يجيب على هذه الفتوى الدكتور عبدالله سمك: اختلف الفقهاء في هذه المسألة اختلافا كبيرا، وتوسعوا في الكلام على قتل الكلاب أو اقتنائها، وفيما يلي أقوالهم: قال المالكيّة: يجب قتل كلّ كلبٍ أضرّ وما عداه جائز قتله لأنّه لا منفعة فيه ، ولا اختلاف في أنّه لا يجوز قتل كلاب الماشية والصّيد والزّرع . قال الحطّاب: ذهب كثير من علماء المالكيّة: إلى أنّه لا يقتل من الكلاب أسود ولا غيره ، إلا أن يكون عقوراً ، مؤذياً ، وقالوا: الأمر بقتل الكلاب منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تتّخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً) فعمّ ولم يخصّ كلباً من غيره، واحتجوا - كذلك - بالحديث الصّحيح في الكلب الّذي كان يلهث عطشاً ، فسقاه الرّجل ، فشكر اللّه له وغفر له ، وقال: قال صلى الله عليه وسلم: (في كلّ كبدٍ رطبةٍ أجر) . قالوا: فإذا كان الأجر في الإحسان إليه ، فالوزر في الإساءة إليه ، ولا إساءة إليه أعظم من قتله . وليس في قوله عليه الصلاة والسلام: (الكلب الأسود شيطان) ما يدل على قتله ، لأنّ شياطين الإنس والجنّ كثير ، ولا يجب قتلهم . وذهب الشّافعيّة إلى أنّ ما لا يظهر فيه منفعة ولا ضرر - كالكلب الّذي ليس بعقورٍ - يكره قتله كراهة تنزيهٍ ، ومقتضى كلام بعضهم التّحريم . والمراد الكلب الّذي لا منفعة فيه مباحةً ، فأمّا ما فيه منفعة مباحة ، فلا يجوز قتله بلا شكٍّ ، سواء في ذلك الأسود وغيره . والأمر بقتل الكلاب منسوخ . ومذهب الحنابلة أنّه: يحرم قتل الكلب المعلّم، وقاتله مسيء ظالم ، وكذلك كل كلبٍ مباح إمساكه ، لأنّه محل منتفع به ، يباح اقتناؤُه ، فحرم إتلافه ، كالشّاة . قال ابن قدامة: ولا نعلم في هذا خلافاً ، ولا غرم على قاتله .