تصطدم المفاوضات النووية المتواصلة لليوم الثاني بين ايران والدول الكبرى الست في بغداد، بالشروط والشروط المضادة، وسط تلميح ايراني الى احتمال عدم المشاركة في جولات تفاوضية جديدة مستقبلا. وقال مسؤول ايراني لوكالة فرانس برس صباح اليوم "لا يبدو ان هناك اسسا لاجراء جولة مفاوضات جديدة (بعد محادثات بغداد)، على الاقل اذا لم يتوصل الطرفان الى اتفاق خلال الساعتين المقبلتين". وجاء ذلك بعدما دعت ايران الدول الست الكبرى مساء الاربعاء الى "مراجعة" عرضها للسماح باجراء جولة تفاوض جديدة في ختام يوم من المفاوضات في العاصمة العراقية بهدف ايجاد حل للازمة النووية الايرانية. وقال مسؤول في الوفد الايراني مساء الاربعاء ان على "الطرف الاخر القبول بمراجعة عرضه"، مضيفا ان "نقاط التفاهم ليست كافية بعد لمواصلة المفاوضات" بعد جولة مفاوضات بغداد التي من المفترض ان تنتهي الخميس. واستأنفت ايران ودول مجموعة 5+1 صباحا محادثاتها في المنطقة الخضراء المحصنة وسط اجراءات امنية مشددة. عقدت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون اجتماعا ثنائيا لمدة نصف ساعة مع كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي، قبل ان تبدا اجتماعات موسعة تضم الوفود جميعها. واوضح المسؤول الايراني ان اشتون "لم تقل شيئا جديدا صباح اليوم"، في اشارة الى اجتماعها مع جليلي، الذي تلى محادثات مماثلة بينهما مساء الاربعاء استمرت حوالى ثلاث ساعات ووصفها دبلوماسي ايراني بانها "جدية". وكان من المتوقع ان تنتهي الاجتماعات الموسعة عند منتصف النهار، على ان يعقد بعدها كل من جليلي واشتون مؤتمرين صحافيين منفصلين، الا ان المحادثات لا تزال متواصلة. وعرضت مجموعة الدول الست (الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين والمانيا) الاربعاء على ايران مجموعة اقتراحات "مثيرة للاهتمام" كما وصفها المتحدث باسم اشتون، تنص بشكل اساسي على تعليق ايران عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وهي مسالة باتت محورية لحل الازمة، على ان تحصل طهران على وعد بعدم فرض عقوبات جديدة عليها. وفي المقابل، قدمت ايران التي تتطلع الى رفع العقوبات المفروضة عليها، خصوصا في مجال النفط، اقتراحات مضادة من خمس نقاط. وقال المسؤول الايراني اليوم ان اقتراحات بلاده "مبنية على معاهدة حظر الانتشار النووي ومبدأ الخطوة تلو الاخرى والتبادلية الذي تمت الموافقة عليه في اسطنبول"، في اشارة الى المحادثات التي جرت في نيسان/ابريل وكانت الاولى من نوعها منذ 15 شهرا. وذكر المسؤول ان "الطرف الآخر يدرك موقف ايران من عرضه، لكننا لم نتلق بعد ردا على مقترحاتنا"، مضيفا "يبدو ان مستوى الوفود التي تمثل مجموعة 5+1 اضعف من ان تتخذ قرارات ضرورية"، في اشارة الى مدراء وزارات خارجيتها ونواب وزراء الخارجية الذين يمثلون المجموعة الدولية. وشدد على ان موقف الولاياتالمتحدة التي تؤدي دورا اساسيا في المفاوضات "ليس واضحا في عدة نقاط (...) وموقفها هذا يمثل تراجعا عما كان عليه في اسطنبول". وختم بالقول "لم نناقش بعد مسالة تحديد تاريخ ومكان جولة المفاوضات التي ستلي جولة بغداد لاننا لم نبلغ هذه المرحلة خلال المحادثات". من جهته، قال دبلوماسي في مجموعة 5+1 لفرانس برس "من الواضح ان هناك مسافة بين الموقفين، لكننا نتفاوض لهذا السبب"، مضيفا "الكل يتحدث، ونتجه نحو الامام". وكان مسؤول اميركي تحدث مساء الاربعاء عن وجود "نقاط تمثل ارضية مشتركة، في موازاة قدر واضح من الاختلاف". وتابع "لا نزال في بداية المسار، لم نبلغ وسط هذه المسار بعد، وبالتاكيد لسنا في نهايته". وفيما كانت الاجتماعات تتواصل في بغداد، قللت وسائل الاعلام الايرانية اليوم من امكانية عقد جولات مفاوضات جديدة بعد انتهاء اجتماعات بغداد. واتهمت عدة وسائل اعلام ايرانية رسمية وشبه رسمية مجموعة 5+1 بالعمل لصالح اسرائيل، وبينها وكالة انباء فارس التي اعتبرت ان مقترحات المجموعة الدولية "امتداد لتلك التي عبر عنها" رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتؤكد ايران ان برنامجها محض سلمي لكن جانبا من المجتمع الدولي يرى فيه محاولة خفية لحيازة سلاح نووي خصوصا في ظل بلوغ التخصيب مستوى 20 بالمئة، وقد اخضعت ايران لعقوبات شديدة لردعها عن متابعة هذه الانشطة.