تحت عنوان "نحو دستور ثقافى مصرى" التقى جمهور معرض الكتاب بضيوف المائدة المستديرة الذين ناقشوا مستقبل الثقافة فى مصر، بعد ثورة يناير؛ وأكد المشاركون أن الثقافة المصرية رغم كل ما تعرضت له خلال العقود الماضية ظلت نقطة الضوء الوحيدة، بل وشكلت خط الدفاع عن مصر ومكانتها؛ والكثيرون يعقدون عليها الآمال لخلق واقع جديد. شارك في المناقشات د.حمدى أبو المعاطى نقيب التشكيليين والناقد عز الدين نجيب والكاتب أحمد إسماعيل وأدارها د.رفعت سلام. ففى البداية، أكد د.رفعت سلام أن مصر رغم ما مرت به على مدى نصف قرن حافظت بعقول مفكريها وأدبائها على دورها وريادتها فى المنطقة الإقليمية بعد أن تراجعت على كل المستويات, وشكل "نجيب محفوظ" و"صلاح أبوسيف" و"العقاد" وكثيرون غيرهم نقطة القوة الوحيدة التى امتلكتها مصر..وقال: "لم يخلُ محفل ثقافى عربى من أبناء مصر المثقفين". وطرح د.سلام مجموعة من الأسئلة: "مثقفو مصر استطاعوا أن يحافظوا على هذا البلد أثناء تدهوره فماذا يمكنهم أن يقدموا إذا ما تغيرت الظروف الآن؟.. وهل هناك ملاحظات على الدستور الثقافى المطروح؟.. وما هى أهم المواد التى يمكن إدراجها ضمن الدستور العام للبلاد؟". من جانبه، أكد د. حمدى أبوالمعاطى نقيب التشكيلين أن هناك توافقا ثقافيا عاما على النقاط الجوهرية فى أى دستور جديد.. بل يمكن أن نسميها ثوابت وطنية استقرت فى الضمير الجمعى نتيجة نضال وطنى كبير ومن بينها المادة 49 من الدستور السابق التى تكفل حرية الإبداع، والدستور المقترح يجب أن يؤكد على هذه المادة ويوضحها بكل ما تحمله من حرية المبدع دون ترهيب أو ترغيب. وقال: "أهم ما نادت به جبهة الإبداع المصرى هو أن يكون للمفكرين والمثقفين وجود حقيقى فى اللجنة القائمة على وضع الدستور لأن المثقفين هم البعد الثالث لأى منظومة، وبالتالى لهم وضع أصيل فى المنظومة وليس مضافاً إليها..مشيرا إلى دور الأزهر الكبير فى التأكيد على حرية الإبداع كما جاء ضمن وثيقته". وأضاف: "يجب ألا تتنازل الحركة الثقافية عن حقوقها فالدستور الثقافى سيكفل الحق المعرفى للشعب، ولكن الأهم من وضع هذا الدستور تفعيله، كما يجب أن تعرف المؤسسة الرسمية أن دورها الدعم فقط دون أما الإبداع فعليها ألا تتدخل فيه.. كما يجب أن نضع فى الاعتبار أن الثقافة ليست مقصورة على المثقفين فقط بل علينا أن نبنى جسراً بين المبدع والمتلقى ونوجه الثقافة للمجتمع المصرى الذى يملك جيلاً استطاع أن يثقف نفسه ويقوم بثورة جعلتنا نغار منهم لأنهم أخرجوا كل ما كان يعترك داخلنا على مدى سنوات مضت". وأكد د. حمدى أبوالمعاطى ضرورة أن تضم الجمعية التأسيسية للدستور أو جماعة المائة التى سوف تشارك فى وضع الدستور جميع فئات المجتمع فى الشعر والأدب المسرح والسينما والفن التشكيلى لأن التاريخ يؤكد ويثبت أن المثقف يمتلك رؤية يمكن تفعيلها بشكل إيجابى. وطالب أبو المعاطى المثقفين بالتأكيد على فكرة الهوية وهى مرتبطة بشكل أساسى بالإبداع وقال: المثقف قادر على صنع هوية مجتمعه، والشخصية المصرية هى شخصية متعددة الوجوه وهويته فى هذا التعدد، وأهم ما يثبت ذلك أنها تتوسط العالم، لذلك هويته عالمية كما قال الدكتور جمال حمدان فى شخصية مصر. وهنا تدخل د. رفعت سلام مشيرا إلى أن الدستور القديم به مواد تحفظ الحريات لكن هذه المواد تُذيل بعبارة «وفقاً للقانون»!!.. وقال: "للأسف هذه العبارة كفيلة بهدم هذه المواد من أساسها..نحن لدينا بالطبع جيش من الفقهاء الدستوريين الذين يستطيعون وضع دستور يليق بالثورة وبالدم الذى أريق من أجلها، فلماذا نلجأ إلى ترقيع الدساتير القديمة، علينا صياغة دستور لا يتسع لنا فقط وإنما يتسع إلى أولادنا وأحفادنا، نحن لا نصنع دستوراً لبعض سنوات بل ربما كان لعشرات السنين، فالسياسيون يرتبطون بالمتاح من خلال الانتخابات والأكثرية والأقلية والتحالف..أما المطلوب فيجب أن يتجه إلى الأبعد حتى من الخيال".