتقدم شعوب بذاتها أو تتخلف شعوب أخرى ، فعندما نتحدث عن أية قضية لابد وأن نتناولها في سياقها التاريخي لندرك كيف نخرج من أزماتنا ، فكثيرا ما نتحدث عن وزارة الثقافة بأنها قصرت وأهدرت دورها ، ولابد أن يدرك الجميع حتمية أن تعمل كل مؤسسات الدولة في قالب واحد وفي منظومة واحدة ، وأضاف كيف يمكن أن نتحدث عن النهوض بالفن والموسيقي والمسرح والفن التشكيلي فى غبية التعليم ، حيث كان المدربون في المدارس سواء في الموسيقي أو المسرح يؤدون عملهم كأنهم في معبد ، مؤكداً على ان المدرسة كانت متعة وليست عذاب مثل الآن ، فالمدرسة بمثابة الجامعة الرئيسية التي تشكل البنية الأساسية للمبدع ، وتكتشف الموهوبين فى الموسيقي وغيرها، وأنجبت الآلاف من المبدعين في الفن التشكيلي والمسرح والسينما ، كل ذلك كان فى الماضى ، والآن هل يعقل ونحن في الألفية الثالثة ألا تكون هناك مدرسة تقوم بهذا الدور؟، فأين تكون المشاعر وكيف يتشكل وجدان أبناءنا . وأكد عرب أنه لا يمكن أن نتحدث عن الأزمة منزوعة من سياقها ولاعن نهضة ثقافية في غيبة هذه الدور الحتمى للمدرسة فى إنتاج كوادر شبابية في كافة الفنون والمجالات ، و أنه لم يعد من المناسب في العالم الحديث أن تتحدث عن الثقافة بالمعني الكلاسيكي أي نتحدث عن السينما وحدها أو المسرح وحده ولكن لابد من التطرق لثقافة المجتمع ككل . واستطرد عرب لابد وأن نبدا بالتعليم بل في كل المجالات ، وأن تكون هناك رؤية تعليمية استراتيجية تتوازن فيها العلوم والثقافة في المدرسة ، ولابد من وجود فريق عمل في التعليم والإعلام والثقافة يعمل وفق خريطة واحدة إذا كنا نريد دولة متقدمة ، و خطة قومية لإعادة تأهيل البشر ، مؤكداً على اننا نسير بشكل تلقائي ونعيد إنتاج أنفسنا ، و التعليم عندما يتدهور فأنه يأخذ في طريقة المسرح والسينما والأدب ، وأن دورنا كمبدعين أن نتمسك بالفن الجميل وأن قراءتنا لتاريخ هذا تؤكد أنه شعب عبقري . وقد أكد علي ان وزارة الثقافة تؤهل المبدعين ، أما قصور الثقافة يجب أن تكون بمثابة الجامعة الشعبية للسينما والمسرح والفن التشكيلي . وأشار الوزير الي أن دورنا كبمدعين لابد وأن نتمسك بالفن الجميل والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية وايجاد قانون يحكم هذا ، وأن يكون لدينا دستور يحترم المرأة ويحترم المصريين وثقافتهم ولابد من إعادة صياغة التشريعات وبذلك نكون قد طبقنا مبدأ الثواب والعقاب فيكون المستقبل أفضل ، أما بشان عدم تمثيل المثقفين فى اللجنة التأسيسية للدستور، أكد عرب أنه لاداعى للقلق من ذلك فالشعب المصرى لن يقبل بحال من الأحوال أن يصادر أحد على حريته أو بشئ غير ما يطمح فيه ، فالشعب المصرى لن يوافق إلا على دستور يحقق كل قواعد الدولة الرشيدة التى ترسم ملامح علاقته بالدولة ، مؤكداً علي أننا لن نقبل دستوراً على أمزجة فئة تعبر فقط عن نفسها أو دستور يحجم من دورنا ولا دور الأقباط ولا دستور يتراجع فيه دور المرأة ولن نقبل أن يكون للأزهر الشريف رئيساً من الهند أو بنجلاديش ، ولو حدث ذلك فسوف أعود إلى صفوف المواطن العادى الذى يدافع عن الحريات و الكرامة . وأوضح عرب ضرورة أن يلتف الجميع ويعتصم بالالتزام والقانون وإلا فسوف يسقط الجميع إلى الهاوية ، ولابد من التمسك بالأمل حتى نستعيد الحقوق ولكن ليس قبل ان نؤدى ماعلينا من واجبات لأن عدم الاعتراف بدولة القانون والدستور سوف تكون له عواقب وخيمة على بلادنا مهما كان عليها من ملحوظات فلابد ان نعلى من شان اللوائح والقوانين . وأكد عرب علي أن الثورة المصرية سوف تلهم الفن والموسيقى والفن التشكيلى والمسرح والإبداع بشكل عام ، ففى كل لحظة يمكن أن تصنع الثورة فى كل مراحلها رد فعل سريع ينتج عنه اعمال روائية وفنية فى أى وقت وتفسير للظواهر الاجتماعية والسياسية أدبا وعلما وفنا عندما تستقر المجتمع سياسيا واجتماعيا ، فاندماج الثورة مع الفن قائم و قادم لا محالة . وأشار عرب إلى أن قصور الثقافة تحتاج الى استعادة قيمتها الحقيقية ، فلا مانع من أن نري رئيسا لقصر ثقافة يكون شاباً فى الخامسة والعشرين طالما لدية الأفكار والإمكانات الإبداعية التى تؤهله لذلك ، ولابد ان يكون هناك مجلس أمناء من الأقاليم لكل قصر ثقافة يمثل فيه المرأة والشباب والخبرات وهيكل إدارى ينظم العمل الثقافى ، ولابد من وجود منافذ لقصور الثقافة فى كافة الفنون الرفيعة التى ترتقى بالوجدان وإذا لم يحدث هذا فيكون ذلك خارج السياق وأوضح عرب إلى انه يعرف مشكلات وهموم أكاديمية الفنون لأنه جلس مع العديد من الطلاب والمدرسين واستعرض معهم احوال الأكاديمية وما آلت إليه مشيرا إلى انه يجب تلافى جميع المشكلات حتى يتسنى لها القيام بدورها التاريخى فى تخريج الآلاف من الموهبين فى كل مجالات الفنون المختلفة ، من خلال البحث عن الجديد من جيل الشباب والمبدعين من خلال التدريب والمنح التدريبية من خلال الأكاديمية المصرية . قال أشرف عبد الغفور نقيب المهن التمثيلية لابد أن نعترف أننا في ورطة كبيرة فنحن نعيش في أيام أو شهور دقيقة جدا وشائكة وأعترف بان عنوان الندوة لا نستطيع أن نفصله عن مستقبل مصر لأننا غير قادرين عن فصل أنفسنا عن الوطن . وأضاف بان مسألة الرقابة مسألة شائكة وأكد أن د . سيد خطاب لديه مشروع رقابي لفحص الأعمال في آخر مراحلها والبعد عن مراقبة النص و مراحل العمل الفني ، كما أثار أن مصطلح "حرية الابداع" كلمة مطاطة ، وأشار بأن كل شئ وله سقف والاختلاف لن ينقضي ولن ينقطع ، واتفق مع كثير من المبدعين علي أن المبدع عندما يشعر بأن هناك سيف مسلط علي رقابته فأن إبداعه سيجهض ، وأن الرقابة علي هذا الابداع لابد وأن تكون من داخل المبدع ، علي أن يحافظ المواطن علي تراثه وعلي تقاليدة وعاداته ، وأشار الي ان الفن هو الذي يخلق وجهات النظر والرؤي وعلي الجهات التنفيذية أن تحول هذه الأحلام الي واقع ، وأضاف بأن الرقابة الأكثر خطورة هي رقابة المتلقي وتساءل حول كيفية أن نصل بالمتلقي الي العلم والرقي والحضارة وأضاف أن السينما هي الصناعة الثانية بينما تقلص الإنتاج الي 6 أفلام في العام فلولا مجموعة من الشباب وأصحاب رؤوس الأموال أنشئوا المولات التجارية وتخلصوا من سطوة الموزع الأجنبي برأيه وثقافته فهؤلاء الشباب لهم الفضل بأن تعود السينما للحياة ولكن بشكل محدود وهو الأكثر ضمانا للربح بالرغم من وجود نوعيات تقدم سينما مختلفة ، ثم ناشد أشرف عبد الغفور وزير الثقافة بعودة السينما للقطاع العام مرة أخري وأشارت عزة هيكل الي أن الثقافة والسياسة والأدب والفن والاقتصاد كلهم شئ واحد ، والثقافة تعني مكونات الانسان ، وهي المكان ، والزمان ،و اللغة ، والدين ، و النظام السياسي الذي يؤثر علي المفردات ، أننا نناقش اليوم فكرة الرقابة والمنع في المرحلة المقبلة ، فالثورة تقوم من أجل أن تنهض البلاد ففي ثورة 1919 كتب توفيق الحكيم عودة الروح وفي ثورة 1952 ازدهر المسرح المصري وكان في أوج تألقة كمسرح له ثقل ، ومن خلال السياسة تنتقل الثقافة الي مرحلة أكثر تقدما ، فثورة 25 يناير لابد أن تزداد فيها حرية التعبير والتسامح حتي لا يكون المثقف في حالة من التهديد ، واشارت علي العكس فالمثقفون تفرقوا واصبحوا يسمون النخبة أو الصفوة ويقيمون ندوات في غرف ضيقة ، ثم حدث المد الخليجي في الثمانينات ، فاصبح المسرح يشبه الكبارية السياسي ، ثم تلاشي دور المسرح المصري ، ثم بدات السينما بسينما الفيديو والمعلبات ، وفي 1997 بدات سينما الشباب ، والأدب المقروء اصبح يتلاشي في دوائر المثقفين والدراما التليفزيونية أصبح لها فرسان مثل وحيد حامد وأسامة أنور عكاشة الذين انتقلوا كأدباء للتليفزون اثراء للحياة الأدبية ،واشارت الي أن الفن في التسعينات بدأ يدخل عليه الكثيرمن الإسفاف اللفظي في الحوار والموضوعات التي تطرح وتؤدي الي حالة من الإنقسامية ، وأشارت الي أن دول العالم كلها بها رقابة ولكن رقابة ليست سياسية أو أخلاقية ولكن الرقابة انحصرت علي الأمن القومي ثم طالبت وزير الثقافة بأن يكون في كل مدرسة مسرح وغرفة موسيقي يمكن أن تتم من خلالها مسرحة مادة أو كتاب أو مسرحية أو فصل من فصول التاريخ ، أما المطلب الثاني فكان هو أمنية لوالدها الدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة الأسبق وهو أن تتحول قصور الثقافة لجامعات للثقافة والتعليم ومراكز للتنوير لا مراكز يعشش فيها الظلام وقال د . حمدي أبو المعاطي نقيب التشكيليين اذا كانت هناك حرية كبيرة للمبدع سينعكس ذلك علي حرية الفرد بشكل أكبر فيوجد نوع من التحامل علي المثقف بانه منفصل عن المجتمع ، وأكد علي ضرورة وجود إعلام ثقافي . وأشار أبو المعاطي بأن الثقافة والفن أهم العلوم التي تشكل الانسان وتغذي الروح والعقل فالفن التشكيلي هو الفن الوحيد الذي يذهب اليه المتلقي وهو الفن الصامت وأنه يعتبر الفن التشكيلي مدرسة موازية للأدب والشعر وكلما كان هناك تطورا في هذا الاتجاه يتطور الفن التشكيلي ويزيد وعي المتلقي ، وهذه هو الهدف الأساسي لخروج الثقافة من قصور الثقافة فهناك 500 قصر ثقافة الكثير منها يحتاج الي تفعيل للأنشطة وإعادة تأهيل القائمين عليه ، وأضاف بان الفن التشكيلي ليس 30 سنة فقط ولكنه 7000 سنة وأن لدينا رواد للحركة التشكيلية ساهموا فيها بقوة ، واليوم لدينا إئتلاف شباب التشكيليين وقد خرجوا للشارع بورش عمل ، وأصبح هناك حواراً بين الفنان والمتلقي ، وأشار الي أن هناك بروتوكول مع محافظ القاهرة الدكتور عبد القوي خليفة ونقابة التشكيليين لتجميل القاهرة وقال هاني شنودة لدي إيمان ويقين بأن كل من يمسك بآلة سيغني ، وكل من يمسك بفرشاه سيرسم كما أننا لدينا فناً منذ آلاف السنين ، وأن هناك حكائين في مصر لو ترجمت أعمالهم لحصلت علي جوائز ، واضاف بأن لدينا ثقافة متنوعة وأننا أغني بلدان العالم في الثقافة كما أشار الي الفنون السيناوية والسكندرية وفنون الواحات وقال أن هناك حوار بين الناس والمثقفين لأننا نأخذ الفن ونحوله لفن شعبي .